ناصري يُطلق نداءً لوقف إبادة الفلسطينيين    بودن يدعو إلى إعادة التوازن لمنظومة العلاقات الدولية    منصب أممي لبن جامع    واضح يُشدّد على التعريف أكثر بمفهوم المقاول الذاتي    هذا جديد جامع الجزائر    الموت جوعاً يحصد أرواح أطفال غزّة    هذه تفاصيل عطلة الأمومة..    أمطار بعدّة ولايات    استكمال صبّ المنحة المدرسية الخاصّة    الألعاب الإفريقية المدرسية: ثلاثة تخصصات رياضية تعزز رصيد الجزائر من الميداليات الذهبية    ثقل دبلوماسي ودور محوري في حل النزاعات    المغرب: الشارع ينتفض ضد التطبيع والمخزن يمعن في التواطؤ مع الكيان الصهيوني الإجرامي    بحث مختلف جوانب الشراكة الاستراتيجية    الألعاب الأفريقية المدرسية: تأهل المنتخبان الوطنيان للكرة الطائرة الشاطئية إناث و ذكور للدور النهائي    زيارة عون إلى الجزائر كانت ناجحة بكل المعايير    أهمية بالغة لتثمين الكفاءات الجزائرية المقيمة في الخارج    وهران: الطبعة الثانية للصالون الدولي لطب الأسنان "امداكس" من 18 إلى 20 سبتمبر    دعم التعاون بين الجزائر وزيمبابوي في صناعة الأدوية    مشاريع واعدة في قطاع التربية بتلمسان    النخبة الوطنية أمام رهان التألق في كل الرياضات    إلياس سليماني رئيسٌ جديدٌ ل"الموك"    المنتخب المحلي بموطن الحدث القاري أوغندا    قطاع غزّة على شفا المجاعة    تحذير من كارثة صحية في مخيمات النّزوح بدارفور    قمع متواصل وتشهير منظّم لتشويه سمعة الإعلاميين في المغرب    غريقان في شواطئ الولاية    "فخّ" الجمال يهدد عيون الجزائريات    ارتداء لثام النيلة.. سرّ أهل تندوف    جدارية تذكارية تخلّد "الأحد الأسود"    المكتبة المتنقلة تُنعش الفضاء الثقافي    "الكلمة".. عرضٌ مسرحيّ يُوقظ الوعي في الشارع العنابي    الإعلان عن حاملي المشاريع المبتكرة    البنك الدولي يدرج الجزائر مجددا ضمن الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل    كرة القدم/ بطولة إفريقيا للمحليين 2024: "الكاف" تكشف عن المجسم الجديد للمنافسة    المؤتمر العالمي لرؤساء البرلمانات بجنيف : الوفد البرلماني الجزائري يجري لقاء عمل مع وفد الجمعية الفيدرالية للنمسا    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 60332 شهيدا و147643 مصابا    الجزائر تشرع في تولي رئاسة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي    تضامن وطني: استكمال عملية صب المنحة المدرسية الخاصة في آجالها المحددة    تساقط أمطار رعدية وبرد على ثلاث ولايات جنوبية ابتداء من ظهيرة اليوم الجمعة    تمديد أجل إيداع وثائق استيراد وسائل التجهيز والتسيير إلى غاية 15 أغسطس الجاري    جانت : قصر الميزان تيغورفيت أحد المعالم الأثرية والسياحية البارزة في المنطقة    الرئيس الفلسطيني يبحث مع رئيس الوزراء الهولندي التطورات في الأراضي الفلسطينية المحتلة    وهران:" ليلة المتاحف " تصنع سهرة بنكهة مميزة    مجزرة جديدة في غزة: 86 شهيدًا بينهم 71 من منتظري المساعدات    افتتاح صالون دعم الاستثمار    استذكار مواقف أيقونة النضال والتحرر    بللو يؤكّد الدور الاستراتيجي لمركزي البحث    رئيس لجنة تنسيق اللجان يشيد بالتنظيم المحكم    رافد استراتيجي لصون التراث الثقافي الجزائري والإفريقي    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    تنصيب نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمّع "صيدال"    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال المكفوف أو البصيرة للتغلب على فقدان البصر

لم تقعده إعاقته ولم يمنعه فقدانه للبصر من أن يصبح مدرسا للمكفوفين وأن يتحدى واقعه ليكون من أبرز وأنجح أقرانه ويتحصل على عديد الشهادات ويصنف بالأكثر إبصارا من المبصرين إنه م .جمال من مواليد 1 ماي 1975 بسوق أهراس.
لم يولد بهذه الإعاقة البصرية وإنما كان يعاني "قصورا في النظر" الأمر الذي حتم عليه إجراء عملية وعمره لم يتجاوز وقتها ثلاثة سنوات وشاءت قدرة الخالق أن تفشل العملية ليتحول سواد عينه اليسرى إلى "بياض" لم يعد معه يرى ورغم ذلك درس سنوات الابتدائي الثلاث الأولى.
كان وقتها يكتب بصورة عادية لتتحول السنة الرابعة على حد تعبيره إلى سنة شبه مستحيلة معها الرؤية الأمر الذي ألزمه إجراء الامتحانات شفويا بمساعدة خاصة من مدير المدرسة الابتدائية "صالح شفرور" وبإيعاز من المعلمة التي اكتشفت حالته بناء على النتائج المحققة الأمر الذي انعكس إيجابيا على مردوده التربوي ليصبح يحتل المراتب الأولى وينال عديد التشجيعات واللوحات الشرفية.
الفرحة هذه لم تعمر طويلا يضيف جمال البشوش ونحيف الجسم لتصطدم في المستوى التاسع بمنعه من اجتياز شهادة التعليم المتوسط شفهيا بالرغم من وعود الإدارة آنذاك بإيجاد حل ليتم فصله عن الدراسة وتوقيفه رغم أن سنه يسمح له بإعادة السنة ورغم أن المعدل السنوي تم تقسيمه على اثنين إلا أنه كان 7,5 من 20 ومعدل النجاح في تلك الفترة كان 8 من 20. ولم تتوقف مساعي والده عند حدود "الولاية" بل تجاوزتها لينتقل إلى بسكرة وليسجله بمتوسطة صغار المكفوفين "طه حسين" التي سمح له الدراسة بها مع إعادة السنة التاسعة وذلك العام 1990 ليتحصل على النجاح بتفوق وبمعدل سنوي وصل إلى 17 من 20 وذلك من خلال الدراسة بطريقة "براي".
ولدى عودته إلى سوق أهراس لإكمال دراسته بثانوية "الفرابي" الموسم 1992/1993 بطريقة "براي" رغم المعوقات الإدارية تلك الفترة لقي جمال قبولا مشجعا وممتازا مكنه من الحصول على البكالوريا وبأحسن تقدير ليسجل في قسم علم الاجتماع بجامعة "باجي مختار" بعنابة العام 1996 وينهي دراسته الجامعية سنة 2000 بعد أن ناقش أطروحة الليسانس بعنوان "اغتراب الطالب الأجنبي في الجامعة الجزائرية".
وكان حينذاك المتميز الثاني في الدفعة ولم يسمح له وقتها بدراسة الماجستير بحكم أن الانتقاء يصنف الأول فقط وفي الوقت نفسه وبالتوازي مع ذلك تحصل على البكالوريا للمرة الثانية سنة 1998 ودرس بموازاة ذلك ليسانس في العلوم القانونية والإدارية ليحوز على شهادة الليسانس العام 2003 بالمركز الجامعي لسوق أهراس حيث كان موضوع البحث "الضرب والجرح العمد بين الشريعة والقانون".
ولضمان توفير مصاريف الدراسة لجأ جمال إلى احتراف بعض المهن كتربية الأغنام وبيع مواد بناء مضيفا بأن والده ساعده وكان العائل الوحيد له لولوج عالم الدراسة وتحقيق هذه النجاحات. وعبر مساره المهني اشتغل جمال متعاقدا في إطار عقود ما قبل التشغيل في دار المسنين والمعاقين بسوق أهراس ليشارك وينجح في مسابقة الماجستير سنة 2007 في تخصص تنمية الموارد البشرية "قسم علم الاجتماع" وبالتوازي مع ذلك سجل للدراسة في شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة بجامعة عنابة وفي العام 2008 تحصل على شهادة الدراسات المعمقة وشهادة الكفاءة المهنية للمحاماة. وبعد هذا المشوار يخوض حاليا جمال تجربة استفاد منها كثيرا تجربة التدريس في فصول محو الأمية بالولاية وبطريقة "براي" ذاتها لفئة المكفوفين بعد أن وفرت له ملحقة محو الأمية وتعليم الكبار بسوق أهراس كل سبل نجاح هذه المهمة وفي مقدمتها وسائل التدريس الخاصة بهذه الفئة. وبرأي مدير ملحقة محو الأمية وتعليم الكبار بسوق أهراس السيد لخميسي زغداني فإن هذه الموهبة "تمتلك من الإصرار وطول النفس ما يكفي لأن نصنفه بالأكثر إبصارا من المبصرين" مضيفا بأن "حجم معاناته لا يعادلها إلا حجم الشهادات التي تحصل عليها كما أنه لم يخرج من جلدته بأن اكتفى بمصاحبة من هم أشد منه مرارة وقساوة (فئة المكفوفين) بأن يأخذ بأيديهم ربما ليكونوا هم مثله".
وأشار ذات المسؤول بأنه منحت لهذه الموهبة رفقة زميليه الاثنين (فاقدي البصر كذلك) عقود وطنية في إطار عقود الديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار وهي عقود سنوية متجددة ضمنيا طيلة تطبيق الإستراتيجية الوطنية لمحو الأمية. واعتبر عدد من المتمدرسين على يد المعلم جمال أن تشجيعه ومساعدته لهم مكنهم من تجاوز إعاقتهم والقدرة على الكتابة والقراءة بطريقة "براي" في ظرف قياسي مقارنة بأقرانهم المبصرين.
وبالرغم من حجم هذه الإرادة والإصرار والتحدي إلا أن جمال لم يخف تأسفه وتذمره الشديدين من عديد المعوقات التي كثيرا ما اعترضت سبيله أثناء مطالبته "بحقوق المشروعة" وفي مقدمتها العمل مشيرا إلى أنه بالرغم من "ترسانة" القوانين التي قررتها الوزارة الوصية لإدماج فئة ذوي الاحتياجات الخاصة في سوق الشغل إلا أن عديد الإدارات تبقى "متعسفة" في تطبيق هذه القوانين بحجة استحالة اندماج هذه الفئة في الوسط المهني إلى درجة وصفها "بالعالة" على المؤسسة. واعتبرت السيدة مريم الأخصائية النفسانية العيادية العاملة بمديرية النشاط الاجتماعي وهي شقيقة جمال من جهتها أنه على الرغم من الصعوبات التي اعترضت سبيله منذ طفولته إلا أنه يتميز "بتوازن نفسي ومتغلب على عقدة النقص إلى درجة أنه أصبح يضاهي الأشخاص الأسوياء والعاديين" مضيفة بأنه "يتميز بحيوية ومنبسط وخفيف الظل حيث لم يحدث يوما وأن وقع سوء تفاهم بينه وبين أفراد أسرته".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.