أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية, محمد عمرون, أنه بالرغم من كل محاولات المغرب لتمييع عدالة القضية الصحراوية, إلا انه عجز عن تغيير الطابع القانوني لنزاع الصحراء الغربية الذي فصلت فيه الاممالمتحدة ومحكمة العدل الدولية وكل المحاكم الاوروبية على أنه مصنف كقضية تصفية استعمار. وخلال ندوة نظمها حزب جبهة التحرير الوطني ليلة السبت الى الأحد بالجزائر العاصمة حول "ادارة النزاع في الصحراء الغربية في ظل تغيير الاستراتيجيات وتبدل المواقف", أوضح السيد عمرون أن "المغرب استطاع منذ احتلاله لأراضي الصحراء الغربية منذ 1975 الى الآن ان يغير العديد من الموازنات غير انه عجز عن تغيير الطبيعة القانونية للنزاع في الصحراء الغربية والمرتبطة أساسا بحق هذا الشعب في تقرير مصيره". وعليه -يقول السيد عمرون- "نجد كل الاستراتيجية المغربية التي انتهجت من 1975 الى غاية 2007 كانت قائمة على الموازنات السياسية داخل اقليم شمال افريقيا, معتمدا في ذلك على قوى دولية". و امام كل المحاولات لتمييع عدالة القضية, أكد السيد عمرون ان "الطبيعة القانونية للنزاع قد فصلت فيها الاممالمتحدة سنة 1966 كقضية تصفية استعمار وفي 1975 أكدت محكمة العدل الدولية ان الاقليم يحتاج الى تصفية الاستعمار". وحسب السيد عمرون, وهو عضو في مجلس الامة, تبقى هذه المسألة "السند الكبير" لنضال جبهة البوليساريو من أجل التحرر, وبالرغم من انها "غير كافية", إلا أنها "مهمة باعتبار انه تم الفصل فيها على مستوى اعلى هيئة دولية". وتطرق السيد عمرون في مداخلته الى ما اسماه ب"عقدة الجغرافيا لدى النظام المخزني الذي سعى الى التوسع على حساب أراضي جيرانه وهذا بالرغم من انه اكتفى بحدوده بعد استقلاله من الاستعمار الفرنسي سنة 1956". ويرى الاستاذ أن المخزن اعتمد منذ احتلاله الاراضي الصحراوية على استراتيجية تقوم على "عنصر التوريط" حيث انه سعى الى ادماج العديد من الدول في النزاع في الصحراء الغربية على غرار ما فعله من قبل مع اسبانيا وموريتانيا في اتفاقية مدريد عند تقسيم الاراضي الصحراوية. هذا, الى جانب محاولته "شرعنة احتلاله للاراضي الصحراوية من خلال تحويل مفهوم حق تقرير المصير وتغييره بمقترح الحكم الذاتي", وهو ما اعتبره المتحدث "امرا خطيرا". و استرسل المتحدث في السياق يقول : "اليوم يحاول المغرب ان يوهم العالم بأن مفهوم تقرير المصير غير مرتبط اساسا بالاستقلال, و انما يمكن تغيير هذا المبدأ من مفهومه القانوني السياسي الى مفهوم اخر تنموي قائم على اساس اعطاء الشعب الصحراوي حقه في التنمية والتطور". كما تحدث عضو مجلس الامة عن محاولات بعض الدول في الاممالمتحدة تغيير طابع النزاع في الصحراء الغربية, من القانوني الى السياسي وذلك بضغط امريكي وفرنسي, وهو ما انعكس -حسب السيد عمرون- بصورة واضحة على قرارات الاممالمتحدة منذ 2007, مما ساهم "في ابقاء النزاع مجمدا وإطالة أمده". ولفت السيد عمرون الى بروز العديد من المواقف الدولية حول النزاع في الصحراء الغربية منها الموقف الداعم للشرعية الدولية القائم على تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير. كما عرج الاستاذ المحاضر على "محاولات المغرب توريط الجزائر و اعتبارها طرفا في النزاع ودعوتها للجلوس الى طاولة الحوار", موضحا في هذا المقام بأن "الجزائر ليست لديها اي مطالب في الاقليم, غير انها تهتم بالنزاع انطلاقا من مبادئها القائمة على دعم حق الشعوب المضطهدة من جهة ومن جهة اخرى بالنظر الى أن النزاع على حدودها ولا يمكن لأي تكتيكات اقليمية ان تحدث دون اشراكها فيها" باعتبارها بلدا مجاورا. وخلص الاستاذ في الندوة بالتذكير بموقف رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز الاخير من قضية النزاع في الصحراء الغربية, لافتا الى ان "هذا الموقف كان نتيجة الضغوط التي مورست عليه من قبل المغرب لا سيما من خلال الهجرة غير الشرعية والارهاب وكذا ما تعلق بمدينتي سبتة ومليلية", مضيفا أن "المخزن سعى للاستقواء بالكيان الصهيوني من اجل فرض هيمنته على الاقليم". أما الامين العام لحزب جبهة التحرير الوطني, أبو الفضل بعجي, فأكد في كلمة مختصرة له أن مسألة تقرير مصير الشعوب لا تتوقف عند تغريدة الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب ولا عند موقف مؤقت لحكومة اسبانية, "و انما تحددها إرادة الشعوب التي لا تقهر", مبرزا انه بالرغم من ان هذا المسار محفوف بالمخاطر, إلا أن ثورة التحرير الجزائرية "تبقى احسن مثال على انتصار ارادة الشعوب في الحرية والاستقلال".