شرطة تلمسان: الإطاحة بشبكة إجرامية منظمة يقودها مغربيان وحجز أزيد من قنطار من الكيف المعالج    البطولة المحترفة الأولى "موبيليس": نقل مباراتي إ.الجزائر/م. البيض و ش.بلوزداد/ ن. بن عكنون إلى ملعب 5 جويلية    الوزير الأول يستقبل سفير جمهورية إيطاليا بالجزائر    خنشلة.. انطلاق الحفريات العلمية بالموقع الأثري قصر بغاي بداية من يوم 15 مايو    أولاد جلال: انطلاق الأيام الوطنية الأولى لمسرح الطفل    المعرض الوطني للصناعات الصيدلانية بسطيف: افتتاح الطبعة الثانية بمشاركة 61 عارضا    مسيرة حاشدة في ذكرى مجازر 8 ماي    بوغالي: عار المُستدمِر لا يغسله الزمن    مجازر 8 ماي عكست الهمجية الاستعمارية    توقرت: أبواب مفتوحة حول مدرسة ضباط الصف للإشارة    بن سبعيني على خطى ماجر ومحرز..    توقيف 289 حراقاً من جنسيات مختلفة    الحملة الوطنية التحسيسية تتواصل    قالمة.. وفد عن المجلس الشعبي الوطني يزور عددا من الهياكل الثقافية والسياحية والمواقع الأثرية بالولاية    دخول الجزائر ببطاقة التعريف للمغتربين    بن طالب: الزيادات التي أقرها رئيس الجمهورية في منح المتقاعدين لم تعرفها منظومة الضمان الاجتماعي منذ تأسيسها    انطلاق لقافلة شبّانية من العاصمة..    تقديم أول طاولة افتراضية ابتكارية جزائرية    دربال: قطاع الري سطر سلم أولويات لتنفيذ برنامج استعمال المياه المصفاة في الفلاحة والصناعة وسيتم احترامه    رالي اكتشاف الجزائر- 2024 : تنظيم معرض ثري للدراجات النارية بالخروبة للتحسيس بحوادث المرور    بداني يشرف على انطلاق حملة للتبرع بالدم    التوقيع على اتفاقية إطار بين مجمع سونلغاز والمجلس الأعلى للشباب    اختتام ورشة العمل بين الفيفا والفاف حول استخدام تقنية ال"فار" في الجزائر    رئيس الجمهورية يستقبل وزير خارجية سلطنة عمان    شبكة الموزعات الآلية لبريد الجزائر ستتدعم ب 1000 جهاز جديد    رئيس الجمهورية: السيادة الوطنية تصان بالارتكاز على جيش قوي واقتصاد متطور    "الأونروا": الاحتلال الصهيوني هجر قسريا نحو 80 ألف فلسطيني من رفح خلال 3 أيام    منظمة التحرير الفلسطينية تؤكد أنه لا بديل عن الدور الحيوي لوكالة "الأونروا" في دعمها وإغاثتها للاجئين    البروفسور بلحاج: القوانين الأساسية ستتكفل بحقوق وواجبات مستخدمي قطاع الصحة    العاب القوى/ البطولة العربية لأقل من 20 سنة: الجزائر تفتك خمس ميداليات، منها ذهبيتان    ساهمت في تقليل نسب ضياع المياه: تجديد شبكات التوزيع بأحياء مدينة البُرج    إحياء ذكرى ماي الأسود: تدشين مرافق صحية وسياحية بقالمة    الأسلاك الطبية وشبه الطبية: نقابيون يثمنون المصادقة على القوانين الأساسية    المطلوب تحقيق دولي مستقل والوصول للمقابر الجماعية بغزة    المسجلين مع الديوان الوطني للحج والعمرة: انطلاق عملية الحجز الإلكتروني للغرف للحجاج    أكاديميون ومهنيون يشرحون واقع الصحافة والرقمنة    لقاءات بين "ملائكة الأعمال" والطلبة المقاولين في الأفق    نساء سيرتا يتوشحن "الملايا" و"الحايك"    تراث حي ينتظر الحماية والمشاركة في مسار التنمية    أمن عنابة في المؤسسات التربوية    أولمبيك مرسيليا يبدي اهتمامه بضم عمورة    زحافي يؤكد أن حظوظ التأهل إلى الألعاب قائمة    التزام المتعاملين في السياحة بتقديم أسعار ترويجية    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    قافلة شبانية لزيارة المجاهدين عبر 19 ولاية    استزراع صغار سمك "الدوراد" بسواحل العاصمة    ليفركوزن يبحث عن بطاقة نهائي البطولة الأوروبية    لا تشتر الدواء بعشوائية عليكَ بزيارة الطبيب أوّلا    "كود بوس" يحصد السنبلة الذهبية    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    الأيام السينمائية الدولية بسطيف: تتويج الفيلم القصير "كود بوس" بجائزة "السنبلة الذهبية"    مهرجان الجزائر الدولي للموسيقى السنفونية : فنزويلا في أول مشاركة لها والصين ضيف شرف للمرة الثانية    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    التصفيات الجهوية المؤهلة للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم : مشاركة قياسية للفرق المسرحية والتكوين رهان محافظة المهرجان    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    مطالب ملحّة بترميم القصور والحمّامات والمباني القديمة    هول كرب الميزان    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب الوقت: 2 زمن أبيض كالكفن
نشر في الجزائر نيوز يوم 04 - 05 - 2010

ها هي جدتي، كأنها لم تكن·· في زاوية من الغرفة العتيقة، صامتة، ساكنة وممددة في كفن أبيض·· ممددة، لا حراك، ممددة، لا كلام، ممددة،
لا ضحكة، لا آهة ولا زفرة ولا حكايات··
تلك الحكايات المتناسلة التي كانت تنسجها تحت ضوء القمر في صحن الحوش، وأنا وإخوتي نجلس أمامها وخلفنا البئر العميق بجرارته وحبله الطويل، وخلفنا كذلك تلك الأعشاش المختبئة في جحور الجدار الحجري ذي اللون الأصفر الصارخ·· منزل جدتي كان شامخا وسط البيوت الأخرى المتزاحمة والمدججة بضوء الشمس ونور السماء المتدفق من عمق الأفق كشلال طيفي·· لم يكن بالعريض، منزل جدتي·· كان طويلا، وكانت غرفه السبعة عامرة بالحياة·· لم تكن جدتي تسكن وحدها·· بل كان بيتا لأكثر من عائلة·· كان ملجأ عمتي زينب ذات البشرة السوداء، والقامة الفارعة والنظرات النارية عندما تغضب ويتجهم وجهها ويزبد فمها، كان زوجها صديق أهدأ منها، يكاد لا يتكلم إلا عندما يضطر إلى ذلك اضطرارا·· كان يبدو لي كالشبح الذي يمشي على الماء·· كنت أسأل جدتي لماذا عمي صديق لا يتحدث إلا نادرا·· فتقول لي، عمك صديق يتكلم عندما الناس تنام مع الأشباح·· ورحت أتخيل تلك اللغة التي يتحدث بها إلى الأشباح·· كنت أرى الأشباح يخرجون عندما يسقط الليل من قاع البئر، ثم يتسللون إلى غرفة عمي صديق وعمتي زينب، فيراهم وهي لا تراهم·· ويتحدثون إليه وهي لا تدري، يجلسون حوله ويشربون الشاي المنعنع ويتسامرون، وعندما يطل الفجر يعودون إلى البئر واحدا، واحدا، بصمت وخفوت·· وكان هذا المشهد الذي يتراءى لي كلما هممت بالنوم يدفعني في وقت القيلولة إلى إلقاء إطلالة في أعماق البئر الأسود·· أرى بقعة الماء في الأعماق·· أهتف فيتصاعد إليّ هتافي وكأنه صدى متقطع ومتهاوٍ·· الغرفة المحاذية لغرفة عمتي زينب وعمي صديق هي لزهرة التي خلفت عمتي زهرة التي توفت منذ زمن طويل·· وفي الحقيقة لم يكن اسمها زهرة، بل كانت تسمى ميرة، لكن زوج عمتي أسماها تبركا باسم زوجته الراحلة زهرة التي تركت له أبناء وبناتا صغارا، الوازنة ورحمة وعباس وقويدر وبومدين···
كان زوج عمتي يدعى حمو، يتجاوز الثلاثين بقليل، أبيض البشرة، يضع على رأسه برنيطا زرقاء، صاحب ضحكة مجلجلة، لا يتحدث إلا بالفرنسية ذات اللكنة الإسبانية، كان صديقا للإسبان الذين كانوا يعيشون في الخمسينيات قرب حيّنا فومبيطا بحارة باريانطو·· كان نقيض عمي صديق·· كان يتحدث كل الوقت·· وكان أيضا يدخن في أوقات متباعدة الغليون·· لكنه كان يبهرني عندما أنزل إلى وسط المدينة في أيام الآحاد وهو يشارك في سباق الدراجات·· عندما كبرت بقليل كان يأخذني معه إلى وهران لأحضر سباق الدراجات، ولقد حاول أن يجعل من ابنه بومدين فيما بعد بطلا في سباق الدراجات، لكن ظنه خاب·· أما الغرفة التي كانت تتوسط الغرف المتراصة، فلقد كانت تسمى بالدار الخرفة·· كانت دائما مغلقة، ومحرم علينا نحن الأطفال أن نفتحها وندخلها·· قالت لي جدتي، أنها مسكونة بالجنون والعفاريت·· وكان قلبي يخفق كلما توجهت إلى المرحاض ليلا·· كنت أخشى أن تخرج منها العفاريت وتضعني داخلها···
كان لمنزل جدتي بابان، باب الفوق الذي يطل على الشارع الفوقاني وباب التحت الذي يطل على الشارع التحتاني·· شارعان، أجل·· لكنهما متفارقان ومتباينان وكأنهما عالمين لا صلة للأول بالثاني، عالمان مزدحمان بالبيوت الحجرية ذات القرميد الأحمر، والقراميد ذات الأشكال والألوان المتباينة والمختلفة·· لم أكن أحب الشارع التحتاني حيث منزل والدي·· كنت أمرح وأهيم حبا في الشارع الفوقاني·· باب الفوق يؤدي بك مباشرة إلى سقيفة متربة أشبه بالأفعى في التواءاتها وشكلها·· وكذلك سكونها المريب الذي سرعان ما يتحول في لحظة إلى صخب أصم وزاهي الروائح والألوان·· وعندما كانت الأمطار تتهاطل كانت السقيفة تتحول إلى وادٍ مبلل بالطين·· وفي الطين كانت أقدامنا تغرق وتلتصق·· وكنا نضحك ونزعق ونحن نتراشق تحت تلك المياه الغزيرة حينا، والكسولة حينا آخر بتلك المياه الباردة··


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.