الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025: جمعية اللجان الوطنية الأولمبية الافريقية تكرم رئيس الجمهورية    عنابة : اختتام الطبعة الأولى من الألعاب الإفريقية المدرسية    الأمن الوطني يحبط أكبر عملية تهريب "إكستازي" ويطيح بشبكة دولية بالعاصمة    المدير العام للحماية المدنية يتفقد الوحدات العملياتية وجهاز مكافحة الحرائق بغليزان    إعادة دراسة لتنقلات الخطوط الجوية الداخلية على المستوى الوطني عن قريب    الرئيس الصحراوي يشكل مجموعة لمتابعة ملف الثروات الطبيعية المنهوبة    فلاحة: شرفة يبحث مع سفير بلجيكا آفاق تطوير مشاريع التعاون المشترك    مصير القضية الصحراوية و مستقبلها مرتبط بإرادة و نضال شعبها    المهرجان الثقافي الوطني السابع للزي التقليدي الجزائري يطلق مسابقة "قفطان التحدي 2025"    وزارة التعليم العالي تطلق مشاريع جديدة لتعزيز الابتكار وربط الجامعة بالاقتصاد الوطني    وزارة الصحة تحذر من التسممات الغذائية وتدعو للالتزام الصارم بإجراءات النظافة    ارتفاع قياسي في قيمة الأسهم المتداولة ببورصة الجزائر خلال السداسي الأول من 2025    تظاهرة كانيكس 2025.. 6 أفلام جزائرية للمشاركة في المسابقة الإفريقية للأفلام القصيرة    من 28إلى 30 أكتوبر القادم..ملتقى دولي حول فنون العرض وتحديات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي    "الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته" عنوان العدد الاول : "أروقة العلوم" سلسلة جديدة عن المجمع الجزائري للغة العربية    إعادة تشغيل 12 قطار "كوراديا"    ممثلا لرئيس الجمهورية, السيد ربيقة يشارك غدا الأربعاء في مراسم الاحتفال بالذكرى المئوية الثانية لاستقلال بوليفيا    رئيس مجلس الأمة يستقبل سفير دولة قطر بالجزائر    رحلة لاكتشاف مدينة وهران: أطفال الجالية الوطنية يجددون ارتباطهم بجذورهم    مونديال كرة اليد أقل من 19 سنة (ذكور): السباعي الجزائري من أجل مشاركة مشرفة في القاهرة    مرصد صحراوي يندد ب"الجرائم البيئية" قبالة سواحل مدينة الداخلة المحتلة    أكثر من 200 صحفي دولي يطالبون بالدخول إلى القطاع    وفاة 6 أشخاص وإصابة 251 آخرين    البرلمان العربي: اقتحام مسؤولين صهاينة للأقصى المبارك    استعراض سبل تعزيز التعاون الثنائي بما يخدم اللغة العربية    كانكس 2025: اختيار ستة أفلام جزائرية قصيرة للمشاركة في مسابقة قارية    ما نفعله في غزّة جريمة    المغرب يواصل انتهاكاته بالصحراء الغربية    يجب الموافقة على عرض القسّام    هذه أهم محطّات الموسم الدراسي الجديد    الوالي المنتدب يستعجل إنجاز المشاريع    الرئيس يريد إصلاحاً شاملاً للعدالة    تسريح استثنائي للسلع    بلايلي يهدي الترجي الكأس الممتازة    اتفاقية لإدماج الأحياء الجامعية رقمياً    إسبانيا تستعيد عافيتها التجارية مع الجزائر    أسبوع ثقافي لأولاد جلال بالعاصمة    عاشت الجزائر وعاش جيشها المغوار    الجيش سيبقى الخادم الوفي للوطن    الجزائر متمسّكة بثوابتها الوطنية وخياراتها الاستراتيجية    الطبعة ال14 لمهرجان أغنية الراي بمشاركة 23 فنّانا شابا    "نفطال" تطوّر آليات التدخل لمواجهة الطوارئ بكفاءة أكبر    بنك "BNA" يسجل ناتجا صافيا ب 48 مليار دينار    سلطة الانتخابات.. مسابقة لأحسن بحث في القانون الانتخابي    الجزائر في النهائي    وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله    المنتخب الوطني يعود الى أرض الوطن    مشاركة مشرفة للجزائر وإشادة بالمستوى الفني والتنظيمي    ستة فروع في مهمة تحقيق مزيد من الميداليات    آليات جديدة للتبليغ عن الآثار الجانبية لما بعد التلقيح    سحب فوري للترخيص ومنع الوكالات من تنظيم العمرة في هذه الحالات    دعم التعاون بين الجزائر وزيمبابوي في صناعة الأدوية    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصر حامد أبو زيد في محنته
نشر في الجزائر نيوز يوم 12 - 07 - 2010

عندما أحضروه إلى جامعة القاهرة بمناسبة مئويتها استاء المفكر نصر حامد أبو زيد من سخف القرار وهيافة المنظمين لأن المئوية أقيمت حيث لا لزوم لذلك حيث البذخ والبطر والنأي عن الجو المعرفي، الخلاق، المثمر· لقد قاموا بدعوته إلى سميراميس النيل أو هيلتون القاهرة أو سونيستا الإقامة الراقية، استاء نصر وسخط من وضع الجامعة التي تخجل من نفسها، هاربة من واقعها الحي المرير العاج بتفاصيل البؤس واليتم والهبوط الحضاري فتتحول إلى سخف الأعراس وثرثراتها وحيث أيضا طزاجة اللحوم وتجارة الكلام وسقط المعارف وغلو المواقف والولاء لديكتاتوريات الأشباح···
لم تعد الجامعة المصرية هكذا كما كانت في عهودها السوالف تحضن العلم وتعضده، تؤسس لمشاريع الأنوار وتؤسس لعهود الحداثة والرفاه، وبالمحصلة جاء التعاطي مع نصر حامد أبو زيد في حدوده الدنيا بتسليمه مجانا إلى جامعة من جامعات هولندا وقبل ذلك تسليم عطاءاته المحرضة للعقل والمخيال إلى نظام المشيخات في الصورة التي تعكس حالة مصر العلمية والثقافية والفلسفية الراهنة وتعكس المأسوفية على جامعتها التي تعهدت نجابة طه حسين وأولاده المدهوشين بالغرب ومصادره كما اقتداره الإنساني الذي ساد به واستأسد وعظم وتعاظم··
- مفهوم النص، الخطاب والتأويل، الاتجاه العقلي في التفسير، دوائر الخوف، الإمام الشافعي و تأسيس الأيديولوجية الوسطية، نقد الخطاب الديني ، فلسفة التأويل، هكذا تكلم ابن عربي، كانت هي أشغاله، تطلعاته و أنواره ، غير أنها وضعته في السياق الهجائي، التكفيري، القضائي وطالته الملاحقات على فكره وشخصه· بما تعني الملاحقة من الصدّ والإعراض والنفي وتدمير الخاطر، لقد استبسلت المؤسسة الدينية وملاحقتها في التعريض به ونبذ الإمكان الفلسفي، التفكيري الذي ظل يعمل عليه كدا واجتهادا وتحصيلا، لقد أثارهم جميعا نصر، هياكل الجامعة الميتة، محمد عمارة وسليم العوا وطارق البشري، المشاريع الرسمية غير الجاهزة لإعطائهم قيم جديدة للمجتمع، الإعلام الذي يحرث في رمل المعاني فلا ينجب غير الهزال والفقاعات، تحاملوا ضده، عملوا على إرباكه، تسييج عقله بالدوغما وهو النقيض على التوازي، وهو الفكر الوثاب العاصف المتقدم نحو الينابيع والأسرار، نحو المجهول، المغيب، المسكوت عنه، نحو النص المفتوح على احتمالات تأويلية عدة، ومفهومات متغايرة لا تأن تستعصي، تتجاسر،تتصامد فيأتي المفكر، الفيلسوف، المجتهد، المتأول كي يفتح مفاتيحها، كي يجعلها قابلة للرهانات، للاجتراحات، وللاستبدالات، طبعا هذا الذي بدأه نصر حامد أبو زيد منذ قيامه على خلخلة حالة مصر الراهنة ''وهي حالة عطب بنيوي تاريخي أغضب الراحل وعبر عنه بحادثة الفندق·
- يبني نصر حامد أبو زيد مشروعه على ''الديني''أي على النص، الخطاب، الأنساق، المنظومات ليس ثمة من عجب فلا زالت المساحة التراثية مهيمنة، لازالت هي المركز و قطب الرؤية و الأيديولوجيا ونمط الحياة العربية،
إن المثقف الإسلامي من صنفه لم يعدم وسيلة في المعرفة وفي المنهج وفي اللغة إلا ولفها في مشروعه فهو يقول ما يمكن قوله من أن النص الديني لا يقرأ إلا كواقع ثقافي و ينزل الكلام الإلهي منزلة الوقائعية البشرية ويتنحى في ذلك الجانب الألسني، النحوي، اللغوي، معهود العرب في خطابيتهم وخطابهم فضلا عن واقعتهم السلوكية والنفسية والثقافية ولم يعدم نصر كذلك من وسيلة في القول أن النص بوصفة القرآن في آياته الحكيمات ليس هو المتعالي، القدسي، السماوي، الفردوسي، بل هو المنجر المتغير وفق الخصوصية المحلية والطبقة الاجتماعية والذهنية السياسية أي ما اصطبغ بالأرضي، الدنيوي، المتفارق، المتشظي، المفتوح على مصراعي المعنى والمحنة، محنة الإنسان مع ربه، مع قدره ومصيره، مع جغرافيته وحضارته ومحنة الإنسان مع نده ورديفه الإنسان·
رغم الويل والبثور الذي تجشمه نصر من المؤسسات والمتصرفيات من إدارات الحقيقة و أنظمة اليقين و العسس الاجتماعيين·
- في مصر التي تعاني اليوم من اليباس والجمود والموت الميكانيكي في مؤسستيها الأم، جامعة القاهرة،وجامع الأزهر - بيد أن المثقف الإسلامي ضرب بأيد مجتهد ضربة كبير المتعلمين رغم أن من بطروا معيشتهم راحوا في الإشكال الأعقد، حكم الارتداد ثم دعوى تطليقه لزوجته ابتهال يونس وهي مدرسة أدب أجنبي ''فرنسي''هذا الضرب مما شابه قوله ''ليس المغزى إذن هو المقاصد الكلية كما حدد الفقهاء، بل هو ناتج قياس الحركة التي أحدثها النص في بنية اللغة و من ثم في الثقافة و الواقع، ولا بد مع قياس الحركة من تحديد اتجاهها فبعض النصوص لا تكتفي بتكرار اللغة الشائعة وتقوم من ثم التثبيت حركة الواقع والثقافة''ومبنى المبنى أن النص ليس هو الحقيقة ولا ينص عليها بل ما ينتجه هذا النص المشحون بالدلالات والرمزيات·
- انه ليس في استحضار نصر حامد أبو زيد- الذي وافته المنية مؤخرا- إلا في استحضار هذه المعركة الرمزية الشرسة حول الحقل الديني ومساحاته المملوءة ليس في العالم العربي كله هو المراد لأن الأمر شديد التباين والتغاير، بل على أرض رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده ورشيد رضا واسماعيل مظهر وطه حسين ومصطفى صادق الرافعي وأمين الخولي وبنت الشاطئ وحسن حنفي وفرج فودة وسيد القمني فلا الجزائر ولا شمال افريقيا برمتها ولا الخليج ومدارسه في السلفية وصناعة السلفية ولا الإسلام المهجري ومذاهبه التعقلية عرفوا''كل هؤلاء''حروب النص والتأويل ورمزيات البقاء من أجل النص، العمل من أجل النص، الدرب المنير من أجل النص ، لقد كانت محنته أمام الخلق بائنة مجلوة وتقدم المحنة والعذابات فكأنها عذابات المعري كما في مجازية قوله ''ولا تحسب مقال الرسل حقا ولكن قول زور سطروه''، ولم يتشاكل نصر بهذه الطريقة فهو لم يكن ابن الرواندي أو أبي بكر الرازي ولا الحلاج ولا بشار بن برد ولا حتى صادق جلال العظم وعبد الله القصيمي أو الطيب تيزيني ونظرائهم في الجدل والمناظرة فضلا عن كون نصر غير مجدف ولا هو مبشر ولا هو داعية ولا هو صاحب طريقة أيديولوجية- كحالة حسن حنفي- في دعواه عن اليسار الإسلامي بل هو عامل حيوي من الخارج نحو الداخل الإسلامي يتوجه ولذلك يكثر اشتباكه وتلاسنه ويكثر المشتبكين معه والمتلاسنين في حقه في بلاد لا تحمي المكون العلماني الذي تستغله في إدارة الشأن السياسي فقط وذاك ما يضفى على المثقف في محنته الألم وسلوى العزاء والهروب، الانسحاب أو التنسيق مع الجهات الأكاديمية الأخرى كما هو حاصل مع مركز ابن خلدون للدراسات المعروف في شخص المثقف سعد الدين ابراهيم·
- إن حامد ناشط وله في اللغة العربية دربة وحسن تبليغ وله في تفكيراته محصول عبقرية مسرفة أسرفها إيجابا في نقد الخطاب الديني، وفي قضية المجاز عند المعتزلة وفي مفهوم النص دراسة في علوم القرآن، ومبلغ التذوق الرائق هو في الحقيقة الاحتماء بالعمل الديني وفعالياته، ثمرة الامتحان، ونشوه التواصل مع الله والكائنات، مع الشعر والتجربة الروحية وطريق العرفان ومن يقرأ هذا النص الأخير عن ابن عربي يلمح شخصية جديدة في المثقف، المفكر، الداعية، الباحث في القرآنيات، الإسلامي المهموم بقضايا الأمة وكتابها المقدسة، وهكذا أجده في جرأته التي استمدها من أسلافه المغاوير من تدشينية رفاعة الطهطاوي إلى عقلانية وديكارتية طه حسين··
- عندما يقول عميد الكلية ''دار العلوم''وأستاذ الفقه في أصوله محمد بلتاجي في حوار صحفي عن كتابه المعرفي''الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية ''أنه كتب في صلب تخصصي وهو الفقه وأصوله، و هذا ليس تخصصه''يعني ذلك أخف، أخف ما تلقاه أبو زيد من مشاق اشتغاله على الحقل الديني واحترازات الأكاديميين الأرثودوكسيين القدامى على جرأته و مراسه على اقتحاماته الوعرة، هؤلاء الذين يناقضون بالصوت والصورة الفكرة الرسمية التي يروج لها دائما عن سبعين سنة من التنوير وهي ليست سبعين بل ربما هي ألف وسبعين من المراوحة بين أزهر اهترأ من حيطانه و تدلت عليه الطحالب وجبهة علماء أزهر انوجدت كي تحرك ماكينة الحيبة وتتكيف على مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعمامة الشيخ يوسف البدري الأخصائي في طب الحسبة وغيرهم من التيولوجيين غير المجتهدين من مثل عميد كلية دار العلوم· إن محنة نصر حامد أبو زيد هي ليست فقط محنة النص في انغلاقه وانغلاق أبواب الاجتهاد عليه بل في محطة الانتظار التي تتواجد داخلها العلمانية في جمهورية مصر، العلمانية بوصفها حديث الصالونات لا حديث السرايا، حديث فندق سونيستا وسميراميس النيل وفندق هيلتون الذي استضاف في ذات العام من 2008 الشيخ السعودي عائض القرني··


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.