افتتاح أشغال المؤتمر 13 للاتحاد الوطني للطلبة    بنك الاتحاد الجزائري.. منتجات جديدة في السوق الموريتانية    طاسيلي للطيران.. خطّان جديدان نحو الجنوب    تبنّي مقترح دعم منتجي الغاز..دعم إعلان الجزائر    جزائر الأحرار تنتصرُ مجدّدا لفلسطين    بلمهدي يشارك في اللّقاء العالمي لحوار العلماء المسلمين    العدوان الصهيوني على غزة: سبعة شهداء جراء قصف الإحتلال لمنزل شمال غرب رفح    كل الظروف مواتية من أجل إنجاح هذا الحدث الرياضي الدولي    إجراء مباراة مولودية وهران اتحاد العاصمة يوم 21 ماي    عمورة ينال جائزة أفضل لاعب إفريقي في بلجيكا    ستواصل جهودها بمجلس الأمن لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة..الجزائر تُرحب بقرار دعم أحقية فلسطين بالعضوية الكاملة بمنظمة الأمم المتحدة    رئيس الجمهورية: بوادر الإقلاع الاقتصادي بدأت في الظهور    مجلة الجيش: الجزائر تسير نحو تأسيس آلية جديدة خاصة بدول المنطقة    البوليساريو تحذّر من سياسة المخزن التوسعية    البطولة الوطنية للمصارعة المشتركة على الرمال: سيطرة عناصر وهران والجزائر العاصمة    التأكيد على دور الشباب من أجل الإسهام في الموعد الإنتخابي المقبل    حفريات "قصر بغاي".. الأربعاء المقبل    أولاد جلال تحتضن بسمات الأطفال    أبواب مفتوحة على مخبر صيانة وترميم التراث الثقافي    لقاء بمركز المحفوظات الوطنية حول مجازر 8 مايو 1945    وزارة الصحة بقطاع غزة : العثور على 520 جثة في 7 مقابر جماعية    الجلفة : معرض الكتاب "الجلفة نبض الابداع" يفتتح هذا الأربعاء    نستالجيا تراثية.. تظاهرة ثقافية لاستحضار واستذكار أهم الألعاب الشعبية    تيميمون..أنظمة معلومات جغرافية لتحسين إدارة المياه    العائلات لا تولي أهمية لبرامج الرقابة الأبوية    عين زروق في تبسة: تفكيك شبكة لترويج المخدرات وحجز 01 كلغ من المخدرات    مفهوم النهضة في الغرب مسكون بحقبته الكولونيالية    لا تشتر الدواء دون وصفة طبية    صدور القانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية في الجريدة الرسمية    مخرجات اجتماع الحكومة    بمبادرة من الجزائر..مجلس الأمن يدعو إلى فتح تحقيق مستقل حول المقابر الجماعية في غزة    البرازيلي رافيينا يقترب من الانتقال الى الهلال السعودي    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الجمعة بالنسبة لمطار الجزائر العاصمة    ممثلو الجالية يُثمّنون قرار رئيس الجمهورية    رسالة من سلطان عُمان إلى الرئيس تبّون    عرقاب يلتقي نائب الرئيس التركي    الزيادات في منح المتقاعدين غير مسبوقة    قطاع الري سطّر سلم أولويات لتنفيذ البرنامج    فاتورة الاستيراد تتقلّص    هكذا تُصان السيادة الوطنية..    دعوة المحامين لتدعيم الأمن القانوني جذبا للاستثمار    تخرج 71 طالبا من بينهم 32 من جنسية إفريقية    آفاق واعدة للنشاط المنجمي بفضل تجند الكفاءات الوطنية    استئناف حجز تذاكر الحج لمطار الجزائر    انطلاق مشاريع صحية جديدة بقالمة    ملتقى حول "التراث الثقافي المخطوط"    ظاهرة خطيرة تستفحل في مواقع التواصل    شبيبة القبائل - شباب قسنطينة    "فيفا" يتلقى تهديدا    ماكرون يمارس أقصى ضغط على ريال مدريد    احتراق بيوت بلاستيكية لتربية الدواجن    سارق 150 مليون في قبضة الأمن    استحسن التسهيلات المقدمة من السلطات : وفد برلماني يقف على نقائص المؤسسات الصحية بقسنطينة في مهمة استعلامية    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    هول كرب الميزان    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين النفسي والجسدي.. فوائد الصوم الصحية
نشر في الجزائر نيوز يوم 07 - 07 - 2013

ثمة حالة نفسية يعيشها الإنسان في شخصه، سواء في مشاعره الداخلية أو سلوكه الخارجي، فإذا ما انزلق في هوة النفاق عاش حالة من الانفصام وعدم التجانس والوفاق الداخلي، وهذا ما ينعكس توترا وقلقا على النفس والروح، ويجعلهما في حالة من الصراع تؤدي إلى حالات مرضية نفسية، تؤثر سلبا على أعضاء الجسم ووظائفه، فالتوتر العصبي والقلق والاكتئاب والأرق كثيرا ما تنعكس على القلب، بمختلف الأدوار من ارتفاع في ضغط الدم إلى مرض في شرايين القلب التاجية، أو اضطراب في ضربات القلب، وربما انعكست تلك الاضطرابات النفسية على المعدة، التي قد تصاب
بالتقرح أو بالقولون الذي يتشنج ويتألم، أو على غيرها من أعضاء.
ويفيد علماء الطب أن فوائد الصوم لصحة الإنسان وسلامة بدنه كثيرة جدا، منها ما يتعلق بالحالة النفسية للصائم وانعكاسها على صحته، حيث أن الصوم يساهم مساهمة فعالة في علاج الاضطرابات النفسية والعاطفية، وتقوية إرادة الصائم، ورقة مشاعره، وحبّه للخير، والابتعاد عن الجدل والمشاكسة والميول العدوانية، وإحساسه بسمو روحه وأفكاره، وبالتالي تقوية وتدعيم شخصيته، وزيادة تحملها للمشاكل والأعباء، ومما لا شك فيه ذلك بصورة تلقائية على صحة الإنسان.
ومن فوائد الصوم، كونه يساهم في علاج الكثير من أمراض الجسم، كأمراض جهاز الهضم، مثل التهاب المعدة الحاد، أمراض الكبد، سوء الهضم، وكذلك في علاج البدانة وتصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، وخناق الصدر والربو القصبي وغيرها.
وفي هذا المجال، كتب الطبيب السويسري بارسيليوس "إن فائدة الجوع قد تفوق بمرّات استخدام الأدوية"، أما الدكتور فيليب، فكان يمنع مرضاه من الطعام لبضعة أيام، ثم يقدم لهم بعدها وجبات غذائية خفيفة، وبشكل عام فإن الصوم يساهم في هدم الأنسجة المتداعية وقت الجوع، ثم إعادة ترميمها من جديد عند تناول الطعام، وهذا هو السبب الذي دعا بعض العلماء ومنهم "باشوتين"، لأن يعتبروا أن للصوم تأثيرا معيدا للشباب.
ولذلك فأهمية الصوم تكمن في أنه يساعد على القيام بعملية الهدم التي يتخلص فيها الإنسان من الخلايا القديمة، والخلايا الزائدة عن حاجته. من هنا يعتبر نظام الصيام المتبع في الإسلام هو النظام الأمثل في عمليتي الهدم والبناء، حيث يتوقف الإنسان عن الطعام والشراب لمدة حدّها الأدنى أربعة عشر ساعة، حيث يقوم الجوع بهدم الخلايا ولكن هذه لا تلبث أن تتجدد عندما يعود إلى تناول الطعام.
ولم يقتصر دور الصوم على هدم الأنسجة المتداعية وإعادة تجديدها، بل يرقى بالإنسان إلى السمو الروحي، ويجعله أكثر وضوحا في رؤيته، وهذا ما ألفت إليه "توم برنز" من مدرسة كولومبيا للصحافة بقوله: "إنني أعتبر الصوم تجربة روحية عميقة أكثر منها جسدية، فعلى الرغم من أنني بدأت الصوم بهدف تخليص جسدي من الوزن الزائد إلا أنني أدركت أن الصوم نافع جدا لتوقد الذهن، فهو يساعد على الرؤية بوضوح أكبر، وكذلك على استنباط الأفكار الجديدة وتركيز المشاعر، فلم تكد تمضي عدة أيام من صيامي في منتجع "بولنج" الصحي حتى أشعر أني أمر بتجربة سمو روحي هائلة".
وليس هذا فحسب، بل نرى أن الصوم عند "برنز" يحدث تحولا نوعيا في منهجيته ورؤيته، فينتقل من تطهير جسده بالصوم إلى تطهير النفس من الذنوب، وهذا ما عبّر عنه بقوله: "لقد صمت إلى الآن مرات عديدة، لفترات تتراوح بين يوم واحد وستة أيام، وكان الدافع في البداية هو الرغبة في تطهير جسدي من آثار الطعام، غير أنني أصوم الآن رغبة في تطهير نفسي من كل ما علق بها خلال حياتي، وخاصة بعد أن طفت حول العالم لعدة شهور، ورأيت الظلم الرهيب الذي يحيا فيه كثيرون من البشر، إنني أشعر أنني مسؤول بشكل أو بآخر عما يحدث لهؤلاء، ولذا فأنا أصوم تكفيرا عن هذا.
ويرقى الصوم بالإنسان إلى حالة من الكمال النفسي والروحي، واللذة الروحية، تختفي معها معالم الشوق إلى الطعام، بل هو باعث لآيات إنسانية أسمى تجعل منه شخصية متماسكة يتجاذبها شعور بالأنس والمحبة، بدل الضياع وحب التسلط وينزع من نفسه الخوف والارتباك والقلق، ويبرز هذا في قوله: "إنني عندما أصوم يختفي شوقي تماما إلى الطعام، ويشعر جسمي براحة كبيرة، وأشعر بانصراف ذاتي عن النزوات والعواطف السلبية كالحسد والغيرة وحب التسلط، كما تنصرف نفسي عن أمور علقت بها مثل الخوف والارتباك والشعور بالملل، كل هذا لا أجد له أثرا مع الصيام، إنني أشعر بتجاوب رائع مع سائر الناس أثناء الصيام، ولعل كل ما قلته هو السبب الذي جعل المسلمين وكما رأيتهم في تركيا وسوريا والقدس يحتفلون بصيامهم لمدة شهر في السنة احتفالا جذابا روحانيا لم أجد له مثيلا في أي مكان آخر في العالم".
لذا فإن فوائد الصيام كثيرة تشمل كل أبعاد الحياة الإنسانية، بحيث أنها تدخل في كل خلية من خلايا الجسم، وتشمل كل ذرة فيه، كما أنها تلج في عملية بناء الروح والنفس وترويضها والسير بها نحو الكمال، وما تقي منه على صعيد الجسد أمور منها:
وهو يقوم بدور مشرط الجراح الذي يزيل الخلايا التالفة والضعيفة في الجسم، باعتبار أن الجوع يحرك الأجهزة الداخلية في الجسم لمواجهة ذلك الجوع، ما يفسح المجال للجسم لاستعادة حيويته ونشاطه، ومن جانب آخر، فإنه يقوم بعملية بناء الخلايا والأعضاء المريضة، ويتم تجديد خلاياها، فضلا عن دور الوقاية من كثير من الزيادات الضارة مثل الحصوة والرواسب الكلسية والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية، والأورام في بدايات تكونها.
يقوم بدور إنقاص الوزن لمن يعاني السمنة، ولكن بشرط أن يصاحبه اعتدال في كمية الطعام في وقت الإفطار، وإلا يتخم الإنسان معدته بالطعام والشراب بعد الصيام، وهنا يفقد الصيام خاصيته في جلب الصحة والعافية والرشاقة، ويزداد معه بدانة.
يقوم بعملية خفض نسبة السكر في الدم إلى أدنى معدلاتها، ويتم ذلك من خلال إعطاء البنكرياس فرصة للراحة، لأن البنكرياس يفرز الأنسولين الذي يحوّل السكر إلى مواد نشوية وذهنية تخزن في الأنسجة، وعندما يزيد الطعام عن كمية الأنسولين المفرزة يصاب البنكرياس بالإرهاق ويعجز عن القيام بوظيفته، فيتراكم السكر في الدم وتزيد معدلاته بالتدريج حتى يظهر مرض السكر، وللوقاية من هذا المرض أقيمت دورة للعلاج تتبع نظام حمية وتوقف عن تناول الطعام باتباع نظام الصيام لفترة تزيد على عشر ساعات، وتقل عن عشرين كلٌ حسب حالته. ثم يتناول المريض وجبات خفيفة، وذلك لمدة متوالية لا تقل عن ثلاثة أسابيع، وقد حقق هذا الأسلوب في المعالجة نتائج مهمة في علاج مرض السكر ودون الاستعانة أو استخدام أية عقاقير كيميائية.
إن الصيام يفيد في علاج الأمراض الجلدية، والسبب في ذلك أنه يقلل نسبة الماء في الدم فتقل نسبته بالتالي في الجلد، مما يعمل على:
زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والأمراض المعدية الجرثومية.
التقليل من حدة الأمراض الجلدية التي تنتشر في مساحات كبيرة من الجسم مثل مرض الصدفية.
تخفيف أمراض الحساسية والحد من مشاكل البشرة الذهنية.
مع الصيام تقل إفرازات الأمعاء للسموم وتناقص نسبة التخمر الذي يسبب دمامل وبثورا مستمرة.
وينتج عادة عن زيادة التغذية والإكثار من أكل اللحوم، ومعه يحدث خلل في تمثيل البروتينات المتوافرة في اللحوم "خاصة الحمراء" داخل الجسم، مما ينتج عنه زيادة ترسيب حامض البوليك في المفاصل، خاصة مفصل الأصبع الكبير للقدم، وعند إصابة مفصل بالنقرس فإنه يتورم ويحمر ويصاحب هذا ألم شديد، وقد تزيد كمية أملاح البول في الدم ثم تترسب في الكلى فتسبب الحصوة، وإنقاص كميات الطعام علاج رئيسي لهذا المرض.
أكد الكثيرون من أساتذة الأبحاث العلمية والطبية وأغلبهم غير مسلمين أن الصوم ينقص من الدهون في الجسم ما يؤدي إلى نقص مادة "الكوليسترول" فيه، وهي عادة تترسب على جدار الشرايين، وبزيادة معدلاتها مع زيادة الدهون في الجسم تؤدي إلى تصلب الشرايين، كما تسبب تجلط الدم في شرايين القلب والمخ.
آلام المفاصل مرض يتفاقم مع مرور الوقت، فتنتفخ الأجزاء المصابة به، ويرافق الانتفاخ آلام مبرحة، وتتعرض اليدان والقدمان لتشوهات كثيرة، وذلك المرض قد يصيب الإنسان في أية مرحلة من مراحل العمر، ولكنه يصيب بالأخص المرحلة ما بين الثلاثين والخمسين، والمشكلة الحقيقية أن الطب الحديث لم يجد علاجا لهذا المرض حتى الآن، ولكن ثبت بالتجارب العلمية في بلاد روسيا أنه يمكن للصيام أن يكون علاجا حاسما لهذا المرض، وقد أرجعوا هذا إلى أن الصيام يخلص الجسم تماما من النفايات والمواد السامة، وذلك بصيام متتابع لا تقل مدته عن ثلاثة أسابيع، وفي هذه الحالة فإن الجراثيم التي تسبب هذا المرض تكون جزءا مما يتخلص منه الجسم أثناء الصيام، وقد أجريت التجارب على مجموعة من المرضى وأثبتت النتائج نجاحا ملموسا.
ويبقى أن نشير إلى ضرورة اتباع نظام دقيق في الغذاء، وعدم الإكثار من الإفطار والسحور فوق طاقة الجسم، والحصول على المقصود من حكمة الصيام. ولكن للأسف، فإن كثيرا من الصائمين يقضون فترة المساء في تناول مختلف الأطعمة، ويتم حشو المعدة بأنواع عدة من الطعام، وقد يأكلون في الصيام أضعاف ما يأكلونه في الحياة العادية، ولهذا تنتفي الفائدة من حكمة الصوم، باعتباره يسير بالإنسان في طريق الكمال الجسدي والروحي الذي يجب أن تصوم فيه الجوارح كلها عن معصية الله، فتصوم العين بغضّها عما حرّم الله النظر إليه، ويصوم اللسان عن الكذب، والغيبة والنميمة، وتصوم الأذن عن الإصغاء إلى ما نهى الله عنه، ويصوم البطن عن تناول الحرام، وتصوم اليد عن إيذاء الناس، والرجل يصوم عن المشي إلى الفساد فوق الأرض، لتعود في شهر رمضان الروح إلى منبعها الأزلي، فتبرأ من أدران الحياة، وتتخلص من مباذل الدنيا وتتجه إلى الله خالق السموات والأرض داعية مبتهلة بخشوع وإيمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.