البروفيسور كمال بداري : إصلاحات شاملة في القطاع لضمان تكوين نوعي يساهم في دفع الاقتصاد الوطني    الشلف..مليونا وحدة من صغار السمك بسواحل بني حواء    ينظمها بريد الجزائر.. ندوة بعنوان "المالية الذكية: تدبر المستقبل عبر الذكاء الاصطناعي"    الرئيس المدير العام لمجمع (سوناريم) : مصنع إنتاج كربونات الكالسيوم الدقيقة سيدخل مرحلة الإنتاج قريبا    تبسة..تقييم الوضعية الفيزيائيّة لمختلف المشاريع والبرامج التّنموية    جمعية العلماء المسلمين: الصحف وسيلة هامة لمحاربة الاستعمار والجهل    وهران.. أكثر من 200 عارض منتظرون في الطبعة 26 للصالون الدولي للصحة    بعثة الجزائر لدى الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد    السودان : مفوض أممي يحذر من ازدياد العنف    بعد العروض الإنجليزية..سانت جيلواز يحدد سعر التخلي عن عمورة    تبادل التحليلات ووجهات النظر حول المسائل المشتركة    الجزائر – روسيا.. احترام وتنسيق سياسي كبير    إصلاحات عميقة في المدرسة والجامعة.. ورد اعتبار المعلم والأستاذ    تتضمن حوالي ألف كتاب في مختلف مجالات العلم.. المكتبة الشخصية للشيخ عبد الحميد بن باديس ستسلم لجامع الجزائر    معرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر.. تكامل واندماج اقتصادي    ماذا بقي من 16 أفريل..؟!    وليد يعرض بسويسرا جهود الجزائر لدعم الابتكار والتّكنولوجيا    امتحان التّربية البدنية للمترشّحين الأحرار من 8 إلى 20 ماي    باتنة: توقيف شخص لقيامه بسرقة محل تجاري    تحقيقات ميدانية لمراقبة هيكلة أسعار المنتجات المستوردة    انطلاق عملية حجز التّذاكر للحجّاج المسافرين    الصحراويون يعلقون آمالا كبيرة على دفع مسار التسوية الأممية    وفاة قرابة 3 آلاف جزائري في سنة واحدة    وهران جاهزة لاحتضان البطولة الإفريقية للأندية الفائزة بالكؤوس    " العميد " يحجز مكانه في نصف النّهائي    ماذا قدم عبدالصمد بوناصر في هذا الموسم ؟ من الرابطة المحترفة الأولى .. موهبة جديدة لترميم دفاعات "محاربي الصحراء"    هذا مسار الطّبعة 24    الفيلم المتوسطي: 70 فيلما مشاركا والسينما الإيطالية ضيف شرف الطبعة الرابعة    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    الجولة الثانية و العشرين من الرابطة الثانية "هواة": بسبب داربي باتنة.. الأولمبي يضع قدما في الرابطة المحترفة في الشرق وورقة الصعود لا تزال محل صراع في الغرب    المستوطنون يصعّدون عربدتهم والفلسطينيون يتصدّون    اتصالات الجزائر ترفع سرعة تدفق الانترنت لمدة شهر بمناسبة الذكرى ال21 لتأسيسها    المهرجان الوطني للمسرح الجامعي.. غدا    قسنطينة تستعيد أمجاد الإنتاج التلفزيوني الوطني    كل ولايات الوطن ستتوفر على مراكز مرجعية لصحة الأم والطفولة    معسكر : حجز أكثر من 15 ألف قرص من المؤثرات العقلية    ضرورة الارتقاء بمهنة القائم بالاتصال المؤسساتي من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي    روسيا تحدوها إرادة كبيرة في تطوير شراكتها الاستراتيجية مع الجزائر    جدل جديد حول ارتفاع أسعار القهوة في الجزائر: جمعية حماية المستهلك تطالب بفحص هيكل التكاليف والأرباح لدى مصانع التحميص    المغرب : احتجاجات ضد غياب الحوار وتجاهل المخزن للمطالب الحيوية لقطاع الصحة    السيد طبي يستقبل النائب العام لفيدرالية روسيا    العرباوي يشرف على مراسم توقيع إتفاقية إحتضان الجزائر للمعرض الإفريقي للتجارة البينية لسنة 2025    جامعة البليدة1 تبرم إتفاقية تعاون مع أكاديمية التعليم العالي باسطنبول التركية    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    عبور 42 مصابًا فلسطينيًا ميناء رفح البري    البطولة الجهوية لرابطة قسنطينة : صراع «الصعود» بسطيف و«النجاة» في جيجل    اتحاد عنابة (2) اتحاد الحراش (0): فوز الأمل    ستتم عبر المنصة الرقمية وتشمل 25 ولاية: نحو عرض 400 وعاء عقاري على حاملي المشاريع الاستثمارية    تدشين مركز الإذاعة بالمنيعة    شهداء وجرحى في قصف الإحتلال الصهيوني مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    التوظيف واقتناء الأدوية والعتاد الطبي تحت مجهر الوزارة    إيران استعملت حق الرد بما يكفله القانون والمواثيق الدولية    سكان لغراب يطالبون بحلول مستعجلة لمعاناتهم    جزائريون يقتنون الملابس من أسواق الشيفون    تمكين الحجاج من السفر مع بعض في نفس الرحلة    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    قوجيل يهنئ الشعب الجزائري بمناسبة عيد الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روايات غسان كنفاني في السينما
نشر في الجزائر نيوز يوم 18 - 09 - 2013

تستهوي قصص وروايات الشهيد غسان كنفاني صانعي الأفلام، ليس فقط بسبب بنائها ووضوح شخوصها ولكن أيضا بسبب الحبكة التي تقترب من السيناريو الأدبي للسينما.. وإذا ما تأملنا أعمال غسان كنفاني فإننا نجد صعوبة كما يحصل عادة في تحويل الأعمال الأدبية للسينما، لا نجد صعوبة في اقتباس السيناريو منها...
وعندما قال غسان كنفاني إنني أكتب بطريقة سينمائية.. فإنه يعني بذلك الصورة والبناء لأن السينما هي اختزال للزمن وتكثيف للأحداث وهي أكثر الأدوات الثقافية بلاغة في هذا الاتجاه.
ولو لم يكن حادث الاغتيال المفجع لكان غسان قد أغنى السينما بنصوص أدبية مبهرة، وفيما يلي رحلة في تجارب كنفاني التي تحولت إلى أفلام سينمائية.
«المخدوعون": أول الأفلام التي تناولت القضية الفلسطينية بوعي عميق ونظرة شاملة في عرض فني لا ينقصه الوضوح نسبيا وبعيدا عن أية محاولات تجارية أو انتقالية شكلية، حصل على عدد من الجوائز العالمية تقديرا لقيمته التي مازال يحتفظ بها حتى الآن، فالنظرة الموضوعية التي اتسم بها بحثه بجوانب القضية والكشف عن الأسباب والنتائج وطرح الأسئلة الجوهرية عن المشكلة.
كل ذلك يجعل الفيلم بالإضافة إلى قيمته التاريخية قيمة حية حتى الآن قادرة على تنوير وعي الإنسان العربي بذاته وقضيته المصيرية، "المخدوعون" يحكي قصة الدوافع الخاصة لدى ثلاثة فلسطينيين من أجيال مختلفة التي تؤدي بهم إلى محاولة الدخول خلسة إلى الكويت، حيث يخبئهم سائق يمتهن التهريب داخل صهريج المياه المفرغ في سيارته فيلاقون حتفهم في النهاية لتأخر السائق في إنجاز معاملته في مخفر الحدود الكويتية فيلقي بهم في مكان ما في الصحراء ويتابع طريقه في ذهول ومن خلال العلاقات الثلاثية التي يحدد مسارها "ابو قيس اسعد مروان" مع الناس الذين يحيطون بهم والتي تتمازج في خطوط دقيقة ومتوازية.
يحدد لنا توفيق صالح الخط العام الرئيسي للفيلم والذي من خلال تحليله لنماذج أبطاله الثلاثة يشرح لنا الواقع الفلسطيني عبر مشاهد الفلاش باك التي تتداعى في ذكريات كل منهم.
والذي قرأ رواية "رجال تحت الشمس" لغسان كنفاني يجد أن أحداث فيلم "المخدوعون" تطابقها تمام المطابقة.. فلقد حافظ توفيق صالح على النص الروائي كما هو وبتسلسل أحداثه.
ولكن اختلفا مرتين: فالنهاية عند كنفاني تسير كما يلي: عندما يلقي السائق بالجثث فوق أكوام القمامة يتوقف أمام سيارته متشنجا يوشك رأسه أن ينفجر من فكرة مفزعة سيطرت عليه "لماذا لم يدقوا الخزان؟! ولم يقرعوا الخزان؟!".
فأبطاله ماتوا خانعين في صمت دون أن يدقوا الخزان.. وهو يريد بهذه النهاية أن يرمز إلى أن الفلسطينيين كان عليهم أن يملأوا الدنيا قرعا بدلا من يدعوا أنفسهم يموتون في صمت.
أما النهاية عند توفيق صالح فهي مرئية "سينمائية خالصة" إذ نرى الثلاثة وسط القمامة بينما يد أبي قيس متصلبة ومرفوعة إلى أعلى مهيأة لحمل شيء، قد يكون راية أو مدفعا رشاشا وقد تكون القبضة متكورة في صرخة احتجاج صامت.
كما أن توفيق صالح على عكس غسان كنفاني جعلهم يدقون على صاج الخزان عندما أطال بهم الوقوف أمام الجمارك الكويتي، لكن طرقاتهم الواهنة ضاعت وسط الصخب فلم يشعر بهم أحد، غير أن النهايتين تتفقان في الهدف: أن الهرب لا يحل المشكلة.
أما الاختلاف الثاني بين الرواية والفيلم فهو تلك الإضافة التسجيلية التي أضافها توفيق صالح وجاءت في مكانها لتؤدي الغرض منها ولتثري الفيلم ببعد جديد.
استطاع توفيق صالح بما لديه من قدرات جيدة في الصنعة السينمائية أن يقدم لنا فيلما ملتزما وواقعيا واضحا بالرغم من الازدواجية في أسلوبه خلال عرضه السرد الدرامي.
فمرة يستخدم الواقعية استخداما مباشرا قاده في النهاية إلى استخدام الوثائقية.. ومرة يلجأ إلى الرمز ليصوغ من خلاله تعبيرا دراميا إيحائيا قويا ومعبرا.
و عن "ما تبقى لكم" لغسان كنفاني إخراج خالدة حمادة فيلمه "السكين".. بطلة الفيلم فتاة فلسطينية تعيش في غزة مقطوعة الجذور عن أهلها وعن بيتها الأصلي، يغرر بها رجل سافل وضائع وضالع في التعاون مع سلطات الاحتلال الصهيوني، لا يجد الشقيق الشاب للفتاة سبيلا إلى مساعدتها ولا يلتزم بالدفاع عنها، ومحاولة تخليصها بل يدعها عن عجز تسقط فريسة سهلة بين يدي مغتصبها ثم يهيم على وجهه في الصحراء هاربا من مواجهة مشكلة شقيقته ومن الاحتلال، فيضيع في صحراء النقب.
وقام المخرج قاسم حول بإخراج فيلم روائي طويل فلسطيني الإنتاج بعنوان "عائد إلى حيفا" عن رواية غسان كنفاني أنتجته مؤسسة الأرض للإنتاج السينمائي عام 1981 وتدور أحداث الفيلم الدرامية صبيحة الحادي والعشرين من أبريل عام 1948 وقد انهمرت قذائف المدفعية من تلال الكرمل العالية لتدرك مدينة حيفا، وفي هذا الوقت كانت سيدة قد تركت ابنها الرضيع الذي اسمه خلدون في البيت وخرجت تبحث عن زوجها وسط حشود الناس المذعورة حيث يضطران للنزوح.. وتمر الأيام والسنون وتعود الأسرة إلى البيت بعد حرب عام 1967 لتفاجأ بأن "خلدون" قد أصبح شابا وأن اسمه دوف، وهو مجند في جيش الاحتلال وقد تبنته اسرة يهودية استوطنت البيت بعد نزوح 1948 وهنا تبلغ المأساة ذروتها بعد أن عرف الفتى الحقيقة إذ أصر على الانحياز إلى جانب الام التي تبنته.
كان الزوج يعارض التحاق ابنه الثاني بالعمل الفدائي وبعد أن رأى حالة ابنه البكر قرر الموافقة فعاد ليجد ابنه قد التحق بالعمل الفدائي.
وقد حلل "قاسم حول" بجرأة ابعاد الصراع العربي الصهيوني من خلال تطور أحداث الفيلم إلا أن الامكانات الفنية قد حالت دون تنفيذه بالشكل المطلوب وبالرغم من الموسيقى التصويرية التي وضعها الفنان زياد الرحباني التي تناغمت إلى حد بعيد مع المضمون الدرامي.
وعن الرواية نفسها "عائد إلى حيفا" قام مخرج سينمائي إيراني بإنجاز فيلمه الروائي الطويل "المتبقي" 1995 مع ممثلين سوريين وتدور أحداثه عام 1948 أثناء احتلال عصابات الصهاينة لمدينة حيفا.. ومحاولة إخلاء المدينة وتسكينها لليهود المستوطنين. الفيلم ليس مطابقا لقصة غسان كنفاني، ولكنه حاول أن يقدم فترة الأحداث بشكل أقرب للوثائقية، ولكن يؤخذ عليه المباشرة بالطرح وبعض الأحداث الميلودرامية المضافة.. وعند المقارنة بين النص والفيلم نرى أن المخرج فضل أن يبقى الطفل عربيا ولا يتهود، أما في الرواية فقد أصبح الطفل صهيونيا وتأقلم مع ذلك عندما كبر. كما أضاف مشاهد عديدة مثل بحث الجدة عن حفيدها ونسف القطار.. ولكن الرواية والفيلم يلتقيان على إدانة الكيان الصهيوني وإصرارهما على الكفاح المسلح لتحرير الأرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.