وزير الداخلية يستقبل المدير العام للديوان الوطني للحماية التونسية    عطاف يدعو لتوجيه الجهود المشتركة نحو نصرة القضية الفلسطينية    عطاف يجري بالدوحة محادثات ثنائية مع نظرائه من عدة دول    بورصة الجزائر: النظام الإلكتروني للتداول دخل مرحلة التجارب    قوجيل: مواقف الجزائر تجاه فلسطين "ثابتة" ومقارباتها تجاه قضايا الاستعمار "قطعية وشاملة"    البنك الإسلامي للتنمية: الجزائر تحتضن الاجتماعات السنوية لسنة 2025    اتصالات الجزائر تضمن استمرارية خدماتها غدا تزامنا واليوم العالمي للعمال    جيدو/الجائزة الكبرى لدوشانبي: الجزائر تشارك بثلاثة مصارعين    كريكو تؤكد أن المرأة العاملة أثبتت جدارتها في قطاع السكك الحديدية    تيسمسيلت: إلتزام بدعم وتشجيع كل مبادرة شبانية ورياضية تهدف "لتعزيز قيم المواطنة والتضامن"    سايحي يكشف عن بلوغ مجال رقمنة القطاع الصحي نسبة 90 بالمائة    تندوف: شركات أجنبية تعاين موقع إنجاز محطة إنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية بقدرة 200 ميغاواط    عقب شبهات بعدم احترام الأخلاق الرياضية :غلق ملف مباراة اتحاد الكرمة - مديوني وهران    حوادث المرور: وفاة 38 شخصا وإصابة 1690 آخرين خلال أسبوع    نجم المانيا السابق ماتيوس يؤكد أن بايرن ميونخ هو الأقرب للصعود إلى نهائي دوري الأبطال على حساب الريال    عطاف يستقبل بالدوحة من قبل رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية دولة قطر    ملتقى وطني عن القضية الفلسطينية    أوسرد تحتضن تظاهرات تضامنية مع الشعب الصحراوي بحضور وفود أجنبية    المغرب: اتساع دائرة الهيئات المشاركة في احتجاجات الفاتح ماي تنديدا بسياسيات المخزن    المغرب: مركز حقوقي يطالب بوقف سياسية "تكميم الأفواه" و قمع الحريات    مشعل الشهيد تحيي ذكرى وفاة المجاهد رابح بطاط    رئيس الجمهورية يُبرز الدور الريادي للجزائر    عهدٌ جديدٌ في العمل المغاربي    هل تُنصف المحكمة الرياضية ممثل الكرة الجزائرية؟    نظام إلكتروني جديد لتشفير بيانات طلبات الاستيراد    نحو إنشاء بنك إسلامي عمومي في الجزائر    طاقة ومناجم: عرقاب يستقبل المستشار الدبلوماسي لرئيسة الوزراء الإيطالية المكلف بخطة ماتي    الجزائر معرضة ل18 نوعا من الأخطار الطبيعية    درك بئر مراد رايس يفكّك شبكة إجرامية دولية    منح 152 رخصة بحث أثري في الجزائر    اليوم العالمي للشغل: مكاسب تاريخية للعمال الجزائريين والتفاف واسع حول المسار الإصلاحي    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي/منافسة الأفلام القصيرة: أفكار الأفلام "جميلة وجديدة"    المجلس الأعلى للشباب/ يوم دراسي حول "ثقافة المناصرة" : الخروج بعدة توصيات لمحاربة ظاهرة العنف في الملاعب    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    الاحتلال يفشل في تشويه "الأونروا"    بهدف القيام بحفريات معمقة لاستكشاف التراث الثقافي للجزائر: مولوجي:منحنا 152 رخصة بحث أثري على المستوى الوطني    هذه الأمور تصيب القلب بالقسوة    سياسة الاحتلال الصهيوني الأخطر في تاريخ الحركة الأسيرة    مفتشتان من وزارة الريّ بعنابة    محرز يقود ثورة للإطاحة بمدربه في الأهلي السعودي    بلومي يُشعل الصراع بين أندية الدوري البرتغالي    اتفاق على ضرورة تغيير طريقة سرد المقاومة    إبراز أهمية إعادة تنظيم المخازن بالمتاحف الوطنية    شباب بلوزداد يستنكر أحداث مباراة مولودية وهران    "حماس" ترد على مقترح إسرائيل بوقف إطلاق النار 40 يوما    إخماد حريق شب في منزل    لا أملك سرا للإبداع    الشرطة تواصل مكافحة الإجرام    مصادرة 100 قنطار من أغذية تسمين الدجاج    الجزائر تتحول إلى مصدّر للأنسولين    استئناف حجز التذاكر للحجاج عبر مطار بأدرار    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    سنتصدّى لكلّ من يسيء للمرجعية الدينية    دورة تدريبية خاصة بالحج في العاصمة    عون أشرف على العملية من مصنع "نوفونورديسك" ببوفاريك: الجزائر تشرع في تصدير الأنسولين إلى السعودية    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحداث خالدة تحكي ملحمة معركة الجرجير بالمنصورة الحاملة لريح الإستقلال
ومضات من تاريخ ثورتنا التحريرية بجنوب الجزائر المباركة


مقدمة :
لولا تشبع الشعب بدينه الحنيف ومبادئه الإسلامية وتمسكه بعقيدته على درب نهج سلفه وخطاهم ويقظته و درجة وعيه أنه لا حياة بدون حرية، شعب إيمانه أن الحرية تفتك و تأخذ ولا تمنح و لا تعطى، و لا حرية دون استقلال ولا استقلال دون انتفاضة و جهاد. وأمام الوضع المزري الذي عاشته الجزائر عامة بأكبر مدنها و أصغر قراها و مداشرها، و لتحقيق ذلك بات متقين أنه لا مفر من الجهاد و الاستعداد النفسي و البدني و المادي. شعب جندته عقيدته ووحّدته وطنيته و لم يعقه أي عائق، رغم تباعد المسافات الشاسعة شساعة السماء و الأرض وتباعد الأماكن شرقا وغربا شمالا و جنوبا .
إن التاريخ سجل وشهد وبصم بكل ثقله بعظمة الثورة الجزائرية ومكانتها والتي صنفت بثورة تحرير الشعوب لبلوغ مدى صداها عبر أرجاء المعمورة و زيارة عظماء الكفاح في التاريخ لها منهم على سبيل المثال لا الحصر فيدال كاستور، شيقي فارة و نيلسن مانديلا و مباركتها و الإشادة بها و النهل من منابعها و التعلم من مدراسها المتعددة و المتنوعة.
ثورة إستمدت قوتها من قوة شعبها وتضامنه وتجنده على كل الجبهات خاصة بعد وصول أخبار المعارك الضارية والهجمات المتكررة و الضربات الموجعة التي ألحقت بالعدو الفرنسي المستعمر الغاشم في كل جهات الوطن مدن و قرى جبال وصحاري إلخ........
ثورة أصبحت منبرا إعلاميا يتردد صداه على أمواج أثير نضال و جهاد الأشاوس الأحرار الهاجس الذي بات مخيفا يشكل خطرا على العدو، وقوة ضاربة موجعة له لم يكن يتوقعها ولا يتصورها، خاصة بعد توسع ثورة التحرير و امتداد فروع قواعدها و هيكلة مناطقها وانشاء قسماتها عبر القطر الجزائري ، وضم صوت الجنوب إلى صوت باقي الجهات بكل قوة مهابة لا يستهان بها .
فرغم بعد المدن عن بعضها البعض و شساعة الصحراء المتباعدة الأطراف هنا و هناك من الهقار الى الطاسيلي ومن توات إلى تيدكيلت ومن الواحات الحمراء الى واحة الشبكة بصحراء ميزاب عامة و منها إلى تراب بمتليلي الشعانية و ضواحيها و قراها التابعة لإدارتها الإقليمية ، خاصة بعد إنشاء وزارة خاصة للصحراء و بلدياتها الرسمية.
ومن هاته المناطق والمدن نجد المنصورة وقراها الطويل – لفنار و واد غزالات إلخ.... التي نشط فيها جيش التحرير المنطلق من مراكز متليلي الشعانبة و الذي التحق بثورة التحرير المقدسة و سجل اسمه ضمن جينس الموسوعة التاريخية في الجهاد و البطولات و المعارك العديدة بترابها و ضواحيه بفضل تضحيات و تحضيرات الرعيل الأول المتشبع بالوطنية و حسها منهم على سبيل الذكر الإخوة أقاسم الحاج حمادي و محمد بوراس و عمار و عبد العزيز و بلحاج عيسى و فيها خير و لعمى الحاج الشيخ السفانجي – بن ولهة الحاج مسعود- إبراهيم مولاي ابرهيم زعباطة-ومصطفى الحاج مصطفى- الوادن الحاج عبد القادر –بوحادة بوحفص هذين الأخيرين الذين كانا ضمن قائمة المنفيين من الصحراء من طرف الإستعمار الفرنسي بموجب القرار رقم ك 204 الصادر من طرف الكلونيل كليومنت قائد منطقة شرق الصحراء بتاريخ 23 ديسمبر 1959، رفقة كل من السادة خيثر أحمد – حمزة أحمد –وبن سانية جلول.
و بشهدائها الأبرار منهم الرعيل الأول لثورة التحرير على سبيل المثال لا الحصر – بن بيتور الحاج علال الشهيد الذي رمي من الطائرة ببشار و رسوي محمد بن الشيخ المدعو النيمص بوهران وأخرهم شهيد المقصلة بلمخطار سليمان بسجن سركاجي بالعاصمة ، ومجاهديها منهم: بوعامر الحاج محمد ، قرمة بوجمعة – علي بوسماحة، الطيب بوحشبة و بوطبة الشيخ و بوزيد الحاج إبراهيم وبن خليفة الحاج عمر وغيرهم، معارك أدخلتها موسوعة التاريخ من أوسع الأبواب بدون منازع ولا معارض لتظهر للعالم و تبين للجميع دون استثناء أن أبناء المنطقة سائرون على خطى سلفهم كغيرهم من أبناء الجزائر ينشدون الحرية و يطرقون باب الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية ، سيادة لم تغيب عن نظرهم من وعيهم و علمهم باغتصاب أرضهم و استعمارها منذ احتلال العدو الفرنسي لها .
معارك و بطولات و نضالات باتت مغيبة عن التاريخ وتوثيقها وتدوينها لأجيال المستقبل والتي بحمد الله بقيت متداولة شفهيا نوعا ما في إطار الذاكرة الشعبية و انفتاح الشباب على أبواب التاريخ و نفضه للغبار و إزاحة الستار عنه أخرجت هاته المعارك و التضحيات للعلن و باتت محل تنافس بين الطلبة و الباحثين في مجال المذكرات و الرسائل الجامعية و المؤلفات بعدما كانت المنطقة منذ عشرية لا تملك سوى على مؤلفين اثنين فقط، واحد أدبي ديني حكم ومواعظ للشيخ الحاج أحمد مصطفى و الثاني ديني فقهي لفضيلة الشيخ الحاج الأخضر الدهمة حفظه الله .
فبهذا التنافس الذي حفز الكثير سلط الضوء على أمجاد أبناء المنطقة عامة وأبناء غرداية جوهرة الواحات منها متليلي الشعانبة قلعة الثوار و مقبرة الثورات الشعبية على مر العصور من الأمير عبد القادر – إلى الشيخ بوعمامة إلى سيدي موسى الدرقاوي و الشيخ بوزيان ومحمد بن يحي بالعامري بسكرة عاصمة الزيبان وثورة الشريف محمد بن عبد الله و ثورة بن ناصر بن شهرة و ثورة محمد التومي بوشوشة امتدادا لثورة الشيخ بوعمامة و غيرهم إلى تفجير ثورة الفاتح نوفمبر 1954.
ومن بين هاته المعارك الخالدة معركة الجرجير المعروفة بانوجرجير المندلعة في عز فصل الصيف و الحرارة الحارقة بدرجات تفوق 45°، معركة سجلت إسمها بأحرف من ذهب و التي نوردها عليكم في هاته اللمحة أو الومضة.
معارك في الذاكرة لا تنسى من الذاكرة
معارك خالدة منقوشة في الأذهان على مر السنين لا تنسى ولا تندثر، تحكي للأجيال القادمة وشباب المستقبل و لأبطال الجزائر الحبيبة سير ومناقب ومأثر بطولات الآباء و الأجداد من السلف الصالح و شهامة و بسالة مجاهدينا الرجال الأشاوس، وشهدائنا الأبرار رحمة الله عليهم، الرجال الذين لا يقهرهم عدو و لا يخيفهم حصار و لا يصدهم سلاح و لا يردهم بارود و لا يرهبهم قصف مدافع و لا تحليق أسراب طائرات و لا يركعون إلا لله الواحد الأحد الفرد الصمد.
معركة الجرجير المعروفة (بانجوجير) التي وقعت ودارت رحى حربها الطاحنة ذات يوم من 20 جويلية 1961 بصحراء متليلي الشعانبة بتراب بلدية المنصورة حاليا ولاية غرداية جوهرة الواحات جنوب الجزائر، والتي كان موقعها: الولاية التاريخية : 06، بالمنطقة : 03، الناحية: 03، القسمة : 60 ، إذ كانت معركة حامية الوطيس جال وصال فيها أبناء الجزائر من مجاهدينا الأشاوس والتي تميزت بطابع الإشتباك المباشر مع العدو و التصدي له بكل حزم، بدون خوف ولا تردد و لا إنسحاب، مواجهة أبهرت العدو وكلفته الكثير و لقنته درس لا ينساه للأبد هو و خلفه .
استغرقت معركة الجرجير يوما كاملا بقيادة بطلها المجاهد المسؤول العسكري بن دوي قويدر، إبن المنيعة بلد 44 ولي صالح، رفقة مجموعة المجاهدين التي كانت معه بعدد 21 مجاهدا من مختلف المناطق متليلي الشعانبة، المنيعة، الأغواط و تيميمون بولاية ادرار و ورقلة .
وبفجر يوم 20 جويلية 1961 الساعة السادسة 6 صباحا باغت العدو مجاهدينا بالقصف الجوي بسرب طائراته المتكون من 16 طائرة.
جاء الهجوم مباغتا صباحا بعد اكتشاف أمر المجاهدين ومقر تمركزهم بالناحية ، و رغم تفطن القيادة بعد إبلاغها من طرف المجاهد فرجالله الحاج العياشي رحمه الله بالخبر و بقرار الهجوم عليهم المتخذ من طرف الحاكم العسكري في اجتماعه بغرداية، بعد القبض على كل من مرابط أحمد و بلكحل علي المكلفين بنقل رسالة للمسؤولين و للقادة و الذين تمكنوا بفضل لله من حرق الرسالة و تجنب مجاهدينا وقادتهم ما لا يحمد عقباه في حالة وقوعها بين أيدي الجيش الفرنسي، إلا أن المرسلين لم يتمكنا من الوصول للجيش في الوقت المناسب وتبليغ الأمر للجيش و مسؤوليه وقدر الله وما شاء فعل و رغم المعركة وخسائرها البشرية إلا أن النصر كان حليف مجاهدينا رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته .
ورغم قلة المجموعة و إمكانياتها شبه المنعدمة بحيث لم يكن بحوزة مجاهدينا يومها سوى أسلحة خفيفة و بسيطة واجهوا بها العدو أمام قذائفه و سياراته المدججة و سرب طائراته المحلقة و قنابلها التي تحاملت على قوافل الإبل بلا هوادة ولا رحمة لشلها و منعها من التحرك حتى لا يتمكن المجاهدون من استغلالها و التنقل بها لوجهة أخرى وكان ذلك لأجل ترويعهم ونشر هاجس الخوف في نفوسهم. التي كانت وابلا بلا توقف على قلة أفراد جيشنا المنتشر بحكمة و بسالة في مواقعه متصديا رادا لهجوم العدو غير آبه بقوته و عدته و عتاده.
وأمام إحباط العدو وتلقيه للدرس الذي لقنه له مجاهدينا يومها قرر التوقف و الانسحاب أمام النتيجة الإيجابية التي حققها جيشنا و خسارة غير متوقعة، و التي كانت خسائر بشرية و التي نوجزها بما يلي:
أعطت المعركة نتائج مسجلة في أرض الميدان بقيت شاهد حي يحكي للتاريخ و التي تمثلت في الخسائر البشرية في صفوف المجاهدين عدد الشهداء ب15 وهم :.
القائد البطل قويدر بن دوي، بريك بوعمامة ( المنيعة) خميلة علي ( الأغواط) ، دهان إبراهيم- بن نذير بلقاسم، بوزيد قدور بن عيسى، أولاد العيد قادة ، لخنين بحوص، بن رمضان الدين ، طرباقو مسعود، شيتورة لخضر، مهاية قويدر، خنين بحوص الذي أستهد بمستشفى ورقلة بعد أسره متأثرا بجراحه ( متليلي)، الحاج يحي بوبكر، بن لمبارك بوعمامة (تميمون ولاية ادرار )، بن هجيرة بوبكر ( ورقلة ).
وعدد الجرحى الأسرى 06 المتأثرين بإصاباتهم البليغة و نقلهم لمستشفى ورقلة ومنه للثكنة للبحث والاستنطاق كل من: رزاق مبارك، عيسى عنيشل - مرينزة العربي - رسيوي الهاشمي - لحرش بحوص - مصطفى محمد – دهان قادة .
بينما تكبد جيش العدو في صفوفه 65 قتيل وعدد 144 من الجرحى وهي حصيلة جد ثقيلة التي لم يهضمها ولم يتقبلها العدو وبقيت وصمة عار على جبيه وفي سجله، بينما تمثلت الخسائر المادية في صفوف المجاهدين في أسلحة خفيفة وبسيطة لا قيمة لها أمام أسلحة و خسائر العدو، وفي صفوف العدو أحدث المجاهدون أعطابا في سيارتين عسكريتين و عدة أليات و أسلحة ثقيلة جد مكلفة.
وجاءت المعركة الحاسمة التاريخية التي بقيت عالقة في الأذهان نتيجة الخطة الإستراتيجية التي وضعها مهندسو قادة ثورة التحرير المظفرة بالمنطقة لأجل فك الحصار المضروب على المنطقة عامة سواء بالشبكة الصحراء وفيافيها أو القعدة وضواحيها و بمتليلي الشعانبة خاصة لاسيما بعد حصار 20/24 نوفمبر 1960 المعروف بحصار أيام السلك او الخمسة 05 أيام ، وما خلفه من أثار على غرار تسييج المنطقة بالأسلاك الشائكة و فرض منع التجول محاولة أحراق المدينة لولا ستر الله وسقوط المروحية المقلة للقادة العسكرين الجنرال ومن معه بواد الدرين والقيام بحملات التفتيش والإستنطاق و الإستجواب وإعتقال خيرة الشباب في محتشدات المقامة منها: منطقة 20 نوفمبر حاليا تيمكرت البطحاء وغابة حمودة الحاج عمر بالحديقة وكبار السن و النسوة بالمسجد العتيق .
كما تم تخصيص مركز بحي الملعب سابقا حاليا حي 08 ماي 1945 كمكان خاص للإستجواب والإستنطاق بشتى الطرق والتعذيب ومنه إلى الإيداع بالغرف المخصصة للسجن وبعدها ترحليهم إلى سجن غرداية و الأغواط ثم إلى سجن البليدة والذين مكثوا بهم ستة 6 أشهر و أكثر.
وكان لهذا الحصار نتائج جد إيجابية لصالح شعبنا و جيشنا ، إذ عززت من صفوف قواته و تمسك الشعب بالوحدة الوطنية والإلتفاف حوله.
أما الهدف الأساسي الهام هو السماح للناحية الثالثة بنقل تحركاتها العسكرية من المنطقة والتوجه بها إلى حدود العرق الغربي الكبير أقصى الجنوب، والسماح لمجاهدينا بالتحرك بكل أريحية بناحية متليلي والخروج مها للتمكن من تلقين العدو ضربات موجعة، وذلك بعد ضرب الثورة في معركة الحوار و الإنتقام بإغلاق منافذ متليلي بالأسلحة الثقيلة و حصارها بالأسلاك الشائكة و إعتقال أغلب الشباب في معسكرات و محتشدات البطحاء و الحديقة إلخ.......
معركة خالدة اسالت الكثير من الحبر والروايات و فكت الحصار على المنطقة ومكنت أبناء المنطقة من التحرك و تعدي حدود الشبكة الى غاية العرق الغربي و خير دليل المعارك التي خاضوها بعد معركة الجرجير كما سميت ب"أم المعارك" لانها شجعت الكثير على التحرك و خوص زمام الأمور و التوسع و التوغل في صحرائنا الشاسعة، على سبيل الذكر لا الحصر معركة حاسي قرقور بالعرق الغربي يوم 7 سبتمبر ومعركة مدغة مولاي، والتي شارك فيها 14 مجاهدا ممن يتبعون تنظيم الولاية الخامسة واندلاع معركة أخرى بحاسي بن حيمودة يوم 11 أكتوبر 1961. إلخ...
خلاصة المقال لا القول ان معركة الجرجير لا تنتهي فصولها واطوار احداث ملحمتها بل تبقى في الذاكرة مخزونة ينهل من نبعها من حين لأخر والتي تغنّى لها الشعراء والقوالين والتي نختار لكم من بينهم قصيدة للدكتور أستاذ النقد العربي القديم رئيس فرقة النقد والتراث بالجنوب الجزائري في مخبر التراث الثقافي واللغوي والأدبي بالجنوب الجزائري جامعة غرداية بعنوان:
تباشير في جرجير
ماذا تقول لسائلٍ (جرجيرُ) --- القولُ جَمٌّ والمقام خطيرُ ؟
والأرض حَرّى والشهادة مَنهل --- يُسقى به القوم الظِّماء غزيرُ
والقفْر من حول العدو جهنمٌ --- فيها عليه تغيّظٌ وزفير
من دونه للضاربين بننَه --- عد الشهادة جنةٌ وحرير
للطائرات القاذفات أزيزُها --- ومن القذائف والرصاص هدير
لا يستسرّ صداه إلا ريثما---- يعلو عليه ويغلِب التكبير:
الله أكبرُ يا فرنسا فاخسئي --- كوني وقدْرك في الكبار صغير
ما الحرب عندهمُ سوى بذريعةٍ --- أن يستفز ذوي الحفاظ سفيرُ
هي في اختبار الله صبرَ عباده --- (بدْرٌ) وفي لُجج القتال (هَريرُ)
ورسالةُ الصحراء أنّ أديمها --- كالتلّ يعصف بالعِدى ويمور
وبأن مؤتمِرا يَرُوغ لفصلتها ---- لا شكَّ غُمْر سياسةٍ مغرور
إن الشهادة قسمة وكرامة --- ولها رجال قُدّروا واختيروا
قومٌ شعانبة لهمْ في مَحْتِد --- كرَمٌ وفي بأس لهمْ تصدير
ويمدهم من لا يضِنّ بنفسه --- جارٌ لهمْ ومصاهر ونصير
ما انفك من حبل الأُخوّة حبلهمْ --- حبلٌ من الله القدير مرير
ماتوا كراما لم يُقيَّد منهمُ إلا --- على دامي الجراح أسيرُ
جرجيرُ قالت للزمان وأهله --- قولا تطامن عن علاه الزور
"يا أيها المُنبتّ في غفَلاته --- والمستجِّمُ فؤادُه المسحورُ
لا يسمع المحتل في سكراته ---- ما قاله شيخ ولا دكتور
فليدرِ من يبغيِ الحياة كريمةً --- أن الملاحمَ لا الكلامَ مصيرُ
هذا غيض من فيض و يبقى الحبر سيال و البحث متواصل و التنقيب جاري لإزاحة الغبار على مناقب ثوارنا الأبطال و مجاهدينا الاشاوس و شهدائنا الابرار رحمهم الله ليحكي للأجيال امجاد بطولاتهم التاريخية و تضحياتهم الجسام رحمة الله على من مات و حفظ من بقي منهم حي يرزق.
عاشت الجزائر حرة أبية المجد و الخلود لشهدائنا الأبرار
كانت هاته لمحة عن المعركة لإحياء الذكرى إعلاميا وللتعريف بالمعركة لجيلنا وتدوينها وحفظها.
(*) الأستاذ الحاج نورالدين بامون أمين ولائي للدراسات و الأبحاث التلريخية بأمانة ولاية غرداية وعضو المجلس الوطني للمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين سابقا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.