تطوير التعاون في مجال الكهرباء محور مباحثات ببرازافيل بين السيد عرقاب و وزير الطاقة الكونغولي    وزير الفلاحة يشرف من بومرداس على إطلاق النظام الجديد لدمج الحليب الطازج منزوع الدسم    حوادث الطرقات: وفاة 38 شخصا وإصابة 1623 آخرين خلال أسبوع    فلسطين/اليوم العالمي للتنوع البيولوجي: حرب صهيونية على البيئة الطبيعية في غزة    عون يشرف على تنصيب التركيبة الجديدة للجنة الخبراء العياديين    الإتحاد الإفريقي: الجزائر قادرة على تعزيز المبادلات البينية الافريقية من خلال قطاع الفلاحة    قواوي : خطر التطهير العرقي يهدد 1.5 مليون فلسطيني في رفح    المركز الدولي للمؤتمرات: رئيس الجمهورية يشرف على لقاء مع رؤساء الأحزاب السياسية الممثلة في المجالس المنتخبة    رئيس الجمهورية: الارتكاز على الكفاءات الشبانية لتجسيد جزائر منتصرة علميا و اقتصاديا بنفس جديد    إيران: بدء مراسم تشييع جثامين إبراهيم رئيسي ومرافقيه    وصول أول فوج من الحجاج الجزائريين إلى البقاع المقدسة    وحدات الجيش الصحراوي تستهدف جنود الاحتلال المغربي بقطاع حوزة    بباتنة…15 ضحية في حادث مرور خطير    فلاحة: السيد شرفة يبحث مع نظيره الموريتاني سبل تعزيز التعاون الثنائي    مجلس الأمن.. دقيقة صمت ترحما على الرئيس الإيراني ومرافقيه    فقدنا قائدا وأخا وشريكا جمعتنا به خدمة أواصر الأخوة والتعاون ونصرة القضايا العادلة    الرئيس - الطلبة.. رسالة قويّة    عنابة- قالمة- عنابة..مرحلة حاسمة لتحديد صاحب القميص الأصفر    الجزائر.. إمكانات هائلة لضمان توفير المياه لجميع المواطنين    اسكندر جميل عثماني في سباق 100م (ت13) باليابان    حجز 25 ألف قرصا مهلوسا وتوقيف مسبوقا قضائيا    نحو إصدار مؤلف جديد يجمع موروث سكان "الوريدة"    وزارة الاتصال: 2 يونيو آخر أجل لإيداع ملفات التكيف مع قانوني الإعلام والصحافة المكتوبة والالكترونية    الرقمنة في صميم التغيير وليست رفاهية    مانشستر سيتي يتوّج باللّقب للموسم الرابع على التوالي    18 شهرا للشروع في تسويق منتجات "فينكس بيوتيك"    الجنائية الدولية تطلب إصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير دفاعه    التشخيص المبكر أنجع وقاية من الأمراض النادرة    عدة دول أوروبية تمضي قدما نحو الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة    المطالبة بتحيين القوانين لتنظيم مهنة الكاتب العمومي    برنامج الأغذية العالمي يؤكد الحاجة إلى دخول "آمن ومستدام" للمساعدات إلى غزة    صقور الجزائر.. إبهار واحترافية    الاستثمار في التكوين لتطوير أداء ممارسي الصحة    كونوا أحسن سفراء للجزائر الكبيرة بتاريخها ومواقفها    تقطير الزهور بمتيجة.. حرفة تقليدية واكبت احتياجات الأسر والمصنّعين    تأكيد على أهمية العلاج الوقائي من الحساسية الموسمية    إشادة بجهود الجزائر من أجل نصرة القضية الفلسطينية    استخدام الأوزون في القضاء على الفيروسات وإنتاج الزيتون    دعوة إلى حماية التراث الفلسطيني    باتنة بحاجة إلى متحف وطني للآثار    اقتراح التسجيل في قائمة الجرد الإضافيّ    "الحمرواة" في معركة تعزيز آمال البقاء    صراع بين بن زية وإدارة كاراباخ    براهيمي يتنافس على جائزة أفضل لاعب في قطر    براهيمي مرشّح لجائزة الأفضل    بلورة حلول سياسية للأزمات التي تهدّد استقرار المنطقة    ترقية التعاون بين "سوناطراك" و"زاروبيج نفط" الروسية    الوقوف على جاهزية الجوية الجزائرية لنقل الحجاج    تعرّضت لحملة حقد وكراهية لا تطاق بفرنسا    عطّاف: إفريقيا تمرّ بمنعطف حاسم    جهود لتثمين الموقع الأثري لرجل تيغنيف القديم    جامعة الجزائر 1 تنظم احتفالية    الطالب.. بين تضحيات الماضي ورهانات المستقبل    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في رواية «أورورا الحب نجاح حرب»

ليست هذه هي المرة الأولى التي أقرأ فيها للأستاذة سهام بن لمدق، فقد صدر لها بمعرض القاهرة الدولي للكتاب منذ عامين مجموعة قصصية بعنوان « شيزوفرنيا» وسعدت جدا بقراءتها، حيث تأخذك المجموعة في جو نفسي لقصص قصيرة كما يتضحّ من العنوان وتحليل نفسي رائع للشخصيات وتدخل إلى أعماق النفس البشرية ببراعة.
وهى هنا تفعل ذلك فى رواية «أورورا» وكما يبدو من العنوان تضع المتلقي منذ البداية للتساؤل فماذا تقصد الكاتبة من العنوان الذي أتى غير معرف واختارت اسما كما يبدو من قراءته أنه ينتمي لأسماء الأساطير القديمة والميثولوجيا الإغريقية؟
وفى البحث عن» أورورا» تخبرنا الموسوعة الغوغلية عن ماهية « أورورا « فتقول:
أورورا في اللغة الإنجليزية (Aurora) هي التشخيص الروماني للفجر.
وهي المقابلة الرومانية للربة «إيوس» تظهر أورورا على شكل إمرة جميلة تطير عبر السماء معلنة وصول الشمس.
ولأورورا أخ هو «سول» (شمس) وأخت هي «لونا» (قمر) ولها عددا من الأزواج والأبناء.
أربعة أبناء هم الرياح الأربع (الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية).
كلمة «أورورا» تعني في اللاتينية الشفق أو الفجر. فعندما يتوهّج نور الشفق قرب الأفق، يخيل للرائي أن الشمس تستعد للبزوغ. وقد استخدمت هذه اللفظة (أورورا) لأول مرة عام 1621، للدلالة على الأضواء الشمالية.
وتقول رواية من الروايات، إن دموع أورورا هي التي تسبب الندى حالما حيث تطير في السماء باكية أحد أبنائها الذي كان قد قتل ولا شك أن أورورا لم تكن نافذة الذكاء عندما طلبت من.
«زيوس» الذي هو كبير الآلهة أن يوافق على أن يكون واحدا من أزواجها من الخالدين، لأنها نسيت أن تطلب منه أن يدع له الشباب الدائم ونتيجة لذلك، صار زوجها طاعناً جداً في السن يزحف زحفاً وأصيب بالخرف ولم تكن أورورا مشهورة على نطاق واسع..
أورورا إذا هي «إلهة الفجر» أحبت بشرياً شاباً اسمه «تيتونس» وقد عرض زيوس كبير الآلهة على أورورا أن تطلب ما تشاء لحبيبها الشاب، فطلبت أورورا أن يعطيه كبير الآلهة امتياز الحياة إلى الأبد، لكنها نسيت أن تطلب له الشباب الدائم فأصبح تيتونس، يكبر ويكبر في العمر ولم يدركه الموت، فصارت حياته لعنة بدلاً من أن تكون بركة وسعادة كما قصدت أورورا.
هذا هو معنى «أورورا» فى الميثولوجيا ودلالته من خلال العنوان الذي اختارته أستاذة سهام لروايتها..
والمثل الذي يقول، إن الجواب يظهر من خلال عنوانه فإنه قد لا ينطبق في عالم الرواية والقصة إذ لا يستطيع أن يحكم المتلقي أو القارئ على مطابقة العنوان مع السرد والتفاصيل إلا مع آخر كلمة في القصة أو الرواية وقد يتبين أحيانا أثناء السرد ولكن الحكم الكامل لابد أن يطلق مع أخر كلمة كتبها المؤلف.
البني المعرفية وبنية الرواية وأبطالها:
تأخذنا الأستاذة سهام في تمهيد خفيف مشوق وتلفت نظر المتلقي من بداية السطور الأولى أنه أمام رواية أخذت أحداثها من الواقع.. إذا فالأحداث حقيقية! ثم تدلف بنا إلى البداية السينائية والمشهدية من خلال بطلة النص راضية وابن عمها عبد الحميد، فيظهر في المشهد الحكيمة أو الطبيبة راضية وهي تجلس جوار عبده كما تنادي عبد الحميد وتخاطبه وهو في غيبوبة إثر تعرضه لحادث سير وهو يقود دراجته البخارية التي اشترتها له أمه من فرنسا..
ويظهر في الصورة شخصية الطبيبة «سهام» وهو اسم الكاتبة وتشارك بدور الراوي العليم المشارك في الأحداث فيؤثر ويتأثر بالأحداث وكان ذلك من مفاجآت النص في الرواية حتى أننا نكتشف في النهاية أنها أضفت طابع التشويق بهذا التداخل منها صراحة كراوية ومشاركة باسمها في الأحداث فذلك جعل القارئ في حالة تصديق للأحداث وتطلع دائم إلى مصير أبطال الرواية.
السرد واللغة:
يأتي السرد سلسا بسيطا في لغة بسيطة ربما تكون خالية من البلاغة والجماليات نظرا لما مهّدت له الكاتبة في البداية وقالت بواقعيتها فيتقبل القاري ذلك. وتمضى الأحداث فإذا شئنا أن ننظر للرواية بعد قراءتها كاملة فإننا نجد أنفسنا أمام فصلين أو قسمين أو جزأين أو شقين:
الجزء الأول: تأخذنا الكاتبة بداية من التمهيد ورسم الشخصيات والتعرف عليها وعلاقتهم بعضهم البعض فنجد أسرتين مترابطتين.
الأسرة الأولى: أسرة عبد الحميد ووالده عبد السلام الذي يعمل بوزارة الداخلية موظفا ثم أمه السيدة الطيبة زبيدة وله أخ تم ذكره لكن لم يكن مؤثرا في الأحداث.
أسرة راضية:
فنرى والدها المحامي أ.أحمد وأمها زينب والتي تزوجت بأحمد عن قصة حب فكانت الدكتورة راضية أو الحكيمة كما يطلق عليها ثمرة هذا الزواج..
ثم يأتي دور الجد وهو أب لكل من عبد السلام وأحمد وهو الذي يتأثر ويؤثر في عبد الحميد وراضية منذ الطفولة وتحفيظهم القرآن..
ولكن من خلال السرد نشعر أنه رمزا للأصالة والوطنية والكفاح الجزائري أمام الاحتلال الفرنسي والذي أشارت له الكاتبة قليلا وليتها أعطت دورا أكبر وأحداثا أكثر لإظهار دور المستعمر.
يمشى السرد سلسا تقريبا حتى منتصف الرواية فيتضح قصة الحب التي ربطت بين عبد الحميد وراضية منذ الطفولة والعلاقات المتشابكة بين أفراد العائلة وعلاقة الراوي العليم في شخصية سهام براضية كزميلة وطبيبة بالمشفى ولكنها كاتبة وبحس الكاتبة وجدت أن هناك قصة وحكاية كبيرة وراء عبد الحميد وراضية التي بدأت في الطفولة والصبا والشباب بالرغم من اختلاف توجّه راضية العلمي وطموحها الدراسي فدرست الطب بينما عبد الحميد اختار السياحة وتفوق فيها.. لكن للقدر دائما حكمة وكان فراق بين الحبيبين!
ويتوقّف بنا هذا الجزء عند بداية السر وراء الحادث الذي جاء بعبد الحميد إلى المشفى وقد فقد الذاكرة وكذلك سرّ الفراق الذي حدث بين الحبيبين؟
من هي أورورا فى الرواية؟
مع بداية الجزء الثاني نجد أن الرواية تخلت عن الطابع الرومانسي وأدخلتنا الكاتبة فى جو من التشويق والإثارة والجو البوليسي للسرد والأحداث، وشتان بين طابعين أراهما متناقضين ومتوازيين ولكن جاء في صالح الرواية بنسبة إلى حد ما جيدة!
حيث يظهر صديق الطفولة لعبد الحميد وراضية واسمه جميل وهو مريض بالغيرة والحقد على أصحابه خاصة عبد الحميد.. وكان سببا في فراق الحبيبين ولن أتعرض إلى تفاصيل حتى يشتاق القارئ للرواية وتفاصيلها!
ثم تظهر «أورورا»؟ إنها «سيلين».. تلك الفتاة اللعوب من أب جزائري وأمها فرنسية، مثلها مثل جميل الذي ينحدر من أب جزائري وأم فرنسية، ولذلك نرى أن عبد الحميد وهو في الغيبوبة كان ينادى على سيلين وجميل وينعتهما بالخيانة؟ وكأن الكاتبة أرادت أن تلفت النظر للخيانة للوطن من خلال هؤلاء الذين هجنوا وليسوا من أصل جزائري صاف. فجميل كان سببا في فراق الحبيبين وكان سببا في حادث عبد الحميد وصدم دراجته البخارية ليقتله عندما رأى عبد الحميد سيلين أو أورورا في سيارته بعد أن أصبحت سيلين وهى دكتورة في الآداب الاجتماعية خطيبته فطاردهما حتى صدمه جميل بسيارته الجيب..
لكن جميل قتلته الحادثة ونقل عبد الحميد للمشفى واحتارت أورورا بجنينها غير الشرعي من جميل؟ فيظهر في الصورة المحقق «صابر» الذي يقف على حقيقة الحادث بعد أن اتهم والد جميل عبد الحميد بقتل جميل، لكن المحقق ومساعده والشرطة يقفون على حقيقة مقتل جميل وبراءة عبد الحميد، وتتواصل أحداثا أخرى موازية لتلك الأحداث حتى نصل للنهاية، يموت الجنين في بطن أورورا وتكون نهايتها مأساوية ! يعيد الجد الذاكرة لعبد الحميد في إشارة إلى عودة الأصالة وروح الوطنية التي تمثلت في الجد الذي يجمع بين أحفاده ويحذّر عبد الحميد من الغيرة المرضية التي كانت أحد أسباب الفراق بينه وبين ابنة عمه وحبيبته راضية.. وتختم الرواية بقصيدة من شعر له تقول:
واني قد أقص من الشغاف
على درب الحبيب بغير باع
ذرفت من الدموع تراب هم
وضاع مع الشموع سنا الأوجاع
تبعت طريق منجاة لعلي
أثور بوهج قاص باغ
فقالوا نور حب الله احمد
محمد سيد الأنوار داع
فقد كان فرح راضية وعبد الحميد متوافقا مع مناسبة المولد النبوي؟ وتلك إشارة من الكاتبة لها دلالة دينية لتمسك المجتمع بعاداته وتقاليده وأصالته.
تلك كانت حكاية أورورا التي كتبتها الراوية العليمة والطبيبة زميلة راضية بناء على رغبة عبد الحميد وراضية فى نهاية الأحداث. ولاشك أنى حاولت أن لا أتعرض لكل التفاصيل فهناك أحداثا تخص الأب عبدالسلام وأحداثا يظهر فيها العم أحمد كمحام وهناك ظهور لشخصيات أخرى لعبت دورا فى المؤامرة مع جميل ومع أورورا ضد عبد الحميد وراضية!
الجانب الفني للرواية:
كما جاء من خلال ما تقدّم في هيكل النص الذي انقسم لشقين أحدهما رومانسي والآخر يميل إلى البوليسية والبحث عن الحقيقة، فتكون بدايته ذروة وعقدة النص ونهايته انفراجه ونهاية الرواية بالكشف عن الحقيقة.
وقد نجحت الكاتبة بالفعل بالربط بينهما وكانت موفقة في ذلك.
اعتمدت الكاتبة بشكل كبير بدورها كراو عليم للنص على التكنيك السيمائي في ذكر الأحداث عن طريق خاصية الفلاش باك والربط بين الأحدث فكانت موفقة في الانتقالات بين الماضي والحاضر من خلال جمل قصيرة ليس فيها تكلف ولا تصنع فجاءت مباشرة وواضحة لا غموض فيها.
نأتي الآن كما قلنا في مقدمة القراءة ونتكلم عن العنوان الذي تظهر دلالته مع آخر كلمة في العمل الأدبي: كان العنوان كما تقدم « أورورا الحب نجاح حرب « وذكرنا معنى الكلمة في الميثولوجيا.. وفي الرواية نجد أن بطلة النص المحورية هي
«راضية». ونجد أن «أورورا» هي سيلين الخائنة لعبد الحميد وهى ليست البطلة الرئيسية للنص. ولكنها أحد أبطاله المؤثرة في سير الأحدث وتصاعدها الدرامي حتى أن الكاتبة حاولت التعاطف معها في آخر الرواية ولكن لم يشفع لها ما فعلته بما يتنافى مع أخلاق وقيم المجتمع..
ومن هنا أضع للقارئ تلك المقارنة بين أورورا فى الميثولوجيا وأورورا في الرواية.. وأورورا التى هي سيلين وليست البطلة المحورية للعمل ولكن أخذت الرواية اسمها بالرغم من دورها الصعب المركب نفسيا مثل دور جميل المركب بلغة السينما وخيانتها فى ذات الوقت لعبد الحميد، فهل كان العنوان والاختيار موفقان ونجح الحب وانتصر أمام الحرب والخيانة؟.
في النهاية لا يسعني إلا أن أهنئ الأستاذة الروائية سهام بن لمدق على هذا العمل والجهد المبذول الذي قامت به ووصل لنا في صورة عمل روائي وإبداعي رائع.
تمنياتي الطيبة ودعواتي أستاذة سهام بدوام التوفيق والإبداع والنجاح فى رحلة الأدب وعالمه الكبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.