تؤكد القراءات القانونية، أن القرار السيادي الذي اتخذته الجزائر بتعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي تربطها بإسبانيا، لا علاقة له بطرف آخر غير مدريد، باعتبار أنهما بلدان يملكان السيادة الكاملة ولا يخضعان لسيطرة أي قوى أخرى. فيما تبرز تلك التفسيرات أن ما قمت به الجزائر، يصنف في خانة «خلاف ثنائي»، يشمل دولة تنتمي إلى الإتحاد الأوروبي وتكمل كامل سيادتها، وهو أمر لا يخل بالاتفاقات المبرمة مع الإتحاد الأوروبي. قال أستاذ في القانون الدستوري بوجمعة صويلح، إنّ تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون، التي أبرمتها الجزائر مع إسبانيا عام 2002، بعد انقلاب مفاجئ لمدريد في موقفها بشأن الصحراء الغربية وإدارة ظهرها للشرعية الدولية، هو «توقف مؤقت لسريان مفعول وآثار هذه المعاهدة بين الطرفين لفترة محددة، إلى غاية التوجه إلى تسوية مواضيع محلّ الخلاف». وكانت إسبانيا في 18 مارس الماضي، انقلبت على الشرعية الدولية بشكل مفاجئ، من خلال تغيير موقفها من قضية الصحراء الغربية، لتدعم علنًا الاحتلال المغربي للأراضي الصحراوية، وتقف ضد تقرير مصير الشعب الصحراوي . وشرح الخبير الدستوري، في اتصال مع جريدة «الشعب»، «قانونيا تعليق اتفاقية الصداقة وحسن الجوار مع اسبانيا، وقال إن هذه التسوية واستئناف سريان مفعول المعاهدة قد يكون بناء على طلب أحد الطرفين، ما يعني أنه يمكن لإسبانيا أو الجزائر طلب فتح حوار، طالما أن الأمر لا يتعلق بفسخ وإلغاء المعاهدة، بل بتعليق أو توقيف مؤقت قد يُستأنف بالعودة لمجالها الطبيعي في أي لحظة كانت». وفيما يخص تداعيات تعليق المعاهدة بين الجزائر وإسبانيا على الشراكة مع الإتحاد الأوربي الذي يتخذ من بروكسل مقرا له، أوضح الخبير الدستوري، أن الأمر يتعلق بدولتين تتمتعان بالسيادة ولا يخصّ أي طرف آخر، مهما كانت الروابط التي تجمع أحدهما مع طرف آخر، مبرزا أن قرار الجزائر سيادي، كما أن ما حدث يخص الشأن الداخلي الإسباني، ولا دخل لطرف ثالث أي الإتحاد الأوربي في مواضيع مطروحة للنقاش والحوار. وحول سؤال مرتبط بالمخاوف التي أثارته أطراف دولية حول علاقة الإتحاد الأوروبي مع الجزائر، خاصة بعد تصريحات «متسرّعة» من قبله وفق ما وصفتها الخارجية الجزائرية، أكد الخبير الدستوري أن هذا القرار لا يؤثر على العلاقات مع الإتحاد الأوربي، إذا تم النظر للمسألة من زاوية العلاقات الثنائية بين دولتين سياديتين هما الجزائر وإسبانيا، بعيدا عن علاقات تجمع عدة أطراف، ما يعني أنه لا علاقة للشراكة مع الإتحاد الأوربي بهذه القضية، يضيف صويلح. وعاد المتحدث ليؤكد بأن موضوع الشراكة مع الإتحاد الأوروبي شأن آخر يتعلق بعلاقة الجزائر مع تكتل يضم 27 دولة في إطار التعاون المشترك، مبرزا أن إلغاء معاهدة الصداقة لا علاقة له بالتعاون الطاقوي بين البلدين، والذي تم تجميده نتيجة خلاف أفرزته محاولات إسبانيا بيع الغاز المورد إليها من الجزائر إلى دولة أخرى - المغرب - ما جعل الجزائر تتجه لتحويل هذا الغاز إلى إيطاليا، وفقا له.