بناء تصور مشترك للحلول لمواجهة ظاهرة التغيرات المناخية تواصل الجزائر نضالها الدولي من أجل تحقيق عدالة مناخية، وبناء حلول مشتركة تجابه التغيرات المناخية، وتزيد قدرة الدول خاصة النامية، على الصمود في مواجهة هذه الظواهر المتطرفة بالاعتماد على الإمكانات المحلية والدعم الدولي التقني والمالي، والمطالبة بتحديد سبل تنفيذه من قبل الدول الكبرى أو بلدان الشمال المتسبّبة في تدهور المناخ. شدّد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في قمة مجموعة 77 + الصين، على ضرورة بناء تصوّر مشترك للحلول والوسائل التي من شأنها تمكين البلدان النامية من مواجهة ظاهرة التغيرات المناخية التي أصبحت آثارها مدمرة على بعض الدول. واقترح الرّئيس تبون في هذا الصدد، تعبئة الموارد اللازمة لضمان انتقال طاقوي سلس، وزيادة قدرة الصمود في مواجهة التغيرات المناخية، مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات التنمية المستدامة والمسؤولية التاريخية للاقتصاديات المتقدمة في تدهور المناخ، من خلال حملها على تنفيذ الالتزامات لاسيما تلك المتعلقة بالتكيف، والخسائر والأضرار، معتبرا هذا الأمر شرطا أساسيا لتحقيق الانتقال الطاقوي المنشود على نحو عادل، وتكريس العدالة المناخية. وتحتاج الدول النامية اليوم، إلى مساعدة فعلية ودعم دولي للتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، من ارتفاع قياسي لدرجات الحرارة، تصحر، ندرة المياه، الفيضانات والزلازل، الحرائق، تداخل الفصول، بما هو الظاهرة التي تفاقمت في السنوات الأخيرة خاصة في البلدان العربية والإفريقية، وأصبحت تعاني أكثر من غيرها من آثار التغيرات المناخية. ومن بين أسباب تغيّرات المناخ القائمة، ارتفاع انبعاثات الكربون التي تأتي معظمها من الأنشطة الصناعية للدول الكبرى، حيث تنتج البلدان العشرة المصنّعة أكبر قدر من الانبعاثات بنسبة 68 بالمائة، وهو ما يفرض عليها تحمّل المسؤولية في تخفيف هذه الانبعاثات، والوفاء بالتزاماتها بدفع 100 مليار دولار سنويا للدول النامية لمساعدتها على التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، لاسيما أزمة الأمن الغذائي المستمرة. ولأنّ الجزائر تولي أهمية قصوى للتّصدّي بشكل جدي للآثار السلبية لتغيير المناخ ومواجهة الكوارث، فقد بادرت بمقترح لإنشاء قوة مدنية قارية، مثلما ذكر الرئيس تبون بمجموعة 77 +الصين، للتّصدي للكوارث الطبيعية وضمان تكفل فعلي وآني وتقديم الدعم الضروري للبلدان الإفريقية المتضررة من هذه الكوارث. وتمّت المصادقة على هذا المقترح الذي بادر به رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، من قبل بمجلس الأمن والسلم للاتحاد الإفريقي في أكتوبر 2021، ثم بعد ذلك في مؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي في مالابو بغينيا الاستوائية في ماي 2022، وبهذه الآلية ستكون القارة الإفريقية قادرة على دعم الحلول الإفريقية لمشاكل القارة، وتخفيف أزماتها الناجمة عن التغيرات المناخية. وتؤكّد الجزائر بهذا المقترح مضيّها قدما نحو تعزيز التعاون العربي-الإفريقي والدولي المتعدد الأطراف بإنشاء آليات عملية دائمة ومؤطّرة، والعمل بالتنسيق الدائم مع هيئة الأممالمتحدة للحد من الكوارث ضمن إطار شامل ومتناسق مع الآليات الأخرى، من أجل تحقيق التنمية المستدامة ومجابهة تغير المناخ مع تحديد وسائل التنفيذ بصفة واضحة وشفافة، كما يعكس التزامها الثابت بكل القرارات الأممية وتنفيذها تماشيا مع محتوى أطر العمل العالمية ذات الصلة، وهذا ما يجعل دورها بارزا وفعّالا على المستويات الإقليمية والجهوية والدولية، من خلال تقديم المساعدات إلى البلدان المتضررة بعد الكوارث، وذلك بفضل التعليمات والسياسة الرشيدة لرئيس الجمهورية. من جهة أخرى، أشار رئيس الجمهورية إلى أنّ الجزائر ستستضيف القمة السابعة لرؤساء دول وحكومات البلدان المصدرة للغاز في الثاني من شهر مارس 2024، وكلها عزم للعمل على جعل هذا اللقاء محطّة فارقة في حياة المنتدى تعزّز الحقوق السيادية للدول على مواردها، وتدعم دور الغاز الطبيعي في مزيج الطاقة الحالي والمستقبلي، وتجدّد التزام الدول الأعضاء بتحسين الفعالية والأداءات البيئية لصناعة الغاز الطبيعي، بما يسمح بتحقيق تحوّل عادل وشامل وواقعي نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات. وتعمل الجزائر على مجموعة من المحاور الرئيسية لتصوّرها في التصدي للتّغيّرات المناخية، من بينها تنويع مصادر الطاقة وتطوير الطّاقات المتجدّدة والكفاءة الطاقية والتقنيات النظيفة، والاقتصاد الدائري والانتقال الطّاقوي، بهدف تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وخفض الانبعاثات الغازية والمساهمة في جهود الحد من الاحتباس الحراري، والتخفيف من آثار تغير المناخ وفقا للالتزامات الدولية المختلفة.