أكد الخبير الطاقوي توفيق حسني، أمس، أن الجزائر لها من الإمكانيات ما يؤهلها لربح المرحلة الانتقالية المقبلة في اقتصادها بسبب استمرار تدني أسعار البترول، والتي لن تنجح فيها إلا بتغيير الاستراتيجية الحالية لاسيما المتعلقة بالاقتصاد وتعاملاتها النفطية، بحيث يجب أن تربط بالتغيرات الدولية وتداعياتها على الصعيد الداخلي وعلاقاتها مع عملائها وشركائها، والعمل بجد للمحافظة على حصتها في السوق النفطية العالمية. أوضح حسني ضيف “الشعب” عشية الاحتفالات بالذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، أن الجزائر مقبلة على سيناريوهات لا تخدمها، ما يفرض عليها اتخاذ احتياطاتها وقد قامت بذلك بالفعل وأدت دورها مع شركائها وقدمت اقتراحاتها بشأن هذه الأزمة، ومن ثم يبقى عليها ترتيب بيتها الداخلي من خلال اعتماد خيارات مدروسة من خلال إعطاء الأولوية للقطاعات التي من شأنها أن تساهم أكثر في نمو اقتصادها. في هذا الإطار، شدد الخبير الطاقوي على ترك الحلول السهلة وضرورة ايلاء الأولوية للاقتصاد الأخضر باستغلال الفلاحة التي يجب عليها لوحدها أن تساهم في نمو الاقتصاد بنسبة 20 بالمائة لضمان الأمن الغذائي الوطني، مشيرا إلى أهمية رفع القدرات الوطنية في إنتاج الحبوب باعتبارها مواد واسعة الاستهلاك. وإلى جانب ذلك، تطرق حسني إلى الخيارات الأخرى المتاحة للجزائر بقوة لتجاوز تداعيات أزمة تدني أسعار النفط الحالية، بداية بوقف التبذير وعقلنة الاستغلال في كل شيء بما فيها المحروقات بحيث يجب ضمان احتياطي ل50 سنة مقبلة للأجيال الصاعدة، وكذلك الأمر بالنسبة للمياه العذبة، مشيرا إلى ضرورة استغلال المياه المالحة لاسيما في الجنوب في الصرف الصحي والمسابح... وغيرها من الطرق التي بإمكانها أن تحافظ على احتياطها من المياه. وعلى اعتبار أن بلادنا رهينة مقاربة اقتصادية عالمية مفروضة، حث ضيف “الشعب” على أهمية إعادة الاعتبار لدور الغاز المحترق في المرحلة الانتقالية المقبلة لتخفيض التكاليف، واستعماله إلى جانب الطاقات المتجددة التي يجب أن تستغل بنسبة 70 بالمئة على اعتبار أن الجزائر تمتلك أكبر احتياطي من الطاقة الشمسية وبإمكانها أن تمول أوروبا بأكملها بحكم القرب الجغرافي منها. وفي المقابل أشار الخبير الطاقوي إلى الثروات المعدنية التي تتوفر عليها الجزائر على غرار مادة الليثيوم التي تدخل في استخدامات عديدة لا سيما في البطاريات الكهربائية، الإلكترونيات، شحوم التزليق، التعدين والتطبيقات الصناعية والكيميائية المختلفة، ما يستدعي حسبه إلى تطوير استغلاله بما يخدم اقتصادها وتنويع صادراتها. وفي سياق آخر، حث حسني إعطاء فرص حقيقية للشباب وتكوينهم وتأهيلهم باعتبار أن المورد البشري المؤهل هو القوة والقاطرة الحقيقة لأي تنمية اقتصادية مستدامة، والتشمير على السواعد أمر ضروري للمرحلة المقبلة، وبالتالي يتعين مخاطبة هذه الفئة بالحقائق وما يفرضه الواقع الاقتصادي الحالي من تحديات ليتم وضعهم في المسار الصحيح الذي من شأنه تحقيق النجاعة الاقتصادية والتخلي عن فكرة الاعتماد على تمويل الدولة في كل شيء، والتوجه نحو القطاعات المنتجة والخلاقة للثروة بعيدا عن الريع البترولي.