تحقيق الانسجام بين التشريعات المتعلقة بالأمن البحري أمر حتمي دعا الوزير الأول عبد المالك سلال، أمس، بلومي (الطوغو)، البلدان الأفريقية إلى “البحث عن الانسجام المطلوب” لاستغلال الثروات البحرية بشكل أفضل و«حماية” أنفسها من الآفات التي تمنعها من التطور. في كلمة ألقاها بمناسبة انعقاد قمة الإتحاد الإفريقي حول “الأمن البحري والتنمية في إفريقيا”، صرح سلال، الذي يمثل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في هذا اللقاء، “ينبغي على البلدان الإفريقية أن تبحث عن الانسجام المطلوب لاستغلال الثروات البحرية بشكل أفضل وحماية أنفسها من الآفات التي تمنع الاستغلال الأقصى لهذه الثروات في تنمية بلداننا”. وقال سلال، إن “المقاربة التي ينبغي أن توجه مسعانا في هذا المجال، يجب أن تهدف إلى تأمين أنظمة النقل ومكافحة الأعمال الإجرامية وغير القانونية وتحسين التسيير المدمج للمناطق الساحلية وحماية حق الاستفادة من البحر وحرية العبور بالنسبة للدول الجزرية في إفريقيا وتحقيق الانسجام بين التشريعات المتعلقة بالأمن البحري”. وذكر الوزير الأول بأن “الاستراتيجية البحرية الإفريقية المدمجة 2050 التي تمت المصادقة عليها سنة 2014 والتي تقوم على كون أكثر من 90% من المعاملات التجارية الإفريقية مع العالم تتم عبر البحر، تهدف إلى جعل من هذا الفضاء ركيزة أساسية للتنمية المستدامة لكل بلدان القارة، بالنظر إلى إمكاناتها الكبيرة المكونة، كما قال، من شبكة هامة من المنشآت المرفئية والمسالك البحرية والاحتياطات الكبيرة من موارد الصيد البحري وتربية المائيات وحقول هامة من الموارد الطبيعية والطاقوية والفضاءات المزدهرة للصناعة، لاسيما الحقول البحرية ونشاطات عرض البحر والسياحة البحرية”. وتأسف الوزير الأول لكون الجهود الرامية إلى تطوير الاقتصاد البحري والنشاطات المرتبطة به تعترضها ظواهر، على غرار الإرهاب والقرصنة التي اتخذت أبعادا خطرة. وأوضح، أن هذه الظواهر تشكل “عائقا” أمام ازدهار إفريقيا وتؤثر سلبا على الصورة التي تسعى إلى نشرها والمتمثلة في “قارة تتقدم بخطى ثابتة نحو العصرنة والتقدم”، مشيرا إلى أن “العلاقة بين الإرهاب والجريمة العابرة للحدود أضحت أكيدة”، فالأمر يتعلق بجماعات إجرامية لا دين لها ولا قانون، همّها الوحيد هو مضاعفة أرباحها ونفوذها من خلال زرع الرعب وفرض على شعوب كاملة العيش في البؤس أو الهجرة”. وأشار الوزير الأول إلى أن “المجال البحري أصبح عرضة أكثر فأكثر لهذه الأعمال الإجرامية، من خلال تضاعف أعمال القرصنة والتهريب بشتى أشكاله، على غرار المخدرات والأسلحة والمتاجرة بالبشر”، حاثا الدول الإفريقية على “التجند من أجل التصدي لهذه الآفة والقضاء عليها”. وأكد الوزير الأول أن “إفريقيا قدمت مساهمة نوعية في جهود المجتمع الدولي، سيما من خلال المركز الإفريقي للدراسات والبحث حول الإرهاب، الكائن مقره بالجزائر، والذي “يحتضن نشاطات تشاور وتعاون في إطار مكافحة الإرهاب”. وفيما يخص ظاهرة الهجرة، أشار سلال إلى أن الدول الإفريقية تعتبر أن هذه المسألة “بعيدة عن كل استغلال سياسي” وهي تتطلب “أساسا” التشاور والتعاون بين جميع البلدان المعنية الأصلية والمستقبلة، لاسيما في الشق المتعلق بالشبكات الإجرامية التي “تنظم رحلات الموت في المتوسط خاصة”. وأضاف الوزير الأول، أنه “يتم إيلاء أهمية خاصة للصيد البحري غير القانوني الذي تعاني منه بعض البلدان، وللتحديات البيئية المتمثلة في صبّ النفايات السامة والنفطية في البحار والمحيطات، مما يؤدي إلى تدهور البيئة البحرية”. الجزائر تدعو إلى تعزيز التعاون الإفريقي وصرح سلال، أن “الجزائر، التي تملك واجهة بحرية يبلغ طولها 1.622 كلم، تولي “أهمية بالغة” للمجال البحري”، مشيرا إلى أنها تعتزم “مضاعفة” تعداد أسطولها التجاري في حدود 2020. مع العلم أنها بصدد دراسة إمكانية إنجاز ميناء كبير للمسافنة سيضاف إلى موانئها التجارية 11 المعتمدة. وأضاف، أن الجزائر بصدد تطوير قدراتها على التدخل في مجال البحر ووضع نظام مدمج للرقابة والمراقبة وتسيير الأمن البحري والمرفئي وتبادل المعطيات المعلوماتية التي ستسمح، كما قال، بمتابعة دقيقة للتجارة في المسالك البحرية المتوسطية”. وبحسب سلال، فإن “الجزائر تبقى ملتزمة بتعزيز التعاون الإفريقي من أجل تسهيل تطبيق النشاطات المحددة والمنصوص عليها ضمن الاستراتيجية الإفريقية المدمجة 2050، وفي ميثاق الاتحاد الإفريقي الخاص بالأمن البحري والتنمية في إفريقيا”. واعتبر سلال، أن “هذه القمة تأتي في أوانها، بالنظر إلى التحديات العديدة التي تواجه إلتزامنا المشترك من أجل استغلال أفضل لمصادرنا البحرية التي تستحق أن تدرس باهتمام خاص وتؤخذ بعين الاعتبار من خلال أعمال جماعية وتشاورية”. ميثاق تاريخي حول السلامة البحرية تبنت أكثر من 40 دولة عضو بالاتحاد الإفريقي، أمس السبت، فى ختام القمة الاستثنائية بلومي، عاصمة طوغو، حول السلم والأمن البحري والتنمية، ميثاقا ملزما حول السلامة والأمن البحري في إفريقيا. قال الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نغيسو، في ختام أول قمة الاتحاد الإفريقي حول الأمن والسلامة البحرية والتنمية في أفريقيا، “نهنئ أنفسنا بالتوقيع على ميثاق الأمن والسلامة البحرية والتنمية في إفريقيا”. وأضاف، “أن هذا إجراء تاريخي في حياة قارتنا”، التي تواجه تصعيدا غير مسبوق في عمليات التهريب والقرصنة البحرية. من جهته هنأ الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، نظراءه الأفارقة على اتفاقهم بشأن تنسيق الجهود بين دول القارة من أجل محاربة القرصنة البحرية وتهريب المخدرات والأسلحة والاتجار بالبشر على السواحل الإفريقية التي تمر عبرها حوالي 90 من المئة من صادرات وواردات القارة. وكانت القمة التي انعقدت تحت عنوان: “نحمي محيطاتنا”، افتتحت في وقت سابق أمس، بخطاب للرئيس الطوغولي أفور غناسينغبي آياديما، عبّر فيه عن سعادته لاحتضان بلاده هذه القمة “التاريخية” التي تناقش هواجس الأمن وتحديات القرصنة البحرية ومشاغل التنمية، بما تتطلبه، كما قال، من “جهد إفريقي موحد وحازم”، باعتبار القرصنة البحرية إحدى المعضلات التي تواجه مفاهيم الأمن والاستقرار الذي يرتبط حتما بالتنمية ومقتضياتها. وتحدث الرئيس الطوغولي في كلمته، عن “إرادة إفريقية غير مسبوقة لمحاربة الإرهاب والقرصنة البحرية وتحقيق التنمية”، مشيرا إلى أن “الوقت قد حان لعمل إفريقي قوي مبني على إرادة مشتركة بين أبناء إفريقيا، ضمانا لمستقبلها وحفاظا على أمنها واستقرارها”. بدوره أكد الرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو، أن الميثاق الإفريقي لتأمين النقل البحري “هو ثمرة تفكير إفريقي ومقاربات وطنية وإقليمية، تعكس تصميما غير مسبوق من الأفارقة على مواجهة الأرهاب والتهريب والتجارة غير الشرعية والجريمة العابرة للحدود”. من جانبها اعتبرت رئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي الدكتورة دلاميني زوما، أن قمة لومي الإفريقية “تؤكد على أن إفريقيا فهمت معنى ارتباط الأمن ومكافحة القرصنة البحرية بإرساء قواعد التنمية المستدامة”. ...ويتحادث بالعاصمة الطوغولية مع الرئيس الصحراوي تحادث الوزير الأول عبد المالك سلال، أمس، بالعاصمة الطوغولية لومي، مع الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي. وقد جرت المحادثات على هامش القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي حول السلم والأمن البحري والتنمية، وهذا بحضور وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة.