مجلس الأمن يخفق في تمرير مشروع قرار متعلق بانضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة    عطاف يجري بنيويورك محادثات مع الأمين العام للأمم المتحدة    فلاحة: القطاع على أهبة الاستعداد لإطلاق عملية الإحصاء العام    محاكم تجارية متخصصة: اصدار توصيات لتحسين سير عمل هذه المحاكم    "مشروع تحويل المياه من سدود الطارف سيحقق الأمن المائي لولايتي تبسة و سوق أهراس"    الناخب الوطني فلاديمير بيتكوفيتش يحضر جانبا من تدريبات النادي الرياضي القسنطيني    عطاف يشدد على ضرورة منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين    إحالة 14 ملف متعلق بقضايا فساد للعدالة منذ أكتوبر الماضي    وزير الصحة يشرف على لقاء لتقييم المخطط الوطني للتكفل بمرضى انسداد عضلة القلب    كاس الجزائر أكابر (الدور نصف النهائي): مولودية الجزائر - شباب قسنطينة بدون حضور الجمهور    فلسطين: ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 33 ألفا و 970 شهيدا    زيتوني يشدد على ضرورة إستكمال التحول الرقمي للقطاع في الآجال المحددة    فايد يشارك في أشغال الإجتماعات الربيعية بواشنطن    مسار إستحداث الشركة الوطنية للطباعة جاري    إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار وتوقيف 10 عناصر دعم للجماعات الإرهابية خلال أسبوع    الجهوي الأول لرابطة باتنة: شباب بوجلبانة يعمق الفارق    سدراتة و«الأهراس» بنفس الإيقاع    من خلال إتمام ما تبقى من مشاريع سكنية: إجراءات استباقية لطي ملف «عدل 2»    سطيف: ربط 660 مستثمرة فلاحية بالكهرباء    أرسلت مساعدات إلى ولايات الجنوب المتضررة من الفيضانات: جمعية البركة الجزائرية أدخلت 9 شاحنات محمّلة بالخيّم و التمور إلى غزة    سترة أحد المشتبه بهم أوصلت لباقي أفرادها: الإطاحة بشبكة سرقة الكوابل النحاسية بمعافة في باتنة    رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي يؤكد: تشجيع الإشراف التشاركي في العملية الانتخابية المقبلة    أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا    وزير الاتصال و مديرية الاعلام بالرئاسة يعزيان: الصحفي محمد مرزوقي في ذمة الله    كرة اليد/كأس إفريقيا للأندية (وهران-2024): الأندية الجزائرية تعول على مشوار مشرف أمام أقوى فرق القارة    الحكومة تدرس مشاريع قوانين وعروضا    عطّاف يؤكّد ضرورة اعتماد مقاربة جماعية    مجمع سونلغاز: توقيع اتفاق مع جنرال إلكتريك    68 رحلة جوية داخلية هذا الصيف    تظاهرات عديدة في يوم العلم عبر ربوع الوطن    لم لا تؤلّف الكتب أيها الشيخ؟    توزيع الجوائز على الفائزين    عون يؤكد أهمية خلق شبكة للمناولة    من يحرر فلسطين غير الشعوب..؟!    تفكيك جماعة إجرامية تزور يقودها رجل سبعيني    الجزائر تضع باللون الأزرق مشروع قرار طلب عضوية فلسطين بالأمم المتحدة    دعوة لضرورة استئناف عملية السلام دون تأخير    الصّهاينة يرتكبون 6 مجازر في يوم واحد    هذا موعد عيد الأضحى    أحزاب ليبية تطالب غوتيريس بتطوير أداء البعثة الأممية    استحداث مخبر للاستعجالات البيولوجية وعلوم الفيروسات    أول طبعة لملتقى تيارت العربي للفنون التشكيلية    بطاقة اشتراك موحدة بين القطار والحافلة    ضرورة جاهزية المطارات لإنجاح موسم الحج 2024    نحضر لعقد الجمعية الانتخابية والموسم ينتهي بداية جوان    معارض، محاضرات وورشات في شهر التراث    شيء من الخيال في عالم واقعي خلاب    مكيديش يبرر التعثر أمام بارادو ويتحدث عن الإرهاق    نريد التتويج بكأس الجزائر لدخول التاريخ    حجز 20 طنا من المواد الغذائية واللحوم الفاسدة في رمضان    نسب متقدمة في الربط بالكهرباء    تراجع كميات الخبز الملقى في المزابل بقسنطينة    انطلاق أسبوع الوقاية من السمنة والسكري    انطلاق عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



..عندما تحكي الجثث تفاصيل الجريمة
الشروق تبحث عن "الحقيقة بعد الموت"
نشر في الشروق اليومي يوم 18 - 11 - 2008

أسبوع واحد بعد زواجها يعثر عليها جثة هامدة.. قيل إن سبب الوفاة سكتة قلبية، يتم دفن العروس وسط تساؤلات غامضة.. بعدها بأسبوع طالبت العائلة بفتح القضية من جديد، موجهة أصابع الاتهام للزوج بارتكاب جريمة القتل، تحال القضية على العدالة، ينبش القبر وتشرح الجثة تحت أعين الأمن..
*
"إنها رائحة موت مشبوهة".. جثة أخرى لرجل يعثر عليه مشنوقا داخل شقته، قيل أن سبب الوفاة حالة انتحار، لكن مصالح الأمن تفطنت لآثار تعذيب على الجثة.. "إنها حالة انتحار مفبركة".. ترى هل تكشف الجثث فعلا حقيقة القتل وتورط قاتلها بعد الممات؟ شدوا أنفاسكم.. نحن أمام جثث تحكي تفاصيل الجريمة.
*
*
*أربعة آلاف عملية تشريح سنويا بطلب من العدالة والأمن
*
* ترويج فتاوى غريبة بين طلبة الطب تحرم تشريح الجثث
*
* 200 طبيب مشرّح في الجزائر.. رقم لا يكفي أمام طلبات العدالة
*
*
في واحدة من بين أكبر قضايا التشريح غموضا، أدخلت طبيب التشريح "مجيد.ب" إلى أروقة العدالة وأصبح طرفا متهما، بعد محاكاته للجثة التي أثبتت براءة قاتلها. تعود تفاصيل القضية إلى ربيع 2007 في إحدى مداشر ولاية المدية، عندما استيقظ الزوج صبيحة يوم ثلاثاء، كان يوما أسود عندما اكتشف عروسه جثة هامدة في فراش نومها.. أسبوع واحد بعد زواجه، شاع خبر وفاة العروس "كثرت التساؤلات.. مسكينة لم يمض على زواجها إلا أسبوع، فتاة في مقتبل العمر.. لم تكن مصابة بأي مرض.. ألسنة الناس لا تصمت".
*
*
جثة امرأة تشرح داخل قبرها لمرتين
*
تدخل الشكوك والهواجس عائلتها.. تحال القضية إلى العدالة.. أصابع الاتهام توجه للزوج، لا بد من تشريح الجثة، أمر مهول ومخيف، كيف يعاد نبش القبر واستخراج الجثة وتشريحها.. عائلتها تقول أن زوجها قتلها مخنوقة ولم تمت بسكتة قلبية".
*
ينبش القبر، تشرح الجثة.. الطبيب يؤكد: "وفاة عادية، يبرئ المتهم.. "العائلة لا تسكت، تقرر فتح القضية من جديد متهمة الطبيب المشرح بنبش قبر امرأة أخرى، يجر الطبيب إلى العدالة، أقوال عائلة المرأة أثبتت أنها لم تحضر تشريح الجثة في القبر، حيث لم يسمح إلا للأمن بدخول المقبرة، مر حوالي الشهر، تستأنف العدالة مجريات التحقيق، تأمر بتعيين طبيب آخر ويسمح هذه المرة بشاهد من عائلة الزوجة، يعاد نبش القبر .. يتبين بعد نبشه أنه نفس القبر الذي استخرجت منه الجثة؛ لأن الطبيب الأول نسي "القفازات الطبيبة" داخل القبر.. لكن القضية لم تنته "الطبيب متهم بتقديم تقرير كاذب؟ الطبيب الثاني يثبت أن الجثة توفيت وفاة عادية، ينقلب الطبيب المتهم إلى مدع.. العدالة تقرر 06 أشهر سجنا لوالد وشقيق الزوجة، يُبرَّأ الزوج والطبيب بشهادة جثة أكدت البراءة.. كيف حدث ذلك؟
*
*
قصة وفاة حيّرت المحققين
*
قضية أخرى حيرت وفاتها أجهزة التحقيق.. صيف 2006 يتم العثور على شاب لم يتجاوز سنه 34 سنة، مشنوقا في شقته بقلب العاصمة، يومان وهو معلق في حبل مربوط في "ثريا قاعة الضيوف".. إنها رائحة "الجيفة" الجيران يبلغون، الدرك يقتحمون الشقة.. يقلبونها، آثار تعذيب على الظهر، تحال القضية على العدالة، يؤمر بتشريح الجثة، الطبيب المشرح يرفع تقريره إلى العدالة، قضية اغتيال وليس حالة انتحار، الضحية عذبت ثم خنقت بنفس الحبل ورفعت إلى سقف المنزل، ووضع كرسي على الأرض للتمويه على مصالح التحقيق على أن الأمر يتعلق بحالة انتحار، لكن الجثة تكشف.. إنها جريمة قتل.. تعاد القضية من جديد.. وترفع البصمات من على ملابس الجثة، تفتش الشقة، ويعثر بداخلها على كيس صغير من المخدرات، وصورة امرأة داخل بطاقة الهوية، تبين فيما بعد بأنها ليست من عائلته، أجهزة التحقيق تتحرى.. إنها صديقته تدعى "س. ت"، من بلدية الأبيار، تعمل حلاقة، يتم استدعاؤها.. تكشف عن شلة أصدقائه، وأماكن عملهم.. يطلبون للتحقيق.. ويكتشف أن أصدقاءه قتلوه لحسابات مالية، عذبوه ثم خنقوه بنفس الحبل وصنعوا مشهدا تراجيديا لانتحاره.. لكن كيف تشرح الجثث وتعرف الحقيقة؟
*
*
في غرفة التشريح..مجزرة في جثة بني آدم لكشف الحقيقة
*
عندما طلبت من رئيس التحرير التوقيع لي على ترخيص لطلب حضور تشريح جثة، كنت أعتقد أن الأمر جد عادي.. لكني عندما وصلت ذات يوم أربعاء ووجدت جثة وصلت لتوها وهي في طريقها إلى التشريح، إنتابني دوار شديد.. حاولت أن أقنع الطبيب بدخول غرفة العمليات، لكنه أكد لي أن المهمة غاية في الصعوبة، وأن القانون لا يسمح بذلك إلا إذا وافقت عائلة الميت واتبعت كل الإجراءات القانونية لنقل حقيقة تشريح الجثث من غاية وقوع الجريمة إلى مستشفى مصطفى باشا.
*
سلم لي تقرير مفصل عن جثة في طريقها إلى التشريح، كتب فيها قائد الفرقة الإقليمية للدرك الوطني طالبا من وكيل الجمهورية لدى محكمة بير مراد رايس طلب تشريح الجثة "س"، مكتوب في التقرير الإخباري اسم الشخص، مهنته، وإقامته، وسبب الوفاة الغامضة..
*
أكد لي الدكتور "بوسماحة مجيد" على سرية هذه المعلومات، والتي رفض حتى كشف هوية صاحبها لأخلاقيات المهنة، قبل البدء في تشريح الجثة يسلم للطبيب المشرح تقرير إخباري لتفاصيل الجريمة.
*
*
جثة تحت مجهر أعوان التحقيق
*
قبل عملية التشريح يلزم الطبيب المشرح بأخذ كل صغيرة وكبيرة، ويقع جزء من هذا على عاتق مصالح الأمن لحظة وقوع الجريمة، ويستند التقرير الأولي إلى مصالح التحقيق، حيث تقدم تقريرها للطبيب الشرعي، ومما تسجله مصالح التحقيق، درجة حرارة الجثة لحظة وفاتها، وجمع أي شيء محيط بالجثة، حتى لو تعلق الأمر ب "الحشرات"، يفحص المكان جيدا بحثا عن أي دم قد ينفع العثور عليه، تسجل هوية جميع الأشخاص الموجودين في مكان حادث الوفاة، تؤخذ معلومات من شهود العيان، ومن ضمنهم آخر من شاهدوه بعد، وهو على قيد الحياة، ويستعلم منهم عن الزمان والمكان والظروف، يحصل من أصدقاء المتوفى أو ذويه على كل ما يعين هوية الجثة وغيرها من المعلومات التي تكون ذات صلة بالتحقيق.
*
"أنا عندما أشرح الجثة.. أشعر وكأني أحاكيها.. أستنطقها.. كيف قتلت".. بهذه العبارة أجابني الدكتور بوسماحة عن عملية تشريح الجثة، وأول ما يبدأ به ضرورة أن تحفظ الجثة في مكان بارد ومأمون لا يدع مجالا للعبث بها وبأدلتها الاثباتية.
*
يسجل الطبيب تاريخ تشريح الجثة، وقت الابتداء ووقت الانتهاء، ومكان إجرائه (وقد يستغرق التشريح المعقد ما لا يقل عن يوم عمل بكامله في حالة غموض الجريمة والأدلة)، تدون أسماء المشرِّحين ومساعديهم المشتركين وجميع الأشخاص الموجودين أثناء تشريح الجثة، ترافق عملية التشريح التقاط صور فوتوغرافية وافية لتوثيق نتائج التشريح توثيقا كاملا، تصور الجثة قبل جردها من ملابسها، وتتخذ صور بالأشعة في الحالات التي تصاب فيها الجثة بإطلاق رصاص، تخلع ملابس الجثة بعناية فوق مكان نظيف، ينصب الفحص الخارجي على البحث عن أدلة إثبات خارجية، تدون الوسائل المستخدمة للتعرف على الهوية، تفحص الجثة ويدون العمر الظاهر للمتوفى، وطوله، ووزنه، وجنسه، وحتى تسريحة شعر رأسه وطوله، وحالته الغذائية، ونموه العضلي، ولون بشرته وعينيه وشعره، يجري تقييم للحالة العامة للجثة، ويسجل حجم الإصابة وشكلها ونمطها وموضعها وتوضع لكل إصابة صورتان بالألوان موسومتان بالرقم المحدد لعملية التشريح، وحتى بالرسم، ويستخدم أثناء التقاط الصور ويفحص الجلد. باختصار، يفحص كل شيء، حتى أظافر اليد، لملاحظة أية أظافر مكسورة أو غير موجودة. وتلاحظ أيضا أية بقايا لمسحوق على اليدين، وفي حال وجودها توثق فوتوغرافيا وتحفظ للتحليل، تؤخذ بصمات الأصابع في جميع الحالات (يضطر الطبيب المشرح إلى قطع بعض الأجزاء، توضع تحت المجهر وتفحص بعناية فائقة ) وحتى إذا لوحظت آثار "عض" يتم تصويرها فوتوغرافيا لتسجيل نموذج الأسنان، ومسحها بقطيلة لفحص اللعاب (قبل غسل الجثة)، واستئصالها للفحص المجهري. هنا يؤكد الدكتور أنه إذا استدعى الأمر طلب مساعدة طبيب أسنان شرعي.
*
*
مجزرة على الأعضاء وكل شيء مباح
*
في أصعب حالات التشريح، يشق الظهر على طوله والردفين والأطراف، ليبدأ الطبيب المشرح مهمة الفحص الداخلي النظام المنهجي، فيجري الفحص إما حسب باحات الجسم أو حسب أجهزته التي تشمل الجهاز القلبي الوعائي، والجهاز التنفسي، والمريء، والمعدي المعوي، والشبكي البطاني، البولي التناسلي، وجملة الغدد الصم، والجهازين العضلي والصقلي والعصبي المركزي. هنا ينزع كل عضو من الجثة، يسجل وزنه وحجمه وشكله ولونه وقوامه، ويلاحظ أي تكوّن ورمي، أو التهاب، أو شذوذ، أو نزيف، أو فقر دم موضعي. وتؤخذ مقاطع من الباحات العادية ومن أي باحات شاذة في كل عضو لفحصها مجهريا، وتؤخذ عينات من أي عظام مكسورة لتقدير عمر الكسر عن طريق التصوير بالأشعة والفحص المجهري.
*
فمثلا يحتفظ بما لا يقل عن 150 غرام من الكلية ومن الكبد من أجل "التحليل السمي" هكذا يسمى في التشريح تنزع القناة المعدية المعوية وتفحص محتوياتها، ويلاحظ أي طعام موجود فيها ودرجة هضمه. ويحتفظ بمحتويات المعدة. ويمكن، إذا ما أريد إجراء تحليل سمي بمزيد من التفصيل، الاحتفاظ بمحتويات باحات أخرى من القناة المعدية المعوية. كما يجري فحص للمستقيم والشرج بحثا عن أي حروق، أو تهتك في حالة إن كانت الجثة امرأة، وتحدد أماكن أي أجسام غريبة موجودة، ويحتفظ بهذه الأجسام. يحتفظ بما لا يقل عن 150 غرام من النسيج المخي من أجل التقييم السمي. يغمر المخ بمثبت قبل فحصه إذا كان فحصه مطلوبا.
*
*
هكذا تُنتزع الحقيقة من الجثث
*
بعد الانتهاء من تشريح الجثة تدون أسماء العينات التي حفظت، تلصق بطاقات على جميع العينات باسم المتوفى والرقم المحدد لعملية التشريح وتاريخ أخذ العينات وساعة أخذها، واسم المشرِّح، والمحتويات. وتحفظ جميع الأدلة بعناية وتدون سلسلة الجهات التي تسلمت هذه الأدلة مع استمارات التسليم المناسبة، وتجرى اختبارات السمية اللازمة ويحتفظ بأجزاء من العينات المختبرة لتتسنى إعادة اختبارها. ينبغي الاحتفاظ روتينيا بمقدار 150 غرام من الكبد والكلية. ويمكن الاحتفاظ بالمخ والشعر والنسيج الشجمي لإجراء المزيد من الدراسات إذا اشتبه بانطواء الحالة علي مخدرات أو سموم أو مواد سامة أخري هذه العملية تؤدي في النهاية إلى معرفة حالة المتوفي قبل الوفاة، وهي أشبه ما تكون باستنطاق أعضائه لكشف الحقيقة، الغاية منها تحري عمل كل عضو قبل الوفاة، ووحده الطبيب المشرح يستطيع أن يكتب تقرير أسباب الوفاة.
*
عندما سألت الطبيب "مجيد. ب"، هل صحيح أن الأعضاء تتكلم، ابتسم ورد علي قائلا: "تتكلم نعم.. لكننا نحن أطباء التشريح فقط من نفهم كلامها".
*
*
رئيس جمعية الطب الشرعي في الجزائر ل"الشروق"
*
200 طبيب مشرح في الجزائر و4000 حالة تشريح سنويا
*
واحد من الوجوه الشابة في الجزائر، استقبلنا في مكتبه المتواضع بمستشفى مصطفى باشا، أكد لنا أن أطباء التشريح في الجزائر يعاملون وكأنهم أطباء عاديون، فلا منحة لهؤلاء على الأقل تحميهم من درجة خطورة تشريح الجثث، قائلا لنا: "ماذا لو كانت الجثة المشرحة مصابة ب "الإيدز"؟! ثم رد قائلا: "للأسف أجورنا ليست في المستوى، وليست هناك منحة لنا ضد مختلف مخاطر التشريح". أما عن أرقام التشريح، فقد أكد الدكتور مجيد بوسماحة، أن مستشفى مصطفى باشا استقبل لوحده أكثر من 240 جثة طالبت العدالة بتشريحها، في الجزائر العاصمة تقوم خمس مستشفيات بتشريح الجثث، رقم يصل سنويا عبر جميع المستشفيات التي تم فيها فتح مصالح مختصة في التشريح أزيد من 4000 جثة سنويا، تجتمع فيها جرائم القتل، حوادث الموت الغامضة وحوادث المرور.
*
*
ما حكم الدين؟
*
فتاوى توزع على طلبة الطب تحرّم دراسة تخصص تشريح الجثث
*
أبو عبد السلام: "تشريح الجثث لمعرفة القاتل جائز شرعا"
*
ترفض الكثير من العائلات الجزائرية إخضاع جثث ذويها ممن فقدوا حياتهم بطريقة مشبوهة إلى التشريح، بسبب التشكيك في جواز تشريحها، فما هو حكم الدين؟
*
توجهنا إلى كلية الطب بجامعة الجزائر، فصدمنا لدى بحثنا عن الموضوع بفتاوى غريبة متداولة بين الطلبة، تؤكد عدم جواز تشريح الجثث، ويستند لهذه الفتاوى بعض طلبة الطب، خاصة من التيار السلفي، بأن أمر التشريح لا يجوز شرعا. وفي هذا اطلعنا أحد الطلبة على فتاوى تم نسخها من الأنترنت لداعية من المشرق العربي، ويتم توزيعها تحرض على عدم جواز تشريح الجثث، ومنها أسئلة وردت الإجابة فيها على أن تشريح جسد الميت المسلم لغرض الدراسة لا يجوز شرعا، وقد اطلعت الشروق اليومي على مثل هذه الفتاوى والتي نسخها بعض الطلبة من مواقع إسلامية ونشرها بين الطلبة، حيث تؤكد هذه الدعاوى أنه لا يجوز تشريح جثة الشخص المسلم حتى لمعرفة وفاته.
*
هذا ورفض علماء الدين مثل هذه الفتاوى، وعلى رأسهم الشيخ أبو عبد السلام، الذي أكد في تصريح ل"الشروق اليومي" أن تشريح الجثث لمعرفة القاتل جائز شرعا، مؤكدا أن مهنة التشريح نبيلة؛ لأنها تنقذ آلاف الأشخاص من الموت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.