وزير الاتصال يترحم على أرواح شهداء مهنة الصحافة    مالي: أحزاب سياسية تدعو إلى التعبئة ضد حلها ومن أجل "انقاذ الحرية والديمقراطية"    انطلاق أشغال الجلسات الوطنية للوقاية من السرطان ومكافحته    كرة القدم داخل القاعة/كأس الجزائر: أتلتيك أوزيوم يفوز على نادي بئرمراد رايس ويتوج باللقب    اليوم العالمي لحرية الصحافة: حملة "صحافة نازفة" لتوثيق جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الصحفيين الفلسطينيين    توقيف بث قناة "الشروق نيوز TV" لمدة 10 أيام بسبب مضمون عنصري    300 ألف محتج في مسيرات حاشدة ضد الحكومة الفرنسية    الخليفة العام للطريقة التجانية الشيخ علي بلعرابي يؤدي صلاة الجمعة بواغادوغو    أم الطوب تستذكر الشهيد البطل مسعود بوجريو    توقيع مذكّرة تفاهم لتبادل الخبرات بالجزائر قريبا    انطلاقة مثالية للمنتخب الجزائري وطموح 15 ميدالية ذهبية في المتناوَل    بطولة دون مخدرات.. تحديد تنقّل الأنصار وعقود جديدة للاعبين    نادي ليفربول يصرّ على ضم ريان آيت نوري    تعاون جزائري غاني للتصدّي للتهديدات الإرهابية    مشاركة واسعة ومميّزة في الطبعة الثانية لمهرجان الرياضات    مهرجان تقطير الزهر والورد يعبّق شوارع سيرتا    خرجات ميدانية مكثفة من مسؤولي عنابة    توقيف بث قناة الشروق نيوز TV لمدة 10 أيام    الذكاء الاصطناعي رفيق التراث وحاميه الأمين    تقوية الروابط الروحية بين زوايا منطقة غرب إفريقيا    الطبعة ال29 لمعرض مسقط الدولي للكتاب : مشاركة لافتة للناشرين الجزائريين    دعم الشعب الفلسطيني التزام راسخ تحركه مبادئ التحرّر والعدالة    تطوير شعبة الليثيوم وفق الرؤية الاستراتيجية للرئيس تبون    الطبعة الأولى للصالون الدولي للكهرباء والطاقات المتجددة من 17 الى 19 نوفمبر 2025 بالعاصمة    توقرت: وفاة أربعة أشخاص وإصابة آخر في حادث مرور بالحجيرة    سفينة مساعدات متجهة إلى غزة تتعرض لهجوم صهيوني في المياه الدولية قرب مالطا    أضاحي العيد المستوردة: انطلاق عملية البيع الأسبوع المقبل عبر كافة الولايات    "الأونروا": الحصار الصهيوني على غزة "سيقتل بصمت" مزيدا من الأطفال والنساء    الجزائر وغانا تؤكدان التزامهما بالحلول الإفريقية وتعززان شراكتهما الاستراتيجية    الاتحاد البرلماني العربي: دعم القضية الفلسطينية ثابت لا يتزعزع    اليوم العالمي لحرية الصحافة : أدوار جديدة للإعلام الوطني تمليها التحديات الراهنة والمستقبلية    كرة القدم بطولة افريقيا للمحليين 2025 /غامبيا- الجزائر: الخضر يحطون الرحال ببانغول    البطولة العربية لألعاب القوى (اليوم ال2): 17 ميداليات جديدة للجزائر    أضاحي العيد المستوردة: انطلاق عملية البيع الأسبوع المقبل عبر كافة الولايات    وزير النقل يترأس اجتماعًا لتحديث مطار الجزائر الدولي: نحو عصرنة شاملة ورفع جودة الخدمات    البهجة تجمعنا: افتتاح الطبعة الثانية لمهرجان الجزائر العاصمة للرياضات    افتتاح الطبعة الرابعة لصالون البصريات و النظارات للغرب بمشاركة 50 عارضا    اليوم العالمي للشغل: تنظيم تظاهرات مختلفة بولايات الوسط    البروفيسور مراد كواشي: قرارات تاريخية عززت المكاسب الاجتماعية للطبقة العاملة في الجزائر    إعفاء البضائع المستعملة المستوردة المملوكة للدولة من الرسوم والحقوق الجمركية    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للملاريا: تجديد الالتزام بالحفاظ على الجزائر خالية من المرض    عميد جامع الجزائر يُحاضر في أكسفورد    يامال يتأهب لتحطيم رقم ميسي    اتحاد العاصمة ينهي تعاقده مع المدرب ماركوس باكيتا بالتراضي    الجزائر تحتضن المؤتمر ال38 للاتحاد البرلماني العربي يومي 3 و 4 مايو    خدمة الانترنت بالجزائر لم تشهد أي حادث انقطاع    تم وضع الديوان الوطني للإحصائيات تحت وصاية المحافظ السامي للرقمنة    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    بلمهدي يدعو إلى تكثيف الجهود    المحروسة.. قدرة كبيرة في التكيّف مع التغيّرات    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    معرض "تراثنا في صورة" يروي حكاية الجزائر بعدسة ندير جامة    توجيهات لتعزيز الجاهزية في خدمة الحجّاج    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غرداية بين "ترهيب" النظام.. و"غضب" المعارضين لبوتفليقة
تصويت أهلها لعهدة رابعة أثار جدلا صاخبا
نشر في الشروق اليومي يوم 19 - 04 - 2014

كانت ولاية غرداية (600 كيلومتر جنوب العاصمة الجزائر)، بامتياز، حجر الزاوية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ليس لأهمية وعائها الانتخابي، أو أهميتها الجيوسياسية، بل إن الولاية التي كانت منذ الاستقلال "رقما مهملا" في معادلة السلطة والمعارضة معا، ولطالما كانت "ابنا مطيعا" للنظام في مختلف المواعيد الانتخابية، قبل أن تجد نفسها هذه المرة من حيث تدري أو لا تدري في "فم المدفع" قبيل أشهر من موعد الرئاسيات، وعاش أهلها ولا يزالون أسوء "فتنة" أسقطت أرواحا ومصابين وخسائر في الممتلكات، واكتفلت السلطة بحلول ترقيعية، عكست عجزها أو تماطلها في إنهاء الأزمة في بقعة صغيرة من الجزائر! قبل أن يخرج علينا مدير حملة الرئيس المرشح حينها، قائلا: "بوتفليقة لديه الحل للأزمة لو فاز بعهدة رابعة"!.. في خرجة استفزازية، جعلت سلال يبدو وكأنه يساوم سكان غرادية بالتصويت لبوتفليقة مقابل حل للأزمة!! وكان له ما أراد!
فهل تصويت أهل غرداية لعهدة رابعة نابع عن قناعة ببرنامج الرئيس المرشح، أم حتمية انتخابية وقرار ناجم عن إكراه سياسي، وخضوع لسلطة "التخويف"، اتقاء لغضب النظام؟!
أبدا لم تكن غرداية رقما مميزا في المواعيد الانتخابية، لكن يوم 17 أفريل كان مغايرا، وباتت كاميرات العالم والفضائيات كلها تسأل عن غرادية، وتبحث عن لقاءات حصرية مع أعيان المنطقة وأبناءها، نقلا للمشهد الانتخابي في تلك الولاية التي لم تكن محظوظة بهكذا اهتماما إعلامي وسياسي في تاريخها.
وبعد دقائق من تسريب النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية، تهاطلت أسئلة ممزوجة بنبرة الحيرة، مستغربة سر التصويت الجماعي لسكان غرداية لصالح عهدة رابعة للرئيس الحالي، بعد أن خرجوا يشكون خيانة السلطة لقضيتهم؟ ولم يتوان كثير من الإعلاميين والمتابعين عن اتهام سكان المنطقة بالجبن والخيانة، وبينهم من بلغ به الغضب حد التشفي في سكان المنطقة، ماداموا اختاروا أن يصوت لبوتفليقة!
وأمام هذه التساؤلات والأحكام الساخطة على أهل غرداية، وبحكم معرفتي بالمنطقة وأهلها، أود أن أطرح بعض الأفكار والتفسيرات حول سر تصويت سكان غرادية المكثف لصالح عهدة رابعة، مع تحفظي على مصداقية الأرقام التي أعلنت بخصوص نسبة الأصوات، علّ ما سأقوله سيساهم في تقديم تحليل للمشهد من مختلف جوانبه، ويشفي غليل البعض ويفك الحيرة عن البعض الآخر.
تنكر المرشحين لأهل ميزاب
في عز الأزمة التي كانت غرداية تتخبط فيها، كانت أصوت الأهالي تصرخ وتطلب النجدة، والتفاتة الجزائريين الذين بقي معظمهم في وضع المتفرج للمأساة التي أودت بحياة 8 شباب ميزابيين أمازيغ كما قتل 3 من عرب الشعانبة لم تعلن أجهزة الأمن إلى يومنا من هدر دمهم. وهجرت مئات العائلات قسرا من منازلها، وأحرقت منازل بأكملها، وعرفت الولاية الهادئة التي طالما كانت مضربا للتعايش تحريضا طائفيا ومذهبيا خطيرا.
زيارة نكاز .. ومفاوضات النظام
في زحمة الأحداث، دخل أعيان المنطقة الإباضيين والمالكيين في مفاوضات ماراطونية، سرية وعلنية،مع ممثلي السلطة من سياسيين وعسكريين ومسؤولي مختلف الأجهزة الأمنية لمحاولة الضغط وتوقيف المحرقة، بالموازاة مع عزوف غريب للمرشحين الستة عن الخوض في الأزمة ومحاولة إيجاد حل لها، بل إنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء النزول إلى المنطقة التي كانت تحترق، قبل أن يستفزهم المرشح المقصي رشيد نكاز بزيارة "جريئة" إلى الأحياء الملتهبة، ويكسب تعاطفا من قبل أهلها وتقديرا للرجل الذي كان أول من ينزل من السياسيين لمواساتهم وفهم ما يحدث، بغض النظر عن الجدل السياسي والشعبي الذي أثارته زيارته!
هكذا استفزت زياة نكاز السلطة والمرشحين معا، وتحركت آلة السلطة التي لم تكن لتسمح لنكاز استثمار "أوراق سياسية" انطلاقا من المنطقة، وهي تدرك أن الرجل الذي بدأ يصول ويجول في الولايات، يراهن على كسب تأييد شعبي، يسبق بداية نضاله السياسي بعد الانتخابات، ليكون رقما هاما في الساحة السياسية.
وأمام تفاقم الأحداث، وضعط أعيان المنطقة وسقوط الأرواح، قرر المرشحون التحرك إلى الولاية، لكنهم ساهموا من حيث يدرون أو لا يدرون في تأجيج الفتنة، وإلا،فكيف نفسر أن يعقد المرشحون وممثلوهم تجمعا انتخابيا مع الميزابيين على حدى، وآخر مع قبائل عرب المنطقة على حدى، وكأني بهم يكرسون منطق الانقسام في الولاية، بدل أن يحققوا في اختراقا في حل الأزمة، لكن يبدو أن حل الأزمة لم يكن أولوية في زياراتهم، بقدر اهتمامهم بحشد الأصوات الانتخابية!
المنعرج
وسط تلك الأجواء، كان زيارة المرشح علي بن فليس بمثابة المنعرج الذي غير المعطيات على الأرض، وجعل أعيان المنطقة يتحركون بالسرعة القصوى، بعدما كانوا تائهين حيارى في موقفهم السياسي، بين دعم بوتفليقة أوبن فليس!
خصص سكان غرادية استقبالا شعبيا حافلا للمرشح بن فليس، فتسابق الميزابيون وعرب الولاية للاحتفاء بالمرشح الأوفر لمنافسة بوتفليقة، وهم الذين يعرفون الرجل خير المعرفة، أيام كان وزيرا للعدل، وغرقت الولاية في أزمة مماثلة العام 1985، حينها وقف بن فليس مدافعا عن طرف ضد الآخر فيما سمي قضية "اشقبقب"، والتي جعلت الميزابيين إلى يومنا لا يغفرون لابن فليس وقوفه ضدهم في القضية، لكن أنصار بن فليس بقوا أوفياء له!
غضب السلطة
لم تمر بضع ساعات على الاستقبال الحافل الذي حضي به بن فليس في بلدية بنورة، حتى انفجرت فاجأة على وقع مشادات خطيرة، من دون سابق إنذار، فاقتنع أهل غرداية أن السلطة "غاضبة" وقد قررت معاقبتهم على فعلتهم! وتذكر البعض أن بن فليس حصد الأغلبية في انتخابات 2004، ومن يومها لم تنل غرادية اهتمام الرئيس الغاضب عليهم!
هكذا، تحرك الأعيان لتهدئة "الأسد" الغاضب، فتسابق الأعيان من عروش عرب الولاية والميزابيون لتخصيص استقبال حاشد لمدير الحملة الانتخابية لبوتفليقة، علّ الرئيس يعدل عن غضبه. فكان لسلال ما أراد وزيادة، واستقبل استقبال الأبطال.
زيارة "السعيد" تحسم القرار
نجحت السلطة بمنطق الإيحاءات وسياسة "التخويف" و"الترهيب" في إقناع أعيان غرداية بالخروج عن موقفهم المتردد، والفضل لصالح دعم الرئيس المرشح، سيما وأن الأعيان بلغهم من دوائر القرار أن الأمور قد حسمت لدى "جماعة الفوق" لصالح بوتفليقة، فأنىّ لهم وهم "الحلقة الأضعف" أن يستمروا في ترددهم، فتصيبهم لعنة السلطة مجددا.
ولم تنته ضغوط أنصار الرئيس عند هذا الحد، فقد تداول الكثير من الغراداويون أخبارا عن زيارة سرية عاجلة للسعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس، إلى الولاية، اجتمع خلالها بأعيان المنطقة من الجانبين، وقدم وعودا حاسمة بحل الأزمة وتعويض المتضررين جميعا، شرط التصويت لعهدة رابعة، فضاعفت تلك الزيارة المخاوف، ولم تررد مجالا لأي تردد بين أعيان المنطقة!
سارع أعيان الولاية لحشد تأييد جماهيري لصالح الرئيس المرشح، ليس من باب القناعة ببرنامجه أو ما يسميه البعض "دعم الاستقرار"، وغرداية لم تعرف هذا الاستقرار في عز الحملة الانتخابي! ولكن موقف "إكراهي" لقناعة أعيان المنطقة أن السلطة لن ترحمهم، كما لم ترحمهم في كافة الاستحقاقات الانتخابية السابقة، وأنه لا مناص من دعم مرشح النظام، بعد أن فهموا واستوعبوا رسالة سلال الذي جاء ليقول لهم علنا وأمام العالم: الرئيس بوتفليقة لديه الحل لأزمة غرداية لو فاز بعهدة رابعة"! فوصلت الرسالة واضحة لا تحتاج بعدها إلى تفكير..أن النظام يحذركم با أهل غرداية إما الرابعة أو الهالكة!!
* كاتب صحفي جزائري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.