يوم برلماني غدا الاثنين حول "واقع سياسة التشغيل في الجزائر"    النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية خلال أشغال القمة الإسلامية (15) لمنظمة التعاون الإسلامي    فلسطين: ارتفاع حصيلة الشهداء جراء العدوان الصهيوني على غزة إلى 34 ألفا و683    صدور مرسوم تنفيذي يتضمن إنشاء القطاع المحفوظ للمدينة العتيقة لمازونة بولاية غليزان وتعيين حدوده    مظاهرات حاشدة في عواصم عالمية تنديدا بالعدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة    الأيام السينمائية الدولية بسطيف : تقديم العرض الشرفي للفيلم الثوري "الطيارة الصفراء"    اليوم العالمي لحرية الصحافة: عميد جامع الجزائر يدعو للتصدي للتضليل الإعلامي الغربي    الصحة العالمية: هجوم الكيان الصهيوني على رفح قد يؤدي إلى "حمام دم"    الوزير الأول يلتقي بالرئيس السنغالي    مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري ينوه بنتائج الإصلاحات الاقتصادية التي تمت مباشرتها    حزب جبهة التحرير الوطني سيخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة موحدا ومتماسكا    البكالوريا.. العدّ التنازلي    الجزائر تستنفر العالم حول المقابر الجماعية بغزّة    بطولة إفريقيا للسباحة المفتوحة أنغولا-2024: الجزائر تحصد 6 ميداليات من بينها 3 ذهبيات    حماية الطفولة: السيدة مريم شرفي تستقبل من قبل وزير المصالح الاجتماعية بكيبك    الجلفة..وفاة إمرأتين وإصابة تسعة أشخاص آخرين بجروح في حادثي مرور    هذه توجيهات وزير المالية للبنوك..    مركز عربي إفريقي يُكرّم تبّون    بلمهدي: توفير قرابة 2000 سكن وظيفي للائمة قريبا    رئيس الجمهورية يقرر التكفل بالحالة الصحية للفنانة بهية راشدي    معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط: التوقيع على 7 مذكرات تفاهم بين متعاملين جزائريين وموريتانيين    إجراءات للوقاية من الحرائق بعنابة: تزويد محافظات الغابات في الشرق بطائرات "الدرون"    إعادة فتح جسر كيسير أمام حركة المرور    ما سيسمح بوصول التغطية إلى 100 بالمئة: مساع لربط 467 سكنا بالغاز في بوراوي بلهادف بجيجل    باتنة على موعد مع الطبعة الرابعة: مهرجان إيمدغاسن الدولي يحتفي بنجوم السينما الجزائرية    البطولة الإفريقية للسباحة: 3 ذهبيات وبرونزية حصاد الجزائر في اليوم الرابع من المنافسات    رئيس الجمهورية يهنئ نادي فتيات أقبو    المصادقة بالإجماع على التقريرين الأدبي والمالي    الرئيس تبون.. جهود كبيرة في تعزيز التعاون الاقتصادي الإفريقي    رؤساء الأندية يطالبون بتعديل متوازن    حقيقةX دقيقة: بعد سنوات الظل..    7 مذكرات تفاهم بين متعاملين جزائريين وموريتانيين    الجزائر في طريق تحقيق التكامل الإفريقي    تحضير المراسيم الجديدة الخاصة ب"عدل 3"    "طوفان طلابي" مؤيد لفلسطين يجتاح أرقى جامعات العالم    أول وفد لرياضيينا سيتنقل يوم 20 جويلية إلى باريس    عزلة تنموية تحاصر سكان مشتة واد القصب بتبسة    وكيل أعمال محرز يؤكد بقاءه في الدوري السعودي    دعوة إلى توحيد الجهود لحماية الحقوق الأساسية    النزاع المسلح في السودان.. 6.7 مليون نازح    قلعة لإعداد الرجال وبناء الوطن    26 مراقبا في دورة تكوينية    المعالم الأثرية محور اهتمام المنتخبين    اقترح عليه زيارة فجائية: برلماني يعري فضائح الصحة بقسنطينة أمام وزير القطاع    حجز سيارات، مهلوسات ومحركات مستعملة    توقيف 15 شخصا أضرموا حريقا عمدا بحي رأس العين    البروفيسور الزين يتوقف عند "التأويلية القانونية"    الالتقاء بأرباب الخزائن ضمانا للحماية    أبواب مفتوحة على التوجيه المدرسيّ والإرشاد المهني    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    التوقيع على برنامج عمل مشترك لسنة 2024-2025 بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة يوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    استئناف حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة اليوم الأربعاء بالنسبة لمطار الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موسم "هجرة السلطة" إلى الجنوب؟
نشر في الشروق اليومي يوم 23 - 01 - 2015

علينا أن نتعلم من الجنوب كيف نقاوم قساوة الطبيعة والتعايش معها وقبول الآخر سواء كان من داخل الوطن أو خارجه فسكان تمنراست (مثلا) يعيشون مع مواطني 48 ولاية ومواطني معظم الدول الإفريقية، وكلما اقتربنا من حدود دول الجنوب كلما اندمجت القبائل مع بعضها البعض وصعب علينا التفريق بين العنصر الجزائري والعنصر المالي أو النيجري أو الليبي، لكن السؤال: لماذا لم تفكر السلطات الجزائرية في الاستفادة من الجنوب بتحويل ولاياته إلى عواصم يكون منتوجها الحضاري والتراثي والثقافي والفني والديني أو مردودها المادي شاهدا على وجودها، حيث يجعلنا ندرك أهمية هؤلاء السكان ودورهم في التنمية عوض أن نهمشهم ونستغل خيراتهم، وحين يعترضون على الأضرار التي قد تلحق بهم نجبرهم على القبول ب"الأمر الواقع"؟
خطر قناة "توماست" على وحدة البلاد والعباد
من يتأمل سكان الجنوب الجزائري ويتوقف عند "التوارڤ" يكتشف أن حكومتنا - سامحها الله - في عهدي الحزب الواحد والتعددية الحزبية كانت غير منشغلة باهتمامات سكان الجنوب حتى أنها دون أن تدري كادت أن تقضي على "السلطة الروحية للتوارڤ" بعد وفاة رمزها أمتوكال باي عام 1976م وحتى "الأهڤار" الذين مايزالون كتلة متماسكة يتعرضون حاليا لحرب إعلامية تشنها إحدى القنوات الفضائية اسمها "توماست" بدعم من إحدى دول الجوار.
تتوزع السلطة الروحية للتوارڤ ما بين الجزائر ودول الجوار، بسبب وجود جزء من السكان خارج حدودنا فتوارڤ "آزجر" التي يتقاسم سكانها الحدود الجزائرية - الليبية ماتزال السلطة الروحية فيها للجزائر ومايزال ابراهيم غوفة يمثل هذه السلطة، الاّ أنها بالنسبة للأزواد الذين يتقاسمون الحدود المالية الجزائرية انتقلت إلى مالي ومايزال الزعيم الروحي أنتاه أڤ الطاهر رمزا لها، وقد توفي في نهاية العام الماضي، وعندما نالت دولة مالي استقلالها عام 1961 قامت بها ثورة قادها التوارڤ الاّ ان تغليب "العنصر العربي" من دول الجوار جعلها تتراجع في حين أن توارڤ "آيرّ" ماتزال السلطة فيها موزعة بين الجزائر والنيجر.
تحول الجنوب على حدود دول الجوار إلى منطقة تهريب يتحكم فيها "باروناته"، ودخلت دول عربية وغربية في المنطقة وشكّلت مجموعة ارهابية تهتم بخطف الرهائن الأجانب والحصول على الفدية لتمويل مجموعاتها المسلحة من أجل اغراض سياسية، وقد حاول المرحوم معمر القذافي أن ينتزع السلطة الروحية من القبائل المنتشرة ما بين الجزائر ومالي والنيجر وليبيا وأن يكون المسيطر عليها بتمويل قياداتها، والتحقيق الذي نشرته جريدة الشروق حول ذلك، والقضية التي رفعها القذافي ضدها ماتزال ماثلة في الأذهان، كان القذافي يطمح إلى انشاء "دولة تارڤية" في الساحل، غير أن اغتياله أثناء الثورة الليبية أبعد المنطقة عن خطر التقسيم.
ان أهم مشكلة يواجهها التوارڤ على مستوى الهوية - حسب رسالة وجهها عضو في "التجمع الوطني الديمقراطي" من المنطقة الى الأمين العام للحزب - هي: "ضرورة الحد من تأثير قناة "توماست" التابعة للحركة الوطنية لتحرير الأزواد بفتح فروع للمحافظة السامية للأمازيغية بكامل ولايات الجنوب المعنية لسحب ورقة الهوية من مروجي الفتنة، خاصة مع بدء ظهور عناوين مشبوهة (التنظيم العالمي للتوارڤ) مثلا ودعا الى إعادة بعث ما يسميه ب"الديبلوماسية الشعبية" مع التركيز على ما يمكن أن يلعبه توارق "الأهڤار" في هذا الجانب. خاصة في علاقتنا مع دولتي النيجر ومالي و"توارق آزجر"، إذا كانت هذه الرسالة التي تكشف وضعية التوارڤ المشتته لم تحرك أحمد أويحيى أنذاك فماذا عن وضعية بقية سكان الجنوب؟
إذا استثنينا بني ميزاب بولاية غرداية الذين يحافظون على تماسكهم الديني واللغوي عبر الإباضية كمذهب يتقارب مع المالكية فإن بقية المناطق ماتزال تحمل إرث الماضي بكل ما فيه من تناقضات.
لازلت أذكر كيف أن أحد المترشحين للبرلمان في عهد الحزب الواحد استغل وجود اسم قبيلة منافسة في كتاب للراحل سعد الله أبو القاسم يتضمن إشارة إلى بعض العناصر اليهودية فيها فحاول توظيف ذلك مما أدى إلى منع تداول كتاب سعد الله وسحبه من السوق، فماذا تغير في الجنوب؟
يقول الدكتور محمد العربي ولد خليفة: "لقد كان مطلب الحرية والحق في المواطنة الكريمة خلال ما يزيد على قرن جوهر كل المقاومات الشعبية ونضالات الحركة الوطنية وثورة التحرير، حتى أن مفهوم الوطنية كان ولايزال يعني المرادف للمواطنة والمساواة في أبسط معانيها الشعبية كأن تسمع من عامة الناس في الجزائر من يقول: نحن جميعا أبناء تسعة شهور في الحقوق، كلما لاحظ امتيازات مستحقة أو غير مستحقة" (كتاب ثورة التحرير والتحولات على الساحات الجهوية والدولية. ص 128)، فهل هذا المطلب تحقق لمواطني الجنوب بعد أكثر من نصف قرن من استرجاع السيادة؟
في عهد الرئيسين الراحلين بومدين والشاذلي كان الجنوب يعني وجود ممثل للتوارڤ في البرلمان، وفي البرلمانات التي جاءت بها رياح التعددية صار الولاة هم الذين يعينون ممثلي ولايات الجنوب، ولهذا ليس غريبا أن المؤسسات التعليمية لسوناطراك موجودة في الشمال وطلابها "يتربصون" في الجنوب، ولا غرابة أن ترفض الشركات توظيف اطارات وعمال الجنوب، وحتى المهرجانات الثقافية الدولية لإفريقيا تقام في الشمال، فمتى تدرك السلطات أن زمن التهميش قد ولّى.
أسرار دولة؟
شملت تصريحات المسؤولين بدءا من الوزير الأول مرورا بالوزراء وانتهاء بمن قدموا كخبراء أو ممثلي الجهات الوصية في وسائل الاعلام الحكومية الكثير من التناقضات والتضليل للرأي العام، بل إن أحدهم أعلن في الإذاعة الدولية الجزائرية بأن "الخلطة الكيمياوية" في آبار الغاز الصخري لا يمكن الكشف عنها، لأنها من "أسرار الدولة"، والمفارقة هي أن "الأقمار الصناعة" قد تكون قدمت لأصحاب المشروع خريطة لوجود الغاز الصخري في منطقة عين صالح وحددت الكمية المتوفرة والادعاء بأن ما تقوم به سوناطراك مجرد استكشافات أولية هو استخفاف بعقول الجزائريين، بل إن ما استغربه هو أن بعض التصريحات لا تخلو هي الأخرى من الاستخفاف بعقلية سكان المنطقة الذين يدركون المخاطر ويريدون مناقشتها مع الجهات المسؤولة، ولأن الحكومة في حالة "إقالة" حسب تسريبات إعلامية فإن الرئيس فضل تكليف المدير العام للأمن الوطني بمهمة "التفاوض" باسمه مع المواطنين، لكن هل تدرك الرئاسة أن كمية المخزون المائي بالمنطقة أكثر قيمة من كمية المخزون من الغاز الصخري، لأن الحرب القادمة هي حرب مياه، وأتساءل لماذا لم تفكر الحكومة في تطوير آبار المياه الصالحة للشرب والفلاحة وفتح الطرقات وانشاء مصانع "تصبير وتعليب وحفظ المنتوج الفلاحي" وتشجيع الصناعات المحلية، وبناء فنادق لاستقبال السياح؟
من السهل أن يتخذ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قرار تجميد هذا المشروع، ولكنه من الصعب أن يوقف الحركات الاحتجاجية في الجنوب ما لم يصبح لسكانه تمثيل حقيقي في السلطة ومشاريع تنموية ملموسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.