لم تكن احتجاجات عدد من سكان أحياء بلدية تبسبست على أزمة المياه صدفة، بل جاءت بعد معاناة مريرة وقاسية طيلة عشرين سنة، وازدادت حدّة خلال الشهرين الماضيين بانقطاعها كلّيا عن الحنفيات بحي المجاهد وحي 23 وحي الفتح وحي 120 سكن الذين انتفضوا في الذكرى 62 لاندلاع الثورة التحريرية. وقفت "الشروق"عن قرب على معاناة سكان الأحياء المذكورة خلال انتفاضتهم ضد الأزمة الحادة للمياه، فالكل أراد أن يسرد معاناته ويوصل صوته للمسؤولين والجهات المعنية بالملف عبر "الشروق" من خلال المعيشة القاسية والمريرة التي نغّصت عنهم الحياة اليومية، وكان القاسم المشترك في تصريحاتهم هو التجاهل لمعاناتهم من طرف السلطات المحلية طيلة 20 سنة، حيث تستقبل حنفياتهم في ساعة متأخرة من الليل ولدقائق معدودة مياها رديئة وملوثة، غير صالحة للغسيل أو الاستحمام قبل أن تنقطع كليا منذ أواخر شهر أوت. وتسببت هذه المياه في إصابة العديد من السكان بأمراض جلدية وحساسية كانوا من بيّن المحتجين أول أمس مرفوقين بوصفاتهم الطبية، كما سرد البعض الآخر ممن تحدثوا ل"الشروق" الطرق التقليدية والخطيرة وكذا الحلول الترقيعية للسلطات من أجل توفير قطرة مياه، حيث تجبر العديد من العائلات أبناءها القصّر والأطفال على حساب دراستهم في بعض الأحيان للتوجه إلى البساتين المجاورة للغابات لملء الدلاء من الأحواض المائية الخطيرة التي ابتلعت في وقت سابق خيرة أبنائها، خاصة في الفترة الصيفية، كما أن صهريج الماء المتنقل الذي توفره البلدية لا يكفي جميع السكان وسرعان ما تنفد، متسببة في الكثير من الأحيان في نشوب شجارات واحتكاكات بين الجيران، كما أن هذه الأحياء أصبحت تجارة مربحة وسريعة لأصحاب صهاريج المياه الصالحة للشرب القادمة من سيدي خالد ببسكرة وبئر العاتر بتبسة، حيث أحرقت هذه المياه جيوب العائلات التي تدفع كل أسبوع أكثر من 1500 دج لتوفير الماء. هذا وقضى سكان حي المجاهد وحي 120 سكن العديد من المناسبات دون مياه كعيد الأضحى المبارك الذي نحرت فيه عدد من العائلات أضاحيها بالبساتين والغابات، وعطل نهاية الأسبوع التي تتضاعف فيها أشغال المنزل كالغسيل والنظافة والاستحمام، والعطلة الخريفية القصيرة التي تزامنت مع إقامة حفلات ومآدب الأفراح والأعراس والتي تستهلك هذه المادة بكثرة، كما تسببت هذه الأزمة في انتشار الذباب والناموس بأرجاء هذه الأحياء بسبب قلة النظافة.