وزراء في الحكومة برتبة "نجوم" على مواقع التواصل الاجتماعي

روبورتاج : محمد عبد المؤمن

"ما هي الفائدة من وجود صفحات لمديريات السكن على موقع فيسبوك ، إذا لم يتمّ تشكيل خلايا لتنشيط هذه الصفحات على مستوى جميع المديريات عبر ولايات الوطن ، من أجل تحقيق الغاية من وجودها وهي الاستماع إلى انشغالات المواطنين"..بهذه العبارات واجه وزير السكن والعمران والمدينة عبد الوحيد طمار مدراء السكن عبر التراب الوطني ، في مداخلته خلال لقاء جمعه بهم شهر ديسمبر من العام الماضي ،مذكّرا بالتعليمة التي كان قد أصدرها إلى مسؤولي قطاعه بضرورة إطلاق صفحات على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي ، لا لتكون مجرد صور شكلية للمديريات ، ولكن من أجل التواصل الحقيقي مع المواطنين وجميع المتعاملين مع قطاع السكن.


الوزير طمار هو نموذج واحد يعبّر عن حالة فئة من المسؤولين في الجزائر ، أصبحت تدرك مدى أهمية استغلال التغيّر الذي أحدثته تكنولوجيات الاتصال والمعلومات على عملية التواصل بين المواطنين فيما بينهم ، وبين المواطنين والمسؤولين بمختلف درجاتهم ، فالأمر الذي كان متوقّفا في الماضي على رسالة ورقية يتمّ توجيهها إلى الوزارة أو المصلحة الحكومية بعد وضعها في ظرف مغلق ووسمها بطابع بريدي ، ثم انتظار وصولها إلى السلطات المعنية قبل الردّ عليها ، أصبح يتمّ الآن من خلال خطوات بسيطة باستعمال وسيلة أقوى وأسرع وأكثر فعالية وتتوفر بين أيدي شريحة واسعة من المواطنين من مختلف الأعمار ، وذلك بعد التطوّر و التنوّع الذي تعرفه خدمات تصفّح الانترنت على الهواتف الذكية ، التي أصبحت وسيطا في يد المواطن يتوصّل من خلاله إلى الوزير والوالي والنائب ورئيس البلدية ، كما أصبحت صندوق بريد بين يدي عدد من المسؤولين ، يطلّعون من خلاله على هموم وانشغالات مواطنيهم في أي وقت وفي أي مكان، ويتخذّون قرارات وإجراءات على أرض الواقع بناء عليها.

وسائل التواصل الاجتماعي..للرقابة والمحاسبة عند طمار !
لم تعد وظيفة مواقع التواصل الاجتماعي ، تقتصر بالنسبة للوزير طمار ، على التواصل بين الوزارة والمواطنين ومديريات السكن ، وبين مديريات السكن والمواطنين ، ولكنها أصبحت وسيلة لممارسة الرقابة والمحاسبة على المسؤولين ، وهذا بعد أن أبلغ الوزير مسؤولي قطاعه بأنه سيكشف هوية كل إطار وكل مقاول يتسبب في تأخر إنجاز المشاريع السكنية التي تمّ تكليفهم بالإشراف على إنجازها في جميع الولايات ، وذلك على هامش لقاءه مع المؤسسات المكلّفة بإنجاز سكنات "عدل".


الوزير نفسه كشف أمام الحضور عن اطلاعه المنتظم على بريد صفحته الرسمية ، كما أن الانشغالات والرسائل التي يتلقّاها من المواطنين وبعض المتعاملين مع مصالح وزارته على غرار المقاولين و المرقّين العقاريين تجد صداها على أرض الواقع على ما يبدو ، حيث كانت رسالة ما حول عدم تمكّن المواطن من مقابلة مدير السكن في ولايته ، سببا لتوجيه تعليمة لجميع مديريات السكن تقضي بتخصيص يومين في الأسبوع لاستقبال المواطنين وشركاء القطاع ، وذلك لأن "المدراء ورؤساء المصالح والمكاتب إذا لم يقوموا باستقبال المواطن وحتى المنتخب المحلي فإنه لن يكون بإمكانهم معرفة انشغالاته"، يقول الوزير طمار، الذي تعهّد بالحرص على توفير الشفافية والوضوح بخصوص تأخر المشاريع السكنية من خلال صفحته على فيسبوك التي سيفضح المسؤول الأول على القطاع من خلالها كل من يتقاعس عن أداء دوره في خدمة المواطن.


بن غبريت.."نجمة" الحكومة الأولى على مواقع التواصل الاجتماعي !
وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت هي ، بلغة الأرقام ، النجمة الأولى بين أعضاء الحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي ، بعد وصول عدد المعجبين بصفحتها الرسمية في فيسبوك إلى 1.1 مليون معجبا، يضاف إليها ما يتجاوز 340 ألف متابع في تويتر ، متفوّقة على صفحة وزارتها ، ليس من حيث عدد المتابعين وحسب ، ولكن في سبقها إلى نشر المعلومة الرسمية المتعلّقة بالقطاع ، ما يجعل صفحة الوزير المصدر الأول لآخر الأخبار حول القرارات الوزارية ، مسابقات التوظيف في قطاع التربية ، نشاطات الوزيرة الرسمية ، وأيضا تهانيها الوديّة للمواطنين ولموظفي قطاعها في المناسبات الوطنية والدينية والدولية أيضا.


تعرّف الوزير بن غبريت نفسها على حسابها الرسمي في تويتر كباحثة وأستاذة في العلوم الاجتماعية أولا ، ثم بصفتها الوزيرة ال17 للتربية في الجزائر ، وتحظى منشوراتها على مختلف صفحاتها بتفاعل كبير بين متابعيها ، كما تتفاعل صفحة الوزيرة في فيسبوك مع تعليقات ورسائل المتابعين ، وهو ما كانت الوزيرة قد تعهدت به في بداية تولّيها منصب الوزارة قبل أربع سنوات ، حيث يسجّل أرشيف موقع فيسبوك منشورا وجّهته الوزيرة إلى متابعي صفحتها تنفي من خلاله ما تمّ تداوله حول اعتزام مصالحها استبدال اللغة العربية باللهجة العامية في تقديم الدروس الرسمية بالمؤسسات التربوية ، وتؤكد فيه على استعدادها لاستقبال أسئلة وانشغالات المواطنين والأساتذة والإجابة عليها أو اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها .
الوزيرة بن غبريت ، ستكمل هذا الأسبوع ، أربع سنوات على تعيينها على رأس قطاع التربية ، خلفا للوزير السابق عبد اللطيف بابا أحمد في 05 ماي 2014.

رسائل محمد عيسى في الدين والحياة..
كيف تردّ وأنت تسير في طريقك إلى النجاح على الأصوات التي تحاول تثبيط عزيمتك وثنيك عن المضي قدما ؟ محمد عيسى وزير الشؤون الدينية والأوقاف يخبرك بأن لا تسلّم أذنيك لهم وبأن تقول لهم :"كلا إنّ معي ربّي سيهدين".. هذا ما يظهر على الصورة التي تزيّن أعلى الصفحة الشخصية للوزير في موقع فيسبوك ، والتي يتابعها ما يزيد عن 34 ألف معجبا ، ليكون محمد عيسى بذلك في المرتبة الخامسة في ترتيب أكثر وزراء الحكومة نشاطا ومتابعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
محمد عيسى لا يكتفي في إدارة صفحته على نقل نشاطاته الوزارية وحسب ، ولكنه يخصّص جانبا من منشوراته لتوجيه رسائل دينية وتربوية للمواطنين ، وعادة ما تكون هذه المنشورات منبرا للنقاش بين وجهات نظر مختلفة ، في موضوعات مثل المرجعية الدينية الوطنية ووحدة المجتمع الجزائري وغير ذلك ، وعندما يفوته شيئ في إطلالاته على وسائل الإعلام التقليدية مثل التلفزيون ، لا يتردد الوزير في استعمال وسيلته الجديدة لاستدراك ما ورد في كلامه سهوا أو عن نسيان.


محمد عيسى هو الآخر يدعو موظفي قطاعه بالغ الحيوية والتأثير ، إلى دخول غمار التواصل الاجتماعي مع الناس ، حيث دعا مطلع شهر مارس الماضي أئمة المساجد إلى استغلال التكنولوجيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي لمحاربة التطرف والأفكار الطائفية ولنشر مبادئ الإسلام الحقّة ، وذلك من خلال نقل الخطاب الديني إلى فضاءات التواصل التي يرتادها ما يقارب 14 مليون جزائريا حسب ما تظهره الإحصائيات.

هؤلاء هم "نجوم" الحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي
بالإضافة إلى النماذج المذكورة سابقا ، هناك وزراء آخرون تصنع صفحاتهم الخاصة الاستثناء على مواقع التواصل الاجتماعي ، على غرار وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية نور الدين بدوي الذي يرفق خرجاته إلى مختلف ولايات الوطن برسائل وطنية وسياسية إلى المجتمع ، كما تتميّز الصفحة الخاصة بوزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي مراد زمالي بالاعتماد في تغطية نشاطه الوزاري على جماليات الوسائط المتعددة من خلال بثّ مقاطع فيديو وصور غرافيك مصممة باحترافية ، في حين تساهم وزيرة البيئة والطاقات المتجددة فاطمة الزهراء زرواطي في نشر ثقافة البيئة والمحيط من خلال نشر صور مشاركاتها العديدة في عمليات التنظيف التي تساهم فيها الوزيرة شخصيا إلى جانب الشباب والمواطنين.
وفيما يلي ترتيب الصفحات الشخصية للوزراء الأكثر متابعة على مواقع التواصل الاجتماعي ، مع العلم أننا لم نأخذ بعين الاعتبار الصفحات التي تمثل الوزارات :

1-نورية بن غبريت وزيرة التربية الوطنية : 1.1 مليون معجب في فيسبوك + 340 ألف متابع في تويتر

2-عبد القادر مساهل وزير الشؤون الخارجية:176 ألف متابع في تويتر
3-مراد زمالي وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي:43 ألف معجب في فيسبوك + 5 آلاف متابع في تويتر

4-فاطمة الزهراء زرواطي وزيرة البيئة والطاقات المتجددة : 41 معجب في فيسبوك

5-محمد عيسى وزير الشؤون الدينية والأوقاف: 34 ألف معجب في فيسبوك

6-نور الدين بدوي وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية: 30 ألف معجب في فيسبوك + 2000 متابع في تويتر

7-عبد الغني زعلان وزير النقل والأشغال العمومية : 24 ألف معجب في فيسبوك

8-عبد القادر بوعزقي وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري : 17 ألف معجب في فيسبوك

الخبير الدولي في تكنولوجيات الاتصال والمعلومات يوسف بوشريم:
التواصل بين المسؤول و المواطن مصدر مهم للمعلومة ووسيلة لاتخاذ القرارات السليمة
من شأن التواصل بين المسؤول والمواطن أن يعزّز الشفافية والثقة بين الطرفين ، ويرسّخ ثقافة المشاركة لدى المواطن في جهود التنمية ، هو ما يؤكده السيد يوسف بوشريم الخبير الدولي في تكنولوجيات الاتصال والمعلومات، والذي يشدّد على أهمية إشراك المواطن في عملية التنمية من خلال التواصل معه بصفته مصدرا من مصادر اتخاذ القرار في أي قطاع من قطاعات العمل الحكومي.
فالاقتصاد العصري الذي يعتمد على تكنولوجيا المعلومات كمحرك أساسي ، لم يعد يقتصر على تلك العلاقة التقليدية بين الثروات الطبيعية ورأس المال واليد العاملة ، ولكنه أصبح عبارة عن منظومة واسعة متكاملة تجمع كل الفاعلين تحت نظام رقمي يعتمد على المعلومات والمعطيات الاحصائية الدقيقة ،و تكتسي مشاركة المواطن في هذه المنظومة أهمية بالغة ، لكونه مستفيدا من مخرجات التنمية ومنتجا لمدخلاتها في نفس الوقت ، وأيضا هو مصدر لصناعة القرار إلى جانب السلطات الرسمية ، وتتحقّق هذه المشاركة من خلال دور المواطن كمصدر للمعلومة ، التي أصبحت تعدّ سلعة ثمينة في الاقتصاد باعتبارها مصدرا لاتخاذ القرار ، وبالتالي فإن التواصل مع المواطن عبر الوسائل الجديدة يوفّر المعلومة التي يتمّ بواسطتها صناعة القرارات السليمة المدروسة التي تتماشى مع بيئته وتطلعاته .
يوسف بوشريم الخبير الدولي في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات

ومع ذلك ، يرى الخبير الدولي يوسف بوشريم أن استعمال وزرائنا لوسائل التواصل الاجتماعي لا يزال محتشما بشكل عام بالمقارنة مع نظرائهم في دول أخرى ، باستثناء نشاط وزيرة التربية بن غبريت وعدد قليل من الوزراء الآخرين ، وهو ما يطرح مشكلة غياب الشفافية في التواصل مع المواطنين ، ما من شأنه أن يزيد من توسيع شرخ الثقة بين المواطن و المسؤول.
وعلى الرغم من الإمكانيات الهائلة التي أصبح يوفرها الهاتف الذكي ، الذي تحوّل إلى كمبيوتر مصغّر يمكن من خلاله القيام بأشياء كثيرة لا تعدّ ولا تحصى ، إلا أن استخدام هذه الإمكانيات لا يتعدى ، بتقدير السيد بوشريم ، ما نسبته 5 بالمئة في بلادنا ، سواء تعلّق الأمر بالمواطنين أو المسؤولين .
فاستخدام الهاتف الذكي من قبل المسؤول يمكنه من الاطلاع على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي وبثّ ومشاهدة مقاطع الفيديو في أي وقت وفي أي مكان ، من شأنه أن يسهّل عليه عملية الولوج إلى المعلومة المفيدة له وللمواطن على حدّ سواء.
لكن استغلال هذه الوسيلة يبقى من طرف واحد ، يضيف السيد بوشريم ، ففي حين يتبادل المواطنون المعلومات ومقاطع الفيديو المتعلقة بخرجات المسؤولين فيما بينهم ، ويتمّ التفاعل معها بتعليقات عفوية من مختلف الشرائح ، يسجّل غياب المسؤولين عن التواصل عبر هذه الوسائل ، وهو ما يفرض على مسؤولي مختلف القطاعات الوزارية العمل على دخول غمار هذا المجال ليكون المسؤول قريبا من المواطن ، من خلال بثّ رسائل مكتوبة أو مصوّرة على وسائل التواصل الاجتماعي للدفاع عن وجهات نظرهم في مواضيع تتعلق بقطاعاتهم أو لشرح مواقف معيّنة للمتابعين ، الأمر الذي سيقرّب المسافة بين الطرفين ، ويرسّخ جوّ الثقة والتواصل والشفافية بين المواطن والمسؤول.