الرئيس بوتفليقة يؤكد في مجلس الوزراء على مهامها التكنوقراطية كشف مخطط عمل الحكومة الجديدة، برأي بعض المراقبين، عن خلفيات اختيار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لوزير الموارد المائية السابق عبد المالك سلال لإدارة شؤون الجهاز التنفيذي، خلفا لأحمد أويحيى، وعوضا كذلك عن عبد العزيز بلخادم الذي رشحته دوائر لتقلد زمام الوزارة الأولى. وقد تضاربت تحليلات المتابعين بهذا الصدد، ولو أن أغلبها ذهب في اتجاه قراءة قرار الرئيس ضمن الرغبة الملحّة للتركيز على انشغالات المواطنين العاجلة، من أجل السهر على استكمال برنامجه الخماسي قبل نهاية العهدة الرئاسية التي تمتد إلى ربيع 2014، بيد أن الاطلاع على الأولويات الاقتصادية والاجتماعية التي انصب عليها تفكير مجلس الوزراء المنعقد يوم الاثنين الماضي، في أول اجتماع يلمّ شمل حكومة سلال بالرئيس بوتفليقة، يؤكد صحة التفسيرات الواقعية التي أعطيت لتفضيل «رجل تكنوقراطي» لإدارة مقاليد الحكومة في المرحلة الحالية، بالرغم من السياق السياسي الخاص الذي تمر به الجزائر وطنيا وإقليميا على حد سواء، إذ إن مخطط عمل حكومة سلال لم يتناول بتاتا الجوانب السياسية والإصلاحية المتعلقة بهذا الشق، مع أن البلاد مقبلة قريبا كما يفترض، على تعديل الوثيقة الأسمى في تنظيم دواليب الدولة والمجتمع، في حين تركزت توصيات مجلس الوزراء وفق بيان رئاسة الجمهورية على اتخاذ الإجراءات التي يتعين القيام بها لمباشرة إعادة تأهيل وتعبئة كافة المصالح العمومية في سبيل الاستجابة لتطلعات المواطنين وانشغالاتهم، ويتعلق الأمر كذلك بإعطاء دفع جديد وبعث دينامية مطردة في الاقتصاد الوطني بهدف التصدي لآثار الأزمة الاقتصادية العالمية ومغالبة التحديات الجسيمة التي تواجهها بلادنا، مثلما يوضح بيان الرئاسة، والذي لم ترد فيه أصلا لفظة «الإصلاحات» إلا عرضا في سياق التأكيد على تنفيذ البرامج القطاعية، مع أنه أشار إلى تكفل مخطط عمل الحكومة بمواصلة تحسين الحكامة لتعزيز دولة الحق والقانون وإعادة الاعتبار جذريا للخدمة العمومية وترقية التماسك الوطني. ويتضح من خلال «القراءة الأولية» لمحاور مخطط عمل فريق عبد المالك سلال، أن مهام الحكومة المعدلة تتجه نحو تخفيف أعباء الظروف الاجتماعية بالأساس، والعمل لترقية الحياة اليومية للسكان، وفق رؤية بعض المختصين، سيما من خلال أمر رئيس الجمهورية الحكومة بالسهر على تحجيم التضخم في مستويات تطاق، بواسطة أدوات تتيحها السياسة النقدية والسياسة المالية تكون متساوقة مع نمو الإنتاج، والعمل هذا ينبغي أن يعزز بتسيير حازم لمسارات التوزيع وبتنظيم الأسواق على المستوى المحلي والجهوي والوطني بهدف الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، مثلما نص عليه بيان الرئاسة، إضافة إلى تفادي قانون المالية لسنة 2013 سنّ أية ضريبة جديدة ولا أية زيادة لا في الضرائب ولا في الرسوم، بل إن مجلس الوزراء أقدم على إلغاء التصنيف لقطع أرضية فلاحية تم تخصيصها لإنجاز سكنات عمومية ومرافق عمومية جوارية في بعض الولايات. وتحيل هذه التوصيات والإجراءات التي تضمنها مخطط عمل طاقم سلال من وجهة نظر البعض إلى خلاصة جوهرية، مفادها أن عبد المالك سلال رفقة وزرائه الذين ينحدر أغلب الجدد فيهم أيضا من مسار إداري، قد أوكلت له مهمة إطفاء الحرائق وتسكين موجة الغضب التي اجتاحت عديد القطاعات في الآونة الأخيرة، وتبعها خلال فصل الصيف تدهور مستوى الخدمات العمومية، فيما يتكفل قصر المرادية ما دام الرئيس بوتفليقة هو رأس السلطة التنفيذية، برعاية الإصلاحات السياسية وجلّ الملفات الحساسة على الصعيد الوطني والأمني والخارجي.