يعدّ الحكواتي ماحي صديق مسلم أحد أعمدة فن الحكاية الشعبية في الجزائر وسفير التراث الجزائري في العالم ككل، صال وجال في إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا وداخل بلاده، ليقدم للجمهور وعشاق الرواية الشفهية والأحاجي أجمل القصص التراثية المستمدة من التاريخ والثقافة الجزائرية، والمستلهمة من أساطير الأمازيغ وحكايات الأجداد، وعلى هامش مهرجان الحكاية بوهران كان لنا معه هذا اللقاء : ارتبط اسم ماحي صديق بمهرجان الحكاية لوهران ، فما تعليقك ؟ استطاع المهرجان أن يؤسس لنفسه جمهورا كبيرا بفضل المشاركة المميزة للحكواتيين، و أنا خلال هذه الطبعة سأحكي البعض من حكاياتي التي يحبها الحضور حسب البرنامج المسطر من قبل جمعية القارئ الصغير لوهران ، أنا أريد كغيري من الزملاء رد الاعتبار لفن الحكاية الشعبية وتدوينه للأجيال، فهذا الفن لا يتعلق بنشاط أو فعالية معينة، بل هو فن قائم بذاته وعمل مستمر ودائم، كما سأقوم بإعادة كتابة بعض القصص التراثية والأساطير بطريقتي الخاصة، منها "بقرة اليتامى"، التي من خلالها أجعل الجمهور يحب الحكاية الشعبية التي تجعله يبحث ويسأل عن حقيقتها في التاريخ، كما أن الحكايا التي أقدمها لا تقتصر على سرد قصة تاريخية وتراثية نابعة من تراثنا العميق وحضارتنا، إنّما تحمل في طياتها رسائل سلام ومحبة نحتاجها اليوم في زمن الحروب والتناحر الموجود في العالم ، مثل حكاية "مولا مولا " وهي قصة طائر موجود في "الأهقار" يطلق عليها أهل المنطقة اسم "بشارة خير " ، حيث قمت بنسج أحداثها من وحي خيالي حول الهجرة غير الشرعية ، وعندما قدمت القصة بتونس قال لي أهلها أن اسم الطائر عندهم " أبو حبيب" وله قصة أخرى ، و نفس الشيء عندما ذهبت للكونغو قال لي أهلها أن اسمه " كنيك بي بي " وفي كل الحالات هو طائر السلام الذي نريده أن يكون في حياتنا . هل يتجاوب الجمهور العربي و الأوروبي مع حكاياتك الشعبية ؟ أعتز بالحكاية الشعبية التي أقدمها و أعتبرها فنا متكاملا، ما جعلني أقدم لها الكثير في حياتي مثلما قدمه قبلنا "القوالون" و"المداحون"، والجمهور دائما يحب الشيء المختلف، خاصة فيما يخص معرفة تراث الحضارات الأخرى التي تتشابه في العمق و تختلف ربما في المسميات، فعندما أسرد الحكايا بنكهة "بقرة اليتامى" المتجذرة في التراث الجزائري، و" تنيهينان" المرأة الأسطورية والأم الروحية للتوارق ، و"واش قالوا ناس زمان" وغيرها من القصص التي ألّفتها واستلهمتها من الأساطير الشعبية، و أسردها بطريقة ذكية أجد الجمهور يتفاعل معها، سواء كان عربيا أو أجنبيا ، حيث أنه ينجذب لحركاتي وصوتي وطريقة الإلقاء ، ففي جنوبلبنان وجدت أنهم يتحدثون نفس اللهجة التي نتحدثها في الغرب الجزائري و كانوا يستمعون للحكاية بكل اهتمام و عندما لا يفهمون كلمة أغيرها بكلمة باللغة العربية، كما لامست عند الأجانب نفس الاهتمام بحكايا تراثنا الشعبي و هذا ما لاحظته من خلال اتصالاتهم من كل بقاع العالم خاصة السياح الذين استمعوا إلى الحكايا في المنتجعات الصيفية بالجزائر . ما هي مشاريعك المستقبلية ؟ أستعد للمشاركة في صالون الكتاب الدولي الخاص بالأطفال بصفاقس بتونس خلال الفترة الممتدة بين 15 و 24 مارس الجاري ، حيث سأقدم بعض الحكايات مثل " يا الماء " ، و هي أسطورة عن وهران ، إضافة إلى" قصص أمي" ، كما سأشارك في أول لقاء عالمي بقسنطينة يتضمن عمل مشترك بين الحكواتي و المصور، حيث سيقوم هذا الأخير بتقديم حكاية عن طريق مجموعة من الصورة، كما أنني أعكف على نشر 3 حكايات من إبداعي الخاص، و قد وضعتها على مستوى صندوق الدعم بوزارة الثقافة ،وأنا أنتظر نشرها، منها قصة "سيفاكس" التي تدور حول 3 شخصيات و هم سيفاكس ملك نوميديا ، الأمير عبد القادر والولي الصالح سيدي بلعباس ، كما أنشط حاليا حصة إذاعية بعنوان " ماحي يحكي "، والتي لقيت نجاحا عند مجموع المستمعين، والشيء المهم الذي أريد أن أركز عليه أننا نحن الحكواتيين لا نريد أموالا من الدولة، نحن نبدع فنا ونقدم عرضا و نريد تسويقا ، فقط نقول لهذه المؤسسات الثقافية " اشتروا عروضنا " ..