أمّهات الرمل

الأمّهات اللواتي يرتقين فوق الرمل
أقدامهن الحافية تلامس الوجدان
تغضّ الطرف عن خلخال يعوي
يكسرُ العوزُرنينَه
يعلّقه جرسا في ساق الحكاية ..
الأمّهات الحافيات تعلو ظهورهن حزم الحطب
يجرحن صمت زقاق الطين
تبتلعهنّ الغابة
و تبقي روائح خبزهنّ الطازج في أنف الصباح ..
نتحسّس أصواتهنّ جنب الساقية
ينسكب الماء في جوف العطش الأزلي لنخلة ترصد مرور الزمن
تتوارى عراجينها الشهية حيية
يحمرّ لها خذّ الشفق
تثقل خطانا التواقة للشمس
تسكت عويل الظهيرة من حرّ قائض ...
تنتظر موكب الأمّهات الحافيات يضوع منهنّ طيب العرق
أيديهنّ مخضّبة بطين الأرض الرؤوم
يزرعن ألف حكاية و حكاية لمواسم الغيث القادم..
الأمّهات الحافيات تتسرّب من شقوق أقدامهنّ
أحلامنا الصغيرة ، تحلب لبن اللحظة التواقة لوجه القمر على صفحة الماء
تربّت بكف السكينة على الطفل المتوجّع فينا .
الأمّهات الحافيات على الرمل يهدهدن مهد البداية
يناغين ولدان النور بأصوات تفيض حبّا
يقمن «تويزة «2 لوقف زحف الرمل
يملأن القفف
الرمل كاسح ، و قففهن المهترئة توقف الزمن أعرجا
مواكب الأمهات الحافيات ريح تهزّ جدع الوهم
نسّاقط رطبا على ركبهنّ المتوجعة
بأعين الدهشة نتأمل سعف النخيل تغزله أناملهنّ
و أصواتهنّ تردّد : «زرعي ضاقت روحو
و أهلي بغاو يروحو
اهناشي يا الحصادة
هناشي يا امّالية
الأمهات الحافيات
تنتصب رموشهنّ جوعى للإثمد
يخبئن برك الدموع المنفلتة من كبد تفطّر
الأمّهات الحافيات
تهفو لخطاهنّ ذرات الرمل الملتهبة
يحملن قلّة الطين فترتوي السواقي
و تبعث من سباتها الأفراح.