لم يمض على بعث الروح فيه سوى 10 سنوات إلا أنه أضحى أشهر من نار على علم ليس على مستوى الولائي فقط بل على الصعيد الوطني بعد أن تحول إلى بؤرة تفرخ الإجرام بكل أصنافه و أنواعه إلى درجة قتل الطفلة سلسبيل منذ شهر فقط بعد اغتصابها و طي جثتها كما يطوى الكتاب داخل كيس ثم رميها في مفرغة عمومية و كأنها من سقط المتاع ، إنه حي الياسمين بشرق مدينة وهران الذي كان من المفترض و المفروض أن ينتشل سكان حي «بلانتير « الذين تم ترحيلهم إليه من مستنقع القصدير و السكن العشوائي و من الآفات الاجتماعية بكل أنواعها إلا أن النتيجة كانت و بسبب سوء تخطيط الجهات المعنية تحوله إلى قنبلة اجتماعية انفجرت فتناثرت شظاياها بين إزهاق للأرواح و حرب عصابات و شجارات دامية بين الجيران على أي سبب أو بدون سبب و تجار مخدرات يسرحون و يمرحون و يستقبلون زبائنهم من مختلف الأحياء الشعبية منها و الراقية و كأنهم رجال أعمال و الويل لمن يعترض أو حتى يتأفف لأن الرد سيكون قاسيا للغاية . لم يعد الحي يبعث على الخوف و الارتياب فقط في نفوس زائريه الذين تراهم يتلفتون يمينا و يسارا خوفا من قاطع طريق أو لص أو معتاد إجرام بل حتى سكانه أضحوا يخافون على سلامتهم و أمن أبنائهم و ممتلكاتهم فتراهم مضبوطون على إيقاع الدوام المدرسي طوابير طويلة من الأولياء صباح مساء يرافقون أبناءهم إلى المؤسسات التربوية و لا يقتصر الحال فقط على تلاميذ المدارس بل حتى مرتادي الإكماليات و الثانويات خاصة من الفتيات تراهن مرفقين بآبائهم أو إخوانهم خوفا عليهن من التحرشات و المعاكسات بل و حتى من الاعتداءات الجسدية في حال رفضت الفتاة الانصياع لرغبات شاب يكون قد عقله غاب تماما بعد أن تناول حبة « إكستازي « او «صاروخ» فيتحول إلى حيوان مفترس لا يردعه دين و لا ضمير و لا حرمة لبنت الجار كما كان الحال مع سلسبيل التي اكتفى مغتصبها و قاتلها بالقول للقاضي بكلمات باردة جامدة ...لقد تعاطيت 4 حبات صاروخ قبل أن أنفذ جرمي ... شبح سلسبيل لا زال يخيم في الحي الذي ينزف فقرا و أوساخا و آفات في ظل مراكز ترفيه منعدمة و مساحات خضراء حبيسة التنظير و بطالة جد مرتفعة وسط شبابه ، فقط ذاك سوق الخضر و الفواكه الفوضوي الذي يوفر مصدرا للأكل للكثير من شبابه ما دام الانخراط فيه لا يحتاج إلى شهادة تأهيلية و لا إلى واسطة و لا رشوة . بعد مقتل سلسبيل و قبلها الكثير و الكثير من الشباب و القصر الذين زهقت أرواحهم لأسباب تتخطى حدود التفاهة أضحى الحي مخيفا و غير قابل للعيش للكثير من سكانه حيث ارتفع معدل الشقق المعروضة للبيع لكن من يشتري شقة بعقد تنازل لا قيمة قانونية له لكي يجاور بائع كيف أو معتاد إجرام مفتخر بسوابقه القضائية أو لص لا يتردد في سرقة والديه فما بالك بجيرانه حسب قول أحد السكان.