أصبحت ظاهرة عزوف الطلبة عن دخول المحاضرات ظاهرة متفشية في العديد من الجامعات الجزائرية، حيث باتت المدرجات تخلو من الطلبة وهو ما خلف حالة من الاستياء وسط الأساتذة من هذه القطيعة التي لا تقتصر على تخصص دون غيره ، إنما تمس مختلف التخصصات، ما يشير إلى خطورة هذه الظاهرة وانعكاساتها السلبية على الطالب و عالم الشغل فيما بعد، في الوقت الذي تتكبد فيه الدولة مصاريف كبيرة من أجل تخريج كفاءات مستقبلية والتوفيق بين قطاعي التعليم العالي والعمل. الكسل و عدم وجود فراغ بين الحصص ولتسليط الضوء على ظاهرة عزوف الطلبة عن مدرجات الجامعة قامت جريدة *الجمهورية* باستطلاع ميداني بجامعة قسنطينة )3 ( ، وبالتحديد بكلية الإعلام والاتصال والسمعي البصري ، والتقنيا هناك بعدد من الطلبة الذين كان تصريحهم حول الأمر صادما جدا ، حيث كشفوا أن أسباب واهية ومقنعة تحول دون حضورهم المحاضرات ، أهمها التكاسل والعجز عن النهوض باكرا للتوجه إلى الجامعة، حيث قال الطالب أمين الذي يدرس سنة ثالثة اتصال إنه لا يستطيع حضور المحاضرات لأنها مبرمجة صباحا، وهو الوقت الذي ينام فيه بسبب السهر ، إلى جانب عدم وجود أوقات فراغ بين المحاضرات والحصص التطبيقية ما يجعله يستغني بطبيعة الحال عن المحاضرة ، وبالنسبة لأهدافه كطالب ، فصرح لنا أنه يدرس فقط ، ولا أمل له في إيجاد عمل مستقبلا . أما الطالب خليل الذي يدرس سنة ثالثة علاقات فأكد لنا أنه سجل حضوره في المحاضرات مرة واحدة فقط ، وسبب ذلك ظروفه الاجتماعية ، بالإضافة إلى قناعته التامة بأنه حتى لو درس واجتهد فإنه لن يتمكن من الحصول على عمل إلا من خلال ما يسمى ب *بالمعريفة* ، وعلى الرغم من كونه قد حاول التحسين من مستواه عبر تعلم اللغات وتلقي دروس في التنمية البشرية إلا أن الأوضاع الراهنة والواقع المعاش جعله يتشاءم كثيرا، ، ومن جهتها الطالبة رميساء فأكدت أنها تعجز عن الحضور خاصة في الساعات الأولى من الصباح ،كما أن هناك محاضرات يتزامن وقتها مع وجبة الغداء فلا تتمكن من الدخول و رغم أنها تجد إشكالا مع هذا الغياب خاصة و أن أسئلة الامتحان أغلبها مستوحاة من المحاضرة ،مضيفة أنها واعية تماما بأهمية الحضور لكنها تتمادى في الأمر .لأسباب هي نفسها تجهلها. وفي اتجاه آخر أكد الطالب عبد المجيد أنه مواظب على حضور المحاضرات لأنه يعتمد عليها كشيء أساسي ،فمن خلال المحاضرة الحصة التطبيقية يتمكن من الإجابة بسهولة يوم الامتحان، معتبرا عزوف الطلبة عن المحاضرات مشكلا كبيرا ومطروحا بقوة ، ليس فقط على مستوى جامعة قسنطينة) 3(، إنما على مستوى جامعة الجزائر التي درس فيها أيضا ، مرجعا ذلك إلى قوانين الجامعة بشكل عام التي لا تفرض إجبارية الحضور على الطلبة إلا في الحصص التطبيقية فلو كان العكس لكانت المدرجات ممتلئة عن آخرها. استياء كبير وسط الأساتذة ولرصد رأي الأساتذة اقتربنا من الدكتورة سكينة العابد من قسم الإعلام والاتصال بجامعة *قسنطينة 3* التي عبرت عن استيائها من تغيب الطلبة عن المحاضرات ، حيث تأسفت على تفكير الطالب الذي أصبح غير واع بخطورة الأمر، مشيرة إلى أنه هناك محاضرات تقدم بحضور 5 طلبة أو أقل، وهو أمر خطير خاصة على مستوى أقسام الماستر التي من المفروض أن تلقى إقبالا كبيرا من قبل الطلبة بالنظر لأهميتها، معتبرة تبريرات الطلبة المنقطعين عن دخول المدرجات مجرد حجج غير منطقية للتستر عن ذهنية الاتكالية السائدة وسط معظمهم، في حين أشار عدد آخر من الأساتذة إلى أهمية المحاضرة في تحسين مواد الفهم الدراسية ، والتي غالبا ما تكون موضوع الامتحانات المقررة . //////////////////// عميد كلية الإعلام و الاتصال د. فضيل دليو : * التغيب عن المحاضرات يؤثر سلبا على المستوى التعليمي للطالب * أكد عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة قسنطينة) 3( الدكتور فضيل دليو أن ظاهرة عزوف الطلبة عن المحاضرات أصبحت سلبية، خاصة على مستوى بعض المدرجات التي تضم 200 طالب أو أكثر، والتي لا تجد بها إلا 50 طالبا أو أقل ، ما يؤثر سلبا على مستوى التحصيل الدراسي . وأرجع الدكتور فضيل دليو أسباب العزوف عن تلقي المحاضرات إلى انشغال الطالب بأمور أخرى ، وهو ما يؤثر سلبا على مستواه التعليمي خاصة أصحاب التخصصات المطلوب منهم بذل جهود قوية ، على غرار تخصصات الطب والصيدلة، في حين أن البعض يستغنون عن المحاضرات لأنهم يعتمدون على زملائهم لنقلها لهم ، وهو نوع من الاتكال والكسل ، كما أن هناك من يلقي اللوم على الأستاذ و طريقته المملة في إلقاء المحاضرة ، حيث لا يتمكن الطالب من الاستفادة منه بهذه الطريقة، وهو ما يستوجب أخذه بعين الاعتبار من قبل الإدارة التي عليها أن تدفع بالأساتذة إلى الإلقاء بطريقة جيدة تجعل من الطالب يستوعب أكثر و يتفاعل مع المحاضرة بالشكل المطلوب، رغم أن هذا الأخير مطالب بحضور محاضراته سواء كانت مملة أو مشوقة ، لأنه سيستفيد منها من دون شك. وفي ذات السياق ذكر * دليو * أن حضور الطالب ومتابعته يفيده في إزالة الغموض والتوسع في بعض النقاط التي تكون لديه إشكالات حولها، وعن الإجراءات التي يجب اتخاذها من أجل جعل الطالب يقبل على محاضراته ولا يعزف عنها كشف محدثنا أنه ضد الإجبار من خلال إلزاميتها، لكنه مع ترغيبهم فيها وتشجيعهم وتوعيتهم على مستوى الأفواج والمحاضرات مع تسليط الضوء على ذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة وتبيان أهميتها في تكوين رصيد معرفي يستفيد منه الطالب حتى خارج فكرة الامتحانات .