تتوفّر الجزائر على الإمكانيات التي تجعلها تلعب دورا في لملمة الملف الليبي الذي تتابعه عن كثب و تساهم في حلّه منذ نشوب الأزمة في 2011، رغم أنّ الملف تشوبه تعقيدات بسبب وجود التدخل الأجنبي على الخط، والتسابق لقضاء المصالح الخاصة في ليبيا كما هو الشأن بالنسبة لتركيا وروسيا وغيرهما، الأمر الذي يجعل الجزائر تضع الملف الليبي في أولوياتها، مباشرة بعد تجفيفها لمنابع أزمتها الداخلية التي انتهت باختيار رئيس جديد للبلاد . لقد كان لقرب الجزائر من الملف الليبي الفرصة السانحة من أجل تجميع عديد المعطيات التي أدّت إلى الأزمة و من بعدها الاقتتال الأهلي بين قوات ليبية مختلفة ، و هو الاقتتال الذي يزيد في تعميق ذات الأزمة و يستبعد الحلول المقترحة ، و هي الحلول التي يرفضها بشكل خاص خليفة حفتر المتقاعد الذي ظهر على خط ملف الأزمة الداخلية لبلاده و بهذا الموقف استجلب مزيدا من التدخل الأجنبي لبلاده ، باعتبار التدخل الأجنبي عادة ما يدعم قوّة على حساب قوة أخرى ، و هي العوامل التي تزيد في الابتعاد عن الحل الممكن. وتستوعب الجزائر كل التفاصيل المعلنة والخفية للملف الليبي ، وتدرك أن عامل الوقت ينفد في ظل الإصرار على الاقتتال و محاولة احتلال طرابلس ، كما تشكّل الجزائر أيضا حلقة في مسار الحل في ليبيا ، فكل المبادرات الإقليمية أو الدولية تؤكد على الدور الجزائري و الحضور ، فقد دعيت الجزائر منذ أيّام إلى حضور مؤتمر برين ، وكانت الرئاسة قد أعلنت في بيان رسمي إثر لقاء جمع بين الرئيس عبد المجيد تبون بنظيره الليبي فائز السراج أن "طرابلس خط أحمر ترجو ألا يجتازه أحد". وطالبت الجزائر المجتمع الدولي ومجلس الأمن باحترام الشرعية الدولية ، ووضع حد للتصعيد العسكري بليبيا ، منددة بالمجزرة التي ارتكبتها قوات حفتر إثر قصف الكلية العسكرية بطرابلس الذي أدى إلى سقوط أكثر من 30 قتيلا، واصفة إياه "بالعمل الإجرامي الذي يرتقي لجريمة حرب". وكانت قوات قائد ما يسمى ب "الجيش الوطني الليبي" لخليفة حفتر المتقاعد قد أعلنت وقف إطلاق النار في ليبيا بداية من ليلة الأحد 12 يناير الجاري، على أن يلتزم الطرف المقابل بوقف إطلاق النار في هذا التوقيت، مطالبة بضرورة احترام وقف إطلاق النّار وهدّدت بأن يكون الرد قاسيا في حال عدم الالتزام به. في حين قال رئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية فائز السرّاج أنّ وقف إطلاق النّار يجب أن يكون مقرونا بتراجع قوات حفتر عن العاصمة طرابلس. كما لم يستجب خليفة حفتر لنداء الرئيسين الروسي و التركي المجتمعين في اسطنبول، و الذي دعا حفتر إلى وقف إطلاق النّار و التقدّم نحو العاصمة . وكانت قوات حفتر قد بدأت هجومها على طرابلس منذ أوائل أبريل 2019 بهدف السيطرة عليها مما تسميها "المليشيات الإرهابية ". التي يقول أنّها تتلقى الدعم من تركيا.