لقد تفاجأت يوما و أنا أزور معرضا "منساباتيا" خاصا باليوم العالمي للمياه ,بتوفر مؤسسة توزيع المياه بولايتنا على "كاميرا عائمة" , سبق لي وقد تابعت وثائقيا حول كيفية تسيير بلدية برلين بألمانيا شبكتها لتوزيع المياه , وكيف أنها تستعمل هذا النوع من الكاميرات من أجل إصلاح التسربات المائية أينما وجدت على شبكة توزيع المياه ؟ و لذا سارعت إلى استفسار القائمين على المعرض عما إذا كان هذا التجهيز مستغلا في تدخلات مؤسستهم لإصلاح شبكة توزيع المياه المحلية ؟ فأكدوا استعماله في إصلاح التسربات المائية . و رغم الشك الذي ساورني , يومئذ إلا أنني تفاءلت خيرا لأن وجود التجهيزات قد يحفز على الاستفادة من منافعها . و باختصار شديد فإن من مزايا "الكاميرا العائمة"؛ أنه يمكن تشغيلها بلوحة تحكم عن بعد ,و هي داخل قنوات المياه ,تلتقط صورا ثلاثية الأبعاد ,يتابعها مشغلها على شاشة خاصة و بذلك يمكن للتقني تحديد موقع التسرب بدقة بحساب المسافة التي قطعتها الكاميرا العائمة و بذلك تم القضاء على ظاهرة "الحفر العشوائي" المتكرر للطرقات بحثا عن موقع تسرب مائي قد لا يكون في المكان الذي انبجس منه الماء . وفي ولايتنا التي تتوفر على مثل هذا التجهيز , و التي بحكم مسايرتي لمسارها التنموي أكثر من 28 عاما , كنت "اعتبر أن الأموال التي دفنت تحت الأرض في شكل شبكات لنقل وتوزيع المياه و شبكات التطهير و الري الفلاحي و الغاز و المواصلات ... هي أضعاف الأموال التي خصصت للبنى التحتية المنجزة فوق الأرض" , في هكذا ولاية ما زالت التسربات المائية تصنع الحدث , و خاصة في عاصمتها , التي أصبح لكل حي بها نصيبه من التسربات التي تهدر يوميا آلاف الأمتار المكعبة من المياه , "قال لي أحد إطاراتها أنه لو تم القضاء على التسربات ,لأمكن توفير المياه يوميا للسكان بنفس الكمية المتوفرة حاليا ؟«, و تستمر هذه التسربات تحت مرأى و مسمع المسؤولين المعنيين و المحليين , و الذين يبدو أنهم لا يعيرون لتبليغات المواطنين أي اهتمام , و منهم من لا يتحرك للقيام بالمهمة المسندة إليه إلا "بتعليمة " المسؤول الأول عن ولايتنا حسب ما يستنتج من منشورات مؤسسته على موقع الفيسبوك ؟ لذا قد تحتاج حكومتنا إلى هيئة مختصة ,لوضع التجهيزات الدقيقة المستوردة بالعملة الصعبة , بين أيدي من يحسن استغلالها ,بدلا من تركها بين أيدي من يستغلها في الحملات الاستعراضية.