الجزائر أُمّة قوية ومتماسكة بفضل إرثها التاريخي المجيد    وهران: إصابة 12 شخصا في حادث انحراف حافلة بحي الصديقية    تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية, سايحي يشرف غدا على إعطاء إشارة انطلاق القافلة الطبية المتنقلة    اليوم الوطني للمجاهد: تدشين عدة مرافق عمومية وتكريم مجاهدين بولايات وسط البلاد    الصحراء الغربية: المطالبة بإيفاد بعثات دولية لتوثيق الانتهاكات المرتكبة من قبل الاحتلال المغربي    الجيش الوطني الشعبي: إرهابي يسلم نفسه وتوقيف 3 عناصر دعم للجماعات الإرهابية خلال أسبوع    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 62122 شهيدا    الجمهورية الصحراوية تشارك في مؤتمر طوكيو للتنمية بإفريقيا "تيكاد 9"    بطولة افريقيا لرفع الاثقال (اشبال وأواسط): الجزائر تحصد 22 ميدالية منها 6 ذهبيات بعد يومين من المنافسة    خريطة جديدة؟    حملاوي تبرز أهمية التكوين    تأهّل غير مُقنع    دخول جامعي: السيد بداري يجتمع برؤساء الندوات الجهوية للجامعات    الجيش الوطني يساهم في إخماد النيران    الدولة ملتزمة بالمضي في مسار الاستدراك التنموي    مشاورات لتفعيل مقاربة تسيير تشاركية    عرقاب يستقبل الأمين العام لمنتدى الدول المُصدّرة للغاز    فرق الزرنة النسوية تقتحم الأعراس    الإسلام يدعو إلى البناء الجماعي الهادئ    موقع تيمقاد يستقطب 50 ألف زائر    وهران: افتتاح الجولة الثانية لمهرجان الراي بحضور جمهور لافت    هذه الحكمة من جعل الصلوات خمسا في اليوم    المخزن وخيانة فلسطين    حريصون على بناء جزائر قوية مستقلة بقرارها    إيداع 4 أشخاص الحبس المؤقت    رصيد وطني يلهم الأجيال للاستمرار في تعزيز مكانة الجزائر    سوناطراك: حشيشي يستعرض مع الأمين العام لمنتدى الدول المصدرة للغاز سبل تعزيز التعاون الثنائي    "شان-2024": المنتخب الجزائري يواجه نظيره السوداني في الدور ربع النهائي    الشريط الساحلي بتلمسان قِبلة واعدة للمصطافين    الحملات التحسيسية تدفع إلى تخفيض أسعار الكراريس    بنفيكا البرتغالي يصر على حسم صفقة عمورة    بن ناصر يقترب من العودة إلى أولمبيك مرسيليا    فيديو البرغوثي يثير قلق الأمم المتحدة    مناطق لجذب الأجانب وتعزيز الوجهة المتوسطية    الكاتبان عزيز موات وخيدر وهاب يستحضران الذكرى    عملان جزائريان في فئة روايات الفتيان    ذاكرة الثورة تروى في مكتبة المطالعة    بحث عن الخصوصية شكلا ومضمونا وحنين لأبطال رافقوا يوميات الجزائريين    إدانة استيلاء الكيان الصهيوني على التراث الفلسطيني    مجيد بوقرة يبرر تراجع أداء لاعبيه في "الشان"    توقف الدفع الإلكتروني عبر منصّة فرع "عدل" مؤقتا    تأجيل دخول الأساتذة وموظفي التكوين المهني    برنامج "عدل 3" : تمديد آجال تحميل الطعون إلى غاية 6 سبتمبر    البارا-جودو (الجائزة الكبرى -الجيزة 2025): ميداليتان برونزيتان للجزائريين ولد قويدر وشتوان    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش..وكيل الجمهورية لدى محكمة الدار البيضاء يعقد ندوة صحفية    لن يجري تغييرات جوهرية..بيتكوفيتش يحسم قائمة "الخضر" لقمة بوتسوانا وغينيا    سيشكل منصة لا مثيل لها أمام المؤسسات الافريقية والمبتكرين    الدولة تولي أهمية خاصة لتشجيع الكفاءات الوطنية    عرض تدقيق النتائج لضمان دقة المعطيات    بداية التجسيد الفعلي للمشروع بعد رفع العراقيل    فتاوى : هل تبقى بَرَكة ماء زمزم وإن خلط بغيره؟    خالد بن الوليد..سيف الله المسنون    قتلة الأنبياء وورَثتُهم قتلة المراسلين الشهود    مناقصة لتقديم خدمات المشاعر المقدسة في حج 2027    منصة لاستقبال انشغالات المؤسّسات الصحية في أكتوبر المقبل    الوضوء.. كنز المؤمن في الدنيا والآخرة    دعم المراقبة الوبائية للملاريا المستوردة بالولايات الحدودية    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبيلة بني مناصر: تاريخ حافل بالبطولات والمقاومة ضد الاستعمار
نشر في الجمهورية يوم 04 - 07 - 2020

تزخر قبيلة بني مناصر التي ينحدر منها أحد الشهداء الذين استرجعت الجزائر جماجمهم من فرنسا, البطل محمد بن الحاج, الذي سقط في ميدان الشرف وعمره لا يتعدى 18 سنة, بتاريخ حافل بالبطولات منذ البدايات الأولى لاندلاع المقاومات الشعبية في الجزائر.
وتتواجد قبيلة بني مناصر في رقعة جغرافية تمتد وقتها من شرق مستغانم وبني حواء والشلف غربا ومليانة وشمال المدية جنوبا وشرشال شمالا وغرب العاصمة شرقا.
وكانت هذه القبيلة من القبائل الأولى التي رفعت لواء المقاومة في وجه الاستعمار الفرنسي و"تصدرت" مشهد المقاومة بالمنطقة, مثلما يقول استاذ التاريخ والباحث, الدكتور حسان مقدوري ل "وأج", مبرزا في السياق أن قبيلة بني مناصر كانت "قاطرة" تقود باقي عروش وعائلات المنطقة حيث شكلت زاوية سيد أمحمد أبركان التي تديرها عائلة البراكنة, مركز إشعاع ديني وروحي.
وبلغت قوة ومستوى التنظيم قبل الاحتلال الفرنسي بقيادة أمحمد بن عيسى البركاني إلى حد تشكيل ما يسميه المؤرخون ب"اتحادية بني مناصر", وهي عبارة عن قوة عسكرية تضم قبائل الظهرة و الونشريس وسهل الشلف والمتيجة وتيسمسيلت تعنى بحماية وتأمين الناحية الشرقية للجزائر العاصمة آنذاك أو دار السلطان إبان التواجد العثماني.
انضمت قبيلة بني مناصر مبكرا, بقيادة أمحمد بن عيسى البركاني, تحت لواء الأمير عبد القادر مع البدايات الأولى للاحتلال الفرنسي, أي سنة 1832 وحمل أبناؤها معه السلاح لمواجهة قوات العدو الفرنسي, حيث تمت مبايعته بمدينة شرشال, بمسجد "المائة عرصة" ووجد, حسب العديد من المؤرخين, كل أنواع السند والمساندة ل"كبح" توسع الاستعمار في غرب البلاد خلال سنوات الثلاثينات والاربعينات من القرن ال19.
وهو ما يبرر أيضا -- يتابع الباحث في التاريخ الدكتور مقدوري-- انضمام شباب من طينة البطل الذي إسترجعت جمجمته, الشهيد محمد بن الحاج وهو لم يتعد ال18 سنة, للمقاومة بكل حماس, معتبرا أن ذلك "مؤشر يوحي بقوة الروح القتالية والإرادة والشجاعة التي كانت سائدة آنذاك لدى بني مناصر".
ودفعت قوة اجماع سكان المنطقة بالأمير عبد القادر بأن يقرر تعيين امحمد بن عيسى البركاني خليفة على مقاطعة "التل" أي "التيطري", المدية وجميع المناطق المجاورة لها, قبل أن يقرر أيضا منحه صلاحية تسيير مناطق الساحل أي إلى غاية شرشال, فيما عين بن علال ولد سيدي علي أمبارك المنحدر, من القليعة, خليفة على منطقة مليانة.
والى غاية سنة 1834, لم تستطع قوات الغزاة أن تصل الرقعة الجغرافية التي تتواجد فيها قبيلة بني مناصر بفعل المقاومة الشرسة, ما أجبر الاستعمار على إمضاء معاهدة "دي ميشال" مع الامير عبد القادر تعترف فيها له بحدود الدولة الوطنية التي أسسها الأمير يومها, قبل أن تخترق, حيث تصدى بني مناصر لذلك الاعتداء الذي حدث شرق العاصمة من قبل الدوق "أورليان".
وفي مايو 1840, سيطر الغزاة على شرشال اثر شنهم لحملة عسكرية واسعة, إلا أن روح المقاومة لدى بني مناصر لم تهدأ وظلت تزعج الاستعمار من خلال تنفيذ عديد الهجمات, أهمها هجوم 19 مايو على قوات الاحتلال بمدينة شرشال دام ست أيام, ما جعل العساكر الفرنسيين يصفون بني مناصر في مذكراتهم ب"شوكة في حلق فرنسا".
== معركة جبل الزكار, "ملحمة" في تاريخ المقاومة الشعبية ==
تميزت معركة جبل زكار (يونيو 1842) بروح قتالية عالية قادها مقاومو بني مناصر بجبل زكار بمليانة أين تكبد العدو خسائر فادحة حيث سقطت كتيبة تتكون من 500 جندي فرنسي تحت قيادة الضابط "بيسون", قائد مليانة آنذاك, في كمين نصبه لهم بني مناصر ما جعل المؤرخون يعتبرونها "من بين أبرز الملحمات في تاريخ المقاومة الشعبية".
ومع مطلع 1843, إستغلت السلطات الاستعمارية سقوط دولة الامير عبد القادر بمواصلة همجيتها فيما استمر أيضا سكان بني مناصر في المقاومة, حيث كاد المقاومون ان يقضوا على الجنرال بيجو, الحاكم العام آنذاك الذي قاد حملة عسكرية واسعة, اثر سقوطه في كمين قبل ان ينسحب الى شرشال, حسب المؤرخين.
وبعد قرابة الشهرين من الحصار والمعارك, تمكنت قوات الاحتلال من الوصول إلى جبال مناصر بتاريخ 25 فبراير 1843 وألقت القبض على بعض من قيادات القبيلة إلا
أنها لاقت مقاومة شرسة عند وصولهم زاوية البركاني أين اندلعت معركة حامية قضى فيها ثوار بني مناصر على 14 جندي فرنسي.
وبعد السيطرة على آخر معاقل بني مناصر, واصلت فرنسا سياسة الهمجية والإبادة حيث قررت نفي عائلة البراكنة والعناصر الثورية إلى جزيرة مارغريت جنوبي فرنسا.
== عودة مالك البركاني من المنفي, المقاومة تستعيد انفاسها ==
رغم سياسة طمس الهوية والتفقير والتجهيل وتشجيع التبشير وهدم الزاويا والمساجد, إلا أن روح المقاومة ظلت قائمة طيلة 40 سنة حيث شكلت عودة, مالك البركاني سنة 1871, إبن أخ سي امحمد بن عيسى البركاني, من فرنسا بعد 14 سنة من المنفى, انطلاقة جديدة لروح المقاومة نظرا للسمعة الطيبة التي تحظى بها العائلة بالمنطقة.
وبعد إجراء مالك البركاني اتصالات مع شيوخ وعائلات قبائل منطقة الوسط من التنس إلى الظهرة, تقرر إثر لقاء عقد بساحة سوق الأحد وسط مدينة مناصر بتاريخ 14 يوليو 1871 خوض المقاومة المسلحة.
وإستطاع القائد مالك البركاني أن يجند عروش وقبائل المنطقة ويحضرون لسلسلة من الهجمات الناجحة, إستهدفت مواقع عسكرية ومصالح معمرين بكل من بني حواء وبني
ميلك وسيدي أعمر وسيدي غيلاس والداموس وشرشال وحمام ريغة وعين البنيان غربي العاصمة ومواقع عسكرية, حيث يحصي مؤرخون خسائر تقدر بنحو 120 جندي إلى غاية 25
يوليو من نفس السنة.
واجتمعت في مالك البركاني صفات القائد العسكري والمسير والدبلوماسي المحنك, حيث راسل وقتها ملكة بريطانيا للمطالبة بمساعدة الجزائريين بالسلاح لطرد الاستعمار.
وقاد مالك البركاني عديد المعارك أبرزها معركة سيدي سميان وسيدي غيلاس وكذا معركة العناصر بمنطقة بوحرب (مناصر) إلى أن سقط بميدان الشرف بتاريخ 2 أغسطس
من سنة 1871 إثر معركة بطولية بمنطقة الأقواس ببلدية سيدي أعمر.
وبفضل شجاعة وبسالة وحنكة ثوار بني مناصر نقلت جثة الشهيد البطل مالك البركاني من ميدان الشرف, وتم دفنه بزاوية اسلافه, "البركاني" بعد مراوغة العدو, وتفويت عليه "فرصة" التنكيل بجثته وقطع رأسه ونقلها لمتحف الإنسان بفرنسا مثلما فعل مع ثلة من خيرة ابطال هذا الوطن.
وفي سنة 1901, جدد بني مناصر العهد مع المقاومة ورفض الخضوع, إذ نظموا هجمات إستهدفت مواقع عسكرية فرنسية بعين التركي بولاية عين الدفلى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.