حج 2024: دورة تدريبية خاصة بإطارات مكتب شؤون حجاج الجزائر    تسخير كل الإمكانيات البشرية والمادية لإنجاح الإحصاء العام للفلاحة    فلاحة/مؤسسات ناشئة: اطلاق الطبعة الرابعة لمسابقة الابتكار في قطاع الفلاحة في افريقيا    مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري يثمن قرار خفض نسب الفائدة على القروض الاستثمارية    كرة القدم/الرابطة الأولى "موبيليس" : مولودية الجزائر تعمق الفارق في الصدارة وشبيبة القبائل تبتعد عن الخطر    كرة اليد (البطولة الإفريقية للأندية وهران-2024): تتويج الترجي التونسي على حساب الزمالك المصري (30-25)    مهرجان الجزائر للرياضات-2024: اختتام الطبعة الأولى بأصداء إيجابية في أوساط العائلات والشباب    سكيكدة: دخول محطة تصفية المياه المستعملة بفلفلة حيز الخدمة    تربية: التسجيلات في السنة الأولى ابتدائي بداية من هذه السنة عبر النظام المعلوماتي    تكوين الشباب في مجال مناهضة خطابات الكراهية والتمييز "مبادرة ذكية تعزز اللحمة الوطنية"    ممثلا لرئيس الجمهورية.. العرباوي يتوجه إلى كينيا للمشاركة في قمة المؤسسة الدولية للتنمية    انطلاق الاختبارات التطبيقية لأول بكالوريا في شعبة الفنون بالعاصمة    ارتفاع حصيلة الاعتقالات بالضفة الغربية إلى نحو 8495 فلسطيني منذ 7 أكتوبر الماضي    المرشدات الدينيات يعتبرن مدرسة تكوينية للأجيال    غرداية : اقتراح عدة معالم تاريخية لتصنيفها تراثا ثقافيا    الجيش الصحراوي يستهدف قاعدتين لقوات الاحتلال المغربي بقطاع المحبس    اندلاع مواجهات مع قوات الاحتلال في الضفة الغربية    مع انطلاق حملة مكافحة الحرائق: منع التخييم والتجول بالغابات بداية من الأربعاء بقسنطينة    حوادث المرور: وفاة 4 أشخاص بتيبازة وتيزي وزو    صراع أوروبي على عمورة    إياب نصف نهائي كأس الكونفدرالية: الاتحاد متمسك بموقفه وينتظر إنصافه بقوة القانون    كشف عنها وزير المالية وسجلتها المؤسسات المالية الدولية: مؤشرات خضراء للاقتصاد الوطني    لأول مرة في تاريخ القضاء الجزائري: رئيس الجمهورية يمنح قضاة المتقاعدين لقب "القاضي الشرفي"    الإقبال على مشاهدته فاق التوقعات    رفض الكيل بمكيالين وتبرير الجرائم: قوجيل يشجب تقاعس المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية    الجولة 24 من الرابطة المحترفة الأولى "موبيليس": تعادل منطقي في داربي الشرق بين أبناء الهضاب وأبناء الزيبان بين والساورة تمطر شباك اتحاد سوف بسداسية كاملة    مباشرة إجراءات إنجاز مشروع لإنتاج الحليب المجفف    مظاهرات الجامعات يمكن البناء عليها لتغيير الموقف الأمريكي مستقبلا    لا صفقة لتبادل الأسرى دون الشروط الثلاثة الأساسية    10 % من ذخائر الاحتلال على غزّة لم تنفجر    بسكرة: ضبط ممنوعات وتوقيف 4 أشخاص    البنوك تخفّض نسبة الفائدة على القروض قريبا    الرئيس تبون يمنح لقب "القاضي الشرفي" لبعض القضاة المتقاعدين    توفير كل الظروف للاعتناء بمعنويات الفرد العسكري    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    استئناف أشغال إنجاز 250 مسكن "عدل" بالرغاية    حساسية تجاه الصوت وشعور مستمر بالقلق    هدم 11 كشكا منجزا بطريقة عشوائية    الاتحاد لن يتنازل عن سيادة الجزائر    رياض محرز ينتقد التحكيم ويعترف بتراجع مستواه    بيولي يصدم بن ناصر بهذا التصريح ويحدد مستقبله    إنجاز جداريات تزيينية بوهران    15 ماي آخر أجل لاستقبال الأفلام المرشحة    أكتب لأعيش    دورة تكوينية جهوية في منصة التعليم عن بعد    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    لحوم الإبل غنية بالألياف والمعادن والفيتامينات    استفادة كل ولاية من 5 هياكل صحية على الأقل منذ 2021    محسن يتكفل بتموين مستشفى علي منجلي بخزان للأوكسيجين بقسنطينة    ندوة ثقافية إيطالية بعنوان : "130 سنة من السينما الإيطالية بعيون النقاد"    نحو إعادة مسح الأراضي عبر الوطن    تجاوز عددها 140 مقبرة : جيش الاحتلال دفن مئات الشهداء في مقابر جماعية بغزة    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة: الفيلم الفلسطيني القصير "سوكرانيا 59" يثير مشاعر الجمهور    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا عن اليوم التالي من الحراك؟
نشر في الحياة العربية يوم 21 - 04 - 2019

بإلقاء نظرة بانورامية على الأحداث في الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة، من السودان إلى الجزائر، مروراً بليبيا واليمن، يمكن أن نستخلص عدداً من الدروس التي تعيننا على معرفة الطريق المؤدي إلى المستقبل، أكبرها درسان.
الدرس الأول أن معظم الأنظمة الحاكمة العربية لا تأبه ببذل جهد حقيقي لبناء مؤسسات مجتمعية سياسية أو اقتصادية أو غيرها، مستندة إلى مشروع سياسي يضمن الاستمرار، وليس بالضرورة البقاء. هي فقط تعتمد على وجود المؤسسة العسكرية، حتى هذه بشروط، حيث تكون القيادات العليا فيها موالية دائماً للنظام، و«تُنظف» من احتمال المعارضين أول فأول. الدول التي اعتمدت على المؤسسة العسكرية لتحميها وأهملت مطالب الناس، كانت السبب في الانقلاب عليها في الوقت المناسب، مثال ذلك ما يحدث اليوم في السودان، وقد حدث أكثر من مرة في نصف القرن الماضي في أكثر من دولة عربية.. البلاد التي لم تبنَ فيها مؤسسة عسكرية أو خلافه من المؤسسات، دخلت في حروب أهلية بمجرد فرط العقد، القائم على وجود الرجل الذي تم تقريباً تأليهه، معمر القذافي مثالاً لزرع الفوضى بعد الرحيل، كان متوجساً من المؤسسة العسكرية فأنشأ كتائب بديلة، أسست إلى ترك البلاد تتجه بسرعة وبقسوة إلى حروب أهلية طويلة. المؤسسة العسكرية السورية نُظفت أكثر من مرة، لتصبح في النهاية شكلاً ميليشياوياً طائفياً وبقشرة مؤسسية، انتهى المطاف بسوريا إلى خوض حروب أهلية منهكة، لا أعتقد أن وقت نهايتها قد حان، اليمن أيضاً تم بناء جيش من الموالين، وتركت الميليشيات تزدهر، فبمجرد أن وهن عظم النظام، أطلت الميليشيات الطائفية برأسها، مقسمة اليمن إلى مناطق متقاتلة، في لبنان الميليشيات أقوى من الدولة، وبمجرد ضعفٍ يظهره المجتمع الدولي تجاه هذا البلد فإن الميليشيات المسلحة جاهزة للحرب الأهلية، المؤسسات الدستورية في لبنان أوهن من بيت العنكبوت، والجيش يحمل تفسخه من داخله. السودان مثال أخير، وليس النهائي، لقد حكم «الإنقاذ» تحت راية الإسلام السياسي 30 عاماً بلاداً موحدة، وانتهى بتقسيمها، لقد ساعد «الإنقاذ» بفصل السودان إلى سودانَين، وأسس إلى انقسامات محتملة، وخلق ميليشيات رديفة من الحزب، همها الحزب، وليس الدولة، وأدخل «الإنقاذ» السودان في حروب طرفية عبثية، سوف يكون لها تأثير سلبي على سودان المستقبل.
الدرس الثاني مع ذهاب البشير؛ نحن الآن في آخر حقبة الإسلام السياسي في الحكم، أو قدرته على إقناع شرائح كبيرة من المجتمعات العربية بأنه يشكل المستقبل، أو أن لديه مشروعاً سياسياً قابلاً للحياة، آخر سكة استخدام المقدس للوصول إلى «المدنس» تتشكل أمامنا، لم يبق في المنطقة إلا مكانان لاستخدام المقدس من أجل المدنس، الأول طهران، وأعتقد أن زمن الحكم في طهران بالطريقة التي حكم فيها في العقود الأربعة الماضية سوف يتغير في وقت ليس ببعيد، أما المثال الثاني فهو تركيا، التي كما يظهر أنها دخلت في مرحلة «الأزمة» الأخيرة، بعد أن لمعت تجربتها بعض الوقت، على أنها التجربة التي قامت بخلطة بين الشعار الإسلامي والديمقراطية الحديثة، لم تستطع أن تستمر في شروط الديمقراطية التي تتناقص متطلباتها الأساسية بسرعة مع خطوات وسياسات الحكومة القائمة على المقدس في أنقرة، حتى أصبحت قريبة من ديكتاتورية الحزب الواحد، بل الشخص الواحد، وما خسارة ذلك الحزب في الانتخابات البلدية في بعض المدن التركية مؤخراً إلا علامة على ذلك الانحسار.
الإسلام السياسي كسابقيه المشروع القومي والمشروع اليساري، جميعهم إقصائيّون، لا مكان للمختلف بينهم، فهم يذبلون في الحكم ثم يسقطون كأوراق الخريف.
لقد خسر السودان إبان حكم الإسلام السياسي نصف بلاده، وأكثر من 3 أرباع ثروته وعشرات الآلاف من قواه البشرية المتعلمة والنشيطة، وباع نظام البشير للناس أوهاماً قريبة إلى الخرافة، كما فاضت سجون سوريا بعشرات الآلاف من المواطنين، وشرد ملايين آخرين، وأصبحت ثروة ليبيا في مهب الريح حتى نُقل عن المفوض الأممي إلى ليبيا أنه في كل يوم في ليبيا يولد مليونير جديد نتيجة نهب منظم للثروة الليبية، واقتربت البلاد من الانتقال من الحرب الأفقية إلى الحرب العمودية، كما شجعت بعض الأنظمة ذات الشعار المقدس في المراحل السابقة حروباً في الجوار، وحشدت الناس، باعتبار أن الجار العربي هو الخصم، الجزائر مثالاً، كل ذلك من أجل تقليل أو تأخير تلبية المطالب الحيوية للناس كي يعيشوا في عالم القرن الحادي والعشرين.
في اليوم التالي من الحراك، لا مفرّ للمنطقة العربية إلا أن تلتحق بما التحقت به أمم كثيرة صغيرة وكبيرة في الشرق والغرب. المرحلة الليبرالية المتمثلة بدولة مدنية حديثة وعادلة، تقف على قاعدة صلبة من القانون الحديث النابع من الناس والمستقل، الذي ينظم العلاقات، ويضبط الصراعات بين شرائح المجتمع المختلفة، ذلك الحكم مبني على قواعد حقوق الإنسان والمسؤولية المجتمعية وبناء أخلاقي يتيح لمؤسسات المجتمع المدني الحر أن تعمل بشكل منظم، كما يخرج العسكر في هذه الدولة المدنية من العمل السياسي، ليتفرغوا لما يفرضه واجبهم العسكري، وهو حماية الوطن من الأخطار الخارجية. أما في الداخل فالأمر شورى منظمة وحديثة بين مكونات المجتمع الذي هو بالضرورة تعددي. هذا الطريق ليس سهلاً أو ميسوراً الآن، إلا أنه كلما اقتنعت النخب العربية بأنه الطريق الصحيح للنهوض المطلوب، وقد جربته مجتمعات غيرنا فأصابت كثيراً من الازدهار والاستقرار، قربنا من يوم الخلاص. هذا السعي هو الذي يجعل الحراك الجزائري والسوداني مستمراً من أجل الوصول إلى أول الطريق وعدم تكرار ما مضى بوجوه جديدة.
بهذه الوصفة نبتعد عن كثير من الأفخاخ التي حملتها شعارات الثوريين من تحرير العالم، كما أراد القذافي، أو الغوص في مشكلاته كما يحدث في العراق اليوم بربط مصيره بمصير إيران! أو بناء كثير من السجون وتصفية المعارضين كما هو في سوريا، أو الحديث عن «تحرير» كما في لبنان، لن يأتي أبداً بسبب فقدان شروطه الأساس، بل يقود إلى خسران الأراضي كما الجولان، والشعب معاً. ما زلنا في هذه المنطقة نبحث عن النموذج الرافعة التي يمكن أن توصل شعوبنا إلى بر الأمان، لأن التضحيات فائقة الجسامة، والخسارة أكلت جزءاً كبيراً من رأس المال الوطني ولا تزال تفعل.
آخر الكلام.. الدولة المدنية الحديثة ترى أن لدى الموطن العادي قدرات غير عادية!
الشرق الأوسط اللندنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.