حريق بمستشفى تمنراست: وزير الصحة يقف ميدانيا على ظروف وملابسات هذه الحادثة    رئيس الجمهورية يقلد الرئيس اللبناني وسام الاستحقاق برتبة "أثير"    الاتحاد الإفريقي يدين تشكيل حكومة موازية في السودان ويدعو لوقف فوري لإطلاق النار    مؤتمر حل الدولتين: الجزائر ترافع مجددا من أجل منح العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون السياسية يتحادث مع نظيره اللبناني    استئناف الرحلات نحو بيروت اعتبارا من 14 أوت المقبل    رؤية متكاملة لدعم منظومة حقوق الإنسان    تمديد استثنائي لآجال إيداع الحسابات الاجتماعية للشركات التجارية    برنامج "عدل 3": أزيد من 1ر1 مليون مسجل اطلعوا على نتائج دراسة ملفاتهم    العصرنة لمكافحة الجريمة والتصدّي لحرب المخدرات ضد الجزائر    عميد جامع الجزائر يستقبل متفوقات البكالوريا    استشهاد 50 فلسطينيا إثر قصف للاحتلال الصهيوني    المجتمع الدولي مطالب بالتحرّك عاجلا لإيصال المساعدات إلى غزّة    كرة القدم/شان-2024: المنتخب الجزائري يتعادل وديا أمام موريتانيا (2-2)    معرض تشكيلي بالجزائر العاصمة يستذكر المسار الإبداعي للفنان مصطفى عدان    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    تنصيب نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمّع "صيدال"    الصحراء الغربية: الاحتلال المغربي لم ينجح في إسكات المرأة الصحراوية    هدفي العودة إلى المنتخب والمشاركة في "الكان"    المصارعة الجزائرية تحصد الذهب    باريس تحتضن ندوة "إيكوكو" نهاية نوفمبر المقبل    "كيرا كوميدي" تعد بسهرة فنية مميزة    "قراءة في احتفال" تملأ فراغ أطفال البليدة    بوجدرة يُكرَّم رئاسياً ويواصل "حرب الكلمة"    ندوة حول تطهير العقار الفلاحي    مولودية الجزائر تلتقي الباجي التونسي وديا    افتتاح صالون "تمويل 2025" لدعم الاستثمار بمشاركة أزيد من 40 عارضا    رقمنة : قافلة متنقلة لتكوين الشباب في القطاع عبر أربع ولايات في سبتمبر المقبل    السيدة مولوجي تبرزأهمية الاتفاقية بين قطاعي التضامن الوطني والصناعة في دعم إنتاجية المؤسسات الصناعية    تمنراست: سيشرع في الأيام القادمة في الإجراءات المتعلقة بفتح مصالح المستشفى الجديد بسعة 240 سرير    توقرت.. دورة تكوينية حول كيفية استعمال مطفأة الحرائق    بينهم 15 سيدة و12 طفلا..استشهاد 62 فلسطينيا بقصف إسرائيلي على غزة    المستشار الرفيع للرئيس الأمريكي : زيارتي للجزائر بداية للعمل المشترك من أجل مستقبل أكثر ازدهارا    قمة أديس أبابا لمتابعة أنظمة الغذاء للأمم المتحدة : الجزائر ترافع لتحرك دولي عاجل لإيصال المساعدات إلى غزة    توقيف مختلسي أموال من وكالة بنكية    المجاهد والكاتب والروائي الكبير، رشيد بوجدرة:الكتّاب الممجدون للاستعمار "ظاهرة ظرفية" آيلة إلى الزوال    الجزائر العاصمة : ندوة علمية حول ديناميكية الساحل الجزائري وعلاقته بالمواقع الأثرية    بإشراف من العميد محمّد المأمون القاسمي الحسنيّ..صدور العدد الأوّل من دوريّة "الجامع"    معالجة 501 قضية    حجز 7 دراجات "جات سكي" بوهران    تحت شعار "صيفنا لمة وأمان" : حملات نظافة واسعة النطاق عبر ولايات الوطن    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    قانون التعبئة العامّة يصدر بالجريدة الرسمية    هذه إستراتيجيات الجزائر لتحقيق الأمن الغذائي    وزير العدل يبرز جهود الدولة    هذه توجيهات وزير الثقافة والفنون    الألعاب الإفريقية المدرسية/الجزائر2025: ثلاثة اختصاصات في أدوار متقدمة من أجل احراز ميداليات في اليوم الثالث من المنافسات    الألعاب الإفريقية المدرسية-2025: السباحة الجزائرية تحرز على خمس ميداليات منها ثلاث فضيات في نهائيات اليوم الاول    تواصل موجة الحر عبر عدة ولايات من جنوب البلاد    حريق بمستشفى تمنراست: 3 وفيات و4 جرحى    شان-2024 (المؤجلة إلى 2025) – تحضيرات : المنتخب المحلي يواجه موريتانيا وديا    غوارديولا.. من صناعة النجوم إلى المدربين    ثواب الاستغفار ومقدار مضاعفته    من أسماء الله الحسنى.. "الناصر، النصير"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصدُّع الأدوار الإقليمية وإمكانيات التغيير
نشر في الحياة العربية يوم 18 - 01 - 2020

من وجوه الاشتراك بين حركات الإسلام السياسي السنية والشيعية: إنشاء ميليشيات «عقائدية» واستخدامها. ولذلك انقضى زمن الميليشيات المسلّحة إلا في ديار العرب والمسلمين.
فالمعروف أنّ الميليشيا هي من صناعة حركات التحرر من الاستعمار، وقد دعمها السوفيات والصينيون والكوبيون بعد الاستقلالات، لتكون شوكات إزعاج ونفوذ، يستطيعون المساومة عليها مع الأنظمة ومع الولايات المتحدة. وقد كان مفهوماً أن يلجأ الإسلاميون إلى هذه الأساليب عندما كانوا في المعارضة. لكنهم ثابروا على إنشائها ودعمها بعد وصولهم إلى السلطة في إيران، والأمر نفسه لجأت تركيا إلى القيام به في السنوات الأخيرة. فالإيرانيون اعتبروا أنفسهم أولياء أمر الشيعة في العالم، ومن حقهم استخدامهم على النحو الذي يخدم مصلحتهم، غير آبهين لسيادة الدول، كما للاستقرار وبديهيات الأمن والعيش في جوارهم القريب والبعيد. ولم يتورع إردوغان وعَلَناً عن استخدام الدواعش، وهو يستخدم الآن متفرعاتهم، بل وميليشيات محترفة من تجار الحروب والمستفيدين منها. وهو يلعب دور الحامي العثماني التاريخي تارة، ودور النهضوي الإخواني تارة أُخرى!
كيف أمكن للإيرانيين والأتراك اعتبار المشرق العربي والخليج مسرحاً لميليشياتهم دونما خوفٍ أو تردد؟ حصل ذلك أولاً بالشراكة مع الولايات المتحدة، وفي السنوات الأخيرة مع روسيا الاتحادية. وبسبب الخوف على السلطة أو على النفس سارع حكامٌ ومتنفذون ومعارضون في عدة بلدانٍ منها لبنان وسوريا والعراق وأفغانستان وليبيا واليمن وغزة، للزحف الذليل نحو الإيرانيين أو الأتراك وأحياناً بشكلٍ مباشرٍ نحو القوى الكبرى مثل روسيا الاتحادية والولايات المتحدة والصين والهند. ولأنّ الثقافة ثقافة ميليشيات، وأدنى في تنظيمها وأعمالها إلى مجموعات الجريمة المنظمة وإنتاج المخدرات والاتجار بها؛ فإنّ سائر البلدان التي ذكرناها، شاع فيها الدمار، والقتل، وخراب العمران، والتهجير القسري للإنسان والحيوان!
كيف ولماذا أقنع الإيرانيون أنفسهم، وكذلك الإردوغانيون، أنّ في الخراب والتهجير والقتل بالجوار حتى البعيد مصلحة لهم؟ هذا ما لا يمكن استيعابه بالعقل ولا بالحسابات الدقيقة حتى من دون الاعتبارات الإنسانية. إنما هذا هو السحر الذي تمارسه الكلمة اللعينة: المصلحة الاستراتيجية أو ما شابه. فإذا ضمت إيران العراق أو سوريا أو لبنان ولو خراباً إلى مناطق نفوذها فإنّ ذلك يجعل منها قطباً دولياً كبيراً وشريكاً لروسيا والصين… وأميركا!
إنما هل أزعج ذلك الخراب الروس والأميركان؟ أبداً لم يزعجهم. بل إنّ بوتين يفتخر تارة بتجربة الأسلحة الجديدة وفعاليتها، وطوراً يفتخر بحماية المسيحيين الأرثوذكس، وقبل ذلك وبعده: مكافحة الإسلام «الجهادي»!
لكنْ في الأسابيع الأخيرة حصل تحولٌ بارزٌ أظهر أمرين؛ الأول أنّ الإيرانيين والأتراك يعملون عند الروس والأميركان، وليسوا حتى شركاء صغار، بل هم أدواتٌ وحسب. والأمر الثاني أنّ كل دعاواهم في القوة والعظمة طوال سنوات مديدة تتحطم على صخرة الطائرات والصواريخ الروسية والأميركية إذا شعر أولئك أنّ مصالحهم مهدَّدة بأي شكلٍ كان، أو إذا وجدوا مَنْ يدفع لهم الثمن الملائم لطرد الميليشيات الإيرانية أو التركية أو هما معاً!
لقد قررت الإدارة الأميركية أنّ الحصار على إيران ليس كافياً لجلبها إلى طاولة المفاوضات والخضوع، ولذلك ضربتها ضربات قاصمة. وأدرك إردوغان أنه من دون الروس وغضّ الطرف من الأميركان لن يكون له نفوذ لا في سوريا ولا في ليبيا. والطريف أنه بعد الضربات الأميركية مباشرة جاء بوتين إلى سوريا كأنما ليجني ثمار ضرب ترمب لإيران، ومضى إلى تركيا ليدشّن خطّ أنابيب الغاز عبر تركيا إلى أوروبا، وليقول لإردوغان إنه لا يستطيع التدخل في ليبيا، وينبغي أن يقبل بحفظ ماء الوجه من طريق مشاركة وزير خارجيته في اجتماع موسكو لوقف إطلاق النار، وانتهى الأمر!
وهكذا فالأميركيون والروس هم الشركاء، وينضم إليهم الصينيون في العقد الأخير، وقد تأتي الهند أيضاً. أما الفريسة فهم العرب بلداناً وشعوباً وحضارة وعمراناً وموقعاً استراتيجياً. فحتى إسرائيل في استعمارها لفلسطين، وفي حروبها ضد العرب، ما استطاعت إحداث الخراب الشامل الذي أنتجه الإيرانيون والأتراك، ومن ورائهم سادتهم الدوليون في أميركا وروسيا.
يقول الخبراء الدوليون دائماً إنّ الإيراني صانع سجّاد متأنٍ، وإنه لا يضرب رأسه بالحائط ولا ينتحر. فهل تكون الضربات الأخيرة درساً يجعلهم يخفّضون القبضة على العراق وعلى لبنان مثلاً، ويسمحون بقيام حكوماتٍ رشيدة تلئم الجراح، وتعيد البلدين إلى الحياة الطبيعية؟ وهل يعتبر إردوغان المتكبر بما حصل له حتى الآن في سوريا وليبيا، فيدع قتل الناس وتهجيرهم أو التسبب في تهجيرهم مثلما فعل بشار الأسد والإيرانيون من قبل؟ هناك رأيان عند الخبراء الذين نقرأ لهم؛ الأول أنّ الإيرانيين لا يستطيعون القيام بمراجعاتٍ جذرية الآن. لأنّ عندهم ثوراناً بالداخل، وسيزداد خصوم سياساتهم بالداخل وبالعراق ولبنان جرأة إذا أظهروا ضعفاً أو مراجعة الآن. وهم يستدلون باستمرار حسن نصر الله زعيم الحزب في المزايدة والافتخار دون أن يذكر شيئاً طبعاً عن إسرائيل. كما يستدلون بعلوّ صوت أنصار الممانعة وهناك الآن إسماعيل هنية زعيم «حماس» يرثي «الشهيد» سليماني! أما إردوغان فلن يتراجع لأنه يعتبر نفسه منتصراً، ومتاعبه الداخلية أقلّ من متاعب الإيرانيين. أما الفريق الآخر وبينه إعلاميون كبار وخبراء فيقولون إنّ الإيرانيين لا يستطيعون الاستمرار لا هم ولا ميليشياتهم في التحدي والمناطحة. والجيش التركي مثل «الحرس الثوري» الإيراني صار عنده عدة قواعد خارج تركيا فيما بين الصومال وسوريا وليبيا وقطر وشمال قبرص. وهكذا تكون المراجعة ضرورية.
إنّ هذا التصدع الذي نال من همم ومطامع الإيرانيين والأتراك، يجعل السؤال عن الدور أو الفرصة التي ينبغي أن ينتهزها العرب أو ينظروا فيها ضرورياً. ففي الاجتماعات من حول سوريا، ومن حول ليبيا، ليس هناك طرف عربي واحد. وما يحدث في سوريا من سنوات يشكّل خطراً داهماً. أما ليبيا فإنّ أوضاعها خطر داهم على مصر وتونس والجزائر، فضلاً عن أوروبا القريبة. ولبنان ينجرُّ الآن إلى انهيار مالي واقتصادي ومعيشي. والكل يعرف أنّ السلطات في البلدان الثلاثة بل وفي العراق، أبعد ما يكون عن الاهتمام الحقيقي. لا بد من دورٍ عربي من خلال مجموعة استراتيجية صغيرة للتفكير والتدبير، وتطوير الخطط، والتشاور مع الأميركان والروس والأوروبيين. لقد رأينا عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني يرفع الصوت، ويعيد التذكير بمقولة الهلال الشيعي من عام 2004. فهل تكون هناك استجابة؟.
الشرق الأوسط اللندنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.