الرئيس اللبناني ينهي زيارته الى الجزائر:خطوة هامة في مسار تعزيز العلاقات الأخوية    أمام المؤتمر العالمي السادس لرؤساء البرلمانات بجنيف:ناصري يدعو البرلمانيين إلى التمسك بمطلب إصلاح الأمم المتحدة    رئيس الجمهورية يستقبل رئيسي الأرندي وحمس    وزارة الداخلية : ورشة حول التخطيط التشغيلي لمشروع "الحوكمة المحلية الرقمية والشاملة"    استشهاد 3 وإصابة أكثر من 20 بنيران الاحتلال.. نساء غزة يواجهن الموت جوعا أو القتل خلال البحث عن الطعام    جبهة البوليساريو ترد على الاحتلال المغربي : "ممارسة حق تقرير المصير تشكل الحل العادل والتوافقي"    مؤتمر حل الدولتين: الجزائر ترافع لمنح العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    بطولة العالم للسباحة 2025:جواد صيود ينهي سباق 200 متر متنوع في المركز 24    اليوم العالمي لنيلسون مانديلا:استذكار مواقف أيقونة النضال والتحرر    الكرة الطائرة/ مونديال 2025 /أقل من 19 سنة ذكور : انهزام المنتخب الجزائري أمام نظيره الكوبي 3-0    بللو يترأس جلسة عمل مع خبراء واطارات قطاعه:دعوة إلى إرساء خارطة طريق لتعزيز البحث الأثري في الجزائر    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    الطبعة الثامنة للمهرجان الثقافي الدولي "الصيف الموسيقي" من 7 إلى 14 أغسطس بالعاصمة    السيد بللو يدعو المتعاملين الخواص إلى الاستثمار في المجمعات السينمائية    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025/ : الجذافون الجزائريون يحرزون أربع فضيات وبرونزية واحدة    القانون الجزائري لمكافحة الاتجار بالبشر وضع التكفل بالضحايا في "صلب اهتماماته"    وزير العدل يشرف على تنصيب الرئيس الجديد لمجلس قضاء الجزائر    رئيس المجلس الشعبي الوطني يستقبل سفير جمهورية مصر العربية بالجزائر    الجيدو/مونديال-2025 لصنف الأشبال: الجزائر حاضرة بأربعة مصارعين في موعد بلغاريا    المغرب: الموانئ المغربية من جديد في خدمة آلة الإبادة الصهيونية    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر - 2025) تنس الطاولة: الجزائرية هنا صادي تنال البرونزية في الفردي    تواصل موجة الحر بجنوب الوطن مع تسجيل ارتفاع الأمواج بعدد من الولايات الساحلية    عربات التين الشوكي تغزو الشوارع    مالطا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل    عرقاب.. حشيشي وبختي في اجتماع هام    توقيع عقود المرحلة الأولى من إنجاز مشروع بلدنا    بوجدرة يفتح النار على مُمجّدي الاستعمار    تيسير المعاني باختيار الألفاظ ليس إهانة لها بل وفاء لجوهرها    استثمارات جازي ترتفع    شرطة المدية تطيح بشبكة إجرامية    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    والي بجاية يتفقد مشاريع ويستعجل استلامها    جئت للجزائر بشغف كبير وسأغادرها بإعجاب أكبر    الجزائر تدعو إلى تحرك دولي عاجل وفوري لإغاثة غزة    توقرت : توقف شخص في قضية حيازة وترويج المخدرات    مجلة "الشرطة" تحتفي بالذكرى ال63 لتأسيس الشرطة الجزائرية    ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 2 بالمائة    رئيس الجمهورية يجري محادثات ثنائية مع نظيره اللبناني    استئناف الرحلات نحو بيروت اعتبارا من 14 أوت المقبل    تمديد استثنائي لآجال إيداع الحسابات الاجتماعية للشركات التجارية    الشرطة الجزائرية تحذر من مشاركة الصورة الشخصية مع الغرباء    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    تنصيب نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمّع "صيدال"    مولودية الجزائر تلتقي الباجي التونسي وديا    هدفي العودة إلى المنتخب والمشاركة في "الكان"    ندوة حول تطهير العقار الفلاحي    "كيرا كوميدي" تعد بسهرة فنية مميزة    "قراءة في احتفال" تملأ فراغ أطفال البليدة    "الشيطان يرتدي برادا 2".. عودة الثلاثي الذهبي    تمنراست: سيشرع في الأيام القادمة في الإجراءات المتعلقة بفتح مصالح المستشفى الجديد بسعة 240 سرير    توقيف مختلسي أموال من وكالة بنكية    معالجة 501 قضية    حجز 7 دراجات "جات سكي" بوهران    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تفاعلت أفريقيا مع الثورات العربية؟ كتاب يجيب
نشر في الحياة العربية يوم 06 - 06 - 2022

تفاعل الأفارقة منذ وقت مبكر سلبا وإيجابا مع مختلف الثورات التي عرفتها المنطقة العربية، وتصدرت الأحداث التي عرفتها مصر بحجمها وموقعها الاستراتيجي صدارة الأحداث في القارة الأفريقية، بالنظر إلى ما عرفته من ثورات أسهمت في تحديد واقع ومستقبل القارة.
وقد تصدى الكاتب المصري حلمي شعراوي لهذا الملف في كتابه "الثورات العربية وأفريقيا"، من خلال قراءة تاريخية وسياسية لأهم الثورات التي عرفتها المنطقة العربية، وتداعياتها الإقليمية وخصوصا منها الأفريقية.
الإعلامي المصري مهند العربي يعيد قراءة كتاب "الثورات العربية وأفريقيا"، الذي سبق أن قدمت له الباحثة المصرية رباب يحيى هنا في "عربي21″، مركزا على أبرز معالم التأثير والتأثر بين الثورات العربية وإفريقيا..
..علاقات تاريخية وثيقة
ففي كتابه "الثورات العربية وأفريقيا" يحاول د. حلمي شعراوي الخبير بالشأن الأفريقي أن يربط بين الثورات العربية وأفريقيا عبر قرابة سبعين عاما، بداية من ثورة يوليو عام 1952 بقيادة جمال عبد الناصر ورفاقه مرورا بالثورة السودانية عام 1964 وكذلك الثورة الثانية عام 1985 وكذلك الثورة الجزائرية ثم ثورات الربيع العربي الأخيرة، مؤكدا على دور هذه الثورات وتأثيرها على أفريقيا أو ما يسمى بجنوب الصحراء، وهو ما يحاول أن يقربه الكاتب أكثر بقوله "تأثير ثورات الشمال الفريقي على جنوبه" لافتا إلى العلاقة الوثيقة بين طرفي القارة تأثيرا وتأثرا .
ويتكون الكتاب من مقدمة وثلاثة أقسام، ضم القسم الأول ثمانية فصول، والقسم الثاني ضم خمس فصول والقسم الثالث والأخير وضم ثلاثة فصول .
في المقدمة ينطلق الكاتب من أن مفهوم الثورة أو الانتفاضة الذي يتردد هنا في الكتاب حسب قوله، إنما يصدر عن تقدير علمي لمعنى تراكم الاحتجاجات الاجتماعية النوعية في أنحاء البلاد، مما يصل بجماهير أمة إلى حالة الانتفاض طلبا للتغيير وأن الانتفاضة هي التعبير الأول عن التطلع للتغيير الثوري في عملية تحول اجتماعي جذري إذا قادتها قوى الثورة الفعلية.. بحسب الكاتب.
ولأن الكاتب كان قريبا من هذه التطورات، خاصة في جانبها الإفريقي من خلال عمله بالشأن الإفريقي منذ مطلع الستينيات من القرن الماضي، فإنه يحرص على أن تعكس اختياراته في مادة هذا الكتاب، رؤية ما جرى من تلك الزاوية الإفريقية.
..يوليو ودعم حركات التحرر بإفريقيا
القسم الأول وحمل عنوان "التأسيس" ضم ثمانية فصول، جاء الفصل الأول تحت عنوان "ثورة يوليو، وحركة التحرر الوطني العالمية".. يتناول هذا الفصل أحداث ثورة يوليو باعتبارها حركة تحرر فرضت نفسها في لحظة حاسمة من تاريخ العالم، ولا سيما في الدوائر التي تحركت فيها الثورة، وهي العربية والإفريقية والإسلامية، ولكن الكاتب يركز هنا على الدائرة الإفريقية باعتبارها موضوع الكتاب وتحت عنوان "ممارسات التحرر الوطني" وخاصة في إفريقيا مؤكدا وقوف ثورة يوليو وراء حركات التحرر في إفريقيا بقوله "وهو المبدأ الذي دفع ثورة يوليو للوقوف بقوة وراء حق الشعب الكيني والزيمبابوي في أسبقية ملحوظة حتى عن دعمها لثورة الجزائر" للتدليل على دعم ثورة يوليو لمحيطها الإفريقي .
ويشير الكاتب هنا إلى قيام منظمة الوحدة الإفريقية ودور ثورة يوليو في ذلك، واتخاذ القاهرة منفذا لأكثر من عشرين حركة تحرر وطنية إفريقية، تخاطب العالم من القاهرة عبر أكثر من خمسة وعشرين محطة إذاعة موجهة لإفريقيا .
في الفصل الثاني من هذا القسم والذي جاء تحت عنوان "ذكريات مصرية" عن تحرير إفريقيا تجربة شخصية وهنا يقول الكاتب في صفحة 35: "على القارئ أن يتخيل تفاعلات ذلك في نفس شاب التحق بالجامعة وكانت تدفعه قوة ضخ إعلامية هائلة من قبل نظام الضباط الأحرار، كل ذلك دفع الشاب إلى مبني "الرابطة الإفريقية"، حيث شباب البعوث الإسلامية والجامعات من أنحاء القارة ممن اندفعوا مع القوى الشعبية لحماية قناة السويس من العدوان الثلاثي".
ويؤكد الكاتب على اهتمام عبد الناصر بإفريقيا من خلال دعم حركات التحرر والاستقلال في كينيا وأوغندا والكونغو وأريتريا إلى جانب الصومال، لتأمين حوض النيل بأشكال مختلفة، وتم ذلك بعدة أوجه ولكافة المجالات وامتد هذا إلى باقي الدول الأفريقية غرب القارة في إطار مقاومة الاستعمار وتحرير هذه الدول .
ويعود الكاتب إلى ذكرياته ودوره في هذا الإطار، حيث معرفته بالشباب الإفريقي ضمن الوفود الإفريقية، حيث كان يريد معرفة الكثير عن البلاد الإفريقية والمشاركة في المجلة التي صدرت باسم "نهضة إفريقيا"، حيث كانت الأحداث بجامعة القاهرة في هذه الفترة غنية بالمواقف المؤثرة في حياته وحياة مصر، حيث شهد وسط مجموعة الشباب الإفريقي فرحة انتصار مصر على العدوان الثلاثي .
..حركات التحرر الإفريقي بالقاهرة
أما في الفصل الثالث من هذا القسم فيتناول حضور حركة تحرير الجنوب الإفريقي في القاهرة، وهنا يشير إلى حضور هذه الحركات التحررية إلى الشمال الإفريقي، متمثلا في القاهرة وتحديدا بحي الزمالك، حيث اتجاه جمال عبد الناصر إلى مبدأ القبول بتمثيل كافة حركات التحرير الراغبة في تمثيلها بالقاهرة، وسمح بفتح مكتب دائم لكل منها بمبنى الرابطة يرعاه ممثل كل حركة ويكون نافذة هذه الحركة على العالم وصوت شعبها، مشيرا في هذا الصدد إلى مقابلة ناصر لممثلي إفريقيا وبداية افتتاح مكاتب أوغندا وكينيا وجنوب إفريقيا والكاميرون، لافتا إلى علاقة هذه الحركات بالمجتمع المصري وعمق هذه العلاقة رغم عامل اللغة.
ويشير الكاتب هنا إلى دور هذه الحركات بالقاهرة في اتساع دائرة نشاط التحرر الوطني من فضاءات الأممية الشيوعية ومراكزها في أوروبا الشرقية أو قوى الديمقراطية الغربية و إلى دوائر فعالة في العالم الثالث وخاصة في العواصم الإفريقية، وتمثل ذلك في نشاط مجموعة الدار البيضاء يناير 1960 من خلال مجموعة الست والتي شملت مصر.. الجزائر.. المغرب.. غانا.. غينيا.. مالي.
..ناصر ونكروما
وفي الفصل التالي يوثق الكاتب هذا التلاحم الإفريقي شمالا وجنوبا، حيث التلاقي بين جمال عبد الناصر وكوامي نكروما الزعيم الغاني بقوله: "ولا أجد صعوبة هنا أن أقر أن نكروما وعبد الناصر معا، معبران عن شعبيهما، فهما قد التقيا وتنافسا ورحلا في وقت واحد تقريبا، ففي الخمسينيات من القرن الماضي أنجز نكروما مع شعبه استقلال غانا 1957، وكان عبد الناصر قد استكمل مع جماهيره إخراج البريطانيين وحرر قناة السويس من الفرنسيين والإنجليز والإسرائيليين عقب تأميم القناة وواجه نكروما انقلاب النكبة 1966 كما واجه عبد الناصر هزيمة 1967 ثم رحل عبد الناصر عام 1970 ورحل نكروما عام 1972.
ويستمر الكاتب هنا في تناول علاقة الجنوب الإفريقي بالشمال الإفريقي من خلال المقارنة بين عبد الناصر من جهة ونكروما من جهة أخرى، مؤكدا من خلالها حجم التناغم والتوافق وليس الصراع، ولكن كل مهما كان يكمل الآخر وهو ربما تكامل الشمال والجنوب الإفريقي من أجل تحرر القارة وهو ما كان يشغلهما، وهنا يؤكد الكاتب الأمر بقوله "إن الواقع اليومي يحيل الزعيمين إلى مواقف مشتركة دون تخطيط مسبق تقريبا، وحتى مشروعاتهما كانت متشابهة منطلقة من منطلق اشتراكي، حيث بناء السدود واعتماد تجربة الحزب الواحد كآلية للعمل السياسي" .
.. ثورة الجزائر وأشواق ثورة أكتوبر بالسودان
ثم يتطرق الكاتب إلى الثورة الجزائرية وعلاقتها بمحيطها الإفريقي واصفا الكفاح المسلح الجزائري بأنه رمزا قويا في العملية الثورية في العالم، لقربه من قلب العالم الجغرافي والاستراتيجي وهو ما انعكس علي دورها في حركة التحرير بإفريقيا وحملها مشعل التحرر بعد هزيمة يونيو، وكذلك حركة العمل العربي والإفريقي وأشكاله التضامنية التي دفعها الزعيم الجزائري هواري بومدين بعد حرب أكتوبر .
وتحت عنوان أشواق ثورة أكتوبر في السودان يتحدث الكاتب عن الثورات السودانية وعلاقتها بإفريقيا والأثر الذي تركته في المشهد الإفريقي من خلال ثورتي 1964 و1985، فبعد اكتوبر 164 بدأ الزحف الثورى السوداني في عواصم أوغندا وأثيوبيا وأريتريا والكونغو، بحسب الكاتب الذي يعد تجارب السودان الثورية ملهمة بكل المقاييس لإفريقيا.
وهنا يقول الكاتب "المشهد الثوري السوداني يكمل معاني كثيرة علي المستوى العربي والإفريقي، بل والعالمي، حيث مشهد الرغبة في عالم استقلالي جديد، لا تنجزه وتيرة التغير القائمة، ولا عناصر الحكم فيها والتي بلغت في توافقها مع الطموح الشعبي حد قيام بعض العسكر بدور القيادة لعملية التغيير المباغتة. وجاءت تحركات أكتوبر المجيدة لتثير في الأذهان تساؤلات عما إذا كانت ثورة أم انتفاضة ومهما كان الحزن على ثورة أكتوبر، فإن الزخم الذي أجرته في الشعب السوداني منذ ذلك التاريخ وحتى تكرارها النسبي في أفريل 1985 لا بد أن يوحي بمعنى الثورة في أكتوبر بأكثر مما جعلها مجرد انتفاضة"، بحسب الكاتب.
..تداعيات الانتفاضات العربية.. مصر نموذجا
وفي القسم الثاني من الكتاب والذي جاء تحت عنوان "الانتفاضات الشعبية العربية وتداعياتها" ويتخذ الكاتب من حالة مصر نموذجا ومتناولا جذور هذه الانتفاضات قبل ثورة يناير، والتي شهدت مشاركة اكثر من مليوني مواطن على مدى العقد الذي تناوله من خلال حوالى 2700 شكل احتجاجي ومطلبي بين القوى العاملة و1350 نشاط احتجاجي ومطلبي بين المهنيين وتفجر الموقف بين الفلاحين في 18 قرية، فضلا عن مئات الوقفات الشعبية أمام مجلس الشعب والمقرات الحكومية، بالإضافة إلى تظاهرات حركة كفاية في ميادين القاهرة منذ 2004.
ويتناول الكاتب هنا تاريخ الحركة الاحتجاجية المصرية الاجتماعية والتي عرفت تنوعا في التحركات الشعبية منذ وقت مبكر جعل الحديث عنها يبدو تقليديا في لحظة تالية، مثل حركة المرأة العفوية خلال ثورة 1919 كما عرفت رسوخ أقدام حركة الطلاب 1946 في الحياة السياسية في مصر وتحول فئات عسكرية وطنية إلى قوى اجتماعية ضمن حركة التغيير، وهذا يؤكد بالفعل أن التاريخ الاجتماعي في مصر هو عنصر فاعل في حركة المجتمع الحديثة .
وتعد الفترة من 2005 2010 أطول وأكبر حركة احتجاجية شهدتها مصر في تاريخها الحديث، حيث شارك فيها أكثر من مليوني مواطن من خلال الإضرابات والاعتصامات العمالية والفلاحية وإضرابات الأطباء والصيادلة والمعلمين والعديد من الفئات الاجتماعية، وفي هذا السياق ينظر لحركة "كفاية "على أنها تمثل بالفعل تحولا نوعيا في حركة المجتمع المدنية والشعبية، وانخراطه في عملية التغيير السياسي الشامل، وأن هذه الحركة ساهمت بشكل ملموس في تطوير الحركة الاحتجاجية في مصر وما حققته من نتائج ثم البناء عليه حتى إنجاز الانتفاضة.
ثم يتطرق الكاتب في القسم الثاني من كتابه إلى عدة نقاط متعلقة بالانتفاضات العربية بالشمال الإفريقي، سواء من حيث جذور وديناميات الثورات الشعبية في الشمال الإفريقي 2011 وناقش من خلال هذه العنوان عدة نقاط مثل.. الاستثناء العربي والتشاؤم الإفريقي والتحدي والاستجابة ونوع الديناميات في ثورة الشمال وكذلك فضاءات هذه الثورات بالإضافة إلى تساؤلات المستقبل القريب بشأن هذه الثورات.
..دور الشباب البارز
وفي هذا السياق يشير لدور الشباب في هذه الثورات كلاعبين أساسيين كما هو الحال في مصر، حيث كانت الانتفاضة في البداية ضد وزير الداخلية فإذ بالدفء الجماهيري بحسب تعبير الكاتب سواء في مصر أو تونس يحولها إلى انتفاضة كبرى أيضا، حيث يفرض التواصل الاجتماعي واقعا جديدا وتعريفا جديدا للشباب المصري، تشير إلى تعلمه ذاتيا من مصادر الحداثة وخبرة التعامل مع العنف.
ثم يتناول الكاتب في بقية هذا القسم عدة عنوانين من قبيل الثورة الشعبية في مواجهة الاستبداد وناقش من خلاله بعض الأفكار من قبيل مدى تفكيك أو تواصل آليات النظم التسلطية التي واجهتها هذه الانتفاضات وطبيعة القوى الجديدة وإجراءات الحكم الجديد عقب الثورة ومنهج التفاعل مع العالم الخارجي .
ويفرد الكاتب فصلا خاصا بعلاقات هذه الثورات بإفريقيا من خلال قراءة في الثورة المصرية، ومن خلال هذا العنوان يحاول الكاتب أن يرصد مقاطع يربط فيها بين الأحداث العربية بتطورات أفريقيا القريبة منها، مستشهدا بكتابات أفريقية في هذا الصدد ليتخذ هذا الترابط مكانه الخاص بين أحداث العالم، حيث الدهشة في القارة الإفريقية مما يحدث في الشمال الإفريقي وهو ما انعكس في كتابات إفريقية سواء في نيجيريا أو كينيا ومالاوي وجيبوتي وكذلك السنغال وتأثرها الكبير بما جرى واتخاذها لكلمة كفاية شعارا لها كما هو الحال في مصر .
..مآخذ ثورات الربيع العربي
وهنا يسوق الكاتب مآخذ عربية وإفريقية وعلى ثورات الربيع العربي بقوله "اشتكت أطراف إفريقية وعربية وفلسطينية تحديدا من ضعف الرؤى الخارجية لهذه الثورات، متسائلة عن معنى إفريقيا والقضية الفلسطينية في خطابها في بداية هذه الثورات"، ولكن الكاتب أنصف هذه الثورات في ذات الوقت عندما أشار إلى مطالب هذه الثورات باستعادة دورها، خاصة مصر حيث المطالبة بالتحرر من التبعية في حكم مبارك ويربط ذلك بمطلب الكرامة والحرية من خلال تأمين الحدود ورفض بيع الغاز مع إسرائيل، وبالنسبة لإفريقيا كان هناك الدبلوماسية الشعبية مع دول حوض النيل، وكذلك انتشار وشيوع مقولة استعادة صورة مصر في إفريقيا ودورها التاريخي .
ولكن الكاتب وضع فصلا تحت عنوان "محاججة حركات الإسلام السياسي.. في علاقتها بالغرب والثورة المضادة"، وما يؤخذ على الكاتب هنا هو أن هذا الفصل الذي يبتعد عن الكتاب وموضوعه بدأ مقحما عليه، وهو علاقة الربيع العربي بإفريقيا وكأنه محاولة الهجوم على فترة حكم الإخوان بحكم خلفية المؤلف السياسية، وحتى عندما تناول علاقة حكم الإخوان بالخارج هاجمهم كثيرا رغم جولات الرئيس الراحل محمد مرسي خارج البلاد لعدة دول، إلا أنه اتهمهم بالانغلاق الموروث من نظام مبارك سواء عربيا أو إفريقيا متطرقا هنا إلى فلسفتهم الاقتصادية واتهامهم بتبني اقتصاد السوق لصالح رموزهم الاقتصادية مبررا خروج المتظاهرين ضدهم لهذه الاسباب .
.. تطورات الشمال الإفريقي وموقف إفريقيا من 30 يونيو
وفي القسم الثالث والأخير من الكتاب والذي كان عنوانه "مواقف من تطورات الشمال الإفريقي" ويتناول فيه الثورة الليبية من أكثر من محور، سواء ما دار حولها من جدل بشان تدخل حلف الأطلنطي للإطاحة بحكم القذافي أو الموقف العربي من خلال جامعة الدول العربية، وكذلك الموقف الإفريقي الذي انتابته بعض المخاوف من التغيير بعدما رأى ما جرى بليبيا من عسكرة الثورة على عكس ما جرى بمصر وتونس، وانعكس هذا الأمر على الموقف الإفريقي في شكل حرب باردة سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي متناولا موقف الاتحاد الإفريقي منها والتردد أنها بسبب تدخل حلف الأطلنطي على الخط، مشيرا إلى وضع إفريقيا بعد القذافي حيث علاقة القذافي بإفريقيا وطموحه بإنشاء ولايات إفريقية على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما جعل بعض الدول ينتابها الخوف مما جرى في ليبيا.
ثم تطرق الكاتب إلى الجدل الإفريقي حول ثورات الشمال الإفريقي وأبعادها، حيث التخوف وعدم وضوح الرؤية مبكرا إفريقيا حول أبعاد هذه الثورات وتمددها إفريقيا وظهور بعض المواقف خاصة بعد أحداث ليبيا، واعتبر الكاتب النقاش الإفريقي في أحد الندوات حول هذه الثورات بأحد الدول الإفريقية اهتماما بها رغم المخاوف منها، لأن هذا يدل على مدى الاهتمام الإفريقي بما يجري بالثورات العربية بالشمال، وتناول هذا الأمر من خلال عدة عنوانين فرعية مثل.. تساؤلات المثقفين، جدل النماذج العربية، هجرة الثورة.. الثورة الإفريقية بين شمال وجنوب أثيوبيا قلب الشرق الأوسط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.