ندوة وطنية في الأيام المقبلة لضبط العمليات المرتبطة بامتحاني التعليم المتوسط والبكالوريا    العدوان الصهيوني على غزة: ثلاثة شهداء جراء قصف الاحتلال لمنزلين في مخيمي البريج والنصيرات    النشاطات الطلابية.. خبرة.. مهارة.. اتصال وتعاون    غزة: احتجاجات في جامعات أوروبية تنديدا بالعدوان الصهيوني    الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات: مضمار الرياضات الحضرية يستقطب الشباب في باب الزوار    استثمار: البنوك ستخفض قريبا معدلات الفائدة    بوغالي يتوجه إلى القاهرة للمشاركة في أشغال المؤتمر ال6 للبرلمان العربي    وفاة صديقة الثورة الجزائرية "بريود أندري آليس جان"    الجزائر كندا.. 60 عاماً من العلاقات المميّزة    نحو إعادة مسح الأراضي عبر الوطن    بهدف تخفيف حدة الطلب على السكن: مشروع قانون جديد لتنظيم وترقية سوق الإيجار    42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    الولاية تؤكد قُرب الفصل في ملفاتهم : 22 مستثمرا تأخروا في تجسيد مشاريعهم بسكيكدة    القوة العسكرية الخيار الرئيس للدّفاع عن الأرض    لقاء تونس ليس موجهاً ضد أيّ طرف    تجاوز عددها 140 مقبرة : جيش الاحتلال دفن مئات الشهداء في مقابر جماعية بغزة    نسرين مقداد تثني على المواقف الثابتة للجزائر    استعان بخمسة محامين للطعن في قرار الكاف: رئيس الفاف حلّ بلوزان وأودع شكوى لدى "التاس"    بطولة الرابطة الثانية: كوكبة المهدّدين بالسقوط على صفيح ساخن    إنجاز قيس مدثر مفاجأة بطولة إفريقيا للجيدو: ذهبيتا دريس وبلقاضي تضعان الجزائر في الصدارة    اتفاقيات شراكة في إطار الرعاية الصحية: 50 منصب تكوين لنيل الدكتوراه بجامعة خنشلة    خنشلة: توقيف متهم في قضية تشهير عبر مواقع التواصل    توقيف 3 أشخاص بصدد إضرام النيران    لتموين بلديات الجهة الشمالية بالبرج: استغلال محطة الضخ وخزان جديد بمجمع المياه بالماين    الكشافة الإسلامية الجزائرية تنظم اللقاء الوطني الأول لصناع المحتوى الكشفي    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن مرافقة الدولة لفئة كبار السن    تفاعل كبير مع ضيوف مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة : بن مهيدي يصنع الحدث و غزة حاضرة    ندوة ثقافية إيطالية بعنوان : "130 سنة من السينما الإيطالية بعيون النقاد"    مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة: الفيلم الفلسطيني القصير "سوكرانيا 59" يثير مشاعر الجمهور    شهد إقبالا واسعا من مختلف الفئات العمرية: فلسطين ضيفة شرف المهرجان الوطني للفلك الجماهيري بقسنطينة    رئيس لجنة "ذاكرة العالم" في منظمة اليونسكو أحمد بن زليخة: رقمنة التراث ضرورية لمواجهة هيمنة الغرب التكنولوجية    مدرب مولودية الجزائر يعتنق الإسلام    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    الرابطة الأولى: وفاق سطيف يتعثر في بسكرة وفوز ثمين للبيض وعريض للساورة    "اتصالات الجزائر" الراعي الرسمي لدورة المبارزة المؤهلة للألعاب الأولمبية 2024 بباريس    السيد بلمهدي يلتقي ممثلي المجلس الوطني المستقل للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية والأوقاف    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    على السوريين تجاوز خلافاتهم والشروع في مسار سياسي بنّاء    تحسين الخدمات البريدية وتقوية شبكة الأنترنيت في المناطق المعزولة    استغلال المرجان الأحمر بداية من السداسي الثاني    نتائج مشجعة في الخدمات المالية والتغطية البنكية    اللقاء الثلاثي المغاربي كان ناجحا    4 أندية أوروبية مهتمة بالتعاقد مع عمورة    ميلان يفتح رسميا أبواب الرحيل أمام بن ناصر    مطالبات بتحقيقات مستقلّة في المقابر الجماعية بغزّة    بن سماعين يطالب بالتفكير في مباريات البطولة قبل نهائي الكأس    استفادة جميع ولايات الوطن من هياكل صحية جديدة    ضرورة وضع مخطط لإخلاء التحف أمام الكوارث الطبيعية    حجز 27 ألف قرص "إكستازي"    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    توقيف 48 شخصا كانوا محل أوامر بالقبض    قصص إنسانية ملهمة    "توقفوا عن قتل الأطفال في غزة"    هذا آخر أجل لاستصدار تأشيرات الحج    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواقع التواصل الاجتماعي وفن التلاعب بالمشاعر
نشر في الحياة العربية يوم 24 - 07 - 2023

ترتبط شبكات التواصل الاجتماعي بالمحفزات المتمثلة بالضغط الاجتماعي، إذ أن البشر حساسون بشدة فيما يتعلق بمكانتهم الاجتماعية، والأحكام الصادرة عليهم من جانب الآخرين، ومفعمون بالتنافس على مختلف الأصعدة.
وبخلاف الحيوانات، يعيش البشر من خلال التواصل مع أفراد المجتمع، وهذا ما يجعلنا نقول إن المخاوف والاهتمامات الاجتماعية ليست سمات اختيارية للدماغ، ولكنها أساسية لا مناص منها.
واختبرت دراسات اجتماعية ونفسية قدرة القوى الخارجية على تعديل سلوك الأشخاص المشاركين في تجارب شهيرة مثل "اختبار ملغرام" و"تجربة سجن ستانفورد".
ففي التجربة الأولى، تمّ التركيز على دراسة مدى الانصياع للسلطة، وقياس مدى استعداد المشاركين فيها لإطاعة سلطة تأمر بتنفيذ ما يتناقض مع ضمائرهم وقيمهم.
قام ستانلي ملغرام (مبتكر الاختبار) بإجراء اختبار لقياس كمية الألم التي يمكن لشخص عادي أن يسببها لشخص آخر، تنفيذا لأمر صدر عن عالم يشرف على اختبار، سلطة مجردة تتعارض مع مبدأ (عدم إيذاء الآخرين) وهو ما يفترض أنه أحد أشد أخلاقياتنا صرامة، هذا (المبدأ) وتلك (السلطة) يلتقيان في تحد سافر على صدى صرخات الضحية (الممثل).
المشرف في التجربة يلحّ على المشارك للاستمرار في أداء دوره في الاختبار رغم ما يسببه ذلك من ألم ناتج عن صعقات كهربائية تصيب الممثل، لكن واقع الأمر أنه لا توجد أي صعقات، فالممثل يتظاهر بأنه يتعرض للصعق.
والغريب في الأمر أن كثيرا من المشاركين استمروا في أداء أدوارهم في الاختبار بالرغم من التوسلات التي كان يقوم بها الممثل.
وأشار ملغرام إلى أن 84 في المئة من المشاركين قالوا إنهم (سعداء) أو (سعداء جدا) كونهم شاركوا في الاختبار فيما أعلن 15 في المئة أنهم (غير مستاؤون).
وفي معرض تعليقه على التجربة قال ملغرام: "النتائج كما تابعتها في المختبر، مقلقة، إنها ترجح أن الطبيعة البشرية غير جديرة بالاعتماد عليها لتبعد الإنسان عن القسوة، والمعاملة اللاإنسانية، عندما تتلقى الأوامر من قبل سلطة فاسدة. نسبة كبيرة من الناس مستعدين لتنفيذ ما يؤمرون به دون أخذ طبيعة الأمر بعين الاعتبار، وبدون حدود يفرضها الضمير، مادامت الأوامر صادرة عن سلطة شرعية".
أما التجربة الثانية، فقد عنيت بالاستقصاء عن الآثار النفسية بالاستجابات الإنسانية للسجن، من خلال القيام بأي أعمال في إطار توقعات المجتمع.
وتندرج التجربة الأخيرة ضمن الدراسات الرامية لفهم أنماط الطاعة التي يبديها البشر عندما يتعرضون لنظام أيديولوجي يحظى بدعم اجتماعي ومؤسساتي.
ووظفت التجربة لتوضيح وفهم معالم قوة "السلطة"، وخلصت بنتائج متوافقة مع "اختبار ملغرام"، من حيث دعم فكرة "التنسيب المكاني" التي تقول بأن الوضع أو الواقع هو سبب سلوك الأفراد في الاختبار أكثر من أي شيء آخر موروث في شخصياتهم.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه التجربة خرجت عن السيطرة، إذ عانى السجناء وتعرضوا لممارسات سادية ومهينة على أيدي الحراس، وبدت على عدد منهم علامات الاضطراب العاطفي.
يعتبر التلاعب بالعواطف على شبكات التواصل، أسهل طريقة لتوليد المكافآت والعقوبات، أي أن الأمر برمته متعلق بالمشاعر التي تستحضر فينا، وتلك التي تتعلق بتجسيد ما يعتقده ويتوقعه الآخرون.
ولتوضيح الصورة يمكن أن نستحضر الحقيقة القائلة بأننا نشعر بعدم الرضى عندما نخشى ألا يتم اعتبارنا رائعين أو جذابين أو رفيعي المستوى، ليكون الخوف كامننا فينا كعاطفة عميقة مؤلمة، ومحفزة لأفعالنا.
جميعنا يعاني من القلق الاجتماعي من حين لآخر، وقد يواجه كل طفل متنمرا استعان بهذا القلق كسلاح لتعذيبه، ربما لأن التصرف كمتنمر يقلل من فرص التحول لهدف للتنمر.
هذا هو السبب في أن الناس، حتى أولئك الذين عادة ما يكونون لائقين، يميلون مدفوعين بالقلق الاجتماعي إلى زيادة قائمتهم الخاصة بضحايا التعذيب النفسي.
إنهم خائفون جدا من الألم الحقيقي الذي يجلبه القلق الاجتماعي لدرجة أنهم قد يغفلون عن طبيعتهم الأصلية الجيدة الخيّرة للحظة في خضم ذلك القلق.
لا يعني هذا أن كل المشاعر الاجتماعية سلبية، إذ يمكننا أيضا تجربة الصداقة الحميمة والتعاطف والاحترام والإعجاب والامتنان والأمل والإحساس بالجاذبية، وطيف واسع من المشاعر الإيجابية الأخرى عندما نتفاعل مع الآخرين.
وعلى الجانب الآخر، قد نشعر بالخوف والعداء والقلق والاستياء والنفور والغيرة ورغبة الآخرين في السخرية منا.
إذا كانت المشاعر المستثارة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي قابلة لأن تكون بمثابة عقاب أو مكافأة، فهل الثواب أو العقاب أكثر فعالية وقدرة على تغيير الناس؟
حيّر هذا السؤال العلماء لفترة طويلة من الزمن، ويبدو أن الإجابة تختلف باختلاف المجتمع محور الدراسة، وطبيعة ظروفه الخاصة.
وبيّنت دراسة أجرتها جامعة "لايدن" الهولندية سنة 2008، أن الصغار يستجيبون بشكل أفضل للمكافأة بدلا من العقاب، رغم أن ذلك يتغير بعد سن الثانية عشرة.
وأشارت دراسة أجرتها جامعة "واشنطن" الأميركية في سانت لويس سنة 2015، إلى أن العقوبة أكثر فعالية في التأثير على سلوك طلاب الجامعات.
أما الدراسة التي أجريت في مستشفى ولاية نيويورك، ونشرت نتائجها في مجلة "هارفارد بزنس ريفيو" سنة 2017، فقد أكدت أن الحزم يعمل بشكل أفضل لتحفيز العمال البالغين والارتقاء بأعمالهم من حيث الإنجاز.
وشددت دراسة أجرتها كلية "وايلي" في تكساس بالولايات المتحدة في عام 2010، على أن طبيعة المهمة هي التي تحدد آليات التعامل معها لاختيار النمط الأكثر فعالية سواء كان ذلك مكافأة أو عقابا.
تقارن مجموعة من الأبحاث الأكاديمية قوى التغذية الراجعة الإيجابية والسلبية، ولكن هذا ليس الاهتمام الرئيسي لمنصات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت التجارية، والتي يتمثل هدفها بخفض التكاليف وزيادة الأداء، وبالتالي تعظيم الأرباح.
وسواء كانت التعليقات الإيجابية "من الناحية النظرية" أكثر فاعلية في حالات معينة، فقد تبين أن التعليقات السلبية هي الأكثر تأثيرا على الصفقات وقرارات الشراء، كما أن المشاعر السلبية كالخوف والغضب تعيش فينا لفترة أطول من تلك الإيجابية.
يستغرق بناء الثقة وقتا أطول من فقدانها، كما أن الاستجابة للمواقف والتعليقات السلبية تحدث في ثوان، بينما قد يستغرق بلوغ مرحلة الاسترخاء ساعات.
كل الأمثلة السابقة واقعية في الحياة التي نعيشها، إلا أنها أكثر مصداقية وتطبق على نطاق واسع في عالم "الخوارزميات".
ما من شخص "عبقري" يجلس في مكتب بشركة متخصصة بالتواصل الاجتماعي، يجري حسابات معقدة، ليقرر مثلا أن شعور المستخدمين بالاستياء أكثر جاذبية وقوة لدفعهم لخيار الشراء، مقارنة بشعورهم بالرضا، وبالتالي هو خيار أفضل من ناحية المكاسب والربحية.
إن توجيه المستخدمين في خط معين يعزز نفسه ليكون جذابا بذاته، دون أن يلاحظ أحد أن المشاعر السلبية يتم تضخيمها أكثر من تلك الإيجابية، فالارتباط أو الاندماج أو ما يعرف في عالم "السوشيال ميديا" ب"Engagement"، ابتكر لتحقيق غرض واحد وهو تعزيز سلطتها، رغم أن النتيجة عبارة عن تضخيم غير طبيعي للمشاعر "سهلة الإثارة"، والتي صادف أنها كانت سلبية.
سكاي نيوز عربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.