من الخوارج إلى داعش قراءة في منهج العنف وعقيدة الدم ويعترف منظّرو الفكر الجهادي المعاصر باختلال فكر صاحبهم المدعو (أبو قتادة الفلسطيني) وشذوذ ما أصدره من فتاوى الدم والهوى والشهوة لتحريض الشباب وتحميسهم للقتال، فقد أصدر فتوى جواز سرقة الكفار في أوروبا الذين فتحوا ديارهم للهاربين من بطش الأنظمة، وردّ عليه صاحبه الطرطوسي في كتاب (الاستحلال) مبيّنا مفاسد هذه الفتوى وما ألحقته من العار بالمسلمين والتّشويه لتعاليم الإسلام "معتمدين في ذلك (استحلال أموال الكفار) على فتوى شاذّة باطلة (لأبي قتادة) لا أصل لها تجرّأ عليها شخص واحد لم يسبقه إليها عالم معتبر، بدعوى أنّ هذه السّرقات حلال بل أطيب كسب كما زعم "(الطرطوسي في الاستحلال 7). كما أصدر فتوى سمّاها"فتوى عظيمة الشان في قتل الذّراري والنّسوان"، " كانت ذريعة للغلاة في أن يستبيحوا الحرمات بغير وجه حقّ " (الاستحلال 7)، أخذ بها الزيتوني في الجزائر في تصفية معارضيه من جماعة الجزأرة وعلى رأسهم الشيخ محمد سعيد وأكثر من 200 من قيادات هذه الجماعة، وبارك أبو قتادة مجزرته ضد قيادات الجزأرة " ولكن عندي ما يجعل لقتله عذرا وتأويلا، فمن أراد أن يفتح باب الحوار مع الطّواغيت أو ينشيء علاقات مع طواغيت أجانب عن بلده كالقذّافي وغيره أو سعى عاملا لعودة الدّيمقراطية، فهذا حكمه القتل ولا كرامة " (نشرية الأنصار عدد 80) (نقلا عن مختصر شهادتي لأبي مصعب السوري 34). "واعتبر الإنقاذيون مقتل محمد سعيد وجماعته بناء على فتوى عن أبي قتادة " (أبو مصعب السوري مختصر شهادتي 33) وانتقمت جماعة الأربعاء كما عرفت بهذا الاسم، وهي تابعة للشيخ محمد سعيد فقتلت (جمال زيتوني) ومجموعة معه في كمين، كما استند زيتوني إلى فتاواه في تنفيذ المجازر الجماعية وقتل النساء والأطفال، فقد اعتبر المجتمع الجزائري بعد انتخابات 1995 التي شارك فيها بقوّة مرتدّا حلال الدّم، فقال أبوقتادة مشيدا بجمال زيتوني السلفي المجاهد "السّلفية بقيادة أبي عبد الرحمان أمين (زيتوني) وصفّ الحكومة ومن أيّدها إجمالا يمثّل المرتدّين "، وقال" المدن والقرى تمايزت أيضا فهي في هذا المعسكر أو ذاك "، "وقد أهدر بموجب ذلك دماء كلّ مكوّنات معسكر الردّة ولا سيما الميليشيات القروية المسلّحة من الحكومة ..ولوّح في أكثر من مجلس بجواز سبي نساء هؤلاء المرتدّين من الشّعب الجزائري، وكتب بذلك ما يشبه الفتوى " (أبو مصعب السوري في مختصر شهادتي على تجربة الجهاد الجزائري 30). لقد بالغ أبو قتادة في مدح وتزكية جمال زيتوني إلى الحدّ الذي اعتبره "أصحّ إمامة من أبي جعفر المنصور في بني العباس" (أبو مصعب السوري مختصر شهادتي 29)، "وتولّى سياسة التبرير الشّرعي لكلّ ما يصدر عن الجماعة المسلّحة ثم انتقل إلى مرحلة الفتوى والتّأصيل الشّرعي لطامّاتها المتلاحقة" (المرجع نفسه 31). فالتّكفير كما رأينا هو أسلوب الجماعات الخارجة عن الأمّة التي تريد تبرير سفك الدّماء وسلب الأموال وهتك الأعراض، وقد اتّضح بالدّراسة والمتابعة أنّ أغلب هؤلاء التّكفريين إمّا جهّال مستخدمون وإمّا أصحاب أهواء يبحثون عن تبرير ممارسة الجنس الواسع باسم الجواري والسبي، أو عصابات تسرق أموال النّاس باسم الغنائم وفرق انتقام تقتل باسم اللّه، والله بريء منهم ومن أفعالهم. يتبع...