تحوّلت الأنفلونزا الموسمية إلى مرض مخيف بالنسبة لأغلب الجزائريين، يحسبون له حسابا ويعدون له العدة بالتحصين باللقاح الموسمي، وعلى رأسهم أصحاب الأمراض المزمنة والمسنين الذين يحرص أهاليهم على تلقيهم اللقاح بانتظام تجنبا لتداعيات صحية هم في غنى عنها، وقد ازداد الوعي بهذا اللقاح خلال السنوات الأخيرة بسبب موجات البرد التي صارت تجتاح البلاد من جهة وضراوة فيروس الأنفلونزا التي تزداد من عام لآخر. تنطلق حملة التلقيح ضد فيروس الأنفلونزا يوم 16 أكتوبر الجاري بالجزائر، حيث استورد معهد باستور الجزائر هذه السنة 5 ر2 مليون جرعة من لقاح الأنفلونزا، حسب توصيات الخبراء، حيث ستوضع هذه الكمية في متناول الفئات التي هي في حاجة إلى هذا اللقاح، كما سيتم إدراج هذه الكميات بمراكز اللقاحات المعتادة للصحة العمومية مجانا وعلى مستوى الوكالات الصيدلانية أين يتم تعويض من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للأشخاص المسنين والمصابين بالأمراض المزمنة، حسبما علمته وكالة الأنباء الجزائرية من مديرية الوقاية وترقية الصحة لوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات.
* وزارة الصّحة تنصح المسنيّن والحوامل بالتّلقيح ولمتابعة الوضعية الوبائية لفيروس الأنفلونزا وضعت الوزارة آليات ترتكز على شبكة مراقبة للأمراض المتنقلة مقننة يتابعها المعهد الوطني للصحة العمومية والمخبر المرجعي للأنفلونزا التابع لمعهد باستور لتشخيص نوع الفيروس المنتشر بالجزائر، وتنصح الوزارة بتلقيح الأشخاص البالغين 65 سنة فما فوق والكهول والأطفال المصابين بالأمراض المزمنة على غرار أمراض القلب والجهاز التنفسي والسكري والسمنة والكلى والمناعة والمرضى الذين استفادوا من زرع الأعضاء والذين يعانون من فقدان المناعة المكتسبة والحوامل ومهنيي الصحة والحجاج والمعتمرين، حيث يحمي اللقاح المضاد للأنفلونزا الموسمية هذه الفئات من تعقيدات الفيروس ويخفض من نسبة الوفيات، كما أنه لا يمثل أية أعراض جانبية حسب معطيات اليقظة الصيدلانية استثناء الاحمرار أو الألم الذي يشعر به الشخص في مكان التلقيح إلا أن هذا اللقاح لا يحمي من أعراض الأنفلونزا التي تتسبب فيها فيروسات تنفسية أخرى، ويذكر أن الوضعية الوبائية للأنفلونزا للموسم الحالي قد شهدت تسجيل 151حالة حادة أدخلت المستشفى أي ما يمثل نسبة 32 بالمائة من مجموع العينات المقدرة ب 534، وتمثل أعراض الزكام نسبة 10 بالمائة من المعاينات الطبية خلال الموسم وتتغير هذه النسبة حسب السنوات والأسابيع التي يبلغ فيها انتشار الفيروس ذروته حيث تتضاعف لدى الأطفال البالغين بين 0 و4 سنوات بين 3 إلى 5 بالمائة مقارنة بتسجيل الإصابة لدى الكهول.
* أصحاب الأمراض المزمنة لا يفوّتون اللقاح موسميا وقد سجلت أغلب الصيدليات التي تتوفر على اللقاح إقبالا كبيرا لاحظناه خلال الأيام الماضية أي بمجرد دخول فصل الخريف، ولأن أغلب أصحاب الأمراض المزمنة على وعي بأهمية التبكير في إجراء اللقاح فقد كانوا من الأوائل الذين اقتنوه ومعهم المسنون الذين تزايد عددهم مع ارتفاع معدل الأمل في الحياة لدى الجزائريين. وإن كانت فعالية اللقاح لا تعني عدم الإصابة بالأنفلونزا قطعا، إلا أنها تخفف من وطأة الإصابة بالأنفلونزا بقوة، هذا ما أكدته صليحة مصابة بالسكري تعودت على إجراء اللقاح لثلاث سنوات متتالية: "اعتدت على الإصابة بنزلات برد قوية ولولا اللقاح الذي خفف من إصاباتي لكنت مازلت أعاني، هذا لا يعني أنني لا أمرض تماما، لكنني لا أقعد في الفراش". أما مريم التي التقيناها بإحدى صيدليات العاصمة فكانت تشتري اللقاح لجدتها البالغة من العمر 86 سنة، حيث أكدت أنه بفضل اللقاح لم تعد نزلات البرد والأنفلونزا توصل جدتها إلى أقسام الطوارئ بالمستشفيات كما كان يحدث من قبل، فيما أكد مراد /ع صيدلي بالعاصمة أن شراء اللقاح أهون بكثير من اقتناء أدوية الأنفلونزا ومضاعفاتها من الناحية الصحية وحتى الاقتصادية، خاصة لشريحة معينة من المجتمع تتمثل في أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن حيث قد تصل بعض المضاعفات لدى هذه الشريحة لا قدر الله إلى الوفاة".
* الأخصائيون يؤكدون: كلما كان التلقيح مبكرا كانت نتائجه أفضل وعن اللقاح الموسمي المضاد للأنفلونزا، أكد البروفيسور" نافثي سليم "رئيس مصلحة الأمراض التنفسية بمستشفى مصطفى باشا الجامعي أن نتائجه عادة ما تظهر بعد شهر من التلقيح، أي بعد ظهور المضادات لفيروس الزكام الموسمي. وبالتالي فكلما تم التلقيح ضد الزكام مبكرا كلما كانت نتائجه أفضل، والأهم قبل تغيّر الأحوال الجوية وحلول موسم البرد. وعن أهمية اللقاح الموسمي، أكد ذات المتحدث أن نتائج دراسات ميدانية بعديد من الدول الأوربية بينت أن اعتماده لعديد شرائح المجتمع أسفر عن كثير من الإيجابيات والتي تمثلت في اقتصاد أموال كثيرة، كانت تصرف على علاج مرضى الزكام ومضاعفاته الصحية في عديد الحالات والتي قد تصل إلى حد الموت، ناهيك عن تفادي عدد كبير من العطل المرضية التي يلجأ إليها المرضى بعد إصابتهم والتي تعود بالسلب على مرودية العمل. وأضاف نافثي أن الأنفلونزا هي مرض لابد أن يتابع من طرف الطبيب لأن إهماله قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة لا يحمد عقباها،. فالزكام هو التهاب جرثومي فيروسي يصيب المجاري التنفسية العليا من الجهاز التنفسي، وهو من أكثر الأمراض التي يتعرض لها الأطفال والكبار ولعدة مرات في السنة الواحدة خصوصا في فصل الشتاء، وذلك لأنه ينجم عن واحد من أكثر من عشرات الفيروسات. وعادة يمر الزكام دون حدوث أضرار أو مضاعفات، ولكن يجب عدم إهماله تماماً لأنه قد يساعد على حدوث مضاعفات عديدة مثل التهاب اللوزتين أو الحنجرة أو انسداد مجاري الأنف والأذن والجهاز التنفسي خاصة لدى فئة الأطفال الصغار، ورغم ذلك يكتفي العديد من المصابين بالراحة وشرب منقوع الأعشاب ولا يقصدون الطبيب إلا إذا تفاقمت إصاباتهم وظهرت مضاعفات الأنفلونزا وهذا ما يضعف مناعة الجسم ويجعله فريسة لمختلف الأمراض والوهن.
* الأنفلونزا تهدد أصحاب الأمراض المزمنة بالوفاة كل موسم ترتبط التقلبات المناخية ارتباطا وثيقا بتأزم حالة المصابين بأمراض مزمنة، خاصة مرضى القلب الذين تتهددهم الوفاة وأصحاب الأمراض الرئوية والربو الذين يدخل عدد كبير منهم إلى مصالح الأمراض التنفسية وتعج بهم أقسام الاستعجالات في المستشفيات، إذ تتعقد الإصابات لدى هؤلاء ويصعب تجاوزها بمضادات حيوية عادية كسائر المرضى، وقد يتطور الأمر لدى البعض خاصة من فئة الأطفال والمسنين ليمكثوا في المؤسسات الاستشفائية أكثر من 24 ساعة تحت المراقبة. ويزداد الخطر لدى هذه الفئة من المصابين في المناطق النائية، حيث تتضاءل الخدمات الاستشفائية ويكثر التلوث البيئي، أما في العاصمة فتزداد حالات الربو سوءا بسبب الرطوبة الشديدة التي يتميز بها الطقس. ويجدر بالإشارة إلى أن مهمة إنقاذ مرضى الربو من المضاعفات الصحية الخطيرة هي مهمة مشتركة بين الأساتذة والأولياء الذين عليهم التكفل بأبنائهم، خاصة وأن 10 بالمائة من المصابين بالربو يتوفون سنويا بسبب نوبات الربو ومضاعفاتها، وغالبا ما تكون المضاعفات على إثر إصابة تنفسية في فصل الشتاء.