الإعلام الجزائري يعيش مهزلة حقيقية بكل المقاييس أحبت الميكروفون وتعلقت بأثير إذاعة القناة الأولى، منذ بدايتها اختارت أن يكون الإبداع حاضرا في مسيرة امتدت لعقدين من الزمن تحولت فيها الإعلامية فاطمة بلخير من التقديم إلى الإخراج الإذاعي الذي أسرها لمدة 13 سنة، لكن عشقها الأول للميكروفون أعادها مرة أخرى للتقديم فاختارت الميدان الفني والتحقيقات لتبدع في حصة أستوديو النجوم في محاولة منها للارتقاء بالذوق الفني وتقديم الأفضل لمستمعي الإذاعة الوطنية. * كيف كانت انطلاقة الإعلامية فاطمة بلخير مع الميكروفون وعالم الصحافة ؟ – فاطمة بلخير إعلامية، مذيعة ومحققة في القناة الإذاعية الأولى مختصة في الثقافة والميدان الفني، دخولي إلى الإذاعة الوطنية كان عبر حصة 75بالمائة شباب حرصنا فيها على استقبال الشباب الموهوب وتقديمهم للجمهور الجزائري، عملت في العديد من المجالات حيث توجهت للإخراج وهو عالم آخر جذبني إليه لمدة 13 سنة قمت بإخراج برنامج "شرقيات" مع الإعلامية نجاة كتو وكذلك برنامج "مرايا" الذي يتحدث على الحالات الاجتماعية وأول فكرة كانت النساء السجينات وحالتهن بعد الخروج من السجن وكيف سيواجهن المجتمع، كما عملنا عدة روبورتاجات وتحقيقات ومواضيع ساخنة اخرى تهم المجتمع بمشاركة مختصين في علم النفس والاجتماع والدين، كما أخرجت برنامج "ألو دكتور" كنت أستقبل المكالمات من كل مناطق الوطن لكن هوسي بالمكروفون أعادني بقوة إلى البرامج الفنية وحاليا أنا مع برنامج أستوديو النجوم الذي تركته سنة 1999 وعدت إليه اليوم.
* بحكم تجربتك الطويلة في الميدان ماهو الفرق بين البرامج الفنية بين الأمس واليوم ؟ – الحياة الفنية في الجزائر تقلصت بشكل كبير جدا كما ان انتشار او تزايد عدد الصحف والقنوات لم تؤد إلى إثراء هذا المجال بالعكس ساهمت في تراجع مستوى الإعلام في الجزائر والبرامج بشكل رهيب جدا وكل ذلك راجع الى نقص التكوين واعتماد الصحف والقنوات الجديدة على شباب دون خبرة، في الوقت الماضي كان الصحفي يبحث ويقرأ قبل ان يقوم بمحاورة فنان او أديب او مثقف لكن اليوم بكبسة زر تحصل على الكثير من المعلومات حتى دون بحث او تقصي والكثير منهم يضع نفسه في موقف حرج وهو ما يحصل في الندوات الصحفية. مشكلة الصحافة اليوم هو التوظيف العشوائي وغير المدروس للوجوه الجديدة التي لا تدرك ان الإعلام ليس ربطة عنق أو شكلا جميلا أمام الكاميرا بل ثقافة ومعرفة حسن اطلاع وكذا تكوين ممتاز وبمعايير عالمية والصحفي قبل ان يكون صحفيا يجب ان يقرأ ويتعلم والمطلوب من المؤسسات الإعلامية ان تقوم بتكوين إعلامييها بشكل مستمر حتى نحن ورغم تجربتنا لا نزال نتعلم ونسأل لأن الصحفي أولا وأخيرا اسم وعلاقات وأجندة، وللأسف ما يعيشه الإعلام الجزائري اليوم هو مهزلة حقيقية وبكل المقاييس.
* وما هو تقييمك للبرامج الفنية التي تعرض على القنوات الخاصة ؟ – البرامج الفنية في القنوات الخاصة متشابهة جدا خاصة البرامج التي يقدمها مغنو الراب، في الحقيقة البرامج الفنية ليست للتهريج فقط نحتاج إلى برامج ثقافية حقيقية تناقش واقع الثقافة والفن في الجزائر وليس قعدات للغناء فقط، على الاعلامي ان يرفع من مستوى النقاش حتى يتسنى للجميع متابعة الحصص والبرامج، ونفس الأمر ينطبق على الفنانين فالرداءة زادت في الجزائر بشكل رهيب جدا جعل نوعا من الاغاني ينتشر أكثر من الفن الهادف والسبب يعود بالدرجة الأولى لغياب المدرسة ووراءها وزراة التربية الوطنية والأسرة عن لعب دورهم الأساسي فاليوم حتى تلاميذ المدارس الابتدائية يحملون هواتف نقالة لا يعلم أحد ما يتابع فيها بشكل مستمر، للأسف غاب الذوق العام وتدنى مستواه بشكل رهيب جدا والسبب الثاني هو غياب الرقابة الفنية فما يغني في الملاهي يسجل وينتشر بشكل رهيب والادهى والامر ان كلمات الاغاني تحمل انواع السب والشتائم وكذا التحريض على القتل وكذا الترويج لاستهلاك انواع من المخدرات للاسف هذا النوع من الاغاني رائج بشكل كبير وسط المراهقين وحتى الأطفال .
* هل يمكن أن نرى فاطمة بلخير في برنامج تلفزيوني أو في قناة عربية ؟ – الميكروفون عشقي الأول والأخير ولم أفكر يوما ان أكون ضمن برنامج تلفزيوني في الإذاعة، نملك جمهورا من ذهب وصراحة اجد نفسي اكثر راحة خلف الميكروفون وهذا يكفيني، اما العمل خارج الجزائر فقد تلقيت عدة عروض لكني لم أفكر إطلاقا في مغادرة الجزائر ولا يمكنني العمل والعيش بعيدا عن بلدي.
* مارأيك في تواجد المرأة الجزائرية اليوم في الميدان الإعلامي ؟ – تواجد المرأة في الإعلام زاد بشكل كبير في الأعوام القليلة الماضية، ونحن فخورون جدا بذلك خاصة المصورات والمكلفات بالإعلام وغيرها من المناصب الإعلامية التي كانت في وقت سابق حكرا على الرجال، ومن هنا اقول لابد على المرأة الجزائرية مواصلة نضالها لأننا لم نصل بعد والطريق مازال طويلا أمامنا وبإمكاننا اقتحام الكثير من الميادين.
* نصيحة تقدمها الإعلامية فاطمة بلخير للصحفيين اليوم ؟ – ما يمكن أن أقول في هذا الشأن هو رسالة بسيطة أوجهها للجميع افتحوا كتابا واقرؤوا، طالعوا فهذا هو الطريق الوحيد الذي من خلاله يمكن ان تزيد معارفكم وتقوي رصيدكم اللغوي والثقافي، ولو بقي الإعلاميون بهذا المستوى لن يتطور الإعلام في بلادنا بل سيتجه نحو الاسفل، يجب ان نبتعد عن صحافة "كوبي كولي" وأشدد على عنصر الأخلاق، الصحفي يجب ان يكون متخلقا فلا يمكنك أن يصنع الصحفي اجندة وعلاقات إذا لم يتحل بصفات معينة كاللباقة واختيار الكلمات المناسبة والتحلي بالأخلاق الحسنة.
* كلمة لمستعمي الإذاعة الجزائرية ؟ – الاذاعة والتلفزيون لا زالت محافظة على جمهورها وقدسيتها ومصداقيتها لا تزال قناة كل الجزائريين وقناة الأسرة الجزائرية التي تحترم الجميع وتتحدث للجميع، فلا يمكننا أن نمرر اغنية لا تليق امام مسامع الاسرة الجزائرية، تعلمنا في البداية ومنذ انطلاقتنا أن القناة الاولى هي قناة العائلة بالدرجة الاولى وهو ما مكننا من الحفاظ على مستمعينا الذين أثبتوا دائما وفاءهم لبرامج القنوات الإذاعية وخاصة القناة الأولى. حاورتها: سهام حواس