بقلم: مصطفى بونيف اسمحوا لي بأن أنطلق مما قاله الشيخ العربي تبسي عشية تشييع الإمام العلامة يوم 16 أفريل 1940 ” لقد كان الشيخ بن باديس بجهاده و علمه هو الجزائر كلها، و الآن بعد موته فلتجتهد الجزائر أن تكون بن باديس ..” . كلام لو نستطيع أن نكتبه بماء الذهب لكتبناه حتى تقرأه الأجيال وراء الأجيال لتعرف من هو بن باديس، و ما فضل هذا العالم الزّاهد العابد على الجزائر ..تلك الجزائر التي كانت تئن تحت ظلم المستعمر الفرنسي الذي عمد على نشر الجهل و الخرافة و البدع في المجتمع الجزائري ليضمن بقاءه، فجاء الشيخ عبد الحميد بن باديس ليعلنها ثورة علمية و فكرية على فرنسا .. فأسس الجريدة تلو الجريدة، و كتب المقال تلو المقال، حتى أسس جمعية العلماء المسلمين التي كانت اللبنة الأساسية لثورة نوفمبر لمن يع و يفهم خطورة الجهاد بالقلم ..و الجهاد بالفكر و العلوم . لأن الثورة الحقيقية هي تلك الثورة التي تستند إلى العلم، و كل ثورة لا يشارك فيها العلماء ..هي ثورة فاشلة بلا شك، بل إنها نار قد يعجبك لهبها، لكنها سرعان ما تفتر و تحبو لتغدو رمادا تذروه الرياح. و إذا سنّت الدولة الجزائرية ذكرى وفاة هذا العلامة بأن تجعلها عيد للعلم فإن في ذلك رسالة إلى الشعب بكامل أجياله اللاحقة بأن الجزائر تريد أن تكون بن باديس كما أوصى الشيخ العربي التبسي، الجزائر المسلمة، العربية، التي لن تذوب أو تندمج في مشاريع الاستدمار و التغريب التي تحاول منذ سنة 1830 إلى يومنا هذا طمس هوية الشعب الجزائري و الجزائر . إن الجسر ما بين بن باديس و ثورة نوفمبر كان قائما و لا يزال مادام فينا من يؤمن بمشروع الجزائر النوفمبرية.. تلك الجزائر التي لا نريدها تابعة سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا إلى فرنسا أو غير فرنسا … بل جزائر الجزائريين فقط .. و عندما رفعنا في حراكنا صور الشيخ بن باديس أردنا أن نبلغ العالم كله ..و أولهم فرنسا و عملائها ممن كانوا يحاولون السيطرة على الحكم .. بأننا نسير على نهج هذا الشيخ ..و بأننا ننفذ وصية الشيخ العربي التبسي رحمه الله . رحم الله علماء الجزائر الأفذاذ و طيب ثراهم، و حفظ الله الأحياء منهم و نفعنا بعلمهم. المجد و الخلود لشهدائنا الأبرار.