حذّر بوجمعة غشير، رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، من ''القضاء على الإصلاحات السياسية'' التي تعهد بها رئيس الجمهورية، ''إذا أوكل إعدادها لوزارة الداخلية''. وقال إنه لا يدري إن كانت مشاريع القوانين موضوع الإصلاح التي عرضت على اجتماع الحكومة، هي من توصيات هيئة المشاورات التي ترأسها عبد القادر بن صالح، أم نصوص أعدتها وزارة الداخلية. قال بوجمعة غشير في اتصال مع ''الخبر''، إن مسودات مشاريع قوانين والأحزاب والجمعيات تتعلق في الأصل بتقنين ممارسة حقوق معينة، وهي الحق في التجمع والحق في الانتظام في جمعية والحق في التجمهر والحق في الإعلام. وأوضح بأن هذا الصنف من النصوص ''يفترض أن تعمل الحكومة على إبعاد الجانب العقابي عنها، لأنه لا يجوز وضع قيود على ممارسة الحقوق''. ولاحظ الحقوقي ''بأسف'' أن مشاريع القوانين التي ظهرت ''لا تحترم مبدأ عدم تقييد ممارسة الحقوق، بل طغت عليها النظرة الأمنية التي لم تتخلص من الفكر الواحد والحفاظ على أمن الدولة على حساب حرية المواطن، وكأن حماية أمن الدولة لا تتم إلا عن طريق القمع بدل طريق الحرية ونشر الديمقراطية''. وذكر غشير أن بنودا كثيرة تضمنتها مشاريع القوانين الجديدة تمثل تراجعا عن مكاسب جاءت بها القوانين التي ستخضع للتعديل. مشيرا إلى أن 90 بالمائة من محتويات قانون الجمعيات جيد ''وشخصيا اشتغلت عليه بالتعاون مع البنك الدولي، وهو قانون يحترم المعايير الدولية لنشاط الجمعيات''. وذكر غشير أن تعديل القوانين جاء في إطار خطاب الرئيس الذي حمل وعودا بالإصلاح السياسي الشامل، ''وعلى هذا الأساس شكل هيئة كلفها بإجراء مشاورات مع الأحزاب والمجتمع المدني والشخصيات. ولكن بالموازاة مع ذلك كانت الداخلية قد بدأت في إعداد تعديلات لإدخالها على القوانين التي تتناول ممارسة الحقوق، وهذا برأيي خروج عن الجدية المطلوبة في إقامة إصلاحات في النظام السياسي، ولسنا ندري حاليا إن كانت جلسات الاستماع التي أدارها السيد بن صالح هي التي أدت إلى ظهور مشاريع القوانين هذه.. أم هي منتوج وزير الداخلية الذي اشتغل بمفرده بعيدا عن المقترحات التي رفعت إلى هيئة رئيس الجمهورية المكلفة بالاستشارة؟''. مشيرا إلى أن ''الأعمال الموازية تضر بمصداقية الإصلاحات''. وأفاد غشير بأنه أبلغ بن صالح ومساعديه في الهيئة، لدى استقباله لسماع رأيه في الإصلاحات، بضرورة إبعاد الإدارة ونفوذ الولاة أثناء العمليات الانتخابية. ويقول إن ''هيمنة'' الإدارة والداخلية على مشاريع القوانين كبيرة ''وإذا تم الحفاظ على هذه الهيمنة في النصوص، أستطيع أن نقول بأنه انتحار للإصلاحات المزمع إجراؤها''. وتابع رئيس الرابطة الحقوقية: ''نوجه نداء للرئيس لكي يستدرك الأمر وإلا سنكون على مشارف كارثة، فالاحتقان في البلاد حاد والأحقاد موجودة والرغبة في الانتقام مستشرية، وخوفي على الجزائر من موجة عنف لا يعرف أحد عواقبها. فإذا كان بوتفليقة جادا في إصلاحاته، عليه أن ينقذها من هذه المهازل بأن تكون له الشجاعة ويتدخل لاستدراك الأخطاء''. وانتقد غشير ''تماطل'' وزارة الداخلية وكذا الولايات في التجاوب مع طلبات اعتماد أحزاب وجمعيات، ورفضها تسليم وصل إيداع الملفات. ويمنح القانون الحالي لأصحاب الحزب أو الجمعية، الحق في النشاط إذا لم يحصلوا على رد من السلطات بشأن طلب الاعتماد، في غضون 60 يوما من إيداع الطلب.