يوم استثنائي عاشه المصريون، أمس، في أول أيام الاقتراع في الانتخابات الرئاسية، وسط تحديات كبيرة وأمل أكبر في انتشال مصر من وضعها المأساوي، وإن عكرت بعض الشائعات بوجود قنابل واستهداف بعض اللجان الانتخابية صفو العملية. بالزغاريد والرقص على موسيقى الأغاني التي تمجد الجيش والشرطة، كان المشهد الانتخابي في مصر في أول أيامه، وسط حضور ضعيف في الصبيحة وحتى الظهيرة، تصدرته النسوة وكبار السن، الذين حرصوا على التواجد أمام مكاتب الاقتراع قبل فتحها بنحو ساعة، وأرجع مراقبون ضعف إقبال الناخب المصري، البالغ عدده 53 مليون ناخبا، إلى حرارة الجو والتزام الموظفين بأوقات العمل. الكل في مصر يسأل من ستنتخب؟ من الأفضل السيسي أم صباحي؟ كان السؤال الوحيد على ألسنة المصريين، أمس، وأنا واقفة أمام إحدى اللجان استوقفتني إحدى الناخبات سائلة: من ستنتخبين؟ أجبتها ليس لي الحق في التصويت أتيت لأغطي الحدث لا أكثر. وقبل أن أنهي كلامي، صرخت في وجهي قائلة “أنت لا تحبين الخير لمصر هما اشتروا حتى المش محجبات”، قاصدة جماعة الإخوان المسلمين، وأضافت “السيسي هو الرئيس المقبل وسيعيد مصر إلى مكانتها، وسيهتم بالفقراء والغلابة وسيصلح وضع البلاد”، تركتها وهي تكمل مدحها للسيسي، إذا بناخب آخر يناديني “أنت طبعا ستنتخبين السيسي.. باين من مظهرك”، فخرجت من تلك اللجنة متجهة إلى أخرى، وكنت أريد أن أستقل حافلة. وعلى الرغم من أن الحافلة كانت شبه فارغة، إلا أن السائق رفض التوقف وأشار لي بيده بعلامة “رابعة العدوية”، كانت أبرز المواقف التي تعرضت لها وأنا أغطي مجريات العملية الانتخابية. على أنغام “بشرة خير” و”تسلم الأيادي” رقص المصريون شهد اليوم الأول من الرئاسيات المصرية حضورا مقبولا للناخبين، بعدما كان ضعيفا فترتي الصبيحة والظهيرة، وظلت المرأة وكبار السن يتصدرون المشهد العام، ويشكلون الطوابير رغبة في الانتهاء من المرحلة الانتقالية وعودة الأمن والاستقرار في بلد عانى الكثير من ويلات العمليات الإرهابية، والمظاهرات اليومية طوال الثلاث سنوات الماضية، منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك. وخصصت اللجنة العليا للانتخابات كراسي متحركة لكبار السن والمرضى، تقلهم من باب اللجنة إلى صندوق الاقتراع، وهي اللفتة التي أثارت استحسان الجميع، وزادت من توافد هذه الشريحة. وصاحبت الأجواء الانتخابية التواجد الكبير والمكثف لقوات الأمن، التي انتشرت في الشوارع الرئيسية والميادين العامة. كما خصصت وزارة الداخلية قوات التدخل السريع عند مداخل اللجان الانتخابية، للتصدي لأي عملية تعكر صفو هذا العرس الانتخابي، وأكدت الداخلية المصرية أن الأجهزة الأمنية لن تسمح بأي محاولة من أي جهة أو شخص لتعكير صفو العملية الانتخابية. وعلى الرغم من التشديدات الأمنية المكثفة التي وضعتها السلطات المصرية، إلا أن الساعات الأولى لهذا الاستحقاق لم تخل من محاولات تنفيذ أعمال إرهابية، حيث قامت أجهزة الأمن بإبطال مفعول عبوات ناسفة في مناطق متفرقة، بينما قامت مجموعة مسلحة باغتيال عضو المكتب التنفيذي لحملة المرشح الرئاسي، المشير عبد الفتاح السيسي، وحاول أعضاء من جماعة الإخوان منع الناخبين من التوجه إلى مكاتب الاقتراع في بعض المناطق. ولعل أهم نقطة تم تسجيلها، أمس، الغياب الملحوظ للشباب الذي كان وقود ثورة ال25 جانفي وأحداث الثلاثين جوان. وكانت طرفة رئاسيات 2014، فتوى اللجنة العليا للانتخابات التي أجازت كتابة عبارة “بحبك” أو رسم “قلب” أمام صورة أي من المرشحين. وأنت تمشي في الشوارع وتتنقل من لجنة انتخابية إلى أخرى، يتخيل لك وكأنك في عرس كبير والدعوة مفتوحة لمن يريد أن يفرح وينسى الدنيا بهمومها المثقلة، فالكل كان يتراقص على أنغام “بشرة خير” و”تسلم الأيادي”، نساء وأطفال رجال ومسنين، حاملين العلم المصري ويرفعون أيديهم إلى السماء وهم يدعون بأن يولي الله الأصلح لمصر، وتنتهي الغمة ويفتحوا صفحة جديدة مع رئيس جديد وحكومة جديدة، قادرة على إعادة مصر إلى الريادة. أنشر على