فقدت أسعار النفط نسبة 30 في المائة من قيمتها، ليستقر برميل البترول في حدود 77 دولارا بالنسبة لمؤشر برنت بحر الشمال، حيث نزل إلى أضعف مستوى له منذ 2010، وأضحى التراجع مقلقا جدا للدول المصدرة للنفط، خاصة وأن خبراء أكدوا على إمكانية بقاء السعر ضعيفا لمدة لاحقة. انهيار أسعار النفط لم يعد قضية ظرفية، بل أدرج كمسار هيكلي يمكن أن يمتد لسنة 2015، وإذا كانت الجزائر قد أنقذت سنتها الحالية، بعد أن سجل سعر البرميل الجزائري مستويات عالية خلال السداسي الأول من السنة، ما ساهم في ضمان معدل سنوي يقدر في حدود 102 دولار، فإن استمرار الوضع على حاله يمكن أن يؤدي إلى مشاكل متعددة خلال سنة 2015، خاصة وأن مستوى العجز المتوقع، يقترب من 50 مليار دولار، ومستوى الواردات من 65 مليار دولار بحساب السلع والخدمات، في حين يتوقع أن تصل إيرادات المحروقات لسوناطراك 60 مليار دولار، وهو ما يعني عجزا في ميزان المدفوعات، بعد أن كان يتوقع تسجيل فائض بقرابة مليار دولار. انهيار أسعار البترول سيدفع الدول المصدرة لنفط “أوبك” التي ستجتمع بفيينا في 27 نوفمبر الجاري إلى دراسة إمكانية ضبط سقف إنتاجها الذي تجاوز 30 مليون برميل يوميا، وإن كان هذا الخيار الذي تدافع عنه دول مثل الجزائر وفنزويلا، تتحفظ عليه دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية التي ترى بأنها ستكون أكبر من يقدم التضحية إذا ما تم تخفيض السقف فعليا،لاسيما وأن الرياض سجلت تراجعا في حصص السوق الدولي، وعمدت لثلاثة أشهر متتالية إلى تخفيض أسعارها، وهو من بين العوامل التي ساهمت في انخفاض الأسعار إلى جانب الارتفاع القياسي لإنتاج النفط الصخري الأمريكي الذي بلغ حدود 8.6 مليون برميل يوميا، ويرتقب أن يصل إلى 9.6 مليون برميل يوميا، فيما تجاوز إنتاج المحروقات 11 مليون برميل يوميا، ما وضع الولاياتالمتحدة على رأس المنتجين، متجاوزا السعودية وروسيا، ما دعم العرض في السوق، وجعل الأسعار تتراجع، رغم العوامل الجيوسياسية المؤثرة في الشرق الأوسط، حيث سجل السوق تراجع تبعية الولاياتالمتحدة لنفط الشرق الأوسط وهو عامل مؤثر جدا، حيث أضحى المضاربون والمستثمرون يميلون إلى فرضية الأسعار المنخفضة للسوق في الآجال المتوسطة. وتبقى أسعار النفط الحالية العامل الصعب بالنسبة لبلد مثل الجزائر الذي سيواجه عجزا كبيرا في حالة بقاء أسعار النفط تحت عتبة 80 دولارا، أو حتى في مستوى 80 دولارا للبرميل، حيث تحتاج الجزائر لمستوى لا يقل عن 90 دولارا للبرميل لضمان استقرار مع التضحية في جزء من النفقات، وهو ما سيتم حتما في حالة استمرار الأسعار في التراجع، حيث ستكون ميزانية التجهيز أول من سيعرف اقتطاعات في حالة بقاء أسعار البترول في المستوى الحالي السنة المقبلة.
