لا يزال موقف رئيس الحكومة الاسبانية بيدرو سانشيز حول الصحراء الغربية، يثير الجدل في اسبانيا وخارجها، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية التي ستتمخض عنها الحكومة المقبلة، حيث دعا رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق، خوسيه ماريا أزنار، إلى أن تعود الحكومة الجديدة إلى الشرعية الدولية فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية. وقال أزنار خلال تدخله في ندوة نظمت بمدريد تحت عنوان "اسبانيا والنظام العالمي الجديد"، إن الرسالة التي بعث بها بيدرو سانشيز إلى ملك المغرب محمد السادس والداعمة للسياسة التوسعية للمغرب، هي "مجرد رأي شخصي له وموقف لا يلزم الدولة الإسبانية"، مضيفا "سيتعيّن على الحكومة القادمة رفع الأمر إلى البرلمان والعودة إلى الشرعية الدولية في مسألة الصحراء الغربية". وكان المسؤول الإسباني السابق قد انتقد بشدة التغيير في موقف بيدرو سانشيز بشأن النزاع في الصحراء الغربية واعتبره "خطأ لا يغتفر ستدفع مدريد ثمنه غاليا"، مضيفا أن هذا القرار شكّل رسالة "ضعف وهشاشة" لإسبانيا. وذكر أن هذا القرار الذي اتخذه سانشيز دون أن يتشاور مع أي طرف، يأتي في الوقت الذي جددت فيه المفوضية الأوروبية التأكيد على "ضرورة تكييف تسوية النزاع في الصحراء الغربية مع قرارات الأممالمتحدة"، غير أن ما قررته مدريد، يضيف المتحدث، "لا يتلاءم مع قرارات الشرعية الدولية". كما انتقد خوسيه ماريا أزنار "اللامسؤولية التامة" التي تحلى بها بيدرو سانشيز في اتخاذ هكذا قرار، والذي "تعمّد"، كما قال، "إخفاءه على شركائه في الائتلاف، ولكن أيضا عن حزب المعارضة الرئيسي، فلم يحظ بالإجماع، وبدون مناقشة برلمانية ذهب لتعديل الموقف التاريخي لإسبانيا"، وهو الأمر الذي وصفه المتحدث ب "التهور الخطير للغاية". ولا تزال الرسالة محل تشكيك وتثير التساؤلات حول أي ظرف وقّعها بيدرو سانشيز، بعد التحقيقات التي أجرتها صحيفة "الديباتي" الاسبانية، اعترفت أجهزة رئاسة الحكومة الإسبانية بأنها لا تملك أية معلومات عن الرسالة التي بعث بها بيدرو سانشيز إلى الملك محمد السادس المتعلقة بدعم خطة الحكم الذاتي بالصحراء الغربية المحتلة. وأظهرت المعلومات حجم تأثير نظام المخزن الهائل على حكومة سانشيز، مبرزة أن مديرة قسم التنسيق التقني والقانوني في رئاسة الحكومة الاسبانية، بياتريس بيريز رودريغيز، اعترفت في وثيقة تحمل الرقم التسلسلي 00001-00079114 والموقّعة في 16 جوان الجاري، أن قصر المونكلوا لا يعرف من أو كيف أو حتى متى تم إرسال الرسالة الشهيرة. وأضاف المصدر ذاته أنه على مستوى رئاسة الحكومة الاسبانية، لا توجد أية وثيقة أو محتوى يثبت التاريخ أو الوسيلة التي تم بها إرسال الرسالة إلى ملك المغرب، ولا حتى معلومات حول الجهة أو المسؤول الذي أمر بإرسال الرسالة، كما أنه وبناء على طلب من الصحيفة ذاتها "دعا مجلس الشفافية والحكامة الرشيدة، وهو هيئة عامة ومستقلة، تم إنشاؤها عام 2014، حكومة سانشيز في أفريل الماضي لإرسال الرسالة الأصلية للصحيفة والتي يفترض أنها مكتوبة بالفرنسية من قبل الحكومة إلى ملك المغرب". ولدى سؤال وجّه لأزنار حول موقف حزب الشعب الذي ترأسه سابقا والذي يشكل ثاني قوة في البرلمان من قرار سانشيز، أوضح قائلا: "ليس على حزب الشعب أن يلتزم بقرار يعتبر خطأ، له عواقب تاريخية سوف ندفع ثمنه غاليا". الموقف الاسباني من قضية الصحراء الغربية في عهد سانشيز لم يخلق إشكالا فقط مع الشرعية الدولية، من خلال دوسه على القرارات الأممية وعلى حقوق الشعب الصحراوي، بل تعداه إلى التأثير على صورة إسبانيا سلبيا وإدخالها في نفق المشاكل مع الجيران وعلى رأسها الجزائر. وفي هذا السياق، كان أزنار قد قال في حوار مع قناة "أنتانا 3″، الإسبانية بشأن الأزمة بين مدريدوالجزائر، إن "من بين الكوارث الدبلوماسية التي رأيتها في الآونة الأخيرة، تلك التي قامت هذه الحكومة مع كل من الجزائر والمغرب". وشدد على أن سانشيز اتخذ خطوة "غير عادية وصلت حد أن ملك المغرب قرأ رسالة من رئيس حكومة إسبانيا، والتي بموجبها يتم تغيير سياسة عمرها 40 عامًا دون إبلاغ المعارضة أو إجراء نقاش برلماني، أو الإعلان عن القرار مباشرة". وتابع: "أيها الإسبان، إنه شيء غير عادي، وهذا يثير رد فعل حليفنا الذي أبرمنا معه اتفاقًا استراتيجيًا وقّعته بنفسي عام 2003.. لقد قتلنا اتفاقية مع أول مورد للغاز لإسبانيا في سياق أزمة الطاقة عالمية". وأوضح إن "ما تم القيام به دبلوماسياً وسياسياً في شمال إفريقيا نكسة غير عادية لإسبانيا، وسوف ندفع ثمناً باهظاً". وشدد على أن "النتائج الأولى لهذه التحركات بدأت بالفعل في الظهور.. إننا ندفع ثمنها بالفعل من حيث انعدام المصداقية وعدم الاحترام". وأصبحت قضية الصحراء الغربية موضوعا رئيسيا في النقاش السياسي بإسبانيا، لاسيما مع اقتراب الانتخابات التشريعية يوم 23 جويلية.