قدّم الدكتور خالد عيقون إصداره الجديد بعنوان "الحكاية الدينية العجيبة، دراسة تحليلية بنيوية"، وهذا نهاية الأسبوع الماضي بفضاء "أربعاء الكلمة" لمؤسسة "فنون وثقافة"، ويتضمّن جديده قصصا من التراث الشعبي بالعربية الدارجة وكذا باللغة الأمازيغية. قال الدكتور خالد عيقون إنّه أراد أن يقدّم في جديده "الحكاية الدينية العجيبة"، قصصا من التراث المحلي، لكن مرفوقة بدراسة تحليلية بنيوية علمية، باحثا في السياق نفسه، عن أصل الحكاية، ومن ثم وضعها في آفاق رحبة. وفي هذا السياق، نزل إلى الميدان وقام بالاتصال بعدّة رواة، ومن ثم جمع المادة ودرسها دراسة معمقة. وأضاف المتحدث أنّه اختار قصصا تمّ تناولها بالعربية الدارجة وكذا بالأمازيغية، مشيرا إلى أنّها متشابهة جدا حتى إنّ بعضها يمكن أن نجده في دول بعيدة مثل الهند، معتبرا أنّ كلّ منطقة تعتقد أنّها تملك القصة الأصلية. ويضمّ الكتاب قصصا نثرية وأخرى شعرية وكذا منها ما تتجاوز 300 بيت، وأخرى قصيرة تمت ترجمتها إلى اللغة العربية الأصيلة. واختار عيقون قصصا دينية، وتحدّث عن التداخل بين الكلمات العربية والأمازيغية، فمثلا قُدّمت قصة ميمونة باللغة الأمازيغية، إلاّ أنّه لم يتم ترجمة المثل القائل "أنا نعرف ميمونة وميمونة تعرف ربي"، كما إنّ هذه القصص ومن بينها قصص "يعلي وراشدة" و"غزوة الخندق" وغيرهما التي تضمّنها الإصدار الجديد للأستاذ الجامعي عيقون، متشابهة إلى حدّ كبير في اللغتين معا. وأضاف المتحدث أنّه استلهم هذه القصص من ثلاثة رواة، من بينهم فراج أحمد من غرب البويرة، الذي وُلد سنة 1930، وهو حافظ للقرآن الكريم وشاعر، ويعمل راويا منذ سنوات الخمسينات. أمّا رمضان فينحدر من شرق البويرة، وهو شاعر باللغة الأمازيغية ورئيس فرقة غنائية. كما اعتبر المتحدث أنّ هناك من القصص ما تدخل مباشرة في الموضوع، وهناك ما تحمل مقدمة طويلة، كما إنّها تبدأ إمّا ب "باسم الله" أو "سبحان الله" أو"الحمد لله"، ويتم الاستشهاد برسول الله. وبالمقابل، تكشف هذه القصص التواصل بين منطقة جرجرة والمناطق الأخرى من البلد وحتى من خارج الجزائر. وطالب عيقون بضرورة جمع التراث الشعبي الجزائري، وتصنيفه، ومن ثم إدراجه في المنظومة التربوية، خاصة أنّه مهدّد بالاندثار لولا جهود البعض في الحفاظ عليه ونقله إلى الأجيال. من جهته، تدخّل الباحث بورايو في هذه المحاضرة مقدّما بعض الملاحظات، مثل أنّ هذه القصص الشعبية ليست مترجمة من الأمازيغية إلى العربية أو العكس، بل انتقلت من الأمازيغية التي كان يتحدّث بها سكان الجزائر إلى العربية المحلية بعد أن شهد البلد الفتوح الإسلامية؛ أي أنّها تكيّفت مع الواقع لا غير. كما أضاف أنّه كان من الأجدر أن يحمل الكتاب عنوان "المكوّن العجيب في القصة الدينية"؛ لأنّ استعمال كلمة حكاية في القصة الدينية، غير موفَّق؛ باعتبار أنّ الحكاية مرتبطة بما هو عجيب؛ أيّ خيالي، وهو لا محل له بما يتعلق بقصص ذات المواضيع الدينية.