ما هي المساحة التي يخصصها الإعلام العربي لقضية القدس، وهل هناك استراتيجية واحدة تجمع الدول العربية في هذا المجال، وهل أن الخطاب الاعلامي عن القدس هو واحد في كل الدول العربية، هذه أسئلة وغيرها طرحها نهاية الأسبوع المشاركون في "ندوة القدس في الخطاب الاعلامي" ضمن فعاليات الطبعة الثالثة لعكاظية الجزائر. ترأس الجلسة الدكتور عبد المالك مرتاض في حين كانت المداخلة الأولى للصحفي شبوب أبو طالب من الجزائر الذي تحدث عن المقاومة في الإعلام العربي خاصة أثناء الحرب الأخيرة على غزة. مشيرا الى أن وسائل الإعلام العربية كانت مقسمة في تناولها للمقاومة فبعضها مثلا ينسبها إلى حركة حماس وآخر إلى الجهاد، أوالى فتح وهكذا ولم تكن مقاومة موحدة المصدر والمفهوم، مضيفا أن بعض دول الخليج مثلا تتحاشى ربط المقاومة بحزب الله لاعتبارات سياسية إلى درجة أنها لا تعتبر جهاد حزب الله مقاومة في حين أنها تنسبها الى الجهاد الاسلامي أوحركة حماس، أما بالنسبة لدول المغرب العربي فلا أثر لهذا التمييز، والمقاومة في الاعلام المغاربي وحدة لاتتجزأ لذلك تذكر كل فصائل وحركات المقاومة بشكل متساو لا أثر للإنحياز فيه. وأشار شبوب إلى أن خطورة الإعلام العربي في مجمله تمكن في كونه لايتناول المقاومة كمشروع طبيعي يهدف إلى تحرير الأرض والانسان بل يتم تناولها كمشروع حزبي أوطائفي، ومن جهة أخرى يبقى خطاب المقاومة العربي خطاب ردة فعل وليس رد فاعل أي ردا على حادث ما، وليس مبادرة، يتميز بالاضطراب لا يقدم بناء علميا محكما بل هو خطاب حماسي أوبكائي وليس خطابا علميا، واستثنى المحاضر بعض المبادرات منها مبادرة حركة حماس التي أنشأت المركز العلمي الزيتونة للإعلام، وكذلك تجربة حزب الله من خلال قناة »المنار« الفضائية وبعض مراكز البحث. المحاضرة الثانية نشطتها الدكتورة سوسن الإبطح من لبنان بعنوان »فلسطين مجرد خبر« واستعرضت خبرا تداولته وسائل الاعلام العربية منذ أيام خاص "بالحدائق التوراتية" وهو مشروع ضخم توسعي لانجاز حدائق عامة وطرقات سريعة وغيرها وستقضي كليا على 70 بيتا عربيا بهدف تهويد القدسالشرقية وبالتالي ضمها نهائيا على أساس أنها العاصمة الأبدية لإسرائيل. الخبر نشر في 11 ماي الجاري وسربته إحدى الجمعيات اليهودية في اسرائيل إلا أن الصحافة العربية علقت عليه بصيغ مختلفة ولم تعطه حقه ولم تعط للقارئ أوالمتفرج توضيحات أكثر بمعنى إرفاقه بخرائط توضيحية مثلا أوتفصيلات أولقاءات مع المقدسيين المعنيين، بالمشروع وهكذا بقي الخبر مجرد خبر عادي ولم يثر حتى الرد الفلسطيني. من جهة أخرى، فإن أخبار فلسطين غالبا ما تكون مفصولة عن الجانب الانساني ولم تستحضره كأداة إعلامية فعالة عكس وسائل الاعلام الغربية خاصة البريطانية منها فركزت مثلا إحدى وسائل الاعلام في حرب غزة على عائلة تأكل الحشيش وتحرق أثاث البيت للدفء، لتوضح المأساة عوض النقل الفوري والمباشر لتصريحات المسؤولين المملة. محاضرة أخرى نشطها الصحفي الفلسطيني أحمد الوحيدي من جريدة »عرب« القطرية الذي أوضح ان القدس أصبحت جزءا مبتورا عن القضية الفلسطينية، وأصبح الخطاب السياسي مشتتا ولا يركز على القضايا المصيرية لفلسطين، علما أن القدس غائبة أيضا في الرؤية الاستراتيجية والاعلامية العربية. الباحثة ام الخير باروني من ليبيا تعرضت في تدخلها إلى ربط القدس بالجانب الثقافي والديني فقط وإبعادها بشكل جوهري عن القضية الفلسطينية، وأصبح الحديث عنها بليدا ومتباكيا، والأدهى من ذلك استعمال مصطلحات دخيلة لا تخدم القضية منها تسمية الاحتلال بالعمليات العسكرية، واسرائيل بالدولة اليهودية، وفلسطين بالسلطة الوطنية وهكذا. وفي الأخير دعا رئيس الجلسة الدكتور مرتاض إلى ضرورة تبني استراتيجية إعلامية عربية فاعلة على يد مفكرين ومنظرين لبلوغ الرقى والخروج من الهواية في تناول الأحداث، كما تجب المراجعة لكل ما يقدم للقارئ والمشاهد العربي الآن.