دعا الأستاذ عبد الحكيم توصار إلى مراجعة قانون 2003، المتعلق بالملكية الفكرية لحماية المؤلفات الأدبية والفنية في البيئة الرقمية، وكذا إعادة هيكلة الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. أما الأستاذ حسين مبارك، فقد أكد على ضرورة أن تكون ل"أوندا" سلطة إدارية مستقلة. بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، نظمت جمعية "الكلمة" للثقافة والإعلام، أول أمس، بالمكتبة الوطنية، ندوة دراسية بعنوان"واقع الملكية الفكرية في الجزائر ورهاناتها وتحدياتها في ظل تكنولوجيا الاتصال"، أدارها الأستاذ ابراهيم نوال، ونشطها المدير الأسبق ل"أوندا"، حكيم توصار، والباحث في قوانين الملكية الفكرية، حسين مبارك. بالمناسبة، قال توصار، إن رهان حماية حقوق الملكية الفكرية يُواجه تحديا كبيرا، خاصة في ظل بروز الذكاء الاصطناعي، مضيفا أن الجزائر، رغم تصديقها على ثلاث اتفاقيات دولية تخص حماية الملكية الفكرية (سنتا 1996و2012)، لم تواكب التغيرات والتطورات الحاصلة في هذا المجال، تحديدا تلك المتعلقة بالبيئة الرقمية. وذكر أنه في حال عدم وجود إجماع بين أعضاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية حول قانون ما، يتم تحويله إلى التشريع الوطني، مثلما هو الأمر في مجال موفر الخدمات، وكذا موفر المنفذ، وغيرها من النقاط التي تتعلق بحماية حقوق الملكية الفكرية في البيئة الرقمية. وتابع توصار، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية اهتمت كثيرا بهذا الموضوع، فحددت قانونيا مسؤولية كل متدخل في البيئة الرقمية، ونفس الشيء بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي، في حين تخلفت الجزائر عن أداء هذه المهام، ليطالب بضرورة سن تشريعات وطنية تضع الآليات التطبيقية لحماية الملكية الفكرية في البيئة الرقمية. كما اعتبر أن إنشاء بعض الدول المتقدمة لمؤسسات متخصصة في حماية الحقوق بأنواعها، أمر في غاية الأهمية، وهو ما يجب أن تفعله الجزائر، أي أن لا تحصر مهمة الحماية في مؤسسة واحدة "أوندا"، بل يجب أن تكون هناك مؤسسات عديدة، لكل منها مهمة محددة تقوم بها بشكل فعال، وفي نفس الوقت يُمكنها معاقبة المخلين بالقوانين. أضاف المتحدث، أنه من الضروري مراجعة قانون 2003، المتعلق بحماية الملكية الفكرية، وكذا التنسيق بين وزارة الثقافة والفنون و"أوندا" ووزارة البريد وسلطة الضبط السمعي البصري، لوضع آليات تطبيقية تراقب كل المواقع التي تشتغل على المؤلفات الفنية والأدبية، وهو ما اعتبره "أمرا صعبا"، خاصة أن الأمر يتعلق بمجال يتطور بشكل سريع جدا. توقف المدير العام الأسبق ل"أوندا"، عند ما أطلق عليه ب"الذكاء الاصطناعي"، الذي أوجب بدوره وجود قانون يؤطره، خاصة أن الأمر لا يتعلق بحقوق مرتبطة بما ينجزه الإنسان، بل بما تحققه الآلة، وما ينجر عنه من تزوير، مثل مشاركة شخص في مسابقة فنية بلوحة من إبداع الذكاء الاصطناعي، وحصوله على جائزة مالية تفوق 400 ألف دولار، قبل أن يكتشف أمره. كما نوه المتحدث بفتح الجزائر للمدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى ضرورة تأطير هذا النشاط، وفق الجانب الأمني ونظيره الأخلاقي. من جهته، تحدث القاضي والباحث في الملكية الفكرية، حسين مبارك، عن عدم وجود مدونة خاصة بالملكية الفكرية في الجزائر، تشكل مادة قانونية مهمة لكل مهتم بهذا الموضوع، مضيفا أن الجزائر صادقت بشكل متأخر، على الاتفاقية الدولية للملكية الصناعية، وكان ذلك عام 1966، في حين أن الاتفاقية تمت سنة 1883، كما أنها انضمت إلى اتفاقية الملكية الفكرية عام 1997. وأمام هذا النقص الفادح في المراجع الخاصة بالملكية الفكرية، صدر لمبارك العديد من المؤلفات، أولها كتاب جمع فيها كل القوانين والاتفاقيات الخاصة بالملكية الفكرية باللغتين العربية والفرنسية، ونفس الشيء فعله في مجال التجارة، حيث صدر له كتاب حول القانون التجاري، بعد أن كشف عدم وجود مثل هذا المؤلف في الجزائر. وأشار إلى أن الجزائر تفتقر كثيرا لمراجع قانونية حول البنوك والتأمينات والعقار وغيرها، ما يتطلب اجتهاد الباحثين في هذه المجالات. في المقابل، أكد أهمية أن تكون "أوندا" سلطة إدارية مستقبلة، وأن تتفرع إلى تخصصات، وأن لا تكون تحت وصاية وزارة ما، موضحا الخلط الواقع في بين الوصاية والسلطة السُلمية.