بعد أن كرّم والدته الراحلة في معرض "ابتسامة وطبيعة"، يعود الفنان محمد ملياني إلى جمهوره من خلال تنظيمه معرض "تكريم أعمدة الفنون التطبيقية وأعمدة المنظمة السرية قبل الثورة التحريرية"، برواق محمد راسم. يضم معرض الفنان محمد ملياني مجموعة كبيرة من اللوحات مختلفة الأحجام، ما بين الكبيرة والكبيرة جدا، رسم أغلبها بتقنية الأكريليك والأكوارال، والقليل منها بتقنية الرسم الزيتي. وأراد محمد من خلال معرضه هذا، تكريم أعمدة الفنون التطبيقية، والتي يعنى بها الرسم على مادة مثل النحاس، والقماش، والزجاج، والرخام وغيرها؛ لأنه من المعجبين بأعمال عائشة حداد، ومحمد وعمر راسم، ومحمد تمام، وغيرهم. وفي هذا يعرض لوحة كبيرة استعمل القماش فيها، وحوّطها بزخرفة نباتية، رسم فيها سيارة كوكسينال تركن قرب بيت. أما لوحة" القصبة" فاستعمل فيها زخرفة هندسية، في حين رسم في لوحة ثالثة عنونها ب "مركز العالم"، مكة، ومسجد المدينة، والمسجد الأقصى. ورسم فيها عينين، يقصد بهما اشتياق كل إنسان لزيارة هذه الأماكن المقدسة. ورسم الفنان لوحات كبيرة أخرى عن متحف باردو، وأهمية الوقت، وصحراء تيميمون. هذه الأخيرة استعمل فيها اللونين الأرجواني والبني. ولوحة رسم فيها أشكالا هندسية مختلفة، واستعمل فيها الألوان الخضراء، والزرقاء، والحمراء، والبرتقالية والصفراء. كما يهتم ملياني برسم الطوابع التي ترمز مواضيعها إلى هوية وتراث الجزائر؛ مثل اللوحة التي رسم فيها طوابع عن مدن الجزائر؛ مثل قسنطينة، وغرداية، وزيّنها برسومات عن نقوشات الطاسيلي. واستعمل الفنان في لوحة الخطَّ الكوفي في كتابته البسملة، وكذا خط الثلث. أما خلفية اللوحة فجاءت زرقاء بتدرجات مختلفة. كما سلط الضوء على جمال وتنوع الحلي القبائلية، والشاوية، والصحراوية في لوحة أخرى. وأرفق الفنان بعض لوحاته كلمات تتدفق حكمة، مخاطبا فيها الإنسان؛ مثل قول علي بن أبي طالب: "الأدب لا يباع ولا يُشترى، بل هو طابع في قلب كل من يتربى؛ فليس الفقير من فقد الذهب، وإنما الفقير من فقد الأخلاق والأدب". مقولة أخرى: "بالمال يمكنك أن تشتري المسكن وليس البيت، المركز وليس الاحترام، السرير وليس النوم، الكتاب وليس الفهم، الدواء وليس الشفاء". وكتب الفنان على رأس لوحة لترقي بعينين زرقاوين: "الرسم هو أحد الأنشطة في تنمية النصف الأيمن من الدماغ المسؤول عن الخيال، والإبداع والابتكار، من أهم المخترعين الرسامين أو الرسامين المبدعين أبو القاسم الزهراوي واضع أسس الجراحة، الجزري عام الميكانيك، وليوناردو دافنتشي مخترع الدبابة"، بالإضافة إلى مقولة حول أهمية الفهم، والتي تفوق عمقاً المعرفة. وحبا منه للطبيعة التي رسمها في أكثر من عمل، يعرض الفنان في هذه التظاهرة، مجموعة من اللوحات حول البحيرات التي تنعم بها الجزائر؛ مثل بحيرة تيلامين التي تُعد من بين أهم البحيرات في ولاية وهران، وتشغل مساحة 2400 هكتار. كما تستقبل العديد من الطيور المهاجرة مثل طير النحام. كما رسم الفنان بحيرة لارهاط بتيبازة، وبحيرات أخرى في القالة وغيرها. وأكد على زرقتها، ونباتاتها المختلفة؛ مثل زهرة زنبق الماء الأبيض واللوتس. كما رسم قوارب صيد لصيادين يسترزقون من البحر، وأخرى عن بحر هائج لمنطقة بني حواء رسمها بالسكين والريشة. ورسم محمد لوحتين عن حمّام ملوان؛ حيث تتوزع الحجارة على مائه الرقراق. وبالمقابل، يكرّم الفنان في معرضه هذا، أعمدة النظام السري إبان الثورة التحريرية. وفي هذا يعرض مجموعة من الصور، تضم صورة والده علي ملياني رفقة مناضلين جزائريين أثناء قيامه بالعديد من المهام؛ مثل مشاركته في البعثة الصينية، وحتى خلال القبض عليه من طرف المحتل الفرنسي. للإشارة، وُلد ملياني سنة 1965 بالجزائر العاصمة. وحصل على شهادة وطنية في الفنون الجميلة. عرض أعماله بقاعة الكيتاني بباب الواد بالجزائر (1986)، وبمعهد اللغات بإسبانيا. وشارك في فعاليات الصالون الدولي الأول للفن الإسلامي بالجزائر. وأنجز جدارية لعقيلة رئيس الشيلي سلفادور أليندي (1987)، تم دمجها مع أعمال خوان ميرو وبيكاسو. كما صدر لملياني كتاب بعنوان "المعجم الكافي لشدّ عضد الحرفي"، تناول فيه الزخرفة الإسلامية التي تخصص فيها.