الأزياء ليست مجرد زينة تُرتدى في عنابة، بل حكاية تُروى. خلف كل خيط مطرّز، وكل لون زاهٍ، يقف إرث طويل من الأصالة والجمال، تحمله المرأة العنابية بكل فخر، لتصنع من لباسها التقليدي لوحة فنية، تنبض بالهوية، والانتماء. اللباس التقليدي للمرأة العنابية لا سيَما في الأعراس والمناسبات، ليس مجرد قطعة قماش مطرزة، بل هو لغةٌ تنطق بالألوان، والخيوط، والحرفية المتقنة. فعندما ترتدي "قندورة الفتلة" أو تزيّن غرفتها ب«فراش الذهب"، لا تضفي لمسة جمالٍ على مظهرها فحسب، بل تُحيي ذاكرةً حيّة، وتنقل رسالةً ثقافية ضاربة في الجذور، عنوانها: "أنا من مدينةٍ توارثت الجمال كما توارثت الحكايات" . اللباس التقليدي للمرأة العنابية خاصة في الأعراس والمناسبات، ليس مجرد زينة أو مظهر، بل هو تعبير عن هوية المدينة، وروحها، وهوية العائلة التي حافظت على هذا الموروث. تتعدد الأشكال وتتداخل التفاصيل، لكن القاسم المشترك هو الأصالة، والحرفية العالية، التي جعلت من هذه الأزياء تحفاً فنية فريدة. من قندورة الفتلة المطرّزة بخيوط الذهب التي تحاكي ضوء المتوسط، إلى القاط، وفراش الذهب المميّز، تعكس هذه الملابس توازناً بين البذخ والرمزية. كما ترافقها أكسسوارات مميزة؛ مثل الشاشي السلطاني، والشوشنة، وتسريحات تقليدية؛ أبرزها تسريحة التل التي تُعد عنواناً لأناقة المرأة في الأعراس والمناسبات العائلية. وإلى جانب الأزياء المحلية، تحتضن العروس العنابية، أيضا، قطعاً من اللباس الجزائري الواسع؛ مثل الكراكو العاصمي، والقفطان العنابي الذي يبرز في تصميمه مزيج بين التقاليد والابتكار، خصوصا في ما يُعرف بقفطان القرنفل المطرّز بخيوط الفتلة الذهبية، والمزيَّن بألوان زاهية، وتفاصيل دقيقة تحكي تراثا متجددا. في كل تفصيلة من هذه الأزياء هناك قصة تُروى عن جدة كانت تطرز لابنتها، وأم كانت تُجهز صندوق عرس ابنتها، وعن حي لايزال يزهو في ليالي الصيف بصوت الزغاريد، ورائحة البخور. في مدينة القرنفل والبحر؛ حيث تتعانق الموجات مع المآذن، تظهر المرأة العنابية كل مرة كأنها زهرة لا تذبل، تنبع من تاريخٍ عريق، وتُضيء حاضرا لايزال يعتزّ بأصالته. ليست المرأة العنابية، فقط، رمزاً للجمال، بل هي مرآة لتراث المدينة. وعندما ترتدي لباسها التقليدي فإنها لا تُزيّن نفسها فحسب، بل تُزيّن المدينة كلّها. إنها صورة عنابة في أبهى حُلّة، وشاهدة على أن الأناقة الحقيقية هي التي تنبع من الجذور.