أجمع متدخلون خلال اليوم الثالث من أشغال الطبعة 13 للجامعة الصيفية لإطارات جبهة البوليزاريو المنعقدة بجامعة بومرداس، على أنه لا يمكن التنبؤ بمستقبل القضية الصحراوية خاصة في ظل الأوضاع الجيوسياسية الراهنة، غير أنهم أكدوا في المقابل أنّ الثابت في قضايا التحرر أن مصير الدول يبقى مرتبطا بإرادة شعوبها، حيث يبقى للشعب الصحراوي فقط الحق في تقرير مصيره دون تدخل خارجي. استعرض د.أسامة بوشماخ، وهو أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة تيسمسيلت، مواقف الدول والقوى العظمى من قضية الصحراء الغربية، واعتبرها مواقف متباينة مرتبطة بشكل مباشر بمصالحها الجيوسياسية، وقال في معرض تحليله لمستقبل القضية الصحراوية في ظل تباين هذه المواقف، أنها تبقى مرتبطة بمسارات معقدة لا يمكن التنبؤ بها. وفي معرض تحليله لأهم المواقف الدولية من قضية النزاع في الصحراء الغربية، قال الأستاذ بوشماخ إنّها في الغالب مواقف متباينة مدفوعة بمصالح جيوسياسية وأخرى إستراتيجية، ولكنها تؤثر بشكل مباشر على تطور الصراع، متحدثا في هذا السياق عن الموقف الأمريكي المبني على مصلحة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالدرجة الأولى، حيث ينطلق من الحماية الأمريكية للكيان الصهويني وبالتالي العمل وفق منطق الإبتزاز أي التطبيع مع الكيان الصهيوني مقابل الاعتراف بإطار الحكم الذاتي وفقا لسياسة ترامب الذي يرى نظام المخزن بمثابة نقطة ارتكاز للمصالح الأمريكية. أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي فإنه في شكله الهيكلي مساند لأطروحة الحل في الصحراء الغربية في إطار الأممالمتحدة، بينما الدول الأوروبية في حدّ ذاتها تشهد تذبذبا واضحا حول هذه القضية، بداية من فرنسا وهي المهندس لأطروحة الحكم الذاتي ضمن النظام المغربي، وهو موقف -يقول الأستاذ بوشماخ- مرتبط بشكل وثيق بمصالح فرنسا التي تبحث لها عن موطأ قدم في إفريقيا بعد انهيار جل قواعدها بالقارة، فضلا عن ارتكاز نظام المخزن على الحماية الفرنسية أمام الأزمات الكبيرة التي يعيشها وعلى أعلى المستويات. ونفس الأمر بالنسبة لموقف بريطانيا المبني كذلك على المصلحة والمساند للحكم الذاتي في ظل النظام المخزني، لاسيما بعد صفقة الاستثمارات الكبيرة جدا التي رست لصالحها حول الهياكل الكبرى التي ستنجز بالمغرب تحسبا لكأس العالم 2030، وبالنسبة لإسبانيا فقد عدلت من موقفها ضمن الأطروحة الأممية بعد ضغوطات داخلية، بينما يبقى موقف البرتغال مترنحا مساندا للحكم الذاتي تحت الأممالمتحدة، لتبقى روسيا والصين القوتين العظيمتين اللتين تسيران وفق سياسة متعددة الأقطاب، حيث يساند كلاهما القضية الصحراوية ضمن أطروحة الأممالمتحدة مع مراعاة الطرفين المباشرين نظام المخزن وجبهة البوليزاريو. وهي في الغالب -يضيف الأستاذ- مواقف تبقى مرتبطة بشكل وثيق بتحوّلات لا يمكن التنبؤ بها ولكنها ستحدث حتما تغيرات في مسار المصالح والمواقف ضمن عالم يمر بتحوّلات جيوسياسية يسعى كل طرف وراء مصالحه في إطار حرب باردة مما يجعل التنبؤ بمستقبل القضية الصحراوية صعبا.