اختتمت، أول أمس بمركز الفنون بقصر رياس البحر، فعاليات الطبعة السابعة من المهرجان الثقافي الوطني للزي التقليدي الجزائري، بالإعلان عن الفائزين في مسابقة "قفطان التحدي"، مع تكريم خاص للمشاركين، والمؤطرين، وممثلي المؤسسات، وأكاديميات تصميم الأزياء. عادت الجائزة الأولى لمسابقة "قفطان التحدي" الخاصة بهذه الطبعة، للمصممة كريمة سي قدور. وتقدر ب 50 ألف دج مع الاستفادة من تربص مجاني بأكاديمية "تيكو" للتصميم التي حضرت ممثلتها السيدة شرفي آمال، وكذا الاستفادة من جلسات تصوير مجانية بقصر رياس البحر، فيما عادت الجائزة الثانية للمصمم الشاب أنيس سالمي، الذي فاز بمبلغ 50 ألف دج أيضا، والاستفادة من تربص، وكذا من تصوير ما يصممه في قصر رياس البحر (اقتصرت الجوائز عليهما). وتَسلّم المترشحون الستة بدورهم، شهادات مشاركة، مع تثمين لما أنجزوه من أزياء تم تقديمها في عرض أزياء خاص. كما تسلموا "مساطير" خاصة بالتصميم، تستعملها كبريات دُور التصميم العالمية (لضبط المقاسات). وضمت لجنة التحكيم كلا من السيد بلقاسمي إلياس (رئيسا)، وزكية باشا، وتسنيم لعريبي، الذين أكدوا أن مستوى المترشحين كان متقاربا، وبالتالي صعب الاختيار، علما أن المسابقة جرت في ظرف 4 أيام. ومن بين المترشحين الستة انسحبت واحدة ولم تستطيع الاستمرار؛ لظروف قاهرة. وتم بعدها عرض أزياء هؤلاء، التي صفق لها الحضور طويلا. وخصت القفطان في أشكال إبداعية مختلفة، زادتها جمالا نغمات الموسيقى الجزائرية الأصيلة. والتقت "المساء" خلال الحفل الدكتورة بوعجينة راضية من المدرسة العليا لترميم الممتلكات الثقافية، التي نشطت ورشة ترميم وحفظ النسيج خلال هذه الطبعة. وقالت: "كانت الورشة مهمة؛ فنحن مازلنا نعاني من نقص في المختصين والخبراء الذين يأخذون على عاتقهم تراث النسيج رغم توفر المادة. وخلال هذه الورشة استفاد طلبة معهد الآثار المختصون في الحفظ والترميم ولهم خلفية عن المواد والأساليب المستعملة ولم يدخلها الجمهور العادي، ليستفيد المتربصون من شهادات بعدما دخلوا هذا التكوين التطبيقي الذي يضاف إلى تكوينهم النظري. وفرحوا بذلك كثيرا". دعوة لتخصيص يوم وطني للزيّ التقليدي أما محافِظة المهرجان الدكتورة فايزة رياش، فقالت في كلمتها الترحيبية بعدما كرمت لجنة التحكيم، إن قصر رياس البحر الذي كان في القرن 16 حصنا عسكريا للدفاع عن الجزائر، ها هو، اليوم، يتحول إلى حصن للدفاع، والحفاظ، والترويج للثقافة الجزائرية، مقترحة تخصيص يوم وطني للزي التقليدي. وفي انتظار الإعلان عن الأسماء أقيم عرض أزياء آخر خارج المسابقة، خُصص للزي المستغانمي والتلمساني؛ أي التقريفة، والشدة التلمسانية. وكانت الأزياء في قمة الجمال، ليتقدم الطبيب المصمم بلهواري نذير، متحدثا عن خصوصيات اللباس المستغانمي؛ منها العصابة، والزير، والخباية، وبلوزة الزعيم، ثم اللباس التلمساني بكل رموزه؛ منها الوردة الحمراء، وشاشية السلطان، وكذا السلطانية المرصعة بقطع الذهب، والشناق (تاج)، الذي يضم حبات السلطان الذهبية كرمز للذرية. القفطان الرجالي "همّة وشان" بالمناسبة، عرض بلهواري القفطان الرجالي الذي يرتديه، معطيا بعض تفاصيله، منها البساطة في الطرز، والزخرفة التي تجعله مختلفا عن قفطان المرأة، فيما أسهبت المصممة قادم فضيلة في الحديث عن الزي في الغرب الجزائري؛ كالتلمساني القديم الذي قدمته العارضات، منه الخاص بالعروس الذي يكون ليلة زفافها دون حزام ولا منديل. أما آمال مزور فقدمت عرضا للباس التقليدي الرجالي، منه الجلابة الندرومية، والبرنوس، والقفطان، والعمائم، وغيرها، كانت في قمة الإتقان، ليثمّن الباحث وعضو في هذا المهرجان الأستاذ نذير الشلالي من عنابة، العرض، مؤكدا أن إعادة بعث هذه الأزياء يتكفل بها الشباب. تقييم على المباشر بعدها أعيد عرض تصميمات المترشحين برفقة لجنة التحكيم، التي قيّمت الأزياء على المباشر، مفصلة في بعض الهفوات والأخطاء. وكانت البداية مع المترشح صابري محمد إسلام، الذي ثمّن ذوقه، لكنه يحتاج حسب اللجنة لتطوير تصميمه، والاعتناء بالرتوشات الأخيرة. وبالنسبة لمنصور منور فكان تصميمه جميلا، لكن البطانة الداخلية للقفطان كانت بارزة أكثر من اللازم. أما كريمة بن قدور فنصحتها اللجنة بتعديل الأكمام لكي تكون منسابة أكثر. وفضيلة عريبي كانت هفوتها في شرائط الزينة. وبالنسبة لأنيس سالمي فدعته لضبط المقاسات أكثر، لكن، عموما، ثمّنت اللجنة كل إبداعاتهم. وبالمناسبة، قال المترشح صابري محمد إسلام، إن فترة الإنجاز كان فيها ضغط كبير بسبب قلة الوقت، لكن حَرص كل واحد من زملائه على أن يضع بصمته. وقد عمل هو على إبراز أن التصميم فن، مثمنا قفطان البهجة الذي أنجزه، والذي مزج فيه الأصيل بلمسة أسلوب فيكتوريا. أما المترشحة سي قدور فقالت إنها حرصت على الجانب الأصيل وحده، فيما حافظت فضيلة على البساطة. وتحدثت "المساء" إلى رئيس لجنة التحكيم السيد بلقاسمي إلياس، الذي قال إن التنقيط كان متقاربا بين 10 و12 على 20، وأن مرافقة المترشحين دامت 3 أيام (4 منهم من العاصمة، واثنان من تيبازة والبليدة). وعن مساره قال المتحدث إنه صاحب دار خياطة رفيعة، وهو يمثل ورشات الخياطة في الجزائر. ويترأس منذ 2016 لجان التحكيم، منها مسابقة "قفطان التحدي" الذي استفادت اللجنة فيه من أداء العارضات؛ للوقوف على بعض الرتوشات. السيد بلقاسمي من عائلة خياطين عريقة، وله مؤسسته مع زوجته. ويمثل الزي الجزائري في العالم. كان آخرها بالعاصمة بكين؛ من خلال لباس الفارس المستمد من مقاومة المقراني. كما تعامل مع 14 مسؤولا رفيعا طلبوا زيا تقليديا، ناهيك عن الأجانب؛ من ذلك أزياء لسعادة سفيرة الولاياتالمتحدة ببلادنا، وكذا والي سفاقس بتونس، ووزير بيلاروسيا، وغيرهم. للإشارة، اختُتم اللقاء، أيضا، بتكريم الناشطة شهرزاد لعوج لترويجها للباس الوطني في الداخل والخارج، لينطلق بعدها حفل أندلسي ساهر مع فرقة "أهل الفن".