عاش قطاع الثقافة بولاية سكيكدة، نهاية الأسبوع المنقضي، على وقع العديد من الأنشطة الثقافية والفنية والندوات التاريخية الهادفة، في إطار تخليد الذكرى ال 64 لليوم الوطني للهجرة المصادف ل17 أكتوبر من كلّ سنة الذي جاء بشعار "تلاحم والتزام". في هذا الصدد، احتضنت قاعة العروض الكبرى بقصر الثقافة والفنون "مالك شبل"، أوّل أمس الخميس، أوبرات ثورية بعنوان "معالم" من إنتاج وتقديم التعاونية الثقافية "أفكار وفنون" من العلمة ولاية سطيف أخرجها عبد الوهاب تامهاجت، وتلخّص مراحل كفاح الشعب الجزائري المستميت ضدّ الاستعمار الفرنسي الغاشم. كما شهدت دار الثقافة والفنون "محمد سراج" تنظيم أنشطة ثقافية وفنية متنوّعة منها، معرض للكتاب التاريخي من الرصيد المعرفي لمكتبة الدار، كما احتضنت قاعة المحاضرات ندوة تاريخية حول الذكرى قدّمها الأستاذ الجامعي رشيد هيدوڨي من جامعة سكيكدة تطرّق خلالها، إلى أسباب هذه التظاهرات والقمع الوحشي الذي تعرض له الجزائريون من طرف الفرنسيون في ذلك اليوم الأسود. وفي إطار فعاليات التظاهرة الفكرية "منتدى الكتاب" في عدده ال49 وتزامنا مع نفس الذكرى، استضافت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية "نور الدين صحراوي"، أوّل أمس الخميس، الدكتور عبد القادر بورمضان أستاذ بجامعة "20 أوت 1955" الذي قراءة في كتاب "الثورة التحريرية في منطقة جيجل 1954-1962". بالمناسبة، أشار الأستاذ بورمضان إلى الدور الكبير الذي لعبته منطقة جيجل التابعة للولاية التاريخية الثانية خلال الثورة المظفّرة، مؤكّدا نجاح التنظيمات الثورية بالمنطقة نجاحا ملحوظا بفضل الانضباط الثوري والتفاف الجماهير الشعبية حول الثورة، موضّحا أنّ الانتصارات التي حقّقها جيش التحرير الوطني في المعارك الكثيرة والكمائن التي خاضها بين مطلع 1955 إلى غاية مارس 1962، جعل منطقة جيجل، إحدى أكبر قلاع الثورة بمنطقة الشمال القسنطيني. وتطرّق الدكتور بورمضان أيضا، للتنظيمات العسكرية الأولى بمنطقة جيجل، كيف شرع قادة الثورة مباشرة بعد اندلاع الثورة ليلة نوفمبر 1954 ومحاولة الثوار الهجوم على "منجم بولحمام"، تشكيل الأفواج الأولى لجيش التحرير الوطني، حيث التقى خلال شهر جانفي 1955، القادة الأوائل مسعود بوعلي وعبد الله بن الصم ودخلي مختار بضواحي الشقفة واتصلوا بصالح جبروتي بدوار بني معمر، ليتم تشكيل الفوج الأوّل من طرف لخضر بن طوبال. وتابع المحاضر أنّ الثورة التحريرية بمنطقة جيجل التابعة للشمال القسنطيني قبل مؤتمر الصومام والولاية الثانية بعده، تميّزت من جانب التنظيم العسكري والسياسي، بمرحلتين مختلفتين من حيث قوة التنظيم، وهما مرحلة 1954- 1956، وعرفت قوّة التنظيمات بسبب صعوبات مختلفة مثل قلة السلاح والتجنيد وقلة الإطارات، إضافة لحملات العدو ودعايته الإعلامية وسط الشعب، أما مرحلة 1956- 1962 فتميّزت بقوّة التنظيم العسكري والسياسي وانتشاره ويعود الفضل لجهود الرعيل الأوّل من الثوّار وما خرج به مؤتمر الصومام التاريخي من قرارات هامة نظّمت الثورة بمنطقة جيجل وغيرها وكان لذلك أثر إيجابي على مسيرة الثورة بالمنطقة التي كانت أحد أقوى معاقل الثورة التحريرية. من جهة أخرى، احتضنت مكتبة المتحف الجهوي للمجاهد، ندوة تاريخية إعلامية تندرج في إطار إحياء اليوم الوطني للهجرة، نشطها المجاهد مسعود يخلف عضو فدرالية جبهة التحرير بفرنسا، وحضرها الأستاذ محمد قويسم رئيس المجلس العلمي والتقني للمتحف الجهوي، بمشاركة أعضاء عن جمعية نور الصباح للنشاطات الترفيهية والأسرة الثورية ومهتمين بالتاريخ. خلال الندوة، أسهب المتدخّل، في سرد أهم الأحداث ونشاطات جبهة التحرير بالمهجر لاسيما منها الأحداث والمجازر البربرية التي اقترفتها الشرطة الفرنسية بقيادة السفاح موريس بابون في حق المهاجرين الجزائريين الأبرياء العزل، كما تم تقديم بالمناسبة، بعض المقتطفات من كتابه الذي أنجزه حول الذكرى، بالإضافة الى عرض بعض الملصقات الخاصة به والتي تبرز بوضوح الهيكلة والتنظيم الثوري لجبهة التحرير بالمهجر.