تحولت المسابقة الجزائرية المشتركة بين الجامعات في مجال الطيران، وتحديدا صناعة الصواريخ التي ينظمها سنويًا وعلى مدار ست طبعات، معهد الطيران والدراسات الفضائية بجامعة البليدة 1 سعد دحلب، إلى فضاء خصب، تتنافس فيه مختلف النوادي العلمية من جميع ولايات الوطن، حول إبداعاتها الابتكارية في مجال الطيران. ومن المرتقب أن يشارك خلال هذه السنة ناديان من جامعتي وهران وسيدي بلعباس، في المسابقة المزمع تنظيمها بالولاياتالمتحدةالأمريكية. اقتربت "المساء" من المشرفين على هذه التظاهرة السنوية والمشاركين فيها. وسلطت الضوء على الآفاق الواعدة لطلبة معهد الطيران والدراسات الفضائية في المجال الابتكاري، وما يطمحون إليه سعيًا للانتقال من مجرد نوادٍ علمية، إلى مؤسسات ناشئة، تستثمر في مجال علوم الفضاء. تنافس علمي وإبداع تقني عرفت الطبعة السادسة "صاروخ 2025" من المسابقة المشتركة بين الجامعات في مجال الطيران، مشاركة واسعة لثماني نوادٍ علمية من جامعات سيدي بلعباس، ووهران، والبليدة، وتيبازة، والعاصمة، وقسنطينة، وورقلة، وأدرار، وسط تنافس كبير، ورغبة واضحة من الطلبة في إبراز تميزهم، وإضفاء لمسة ابتكاريه على إنجازاتهم. ووفق المحور المقرر لهذه السنة، تم التركيز على المحرك الهجين، حيث أشار عدد من المشاركين إلى أن مثل هذه المسابقات يفتح أمامهم نافذة للتعريف بقدراتهم الابتكارية والإبداعية في مجال علوم الفضاء. ويسمح لهم بالتنافس، وتبادل الأفكار، والاطلاع على تجارب الآخرين، بما يخدم ترقية البحث العلمي الابتكاري. تركيز على المحرك الهجين من جهتها، أكدت مديرة معهد الطيران والدراسات الفضائية، الدكتورة أمينة بن خدة، أن أبرز ما يميز الطبعة السادسة هو المشاركة القوية لجامعة أدرار، التي تسجل حضورها لأول مرة، معتبرة ذلك مكسبًا يعكس الأثر الإيجابي لمثل هذه المسابقات، في دفع الطلبة نحو الإبداع، والابتكار، والتنافس العلمي. وأوضحت أن هذه الطبعة شهدت الوقوف على أهم التعديلات التي أنجزها المشاركون مقارنة بالطبعات السابقة، التي ركزت في بداياتها على الهيكل الخارجي، والجانب الإلكتروني والمحرك، قبل أن يتم، اليوم، توجيه الاهتمام نحو المحرك الهجين. وهو محرك يعتمد على مزيج من الوقود الصلب والمؤكسد السائل، ما يمنحه مرونة تشغيلية، وأمانًا أكبر مقارنة بالأنواع التقليدية. وأضافت أن ما تم عرضه من إبداعات يبرز بوضوح شغف الطلبة الجزائريين، ورغبتهم الكبيرة في إثبات وجودهم في مجال علوم الفضاء. من النوادي العلمية إلى المؤسسات الناشئة وبخصوص إمكانية تبنّي بعض النماذج الناجحة والآمنة، أوضحت المتحدثة أن الجامعة الجزائرية تسير في اتجاه الجيل الرابع، القائم على تأسيس مؤسسات ناشئة. وهو ما يجري العمل عليه من خلال ترشيح بعض النوادي البارزة التي اكتسبت خبرة معتبرة على مدار المشاركة في الطبعات السابقة، من أجل مرافقتها في مسار إنشاء مؤسسات ناشئة في مجال علوم الطيران. وأكدت في السياق ثقتها في قدرات الطلبة، مشيرة إلى وجود نضج كبير لدى عدد من النوادي التي اشتغلت على الصواريخ لسنوات، بداية من الهيكل، ثم الجوانب التقنية، وصولًا إلى المحرك، واليوم المحرك الهجين. وأضافت أن المعهد يقف يوميًا على الشغف الكبير، والحيوية، والرغبة في البروز لدى الطلبة، ما يدفع إلى التفكير جديًا في إنشاء مؤسسات ناشئة، تحتاج فقط إلى الدعم وفتح الفضاءات المناسبة في ظل ما توفره الدولة الجزائرية من مرافقة، ودعم مالي وتكوين. المسابقة.. من مجرد فكرة إلى حدث وطني من جانبه، أوضح عبد القادر خراط صاحب فكرة المسابقة وهو خريج الجامعة الجزائرية تخصص طيران ومقيم بكندا أن فكرة تنظيم مسابقة حول الطيران والصواريخ جاءت بعد اطلاعه على هذا النوع من التظاهرات بالولاياتالمتحدةالأمريكية، قبل أن يتم تبنّيها من طرف الجامعات الجزائرية سنة 2017. وأضاف أن الطبعة السادسة عرفت مشاركة مميزة لثماني جامعات مختلفة، مشيرًا إلى أن البداية كانت بإنجاز الهياكل قبل أن يتم عبر الدورات المتتالية، الوصول إلى تصميم نماذج صواريخ قابلة للإطلاق الآمن. كما أكد أن عددًا من النوادي أصبح مؤهلًا للمشاركة خارج الوطن بالنظر الى الخبرة الكبيرة التي تكونت لديه، ممثلًا في جامعتي وهران وسيدي بلعباس، المرتقب مشاركتهما في المسابقة الخاصة بالصاروخ في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأوضح المتحدث أن بعض النوادي التي يتعذر عليها الحضور يمكنها إرسال نماذجها، ليتم إشراكها، وإطلاقها بالتنسيق معهم، مشيرًا إلى أنه تم مؤخرًا بكندا إطلاق صواريخ خاصة بنوادي أدرار وتيبازة، وأنه منذ انطلاق المسابقة الى يومنا، تم إطلاق عشرة صواريخ جزائرية بكل من الولاياتالمتحدة وكندا، وكان لها أثر إيجابي لكونها تحمل العلامة الجزائرية. مشاريع تخدم البيئة والإغاثة من بين المشاركين في طبعة لمسابقة الصاروخ 2026، نادي جامعة أدرار، الذي اختار تقديم لمسة خاصة، حيث أوضح ممثل النادي الطالب زكريا فندوقوما، أن مشاركتهم تهدف إلى إثبات الوجود في مجال الطيران، من خلال مشروع مرتبط بالبيئة الصحراوية، يعالج مشكلة التيه في الصحراء الجزائرية، الذي يُعد واحدا من تحديات الصحراء. وأوضح أنهم يعملون على تصميم طائرة دون طيار (درون) قادرة على تمشيط مساحات واسعة، وتقديم معلومات دقيقة، ما من شأنه تسهيل عمليات الإغاثة، وتقليص الجهد المبذول في البحث عن التائهين، مع السعي مستقبلاً لتأسيس مؤسسات ناشئة في مجال الإغاثة بالاعتماد على الدرون المطور. تجربة دولية وطموح علمي من جهته، أكد الطالب سلمان عبد الباسط، سنة خامسة هندسة ميكانيكية بالمدرسة متعددة التقنيات بوهران، مشاركته في القريب العاجل، في المسابقة العالمية للصواريخ بالولاياتالمتحدةالأمريكية، بصاروخ تم الانتهاء من دراسته النهائية. وأوضح أن خصوصية المشروع تكمن في إعادة تهيئة الهيكل الخارجي، ودمجه بمكونات إلكترونية داخلية، تتحكم في الإطلاق الآمن، مؤكدًا أن الصناعات الصاروخية قد تبدو معقدة، لكنها تصبح أكثر بساطة من خلال العمل الجماعي، وتبادل الخبرات مع عدد من الطلبة الأكفاء. وختم بالتأكيد على أن النجاح في مجال الصناعات الفضائية، يتطلب فريق عمل متعدد التخصصات، يجمع بين الميكانيكا، والإلكترونيات، والعمل الجماعي؛ ما يؤهل الطلبة لتقديم إبداعات حقيقية في مجال الصناعات الفضائية.