شبّهت الحرفية فاطمة الزهراء جومي، النساء اللواتي اخترن إعادة إحياء وصفات الجدات في تصبير بعض أنواع الفواكه والخضر، ب "النملة العاملة" التي تحضّر ما يسمى ب "بيت الخزين"، إذ تعمل على تخزين مؤونتها تحسباً لفصل الشتاء. وقد تحولت حرفة تصبير وتخليل منتجات الصيف إلى نشاط اقتصادي مربح، لاقت منتجاته إقبالاً متزايداً من المستهلكين؛ ما شجع الحرفيات على إعادة الاعتبار لهذه المهنة، وتثمينها. وأكدت المتحدثة أن التحضير لشهر رمضان وموسم الشتاء يبدأ مبكراً بعدة أشهر؛ حتى تكون المواد المخلَّلة جاهزة للاستهلاك في موعدها. قالت الحرفية فاطمة الزهراء جومي في حديثها مع "المساء" على هامش مشاركتها مؤخراً في معرض التغذية التقليدية والصحية، إن عملية تصبير الخضر والفواكه أصبحت من الأنشطة التي تعرف إقبالاً كبيراً عند عرض منتجاتها للبيع؛ حيث تتلقى الحرفيات عدداً من الطلبيات المسبقة تحسباً لشهر رمضان المبارك. وأوضحت أن التصبير لم يعد يقتصر على نوع محدد من الخضر أو الفواكه، بل شمل مختلف المنتجات الفلاحية، مضيفةً: "جربت، مؤخراً، تخليل الكرنب الأحمر، الذي، عادة، لا يحب الأطفال تناوله ولا حتى الكبار. ونجحت فيه بشكل مدهش؛ إذ أصبح له مذاق مميز، ونكهة خاصة". وأضافت فاطمة الزهراء أن مثل هذه الوصفات من أنجح ما ورثته الأجيال عن الجدات، إذ كانت تلبي حاجة الأسر في فترات لم تكن فيها وسائل التخزين الحديثة متوفرة؛ فكان التصبير وسيلة مثلى للاحتفاظ بالمنتجات، واستعمالها في غير موسمها. وفي توضيحها لطريقة التحضير تقول المتحدثة إن عملية التصبير بسيطة جداً. وتقوم على غسل الخضر أو الفواكه المختارة جيداً، ثم غمرها بالماء، وإضافة الملح الطبيعي الذي يُشترى من العطار، وليس ملح الطعام العادي. وبعد مرور فترة قد تتجاوز ستة أشهر، يُفتح الوعاء، لتُستهلك المحتويات التي تصبح أكثر جودة كلما طالت مدة حفظها. واستطردت قائلة: "نبدأ، عادة، في تصبير المواد التي نحتاجها لشهر رمضان، في وقت مبكر؛ مثل الذرة، والكرنب، وأنواع مختلفة من الخضر والفواكه المطلوبة بكثرة في هذا الشهر". أما عن تحضير خل التفاح فتشير إلى أنه من أسهل الوصفات التي يمكن كل امرأة تنفيذها في بيتها، إذ يكفي وضع قشور التفاح في ماء ساخن داخل عبوة مغلقة بإحكام. وبعد مدة من الزمن يتحول إلى خل تفاح طبيعي بطريقة بسيطة، واقتصادية. وذكرت المتحدثة أن وصفات الجدات كانت تحمل في مضمونها حكمة عميقة، إذ لم يكن الهدف منها فقط توفير منتجات في غير موسمها، بل أيضاً تلبية رغبات بعض أفراد العائلة، الذين يشتهون نوعاً معيّناً من الفواكه أو الخضر، أو حتى لتلبية رغبات المرأة الحامل في فترة الوحم. وأكدت فاطمة الزهراء أنها تمارس هذه الحرفة منذ سنوات طويلة بعدما ورثت وصفاتها عن أجدادها. وكانت تحرص على تصبير الخضر والفواكه التي تختفي في موسم الشتاء. وتلفت إلى أن هذه المنتجات تُباع اليوم في الأسواق بأسعار مرتفعة، في حين يمكن المرأة تحضيرها في بيتها، والحصول على منتج صحي وطبيعي. وختمت الحرفية حديثها بالتأكيد على أن الأبحاث العلمية أثبتت أن المخللات والمصبرات التقليدية تحتوي على فوائد صحية مهمة؛ بفضل البكتيريا الحية المفيدة الموجودة فيها، مشيرةً إلى أن الطلب عليها يعرف ارتفاعاً كبيراً، خاصة خلال شهر رمضان المبارك.