يشكل رفع التجريم عن فعل التسيير من أبرز المسائل التي حرص رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، على تجسيدها منذ انتخابه رئيسا للبلاد، بهدف تحرير المبادرة والسماح للمستثمرين بالقيام بمشاريعهم، خاصة في سياق حملة محاربة الفساد ووضع حد لمحاولات استغلالها لتصفية الحسابات، مما ينعكس سلبا على التنمية الوطنية. سارع رئيس الجمهورية في سياق رؤيته الاستباقية الى سد المنافذ التي تقوض الحركية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، تحت طائلة حجج بعيدة عن الواقع، باستغلال ورقة محاربة الفساد، وعلى الرغم من أنها اتت اكلها وزجت بالعديد من المسؤولين المتورطين في السجون، الا انها تحولت لدى البعض الى وسيلة للضغط و الابتزاز على مسؤولين النزهاء. وكثيرا ما طمأن الرئيس تبون في إطار اجتماعات الحكومة- الولاة، على حماية المسؤول ومنحه كافة الصلاحيات من اجل المضي قدما ببرنامجه الرئاسي، خاصة في سياق التكفل بانشغالات المواطنين والنهوض بالتنمية الاقتصادية للبلاد، حيث أكد رفضه القاطع للرسائل المجهولة التي كانت وراء تحطيم مستقبل عدد من الاطارات، داعيا الأشخاص الذين يحوزون على معلومات حول جريمة اقتصادية ويملكون الشجاعة لفضحها أمام الجميع بالتوجه إلى الصحافة. وبالنسبة للرئيس تبون، فإن العدالة لديها الإمكانيات والوسائل اللازمة للتحقيق في الجرائم، ما جعله يطالب بالحد من الملاحقات و المتابعات والتحقيقات ضد المسؤولين إلا بقرار من وزير الداخلية، بهدف تخفيف الضغط على المسيرين وتحرير الأفكار وتشجيع المبادرات، مبرزا أن "السجن لمن يأخذ المال ويضعه في جيبه وليس لمن يخطئ التقدير". وقد تضمنت التعليمات التي أسداها رئيس الجمهورية للجهات المختصة، إلزامية حصول مصالح الأمن والدرك المكلفة بالتحقيق في أخطاء التسيير على الموافقة المسبقة لوزير الداخلية، مع دعوة وزير العدل ومسؤولي المصالح الأمنية الى عدم المبادرة بأي تحريات أو متابعات قضائية ضد المسؤولين المحليين دون العودة الى وزير الداخلية والجماعات المحلية و ذلك في انتظار تكييف الأحكام القانونية ذات الصلة بالواقع الاقتصادي. وتنبع قناعة الرئيس تبون انطلاقا من أن عديد المشاريع تصطدم بعراقيل، في حين يتعذر على أخرى استغلالها رغم استكمال إنجازها بسبب عوامل مرتبطة بإجراءات المطابقة أو رخص الاستغلال التي ينص عليها القانون، ما عطل معالجة بعض الملفات والذي يعود غالبا إلى نقص التحفيز والخوف من الوقوع تحت طائلة المتابعات القضائية. كما تندرج تعليمات رئيس الجمهورية في إطار المساعي التي أطلقها لمراجعة قوانين مكافحة الفساد، حيث رسم قانون الإجراءات الجزائية الجديد في هذا السياق معالم واضحة لحماية المسيرين، مع ضمان مكافحة الفساد والجرائم الاقتصادية، وذلك بعد سنوات من الغموض القانوني الذي شاب التمييز بين الخطأ الإداري والجريمة. وكان رئيس الجمهورية قد دعا في افتتاح السنة القضائية شهر أكتوبر الماضي إلى رفع التجريم عن أعمال التسيير حماية للمسيرين، حيث تجسدت هذه الدعوة في إصدار قانون الإجراءات الجزائية في أوت الماضي، ما مثل نقطة تحول حقيقية في التعامل مع المتابعات القضائية ضد المسيرين العموميين، علما ان القانون اشترط تقديم شكوى رسمية من الهيئات الاجتماعية للشركات العامة للشروع في أي إجراء قانوني، ليشكل ذلك درعا قانونيا في وجه الاتهامات المجهولة أو حملات التشويه.