خص رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين السيد شريف محمد، يومية الوطني بحوار حصري، وذلك على هامش اختتام فعاليات الجمعية العامة العادية لمحضري الغرفة الجهوية للغرب الجزائري، التي احتضنها مركب الأندلسيات بوهران، أول أمس، حيث دار الحديث في هذا اللقاء عن المكاسب التي حققتها مهنة "المُحضر القضائي" بالجزائر خلال سنوات وجيزة، ومكانتها بين الدول الأوروبية، فضلاً عن مراجعة جملة من القوانين من طرف الجهات الوصية كتلك الخاصة بالأتعاب والتكوين والحماية، في حين تمّ التطرق خلال الحوار ذاته إلى الوضع الاجتماعي للمحضر القضائي بالجزائر، والظروف التي يشتغل فيها، والآليات المُعتمدة التي يسير أعوان النظام عليها، لتمكين المواطنين من استرداد حقوقهم، نظير الإجراءات القانونية التي تكفل تطبيق أحكام التنفيذ والقرارات القضائية دون استعمال القوة العمومية أو الإكراه المالي، ولم يخل النقاش أيضاً من الحديث عن أهمية الجزائر ضمن الغرف الوطنية الأجنبية والمغاربية في مجال "المحضر" وجملة التوصيات التي رفعتها الجزائر، مؤخراً، إلى الجامعة العربيّة وتمّ اعتمادها... في حين، دفعنا الفضول الصحفي إلى التساؤل خلال اللقاء عن الشكاوى التي تستلمها الغرفة الوطنية من طرف المواطنين ضد المحضرين القضائيين، وفي أي إطار يُنظر فيها، ناهيك عن حالات التنفيذ العويصة التي تخص، مثلا، مُمتلكات الأجانب بالجزائر، ولم يبخل محدثنا السيد شريف محمد الذي يشرف على تسيير الغرفة الوطنية لثلاث عهدات متتالية، بالتفضل بالإجابة على أسئلة الوطني حتّى تلك التي تخص مسيرته الشخصية في سلك القضاء والمحاماة... الوطني: شكراً على تخصيصكم لنا حيزاً من الوقت لإجراء هذا الحوار. بادئ ذي بدء، هل لنا معرفة جدول أعمال الجمعية العامة؟ السيد محمد شريف: بدوري أشكركم على هذه التغطية الإعلامية، فالصحافة لها دور في تحقيق جملة الإصلاحات التي تسعى الدولة إلى تحقيقها، أماّ بخصوص سؤالكم، فقد عرضنا اليوم، التقرير المالي لنشاط الغرفة الجهوية للغرب على مدار سنة كاملة، ولا يخفى عليكم أنّ نشاطات الغرفة ذاتها كانت مكثفة سواء على الصعيد المخلي أو الدولي، حيث عرضنا حصيلة الغرفة الخاصة بالمنتدى الدولي الأول المنعقد بوهران، وكذا حصيلة الأيام الدراسية التي نُشطت بكل من وهران، تيارت، تلمسان وبلعباس. -الإجابة على هذا السؤال كانت مناصفة بين السيد محمد شريف وعضو الغرفة الوطنية السيد ماحي عيسى- الوطني: برأيكم سيدي، ما هي أهم الانجازات التي حققتها الغرفة الوطنية في ظل المعطيات الراهنة التي تخص بالأساس إصلاحات جهاز العدالة؟ السيد محمد شريف: أؤكد لكم، أنّنا مهنة المحضر القضائي كانت في خانة النسيان، في وقت مضى، ومهامها لم تكن تخرج عن "أعوان تنفيذ" لا أقل ولا أكثر، إلى حين أنّ وضعت الدولة يدها على الداء، وذلك منذ سنة 1999 حين عمل فخامة رئيس الجمهورية جاهدا على تكريس جملة من الإصلاحات وحظينا كمحضرين قضائيين بعدد من المواد القانونيّة في شق الإصلاح ذاته. سيّما تلك المُتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية، أضف إلى ذلك، أنّ هناك نصوصا قانونية أُخضعت للمُراجعة، كتلك الخاصة بالتكوين والتأهيل، حماية المُحضر من الأخطار، والأعباء، ونقصد بذلك منح بعض الحقوق الإضافية للمحضر ومنحه مكانة لائقة ضمن جهاز العدالة، والفضل في كل ذلك يعود لفخامة رئيس الجمهورية. الوطني: ماذا عن الإجراءات الجديدة التي تخص تنفيذ الأحكام القضائية، هل هي نفسها وليست هناك آليات أخرى؟ السيد محمد شريف: المهام التقليديّة للمحضر القضائي لا تخرج عن إطار ثلاث نقاط، التنفيذ، التبليغ واثبات الحالة، إلاّ أنّنا نسعى إلى توسيع مهامه ودائرة معارفه بالقوانين الجديدة التي تضمنتها إصلاحات جهاز العدالة، إلاّ أنّ المحكمة تبقى هي الجهاز الذي يخول بإصدار الأحكام القضائية، فكلّ ما يهمُنا هو أنْ تبقى مهنة "المحضر" إنسانيّة هذا بغض النظر عن الإجراءات التي تحدثتم عنها. في حين نحن نعتمد على الإقناع في تنفيذ الأحكام، وهو آلية من الآليات المُعتمدة، ونبتعد قدر المُستطاع عن الإكراه البدني. الوطني: هل تعملون على تحقيق مطالب تخص مجالكم بعيداً عن التوصيات المرفوعة إلى الوصاية؟ السيد محمد شريف: ليست لنا أية مطالب، فالغرفة الوطنية سطّرت برنامجاً شاملاً تسير وفقه، ولا نُنكر أنّنا حظينا بمكانة في قانون الإجراءات المدنية والجزائية، ما يؤهلنا لممارسة المهنة في ظروف أحسن من السابق. الوطني: هل تعتبرون أنّ المُحضر القضائي هو وجه مصداقية القضاء بالجزائر؟ السيد محمد شريف: المُحضر القضائي هو صورة من صور مصداقية القضاء والعدالة بالجزائر، فتنفيذ الأحكام هو مرآة تعكس صورة أي بلد من بلدان العالم، وببلدنا، النسبة العامة الخاصة بتنفيذ الأحكام القضائية تجاوزت عتبة 90 بالمائة وهذا أمرٌ يُشرف الجزائر، ودعني أقول لك، أنّ الاتحاد الدولي للضباط والمحضرين القضائيين يضم 6 دول عظمى منها، كندا، هولندا، فرنسا، ألمانيا وبلجيكا، والجزائر هي البلد السابع، يعني أنّنا الدولة العربية والإفريقية الوحيدة ضمن الاتحاد، واذكر أنّنا كنّا خلال سنوات الإرهاب، نوجه عشرات الدعوات لهذه الدول للحضور إلى الجزائر، إلاّ أنّها كانت ترفض، أمّا الآن فصدقني أنّ عدد طلبات هذه الدول بالمجيء إلى بلدنا لا يعد ولا يحصى، فمؤخراُ كنّا بالمجر منذ 4 أيام فقط للمشاركة في لقاء دولي، فوجئنا بافتتاح جلسات النقاش بالنشيد الوطني، وكان ذلك بحضور وزير العدل المجري... الوطني: كيف تفسرون ذلك؟ السيد محمد شريف: هذا يدل الأمر على أنّ الصلاحيات التي منحتها الدولة الجزائرية للمُحضر القضائي، تضاهي تلك المُعتمدة بالمجر، فكان أنّنا حضينا باستقبال كبير وعلامته افتتاح الجلسة بالنشيد الوطني الجزائري. الوطني: قد يتناسى الكثيرون أنّ قوانين تنفيذ الأحكام لا تطبق فقط على المواطن وإنّما على الأجهزة الإدارية، فما تعليقكم؟ السيد محمد شريف: قانون الإجراءات المدنية والإدارية لا يفرق بين الإدارة والمواطن، وهناك قانون ينصّ على أنّ أي موظف أو مؤسسة لا يقوم بتنفيذ الأحكام، توجه إليها إكراهات مالية كالخصم من ميزانيتها مباشرة. الوطني: لكن هناك ضمن التوصيات الجديدة المرفوعة إلى الوصاية، مراجعة قانون تنفيذ الأحكام ضد الإدارة فلماذا؟ السيد محمد شريف: نعم بالفعل، المادة 91/01 في القانون المتضمن تنفيذ بعض الأحكام القضائية ضد الإدارة والجماعات المحلية، يمنح الإدارة نسبة من الصلاحيات، ما دام أنّ الأمين العام الولائي يملك حق التدخل في تنفيذ الأحكام. الوطني: ماذا عمّا وصل "الوطني" من مصادر بأنّ هناك إجراء جديدا يكفل للمحضر الحضور في جلسات إبرام الصفقات العمومية، هل دوره هنا رقابي أم كطرف في العملية؟ السيد محمد شريف: نحن نطالب بحضور المحضر القضائي كشخص حيادي، يعمل على تحضير "مَحضر" وتقرير، وذلك خلال جلسات إبرام الصفقات العمومية. الوطني: إذن العملية تدخل في إطار آليات محاربة الفساد؟ السيد محمد شريف: نحن مستعدون لمحاربة الفساد والمُفسدين في العمليات التي تكون محل شبهة، ما دام أنّ المُحضر القضائي يملك صفة تسمح له بالرقابة والحؤول دون حدوث قضايا فساد والسطو على المال العام. الوطني: ماذا عن التعاطي مع أحكام التنفيذ التي تخص مُمتلكات الأجانب؟ السيد محمد شريف: نحن حلقة في سلسلة، فمهمتنا هي تطبيق الأحكام والقرارات القضائية لا أقلّ ولا أكثر، فالعدالة تحكم ونحن نُنفذ. الوطني: هل سبق وأن استلمتم شكاوى من مواطنين ضد محضرين قضائيين كتلك الناتجة مثلا عن الهفوات التي يرتكبها أعوانكم؟ السيد محمد شريف: المُحضر القضائي هو المسؤول عن تنفيذ الإجراءات التي يعرفها أكثر من غيره، فالشكاوى التي نتلقاها ناتجة عن جهل المواطن بمباشرة الإجراءات القانونية، أحكام التنفيذ بالجزائر في غالب الأحيان لا تتجاوز مدة 15 يوماً. الوطني: ماذا عن مكانة الغرفة الوطنية ضمن الغرف الأجنبية للمحضرين القضائيين؟ السيد محمد شريف: يكفينا فخراً أنّ التوصيات الجزائرية اعتمدت مؤخراً على مستوى الجامعة العربية، وستكون الجزائر كنموذج في الجامعة نظير لما حققته، حيث أضحينا نموذجاً في كيفية تنفيذ الأحكام القضائية، فضلا على أنّنا ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد المحضرين القضائيين، بفرنسا هناك 3 آلاف محضر، وبالجزائر هناك 1800 محضر. الوطني: ما هي أحسن ذكرى تحتفظون بها خلال مسيرتكم المهنية؟ السيد شريف محمد: يوم صادقت الحكومة على مرسوم الأتعاب، وهي مكافئة للمحضر الجزائري، إضافة إلى عضوية الجزائر في الاتحاد الدولي للضباط والمحضرين، ولأول مرة يتم اعتماد اللغة العربية بهذه الهيئة كلغة رسمية إضافة إلى الفرنسية والانجليزية. الوطني: وما هي أسوء ذكرى؟ هناك عدد من زملاء المهنة ممّن راحوا ضحية لأيادي الغدر، وأذكر هنا المرحوم زهار عبد الجبار الذي اغتيل سنة 1996 بتيارت، رحمهم الله جميعاً.