يحتفي مهرجان "فيصحراء مدريد في نسخته الرابعة، من 6 الى 8 نوفمبر الجاري بخمسين عاما من الصمود والمقاومة الصحراوية في وجه الاحتلال المغربي، جامعا بين السينما والموسيقى والنقاش الثقافي لتجديد الذاكرة الجماعية لشعب لا يزال متمسكا بحقه في الحرية والاستقلال وتقرير المصير و اختار المنظمون، بحسب ما أوردته المنصة الإعلامية الرقمية الاسبانية "كونتراميتيس" Contramutis تاريخا ذا رمزية عميقة لانطلاق الحدث، هو 6 نوفمبر، المصادف للذكرى ال50 للاحتلال المغربي للصحراء الغربية، لما يحمله من دلالة مرتبطة ببداية معاناة الشعب الصحراوي مع الاحتلال المغربي الذي ما زال جاثما على أرضه منذ نصف قرن ويمنح المهرجان، الذي تحتضنه العاصمة الإسبانية مدريد، الكلمة للأصحاب الحقيقيين للأرض، من فنانين وناشطين وشباب قدموا من مخيمات اللاجئين والأراضي المحتلة والشتات ليعبروا عن معاناة شعبهم وتطلعاته من خلال الفنون والسينما والحوار وتقام الفعاليات في المدينة ذاتها التي وقعت فيها الاتفاقيات الثلاثية سنة 1975, التي تخلت بموجبها إسبانيا عن مسؤوليتها التاريخية وتركت الشعب الصحراوي تحت نير الاحتلال وتشارك في هذا الموعد الثقافي شخصيات بارزة من رموز النضال الصحراوي، على غرار المناضلة أمينتو حيدر، والصحفية إبابا حميدة والمخرج إبراهيم شقاف وسالكة محفوظ، الأمينة العامة لرابطة الطلبة والشباب الصحراويين في إسبانيا والصحفي ماميني هاشمي من فريق "إكيب ميديا وتتناول الندوات محور المقاومة السلمية والهوية الثقافية باعتبارهما سلاحين في مواجهة آلة القمع المغربية ومحاولات طمس الذاكرة الصحراوية " وفي إطار الاحتفاء بدور المرأة، يقدم المهرجان المعرض الفوتوغرافي "رحلة نساء الصحراء" للمصورة الوثائقية آنا فالينيو، الذي يجسد حكايات نساء صحراويات مجهولات قدن نضالات يومية للحفاظ على ثقافتهن وكرامتهن في ظل الاحتلال وتحت شعار "المقاومة بالغناء", يكرم المهرجان الفنانة الراحلة مريم حسن، إحدى أبرز الأصوات الصحراوية، من خلال العرض الأول للفيلم القصير "مريم" للمخرج الإسباني خافيير كوركويرا، الذي يجمع بين الوثائقي والرسوم المتحركة مستلهما من آخر مقابلة وأغنية للفنانة في منزل طفولتها بالمناطق المحررة كما ينظم حفل موسيقي تكريمي بمشاركة فرقتها السابقة وعدد من الفنانين الصحراويين مثل نايم علالوامبركة سويلم وخاطري حمد مليحة، ليعيدوا بصوتهم الحي ذاكرة صوت لم ينكسر رغم محاولات التعتيم كما تشمل الفعاليات عروضا وجلسات فكرية تتناول محاور متنوعة من بينها "المقاومة في المنفى" و "خنادق السينما والثقافة" و"المقاومة السلمية", حيث تعرض أفلام توثق يوميات اللجوء وصمود الشباب ونضالاتهم الفنية في مواجهة القمع، إضافة إلى أفلام تسلط الضوء على تجارب المقاومة اللاعنفية في الصحراء الغربية وفلسطين، في تلاق رمزي بين شعبين يواجهان الاستعمار ذاته بأدوات الإبداع ويختتم المهرجان بجلسة خاصة مكرسة للنضال السلمي من أجل تصفية الاستعمار، يشارك فيها فنانون وناشطون وصحفيون لتأكيد أن الثقافة هي جبهة مقاومة بحد ذاتها وأن العدالة للشعب الصحراوي لن تتحقق إلا بالاعتراف بحقه غير القابل للتصرف في الحرية والاستقلال وأكدت ماريا كاريون، المديرة التنفيذية للمهرجان، أن "السينما والثقافة ليستا ترفا، بل هما وسيلتا نضال وتعبئة ضد الاحتلال المغربي ورسالة تضامن متجددة من المجتمع الإسباني تجاه الشعب الصحراوي الذي لم يتخل يوما عن حلم الحرية بهذه الروح، يثبت هذا المهرجان مدريد أن المقاومة ليست فقط في ميادين السياسة بل في السينما والأغنية والصورة والكلمة الحرة وأن إرادة الصحراويين أقوى من كل محاولات الطمس والتجاهل ".